أيام زائريه

لا تعليق
من القلب إلى القلب
42
0

أيام زائريه

 

اشتملت النصوص الشريفة الواردة عن أهل البيت(ع) على فضل زيارة الإمام الحسين(ع)، وما يكون لزائريه من الأجر والثواب، كما تضمنت الحث على الزيارة، فعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(ع) قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين(ع)، فإن اتيانه يزيد في الرزق، ويمدّ في العمر، ويدفع مدافع السوء، وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقرّ للحسين بالإمامة من الله تعالى.

وعن بشير الدهان، قال: قال: قلت لأبي عبد الله(ع): ربما فاتني الحج، فأعرف عند قبر الحسين(ع)، قال: أحسنت يا بشير، أيما مؤمن أتى قبر الحسين(ع) عارفاً بحقه في غير يوم عيد، كتب الله له عشرين حجة وعشرين عمرة مبرورات متقبلات، وعشرين غزوة مع نبي مرسل، أو إمام عادل، ومن أتاه في يوم عيد، كتب الله له مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل، ومن أتاه في يوم عرفة عارفاً بحقه كتب الله له ألف حجة وألف عمرة متقبلات وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل.

قال: فقلت له: وكيف لي بمثل الموقف، قال: فنظر إليّ شبه المغضب، ثم قال: يا بشير، إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين(ع) يوم عرفة، واغتسل في الفرات، ثم توجه إليه، كتب الله له بكل خطوة حجة بمناسكها، ولا أعلمه إلا قال: وغزوة.

وقد اختلفت ألسنة النصوص الحاثة على الزيارة في بيان التعويض والأجر الذي يناله الزائر حال زيارته قبر المولى أبي عبد الله الحسين(ع)، فقد ورد عن محمد بن مسلم، أنه قال: سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمد(ع) يقولان: إن الله تعالى عوض الحسين(ع) من قتله أن جعل الإمامة في ذريته والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعدّ  أيام زائريه جائياً وراجعاً من عمره.

وقد جاء مثل هذا المعنى أيضاً وهو عدم عدّ أيام زيارة الإمام الحسين(ع) من أيام الزائرين عن الإمام الرضا(ع)، فقد روى الهيثم بن عبد الله الرماني، عن أبي الحسن الرضا(ع)، عن أبيه(ع)، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق(ع): إن أيام زائري الحسين بن علي(ع) لا تحسب من أعمارهم، ولا تعدّ من آجالهم.

ومثل هذا التعبير يدعو للتساؤل، إذ كيف لا تحسب أيام عمر الإنسان التي تمضي وتنقضي من عمره، مع أن الملاحظ خارجاً وبالوجدان عدم توقف عداد الزمن، بل مضيه.

ويمكن ذكر مجموعة من الاحتمالات في بيان المقصود من هذا التعبير:

الأول: البناء على أن زيارة الإمام الحسين(ع) شأنها شأن جملة من الأعمال، والتي تكون سبباً من الأسباب الداعية إلى إطالة العمر، مثل الصدقة وصلة الرحم، ويساعد على هذا الاحتمال ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(ع) قال: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين(ع)، فإن إتيانه يزيد في الرزق ويمدّ في العمر، ويدفع مدافع السوء. ويجري في المقام ما ذكر من أن للإنسان أجلين، أجلاً محتوماً، وأجلاً مخروماً.

ووفقاً لهذا الاحتمال سوف تكون الزيادة في أيام عمر الزائر زيادة حقيقية، وليست زيادة مجازية.

الثاني: أن يلتـزم بأنه ليس المقصود من زيادة ذلك هو زيادة عدد أيام الزائر، وإنما يقصد منه أن الأعمال التي فعلها حال زيارته، وتواجده في أرض كربلاء المقدسة، تكون مضاعفة الأجر، بحيث لو أراد في غير أيام الزيارة تحصيل ذلك الأجر، احتاج أياماً اضافية للحصول على ذلك.

الثالث: أن يكون المقصود من ذلك هو أن الله تعالى لا يحاسبه على الأيام التي يقضيها خلال فترة الزيارة، فإن الله تعالى يحاسب الإنسان يوم القيامة على كل لحظة من لحظات عمره، إلا أنه سبحانه لا يحاسب زائر الإمام الحسين(ع) على الأيام التي يقضيها في زيارة الإمام الحسين(ع)، نظير ما ورد من أن الله تعالى لا يحاسب الإنسان على المباحات ما دامت من الحلال، وفي الحلال، فلا يحاسبه على الزوجة التي يتخذها، ولا على المسكن، والملبس والأكل، ما داموا من حلال، وقد صرفوا في الحلال، دون إسراف محرم، لما ورد عن أبي عبد الله(ع) أنه قال: ثلاثة أشياء لا يحاسب عليهن المؤمن: طعام يأكله، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه. بل ولا يكتب عليه شيء من الذنوب في تلك المدة، وكأن هذه الأيام ليست من عمره لعدم مؤاخذته بالذنوب، وتساعد عليه بعض النصوص الدالة على ذلك.

 

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة