فقدان ما يصح السجود عليه أثناء الصلاة
يعتبر الفقهاء في صحة الصلاة أن يكون السجود فيها على ما يصح السجود عليه من الأرض أو ما أنبتت من غير المأكول والملبوس على تفصيل يذكر في محله، فلا تصح الصلاة لو سجد فيها على ما لا يصح السجود عليه متعمداً عالماً بالحكم والموضوع.
وقد وقع الخلاف بين الأعلام فيما إذا فقد ما يصح السجود عليه أثناء الصلاة، كما لو كان في أحد المراقد الطاهرة للمعصومين(ع)، وجاء من حرك السجدة التي كان يسجد عليها، أو كان في المنـزل وجاء طفل وأخذ التربة من أمامه، ولما كان قطع الصلاة غير جائز ابتداءً، فقد وجد قولان في المقام:
الأول: ما أختاره السيد السيستاني(دامت أيام بركاته)، من البناء على أنه إذا فقد المصلي أثناء صلاته ما يصح السجود عليه، ولم يتمكن من تحصيله دون أن يبطلها بقيامه بحركة كثيرة توجب انمحاء صورة الصلاة مثلاً، أو ينحرف عن القبلة، فإنه يجوز له حينئذٍ السجود على ما لا يصح السجود عليه من دون فرق بين كون ذلك في سعة الوقت أو في ضيقه، ومن دون فرق بين ما لا يصح السجود عليه.
الثاني: ما أختاره جمع من علماء الطائفة، كالإمام الخوئي(ره)، والأستاذ الشيخ الوحيد، والشيخ الفياض، والسيدان الخامنئي، والزنجاني(أطال الله في أعمارهم جميعاً)، من التفصيل بين ما إذا كان الوقت واسعاً، وبين ما إذا كان الوقت ضيقاً، فهنا فرعان:
الفرع الأول: أن يكون وقت الصلاة واسعاً، بحيث أنه لو أقدم على قطع الصلاة وتحصيل ما يصح السجود عليه، لم يوجب ذلك انتهاء وقت الصلاة، وكون أدائها حينئذٍ قضاء، بل يكون الاتيان بها أداءً لأن وقت الصلاة لا زال باقياً، فألتـزم جميع من ذكرنا بوجوب قطع الصلاة وتحصيل ما يصح السجود عليه، وأداء الصلاة من جديد مع السجود على ما يصح السجود عليه.
الفرع الثاني: أن يكون وقت الصلاة ضيقاً، بحيث أنه لو أقدم على قطع الصلاة لكان ذلك موجباً لوقوع الصلاة خارج الوقت، وقد ألتـزم جميع من ذكرنا ما عدا الشيخ الفياض(حفظه الله)، بعدم جواز قطع الصلاة، ولزوم إكمالها والسجود على ما لا يصح السجود عليه. نعم فصل الشيخ الفياض(دام ظله) بين ما إذا كان قطع الصلاة يوجب وقوع الصلاة كاملة خارج الوقت، فلا يجوز قطعها، ويلزمه إكمال الصلاة بالسجود على ما لا يصح السجود عليه، وبين ما إذا كان قطع الصلاة وإعادتها بعد تحصيل ما يصح السجود عليه، يوجب وقوع بعض الصلاة خارج الوقت بحيث يدرك ركعة من الصلاة، فيلزمه قطع الصلاة وتحصيل ما يصح السجود عليه، وإعادة الصلاة من جديد.
الترتيب فيما لا يصح السجود عليه:
ثم إنه بعد البناء على السجود على ما يصح السجود عليه، فقد ذكر الأعلام ترتيباً، فيلزم المصلي أن يسجد أولاً على طرف ثوبه، فإن لم يتمكن من ذلك ولو لأنه لا يلبس ثوباً، وإنما يلبس سروالاً مثلاً، فإنه ينتقل للسجود على ظاهر كفه.
ولم يعتبر القائلون بالسجود على طرف ثوبه شيئاً في الثوب الذي يسجد عليه. نعم اشترط السيد الخامنئي(دام ظله)، أن السجود عليه مشروط بكونه مصنوعاً من القطن أو الكتان على الأحوط، وإلا لم يصح السجود عليه، فينتقل مباشرة للسجود على الكف.