مسؤولية الأب التربوية

لا تعليق
من القلب إلى القلب
11
0

مسؤولية الأب التربوية

يخطأ من يعتقد أن مسؤولية تربية الأبناء وتوجيههم وإرشادهم هي مسؤولية الأم، لينحصر دور الأب في خصوص المسؤولية الاقتصادية، فيطالب بتوفير ما يحتاجه الأبناء من نفقات، وذلك لأن الظاهر من قصة لقمان الحكيم(ع) أن تربية الأولاد وتنشأتهم نشأة دينية مسؤولية الأب وليس الأم، قال تعالى:- (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله)، وجاء عن النبي الأكرم محمد(ص) في بيانه لحقوق الولد على أبيه، قوله: ومن حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويحسن أدبه.

وتتبلور مسؤولية الأب في رعاية الأبناء والعناية بهم لينشأوا نشأة دينية صالحة من خلال مراعاة جوانب عديدة، نشير لبعضها:

منها: البعد العقدي:

وهو العنصر الأساس في بناء شخصية المسلم، لأنه يمثل طريق الوصول إلى الله سبحانه وتعالى والارتباط به.

ومسؤولية الأب في هذا الجانب ثقيلة جداً خصوصاً في ظل هذه المتغيرات الحياتية والانفتاح الفكري والتكنولوجي، مما يؤدي إلى وجود الشُبه وإثارتها وبصور مختلفة حتى أصبح الإنسان يغزى في عقر داره.

ويمثل ضعف العقيدة سبباً رئيساً للابتعاد عن الدين، بل الانحراف عنه، ما يوجب عناية الأب والأسرة منذ مرحلة الطفولة بهذا الجانب، والاهتمام به رغبة في تركيزه في ذهن الطفل.

ومنها: البعد الروحي:

بعد تمامية البنية العقدية عند الإنسان، فإنه يحتاج إلى الجنبة الروحية، ليتمكن من الاتصال بخالقه، ويرتبط به، وهذا ما أشار إليه سبحانه وتعالى على لسان الحكيم لقمان(ع)، إذ يقول تعالى:- (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وإنه عن المنكر)، وهنا تكمن مسؤولية عظيمة على الأسرة، سيما الأب في هذا الجانب، وذلك من خلال متابعة التالي:

1-التـزام الأبناء بأداء التكاليف الشرعية من صلاة وصوم، وبقية التكاليف الشرعية الأخرى، كالحجاب، والعفة، واجتناب المحرمات، من استماع الغناء، وغير ذلك.

2-الحث على ايجاد المستحبات، وبيان أهميتها، وضرورة التأكيد عليها، كقراءة القرآن الكريم، والأدعية المأثورة، من تعقيبات الفرائض، وأدعية الأيام، والزيارات، والحث على حضور صلاة الجماعة، وغير ذلك.

ومنها البعد المعرفي:

ونعني به البعد الفكري والثقافي، فإن من النقاط المهمة في حياة الطفل بناءها من الناحية الفكرية والثقافية، وتقع مسؤولية ذلك على الأب، من خلال فتح الآفاق المعرفية والفكرية لدى الطفل بإثارة عنصر التفكير لديه، وتنمية غريزة حب الاستطلاع عنده، ودفعه على الاستعلام والاستفهام عن كل ما يدور حوله، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى:- (يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله)، فقد تضمنت تعليم الطفل مدى قدرة الله سبحانه وتعالى وسعة علمه وعظمته وجبروته، فإن تلك الحبة مهما بلغت من الصغر، إلا أنها لا تخرج عن حيز قدرة الله تبارك وتعالى.

وحتى يمكن تنمية البعد المعرفي عند الطفل وتفعيل العامل الفكري لديه منذ البداية، لابد من توفر الأجزاء الثقافية الحاضنة من خلال إعداد وسائلها وموادها، فيلزم خلق أجزاء حب القراءة والمعرفة وتنمية ذلك من خلال إيجاد الكتب على طريقة القصص التي يمكنه استيعابها خلال مراحل طفولته الأولى، ثم يتطور تدريجياً فيما يقرأ ويتابع.

ومنها: ممارسة الأعمال الاجتماعية:

ومن الأمور التي ينبغي أن يزرعها الأب في ولده منذ البداية المسؤولية الاجتماعية والدور الذي ينبغي أن يقوم به الولد في مجتمعه، فعليه أن يحثه منذ طفولته أن يكون عنصراً فاعلاً بين أقرانه من خلال مدّ يد العون والمساعدة والدعم الدائم، وأن يكون إلى جانب كل من يحتاج إليه، ويشير لهذا المعنى قوله تعالى على لسان لقمان الحكيم(ع) في وصاياه لولده:- (وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر).

ومن الضروري جداً زرع روح المسؤولية في روح الولد منذ البداية، وتنميتها تدريجياً كلما تقادمت الأيام، وتوالت حتى يكون عنصراً فاعلاً في مجتمعه عند بلوغه مبالغ الرجال.

ومن الأخطاء عمد الأباء إلى منع أولادهم من بعض المشاركات الاجتماعية، أو عدم حثهم على خوض التجارب، وتحمل مسؤوليات المجتمع، بل المأمور من كل أب أن يحث ولده للمبادرة بالمشاركة في هذه الأعمال.

خاتمة:

يقرر علماء النفس والتربية حاجة الطفل خلال فترة تربيته إلى وجود قدورة يتبعها، ويحاكيها في ما يصدر منها من أفعال، كما ينصون أيضاً على أن أهم شخصية ينظره تكون والده، ما يلقي عليه مسؤولية أن يكون ملتـزماً بالأعمال الحسنة، والصالحة ليكون قدوة حسنة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة