19 أبريل,2024

قطيعة الرحم (2)

اطبع المقالة اطبع المقالة

         تفاوت الأرحام في صدق عنوان القطيعة:

هذا والظاهر أن الأرحام لا يحسبون كلهم درجة واحدة من حيث صدق عنوان القطيعة بالنسبة إليهم، فما قد يكون نافياً لعنوان القطيعة فيه، قد لا يكتفى به في مورد آخر، مثلاً، قد يكتفى في تحقق الصلة، وبالتالي انتفاء عنوان القطيعة في ابن العم بمجرد السلام عليه، إلا أن ذلك قد لا يكون كافياً بالنسبة للعم مثلاً، بل لابد من أن يضاف للسلام عليه السؤال عن أحواله، ومثل ذلك الأخ، فإن مجرد السلام عليه، والسؤال عن أحواله لا ينفي عنوان القطيعة، بل لابد من أن يعمد إلى زيارته.

وبالجملة، إن مستوى القرابة الثابت بين الأرحام بعضهم مع بعض، يوجب اختلاف صدق عنوان القطيعة بالنسبة إلى كل واحد منهم، فلا يكونوا جميعاً في مستوى واحد، فتدبر.

استثناءات الحرمة:

قد عرفت أن قطيعة الرحم حرام، وأنها كبيرة من الكبائر، إلا أنه يستثنى من ذلك موردان، فلا يحكم فيهما بالحرمة مع تحقق القطيعة وصدقها، والموردان هما:

الأول: إذا تضمنت قطيعة الرحم أمراً بالمعروف، أو تضمنت نهياً عن المنكر، فإنه يلتـزم بعدم حرمتها حينئذٍ، بل قد يلتـزم بوجوبها، ومثال ذلك: لو تزوجت الأخت، وأصرت بعد زواجها على السفور، وترك الحجاب، فإنه يمكن لأخيها أن يترك صلتها نهياً لها عن المنكر الذي أقدمت عليه.

وكذا لو كان الأخ مرتكباً لكبيرة من الكبائر، كما لو كان شارباً للخمر مثلاً، أو كان مستمعاً للغناء، فإنه يجوز لأخيه أن يقطعه، ويهجره ويترك صلته والإحسان إليه نهياً له عن المنكر الذي عمد إلى فعله. ومثل ذلك يجري بالنسبة إلى الأمر بالمعروف.

الثاني: إذا كانت قطيعة الرحم سبباً لحفظ كرامة المؤمن، بينما تكون صلة الرحم سبباً من الأسباب التي توجب الذل له والهوان.

نعم ينبغي الحذر كل الحذر من الشيطان في مثل هكذا موارد، فإن له مداخل يستفيد منها، إذ أنه يعمد إلى التفريق وإغراء الإنسان، فيشبه عليه الحال، فقد يوجب الأمر في مورد أن يتعصب المكلف إلى نفسه، أو أن يغضب إليها، مما يجعل للشيطان عليه سبيلاً.