25 أبريل,2024

الستر والساتر و لباس المصلي

اطبع المقالة اطبع المقالة

وقبل الحديث عن المقدمة الثالثة من مقدمات الصلاة، وهي لباس المصلي وما يعتبر فيه، لا بأس بالإشارة بصورة إجمالية لبعض أحكام الستر والساتر.

الستر والساتر:

يجب على المكلف أن يستر عورته عن كل ناظر محترم، سواء كان المكلف رجلاً أم كان امرأة، وسواء كان الناظر مماثلاً أم كان غير مماثل، وسواء كان الناظر من المحارم أم لم يكن منهم، وسواء كان الناظر مسلماً أم كان الناظر كافراً.

س: هل يعتبر الستر عن الطفل والمجنون أم لا يعتبر ذلك؟…

ج: إذا كان الطفل مميزاً، فيجب ستر العورة عنه، وكذا المجنون لابد من ستر العورة عنه وإن لم يكن مميزاً.

س: هل أن وجوب الستر هذا مبني على أساس الصلاة بمعنى، أنه يعتبر الستر لأجل الصلاة؟…

ج: الستر الواجب الذي ذكرناه ليس بلحاظ الصلاة، بل يجب الستر في غير الصلاة، فيجب على المكلف أن يستر عورته عن كل ناظر، ويجب على المرأة أن تستر جميع بدنها عن الأجانب من الرجال، والمراهقين، بل حتى الصبيان الذين يكون النظر منهم إليها مسبباً لتحريك الشهوة فيها أو فيهم.

س: هل هناك كيفية مخصوصة للستر يتحقق بواسطتها امتثال الواجب؟…

ج: لا يوجد عندنا كيفية خاصة في عملية الستر، بل المطلوب هو القيام بستر ما وجب عليها ستره، وبأي كيفية أرادت.

س: ما هي العورة التي يجب سترها من الرجل، وما هي العورة التي يجب سترها من المرأة؟…

ج: أما بالنسبة للتعرض لتحديد عورة الرجل، فإنها تطلب من كتاب الطهارة، حيث تم بيانها هناك، وأما العورة في المرأة فهي كلها عورة بالنسبة للرجل الأجنبي.

ستر المرأة:

هناك عدة أحكام مربوطة بستر المرأة:

الأول: أنه يجب على المرأة أن تستر جميع بدنها عن الرجال، ما عدا الزوج والمحارم منهم.

الثاني: يحرم على الرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية عنه، وأن ينظر إلى شيء من جسدها، نعم هناك بعض الاستـثناءات يتم التعرض لها في مجال آخر.

س: من هي الأجنبية التي يحرم على الرجل أن ينظر إليها؟…

ج: المراد بالأجنبية هي المرأة التي لا توجد بينها وبين الرجل رابطة وعلقة زوجية، وليست أمة مملوكة له، وليست واحدة من محارمه، كأخته أو ابنـته أو أمه.

س: هل يحكم على بنات العم بأنهم من المحارم فيجوز النظر إلى شعورهن؟…

ج: بنات العم أو بنات العمات، وكذا بنات الخال أو بنات الخالات من الأجانب ولسن من المحارم، فلا يجوز للرجل النظر إليهن.

الستر في الصلاة:

س: هل أن وجوب الستر على المكلف في الصلاة مقيد بوجود ناظر، بحيث لو لم يكن هناك ناظر لا يجب الستر، أم أن وجوب الستر مطلق لا يقيد بصورة وجود ناظر وعدمه؟…

ج: لا يتقيد وجوب الستر في الصلاة بصورة وجود ناظر بحيث يقال أنه إذا لم يكن هناك ناظر فلا يجب الستر، بل إن وجوب الستر مطلق حتى لو لم يكن في المكان أحد ينظر إلى المصلي، أو كان المكان مظلماً مثلاً لا تستبين فيه الأشياء، أو كان الرائي ممن يـباح له رؤية عورة المرئي.

ستر المرأة في الصلاة:

س: ما هو الواجب ستره على المرأة في الصلاة؟…

ج: يجب على المرأة في صلاتها أن تستر جميع جسدها ورأسها ورقبتها وشعرها ما عدا الوجه واليدين والقدمين.

ولابد للمرأة أن تقوم بستر شيء من حدود الوجه واليد والقدم، حتى يحصل لها العلم بتحقق الستر الواجب، كما يجب عليها أن تستر شيئاً ما تحت الذقن.

س: ما هو المراد من الوجه الذي لا يجب ستره؟…

ج: المراد من الوجه ما يجب غسله في الوضوء، وهو بحسب الطول من منبت شعر الرأس إلى طرف الذقن طولاً، وعرضاً المقدار الذي يستوعبه الإبهام والوسطى عند وضع الكف على الوجه.

س: ما هو المراد باليدين الذين لا يجب سترهما في الصلاة على المرأة؟…

ج: المراد باليدين هنا، الكفان إلى أول الزندين.

س: ما هو المراد من القدمين اللذين لا يجب سترهما في الصلاة بالنسبة للمرأة؟…

ج: يراد من القدمين، ظاهرهما وباطنهما إلى المفصل بينهما وبين الساق.

نوع الساتر:

س: هل يشترط في اللباس الساتر للصلاة أن يكون من نوع خاص، ككونه من نوع الثياب المنسوجة مثلاً بحيث يصدق عليه عرفاً أنه من اللباس؟…

ج: لا يشترط في اللباس الذي يستخدم ساتراً في الصلاة أن يكون من نوع خاص ككونه من الثياب المنسوجة مثلاً. بل تمام المدار أن يكون صالحاً للستر وإن لم يكن منسوجاً أو لم يكن مخيطاً.

س: هل يصح التستر بأوراق الشجر والحشائش والطين وما شابه ذلك؟…

ج: لا يصح التستر بما ذكر من الأمور إلا في حالة عدم التمكن مما يصلح للتستر.

شرائط لباس المصلي:

لابد من توفر مجموعة من الشروط في الثوب الذي يصلي به المصلي، وتلك الأمور هي:

الشرط الأول: أن يكون الثوب طاهراً من كل نجاسة خبثية، مما تقدم ذكره في باب النجاسات، سواء كان ساتراً فعلاً للعورة،أم لم يكن كذلك، لأنه من الملابس الزائدة التي يلبسها المصلي. نعم يستثنى مما ذكرناه في اعتبار الطهارة في اللباس، مالا يصلح لستر العورة، كالقلنسوة والجورب والتكه، وما شابه ذلك.

ولهذا لو صلى المصلي وهو يعلم أن ثوبه نجس، وتعمد مع ذلك إيقاع الصلاة في ذلك الثوب النجس، وكان ملتفتاً إلى أن الصلاة مشروطة بثوب طاهر، فإنه يحكم ببطلان صلاته.

س: لو كان المكلف جاهلاً بأن الموجود على ثوبه دم، مع أنه يعلم أن الدم لا تصح الصلاة فيه، فهل يحكم ببطلان صلاته؟…

ج: لا يحكم في مثل هذه الصورة ببطلان صلاته، وهذا هو المعبر عنه في كلمات الفقهاء بالجهل بالموضوع، لأنه يجهل السائل الموجود على ثوبه، فلا يعرف حقيقة هذا السائل، هل هو دم أم لا.

س: إذا كان المكلف يعلم بأن البقعة الموجودة في ثوبه أنها دم، لكنه لا يعلم بأنه لا تصح الصلاة في الثوب النجس، فما هو حكم صلاته؟…

ج: إذا كان المكلف جاهلاً بالحكم، وكان جهله ناشئاً من تقصير منه في معرفة الحكم الشرعي، فإنه يحكم ببطلان الصلاة.

س: إذا كان المكلف يعلم بوجود نجاسة في ثوبه، لكنها نسيها وصلى بها سهواً منه عنها ونسياناً لها، فهل يحكم ببطلان صلاته؟…

ج: إذا نسي المكلف النجاسة التي كانت في ثوبه وصلى بها، فهنا حالتان:

الأولى: أن يتذكر ذلك بعد الفراغ من الصلاة.

الثانية: أن يتذكر ذلك في أثناء الصلاة.

أما الحالة الأولى: وهي ما إذا تذكر ذلك في أثناء الصلاة، فلها فرضان:

الأول: أن يتذكر ذلك بعد الفراغ من الصلاة، لكن الوقت لا زال باقياً بعدُ لم ينـته، ففي مثل هذه الحالة، يحكم ببطلان صلاته، ويجب عليه إعادتها لأن الوقت لا زال باقياً.

الثاني: أن يتذكر ذلك بعد الفراغ من الصلاة، لكن الوقت قد انتهى وانقضى، فهنا يجب عليه قضاء الصلاة.

وأما الحالة الثانية، وهي ما إذا تذكر ذلك في أثناء الصلاة، فهنا أيضاً يوجد فرضان:

الأول: أن يكون الوقت موسعاً، فعليه في مثل هذه الحالة أن يقطع الصلاة، ويقوم بتطهير الثوب من النجاسة، ثم يعيد الصلاة من جديد.

الثاني: أن يكون الوقت ضيقاً، فهنا إذا كان بإمكانه أن يقوم بعملية تطهير الثوب أو تغيـيره من دون أن يصدر منه عمل ينافي الصلاة ويجعلها باطلة، كترك الاستقبال بالالتفات عن القبلة، أو ترك الموالاة، أو انتفاء هيئة الصلاة، فعليه أن يقوم بذلك، ويتم صلاته ويحكم بصحتها حينئذٍ.

أما إذا لم يكن بإمكانه عمل ذلك، وإدراك ولو ركعة واحدة من الصلاة في الثوب الطاهر في الوقت، فعليه في هذه الحالة أن يتم صلاته مع النجاسة ويحكم بصحتها.

نعم الأحوط له استحباباً في مثل هذه الحالة إعادة الصلاة بعد ذلك.

س: هل أن اشتراط الطهارة في لباس المصلي ينحصر في خصوص الصلاة الواجبة، أم يجري أيضاً في الصلوات المستحبة؟…

ج: لا فرق في اشتراط الطهارة في لباس المصلي بين كون الصلاة واجبة، وكونها مندوبة، بل يعتبر طهارة اللباس أيضاً بالنسبة للأجزاء التي يقضيها المصلي من الصلاة.

العلم بالنجاسة بعد الفراغ من الصلاة:

كان كلامنا فيما تقدم فيما إذا كان المكلف عالماً بالنجاسة قبل الصلاة، ثم أوقع الصلاة بعد ذلك، إما متعمداً الإتيان بها مع النجاسة، وإما جهلاً منه بذلك، وإما نسياناً منه للنجاسة.

أما لو لم يكن المكلف عالماً بالنجاسة أصلاً، بمعنى أن ثوبه أصابته النجاسة لكنه لم يكن على معرفة بذلك، ولم يطلع على الأمر أصلاً، ثم صلى وبعد فراغه من الصلاة علم بوجود نجاسة في ثوبه، فهنا يحكم بصحة صلاته.

س: هل يفرق في الحكم بصحة الصلاة لعدم العلم بالنجاسة، بين ما إذا كان شاكاً في وجودها قبل الصلاة، لكنه لم يفحص عنها، أو فحص ولم يجد شيئاً؟…

ج: لا يفرق في الحكم المذكور بصحة الصلاة بين الحالتين، يعني إذا كان شاكاً ولم يفحص وصلى ثم تبين له بعد ذلك وجود النجاسة يحكم بصحة الصلاة، وكذا لو فحص ولم يجد شيئاً فإنه يحكم بصحة صلاته لو تبين له بعد الفراغ من الصلاة وجود النجاسة.

س: إذا كان في ثوب المكلف نجاسة موجودة قبل دخوله في الصلاة، لكنه لم يعلم بها إلا في أثناء الصلاة، فما هو حكمه حينئذٍ؟…

ج: إذا علم المكلف بوجود نجاسة في ثوبه، وكان وجودها سابقاً على دخوله في الصلاة، فهنا صورتان:

الأولى: أن يكون الوقت واسعاً.

الثانية: أن يكون الوقت ضيقاً.

أما بالنسبة للصورة الأولى: فعليه أن يقوم بقطع الصلاة وتطهير الثوب أو تبديله، ثم إعادتها من جديد.

وأما الصورة الثانية، وهي ما إذا كان الوقت ضيقاً، فإن أمكنه أن يطهر الثوب في أثناء الصلاة أو يقوم بتبديله من دون أن يصدر منه عمل ينافي الصلاة كترك الاستقبال أو انتفاء الموالاة، أو صدور الحركة الكثيرة مثلاً، فعليه أن يعمل ذلك ويتم صلاته، ولا شيء عليه.

أما لو لم يكن بإمكانه فعل ذلك، فعليه أن يكمل صلاته بالصلاة في الثوب النجس، ويحكم بصحة صلاته، لكن الأحوط استحباباً القضاء خارج الوقت.

طرو النجاسة على الثوب أثناء الصلاة:

هذا وإذا طرأت على الثوب نجاسة في أثناء الصلاة، فإذا أمكن المصلي القيام بعملية التطهير، أو التبديل للثوب النجس، بحيث لا يصدر منه عمل ينافي الصلاة كالحركة الكثيرة، أو ترك الاستقبال، أو انمحاء هيئة الصلاة وما شابه، فعليه أن يقوم بذلك ويستمر في إكمال صلاته ولا شيء عليه.

أما لو لم يكن بامكانه ذلك، فهنا صورتان:

الأولى: أن يكون الوقت واسعاً.

الثانية: أن يكون الوقت مضيقاً.

أما إذا كان الوقت واسعاً كما هو مقتضى الفرض في الصورة الأولى، فعليه حينئذٍ أن يعمد إلى قطع الصلاة، والقيام بعملية تطهير الثوب أو تبديله، ثم الإتيان بها من جديد.

أما لو كان الوقت مضيقاً كما هو الفرض في الصورة الثانية، فإنه يتم صلاته ولا شيء عليه، وإن كان الأحوط استحباباً إعادتها بعد ذلك.

س: لو كان ثوب المصلي متنجساً، لكن لا يمكن للمصلي نزعه بسبب البرد الشديد، أو بسبب وجود ناظر محترم، فماذا يفعل؟…

ج: إذا لم يتمكن المكلف من نزع ثوبه النجس بسبب البرد مثلاً أو وجود الناظر المحترم، وعدم وجود ساتر غيره عنده، فعليه أن يتم صلاته في الثوب النجس، ولا شيء عليه بعد ذلك، وإن كان الأحوط استحباباً الإعادة.

ما يعفى عنه من النجاسة في الصلاة:

هناك بعض النجاسات يعفى عنه في الصلاة، بمعنى أن وجودها لا يكون مضراً بصحة الصلاة، ولا يعتبر مخلاً بتوفر شرط طهارة لباس المصلي، فلو وجدت في لباس المصلي لا يحكم ببطلان صلاته. وهذه الأمور التي ورد العفو عنها هي:

دم الجروح والقروح:

فإنه يعفى عن الدم الذي ينـزف من الجرح أو من الحرق أو من الدمل أو من غيرها حتى تبرأ، وينقطع الدم ويكون بإمكان المكلف القيام بعملية تطهيره من دون أن يتسبب التطهير في فتح الجرح من جديد ورجوع نزف الدم.

ثم إنه يشترط في العفو عن دم الجروح والقروح وجود مشقة عند عامة الناس في عملية التطهير حتى لو لم يكن في عملية تطهير الثوب أو تبديله مشقة عند المكلف نفسه، فما لم تكن هناك مشقة، فإنه لا يحكم بالعفو حينئذٍ.

ثم إنه كما يعفى عن دم نفس الجروح والقروح، فإنه يعفى أيضاً عن تنجس أطراف الجرح، ويكون العفو بالمقدار الذي يكون وصول الدم إلى تلك الأطراف متعارفاً.

ويعفى أيضاً عن نجاسة الثوب الذي يكون مجاوراً لموضع الجرح الذي يصيبه شيء من دم ذلك الجرح.

س: إذا تقاطر دم الجرح، فأصاب ثوب المصلي في مكان بعيد عن الجرح، فهل يشمله العفو أم لا؟…

ج:إذا كان المكان الذي أصابه دم الجرح بعيداً عن محل الجرح، فإنه لا يشمله العفو.

س: هل أن العفو عن دم الجروح والقروح مطلق يشمل كافة أنواع الجروح والقروح ولو كانت صغيرة؟…

ج: الظاهر أنه لابد من أن تكون الجروح أو القروح مما يعتد بها في حجمها وعمقها، فلا يعفى عن دم جرح طفيف وسطحي وصغير لا يطول نزفه ويكون برؤه سريعاً.

س: هل أن العفو عن دم الجروح يشمل الجروح الظاهرة والجروح الباطنة كالبواسير والرعاف وما شابه ذلك؟…

ج: لا يختلف الحكم في العفو عن دم الجروح والقروح بين كون الجرح ظاهراً، وبين كونه باطناً، فكما أنه يعفى عن الجروح الظاهرة يعفى أيضاً عن دم الجروح الباطنة كالبواسير، وكذا يجري الحكم المذكور في العفو عن الرعاف أيضاً، لكن بشرط أن يكون سبب وجوده قرحة في الأنف، أو جرح، لا مطلقاً.

س: هل يعفى عن النجاسة التي تصيب يد المعالج للجرح، أم لا؟…

ج: لا يشمل العفو النجاسة التي تصيب يد المعالج، ولا الأدوات التي يستخدمها في عملية العلاج، وما شابه ذلك من الأشياء التي تكون خارجة عما سبق وذكرناه.

س: إذا كانت في يد المكلف جروح متقاربة بحيث عدت عرفاً بمثابة الجرح الواحد، فهل يجري عليها حكم الجرح الواحد في العفو عن النجاسة؟…

ج: ما دامت الجروح المتقاربة معدودة عرفاً بمثابة الجرح الواحد، فإنه يحكم عليها بأنها جرح واحد، وعلى هذا فيعفى عن الدم الخارج منها حتى يتحقق البرأ للجميع.

س: هل يجوز للمصاب بجرح أن يـبادر إلى الصلاة مع الدم المعفو عنه، أم عليه أن ينتظر حتى يبرأ الجرح، خصوصاً إذا كان يعلم ببرأ الجرح قبل انقضاء الوقت؟…

ج: تجوز له المبادرة إلى أداء الصلاة حتى لو كان يعلم بارتفاع الجرح بعد مدة.

س: إذا اختلط دم الجروح بشيء آخر كالقيح مثلاً، أو اختلط بالدواء، فهل يحكم بالعفو عنه أيضاً أم لا؟…

ج: لا يضر اختلاط دم الجرح أو القرح بالقيح أو الدواء في البناء على العفو عنه.

الشك في كونه مما يعفى عنه:

إذا شك المكلف في أن الدم الموجود على ثوبه، هل هو دم جرح أو قرح ليكون معفواً عنه، أو أنه ليس كذلك فلا يشمل العفو، ويحكم بنجاسته، فعليه أن يحكم بكونه من الدم الذي لا يعفى عنه، ويرتب عليه آثار النجاسة.

وأما لو شك في جرح أنه برأ ليبنى على نجاسة الدم الخارج منه، أو لم يبرأ فيبنى على العفو عنه لكونه دم جرح مثلاً، فإنه يبني على عدم البرأ ويجري عليه حكم دم الجروح التي يعفى عنها.

الدم القليل:

إذا كان مقدار الدم ومساحته أقل من سعة الدرهم، فإنه لا يضر بتحقق شرط الطهارة بالنسبة إلى لباس المصلي، وبدنه، ويحكم بصحة صلاته.

ولا يفرق في هذا الدم بين كونه من دم المصلي نفسه، أم من دم شخص آخر غيره من الناس، أم كان من دم الحيوان، وسواء كان هذا الدم مجتمعاً أم كان متفرقاً.

س: هل يمكن تحديد مقدار الدرهم الذي جعل المدار عليه في كون الدم قليلاً؟…

ج: أحوط التقديرات بالنسبة للدرهم أن يكون بمقدار طول السبابة.

س: هل يشمل الحكم المذكور بالعفو عن الدم القليل، دم الميتة، ودم نجس العين كالكلب والخنـزير، أم لا؟…

ج: لا يشمل الحكم المذكور بالعفو عن الدم القليل دم الميتة، ولا دم نجس العين، فلا يحكم بصحة الصلاة لو وقعت مشتملة على شيء منهما.

س: هل يشمل الحكم المذكور بالنسبة للعفو عن الدم القليل، الدماء الثلاثة المعروفة عند النساء؟…

ج: لا يشمل هذا الحكم دماء النساء الثلاثة، الحيض والاستحاضة والنفاس.

س: إذا كان الدم القليل مخـتلطاً بشيء من القيح أو الدواء، فهل يشمله حكم العفو أم لا؟…

ج: لا يشمل حكم العفو عن الدم القليل، الدم إذا كان مختلطاً بشيء من القيح، أو بشيء من الدواء.

س: إذا شك في أن الدم الموجود على ثوب المصلي، هل هو دم قليل يعفى عنه في الصلاة أم لا، فما هو الحكم؟…

ج: إذا شك في مقدار الدم الموجود، وأنه يعفى عنه في الصلاة أو لا، يـبنى على أنه معفو عنه. نعم لو كان المكلف عالماً قبل حصول الشك أن هذا الدم أكثر من المقدار المعفو عنه، فإنه لا يعفى عنه.

الثوب الذي لا يستر العورة:

إذا كان الثوب لا يصلح بمفرده لأن يستر العورة، فإنه يعفى عن النجاسة التي تكون فيه، فلو كانت النجاسة في الجورب مثلاً، أو كانت النجاسة في القلنسوة، أو أمثال ذلك فإن هذه الأشياء لا تصلح بمفرده لأن تستر العورة، فلو كانت فيها نجاسة، فإنها لا تمنع من إيقاع الصلاة فيها، بل يعفى عنها.

س: لو كانت هذه الأشياء متخذة من أجزاء الميتة، كما لو كانت مصنوعة من جلدها على سبيل المثال، أو كانت مأخوذة من أجزاء نجس العين، كالكلب أو الخنـزير، أو كانت مأخوذة من أجزاء حيوان محرم الأكل، كالأسد مثلاً، فهل يعفى عن نجاستها، وبالتالي تصح الصلاة فيها؟…

ج: لا يشمل العفو للثوب الذي لا يستر العورة، ما لو كان الثوب مأخوذاً من أجزاء الميتة، أو كان مأخوذاً من أجزاء نجس العين، أو كان مأخوذاً مما لا يحل أكل لحمه.

س: إذا علق على الثوب الذي لا يستر العورة بمفرده شيء من فضلات الحيوان الذي لا يؤكل لحمه، كما لو أصابه شيء من فضلات الثعلب أو الأسد مثلاً، أو أصابته شعرة من الهر مثلاً، فهل تصح الصلاة فيه؟…

ج: يخـتلف الحال بين ما إذا علق بالثوب شيء من فضلات الحيوان الذي لا يؤكل لحمه، كالسباع مثلاً، وبين ما إذا علق بالثوب شيء من أجزائه، فيقال:

إذا كان العالق بالثوب الذي لا يستر العورة شيء من فضلات الحيوان الذي لا يؤكل لحمه كالسباع مثلاً، فإنه يحكم حينئذٍ بشمول العفو بالنسبة إليها.

أما لو كان العالق شيئاً من أجزائه، كما لو علق به شيء من شعر الهرة، فإنه لا يشمله العفو، فلا تصح الصلاة فيه.

المحمول المتنجس:

يعفى عن المحمول المتنجس، سواء كان هذا المحمول مما تتم الصلاة فيه، أو مما لا تتم الصلاة فيه، كالقلم والمنديل، والساعة.

س: هل يفرق بالنسبة للنجاسات في العفو عنها في المحمول النجس، أو لا يفرق فيما بينها، بمعنى أنها كلها سواء؟…

ج: هناك فرق بين النجاسات في العفو عن المحمول النجس، فلا يشمل العفو المحمول المتخذ من ما يلي:

1-من الأجزاء التي تحلها الحياة من الميتة.

2-من أجزاء السباع، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه.

نجاسة الثوب حال الاضطرار:

إذا أصاب الثوب نجاسة ولم يتمكن المكلف من القيام بعملية تطهير الثوب، أو تحصيل ثوب آخر غيره طاهر يصلي فيه، إما لأن تحصيل غيره يعدّ أمراً حرجياً بالنسبة إليه، أو لسبب آخر،كالبرد أو المرض، أو لفقدان الماء الذي يتم التطهير بواسطته، فإنه يجوز له حينئذٍ الصلاة في هذا الثوب مع النجاسة التي فيه.

س: هل يختص جواز الصلاة في الثوب في حالة الاضطرار بما إذا ضاق الوقت، وخشي المكلف فوات الصلاة؟…

ج: نعم يخـتص جواز الصلاة في هذا الثوب في حال الاضطرار، فيما إذا لم يكن المكلف عارفاً بزوال العذر قبل انتهاء الوقت، أو لم يكن الداعي إليه في الإسراع بالإتيان بالصلاة حالة تقية.

ثوب المربية:

مما يعفى عن النجاسة فيه في الصلاة ثوب الأم التي تربي طفلها إذا لم يكن لها ثوب غيره، فيصح لها أن تصلي في ذلك الثوب إذا تنجس ببول الطفل.

ويشترط لكي يعفى عن النجاسة فيه، أن تقوم بغسله في اليوم والليلة مرة واحدة.

س: هل يفرق في الطفل الذي تربيه الأم بين كونه ذكراً أو أنثى؟…

ج: المعروف والمشهور بين الفقهاء حصر ذلك بما إذا كان الطفل المربى ذكراً، فلا يشمل العفو ما إذا كان الطفل المربى أنثى.

س: لو كان للمربية ثياباً متعددة، لكنها تحتاج إليها جميعاً في اللبس بحيث تلبسها كلها دفعة واحدة بسبب البرد، أو لسبب آخر مثلاً، فهل أنها تعامل معاملة من عندها ثوب واحد؟…

ج: الظاهر أن من كان لها ثياب متعدة تلبسها كلها دفعة واحدة، فإنها تعامل معاملة الثوب الواحد، فيجري عليها نفس الحكم المذكور.

س: هل يختص العفو المذكور بالأم، أم أنه يشمل غيرها من النساء أيضاً؟…

ج: يختص الحكم المذكور بالأم، فلا يشمل غيرها من النساء أو الرجال.

س: هل يختص العفو ببول الطفل، أم أنه يشمل غائطه أيضاً؟…

ج: يخـتص الحكم المذكور في العفو بخصوص بول الطفل، فلا يشمل غائطه.