الفرق بين الولاية التكوينية والولاية التشريعية

لا تعليق
مسائل و ردود
456
0

ما هو الفرق بين الولاية التكوينية والولاية التشريعية؟؟

نرجو التفصيل ما امكن مع ذكر آراء العلماء الاجلاء في ذلك ودمتم موفقين لكل خير

ج: الولاية التكوينية والولاية التشريعية

الولاية التكوينية:وهي عبارة عن ولاء التصرف التكويني،ويراد منها كون زمام العالم بأيدي النبي وأهل بيته(ع)وأن لهم السلطة التامة على جميع الأمور بالتصرف فيها كيف ما شاءوا،إعداماً وإيجاداً،وأن عالم الطبيعة منقاد لهم. لكن ثبوت هذا الأمر لهم ليس بنحو الاستقلال عن الله سبحانه وتعالى،وأنهم مستقلين في ذلك عنه.بل في طول قدرة الله تعالى وسلطنته واختياره،بمعنى أن الله تعالى هو الذي أقدرهم وأعطاهم هذه القدرة مثل ما أقدر الإنسان على الأفعال الاختيارية،فهم يملكون هذه المقدرة بإرادة من الله سبحانه وتعالى،فمتى سلب عنهم هذه القدرة ولم يفضها عليهم انعدمت قدرتهم وسلطنتهم.ومن هذا الباب معجزات الأنبياء والأولياء،وقد دل القرآن الكريم على ثبوت هذه المقدرة لأشخاص،قال تعالى:- (وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك)[1]وقال سبحانه وتعالى:- (فسخرنا له الريح تجري بأمره خاءاً حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد)[2]وقال عز من قائل:- (اني اخلق من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وابريء الأكمه والأبرص أحيى الموتى بإذن الله أنبئكم بما تأكلون
وما تدخرون في بيوتكم)[3].

وغير ذلك من الآيات المتضمنة لثبوت ولاء التصرف في الكون والطبيعة لأشخاص بإذن من الله سبحانه وتعالى.

وإذا ثبت هذا الأمر لهؤلاء فثبوته للنبي الأكرم ولخليفته الذي عنده علم الكتاب بنص القرآن[4] لا يحتاج إلى دليل وبيان.

وعلى هذا تكون النصوص والروايات الواردة عندنا في ذكر كرامات أهل البيت(ع)وتعداد تلك الفضائل التي لهم مقبولة ونعمل بها ولا نحتاج إلى إجراء تأويل فيها،أو حملها على غير ظاهرها.

كيف ونحن نرى أنهم(ع)حتى بعد موتهم تصدر منهم الكرامات فيبرئ المريض الذي عجز الأطباء عن شفائه،وحل معضلات الأمور وما شاكل.

هذا ولا يخفى أنه هذا الذي ذكرناه لا يختص بخصوص المعصومين بالعصمة الذاتية،بل يشمل حتى الأولياء من أهل البيت(ع)كالعباس بن أمير المؤمنين ومسلم بن عقيل والسيدة زينب(ع)بل حتى أنصار الحسين(ع)،بل يشمل حتى العلماء الأعلام،كما هو واضح.

وأما الولاية التشريعية:فيراد منها عادة عندما تطلق أحد معنيـين:

المعنى الأول:ثبوت حق التشريع والجعل للنبي(ص)والأئمة الطاهرين(ع)،بمعنى أنه يحق لكل واحد منهم أن يشرع حكماً لم يكن مشرعاً من قبل،مثل ما ورد في بعض النصوص أن الصلاة قد فرضت ركعتين ركعتين،ثم إن النبي(ص)أضاف في الظهرين ركعتين،كما أضاف واحدة في المغرب،وأضاف ركعتين في العشاء،وأبقى الصبح على حالها.

وكذلك ما ورد في بعض النصوص أنه(ص)سنّ النوافل وشرعها،وكذلك ما ورد في بعض
النصوص أن الله حرم الخمر،وحرم النبي(ص)النبيذ.

وهذا المضمون وردت به نصوص معتبرة سنداً ودلالة في الجزء الأول من أصول الكافي،ولا خلاف فيه من قبل أحد من علمائنا.

نعم هل أن حق التشريع ثابت للأئمة(ع)أو أن ذلك ليس ثابتاً لهم؟…

هذا المعنى وردت فيه بعض النصوص الدالة على ثبوت ذلك لهم أيضاً كما هو ثابت للنبي(ص)،لكن هذه النصوص بين ما هو ضعيف من ناحية السند،أو ضعيف من ناحية الدلالة،وقد ذكرها الشيخ الكليني(قده)فراجع الجزء الأول من الأصول.

ولذا وقع هذا المطلب بين الأعلام موقع الخلاف،فالتـزم بعض الأعلام بعدم ثبوت حق التشريع لهم،وأكد المطلب أيضاً بما ورد من إكمال الدين واتمام النعمة في القرآن الكريم،وأيضاً بالنصوص التي تشير أن عندهم كل شيء حتى أرش الخدش،عن رسول بإملائه وخط علي(ع).

والتـزم البعض الآخر بثبوت ذلك لهم أيضاً كما هو ثابت للنبي(ص)،ولكن ليس من خلال النصوص التي سبق الإشارة لها،حيث عرفت عدم تماميتها،وإنما من خلال بعض النصوص الواردة في بعض مستحبات الأعمال العبادية كالوضوء والصلاة وما شابه،وهذا يؤكد أن هذا نوع تشريع من قبل الأئمة(ع)،حيث لم يثبت جعل هذه الأمور من قبل النبي(ص)ولا جاء بها الوحي من قبل الله سبحانه وتعالى.

والتـزم ثالث بالتفصيل،فقال بثبوت حق التشريع للأئمة(ع)لكن في خصوص المستحبات،وأما الواجبات فليس لهم حق التشريع فيها.

وعلى أي حال القدر المتيقن هو ثبوت حق التشريع للنبي(ص)،وأما الأئمة(ع)فثبوته لهم موضوع خلاف بين الأعلام.

المعنى الثاني:أن يراد من الولاية التشريعية ولاية التصرف في الأموال والأنفس بمعنى نفوذ كل تصرف منهم في أموال الناس.

وبعبارة أخرى:أن لهم ولاية التسلط المطلق على نفوس الناس وأعراضهم وأموالهم بكل ما شاء وأراد،فيجوز له أن يستخدم الناس جبراً عليهم بلا أجرة وأن ينكح الفتاة البكر بدون إذن منها ومن وليها،وأن يطلق الزوجة من زوجها،وأن يأخذ أموال الناس بلا إذن منهم ورضائهم.

ويدل على ثبوت هذا لهم قوله تعالى:- (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)[5].

ثم إن أصحاب هذا القول أيضاً انقسموا إلى قسمين،فقال بعضهم بثبوت الولاية لهم بشكل مطلق،وقيد آخرون فقالوا أن ثبوت الولاية لهم مخصوص في خصوص دائرة ما للإنسان على نفسه من الولاية ولا ولاية لهم فيما هو أزيد من ذلك،فليس لهم الولاية في التصرف بدون سبب شرعي مثلاً.

ولكن ناقش بعض الأعلام في تمامية دلالة الآية على ذلك فقالوا بأنها تدل على ثبوت ولاية العناية والتدبير والإصلاح مع حفظ جميع القوانين العقلية والشرعية بواجباتها ومحرماتها ومندوباتها.

وبالتالي فلا دلالة لها على ثبوت ولاية تشريعية لهم بهذا المعنى الثاني.

وبالجملة يرى أصحاب الرأي الثاني أن الهدف من جعل الولاية هو حفظ القوانين وتنظيمها،كما يقال الطبيب أولى بالمريض من نفسه والمعلم أولى بالمتعلم من نفسه،وهكذا

——————————————————————————–

[1] سورة النمل الآية رقم 40.

[2] سورة ص الآية رقم 38.

[3] سورة آل عمران الآية رقم 49.

[4] سورة الرعد الآية رقم 43.

[5] سورة الأحزاب

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة