تبعات أعمال الغير

لا تعليق
من القلب إلى القلب
171
0

 

تبعات أعمال الغير

 

إن المستفاد من الأدلة الشرعية وجود أثرين لبعض الأعمال في يوم القيامة، الأثر الأول يكون مرتبطاً بفاعل العمل نفسه خطيئة كان أو طاعة، والثاني يرتبط بشخص آخر، فلاحظ قوله تعالى:- (وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون)، فإن الأثقال التي مع أثقالهم هي التبعات التي تلحقهم من ذنوب الغير.

 

وقال سبحانه:- (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)، فإن المقصود بما قدموا هو الأعمال التي صدرت منهم حال الحياة، أما الآثار فهي الأعمال التي تركوها لما بعد الموت مثل السنة التي يستن بها الناس، أو العمل الذي يوجب ضلالاً وانحرافاً أو طاعة كالصدقة الجارية والسنة الحسنة.

ونماذج هذا القانون السماوي كثيرة في حياتنا الاجتماعية نشير لاثنين منها:

 

الأول: الأبناء، ذكوراً وإناثاً، فإن ما يصدر منهم تكون تبعته على الوالدين الأب والأم، فلو أخل الولد بتكاليفه الشرعية بأن ترك الصلاة ولم يؤدها بعد وجوبها عليه، كان ذلك موجباً لاستحقاقه العقوبة يوم القيامة واستحقاق أبيه ذلك أيضاً لعدم قيامه بعملية التوجيه والتربية الصالحة.

وكذا الفتاة التي لا تعتني بحجابها وعفتها، فإن أمها وأباها يستحقان العقوبة معها يوم القيامة وإن كانت الأم صالحة وعفيفة، بسبب تقصيرهما في توجيهها وتعليمها وظيفتها الشرعية، وهكذا.

 

الثاني: الجلساء، فإن كثيراً منهم يحمل تبعات أعمال الآخرين دون التفات منه لذلك وأمثلة ذلك عديدة، أشير لاثنين منها:

 

١- تشجيع الصديق صديقه على عدم دفع الحق الشرعي، وذلك بنقل صورة سلبية وغير دقيقة عن التصرف في الحق الشرعي من الجهة المخولة للتصرف فيه.

٢-سكوت بعض الأصدقاء عن الغيبة حال وجوده مع صديقه خجلاً منه.

 

وهم ودفع:

 

ولا يتوهم أحد منافاة هذا الأمر لقانون الجزاء الإلهي الدال على أن كل إنسان مرتهن بعمله ومجازى بفعله، ولا ربط له بما يصدر من الآخرين، فلا يحمل إلا ما صدر منه باختياره.

وهذا صحيح، لكنه لا ينافى ما نحن فيه، لأن المستفاد من حمل تبعات أعمال الآخرين، كون الإنسان سبباً في حصولها، فالأب مثلاً سبب في عدم أداء ولده الصلاة، والأم سبب لعدم اهتمام ابنتها بحجابها، وهكذا.

وعليه، يكون مفاد قانون الجزاء الإلهي، أن الإنسان يتحمل جزاء ما صدر منه من فعل سواء كان بنحو المباشرة، أم كان بنحو التسبيب.

 

تبعات الحسنات:

وكما يكون للسيئات الصادرة من الغير تبعات يتحملها آخرون، فإن للحسنات أيضاً تبعات يستفيد منها الآخرون، فالولد الصالح لأعماله الصالحة من صدقة وقضاء حوائج ومداومة صلاة الجماعة وأمثال ذلك تبعات يتحصل عليها الأبوان، وتضاف إلى رصيد حسناتهما.

 

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة