نفي السهو(3)

لا تعليق
كلمات و بحوث الجمعة
90
0

موانع القبول بنصوص السهو:

ثم إنه بعد استعراض النصوص المتضمنة لصدور السهو منه(ص)، وبيان ما يرتبط بشرح حالها، وتقريب دلالتها، يلزم ملاحظة مدى إمكانية القبول بها، ومع أنه قد أشرنا لذلك في طيات حديثنا حول النصوص، وبالتحديد حال الحديث عن إحراز أصالة الصدور، إلا أنه نشير الآن إلى ذلك بصورة أوضح، ومن خلال التركيز على النصوص بصورة كلية، وليس بصورة منفردة، فنقول:

قد عرفت منا أنه لابد من البناء على حجية أي خبر من الأخبار أن يكون متنه موافقاً لقاعدتين، القاعدة العقلية، والقاعدة الشرعية، وأن مخالفته لإحداهما يعدّ مانعاً من البناء على حجيته، فيعتبر في حجية الخبر مثلاً عدم مخالفته للقرآن الكريم، فلو ظهر بعد عرض الخبر عليه، أنه مخالف له، بحيث لا يمكن التوفيق بينهما، كان ذلك مانعاً من البناء على حجيته، وهو الذي يعبر عنه المخالفة للقاعدة الشرعية، وكذا لو كان الخبر مخالفاً لما تواتر من النصوص، فإنه يكون ساقطاً عن الحجية والاعتبار، ومثل ذلك اعتبار عدم مخالفته للقاعدة العقلية.

والإنصاف، أنه عندما نود أن نطبق ذلك على نصوص المقام، فإننا نراها مفتقرة لهذين الأمرين، ذلك أنها تنافي القاعدة العقلية، بمخالفتها لحكم العقل القطعي، كما أنها تنافي القاعدة الشرعية بمخالفتها للقرآن الكريم، وللنصوص المتواترة.

مخالفتها للقاعدة العقلية:

أما بالنسبة لمخالفتها للقاعدة العقلية، بخلافها لحكم العقل القطعي، ومن المعلوم أنه لا يجوز ترك الحكم القطعي للعقل ونقضه بدليل ظني ما لم يبلغ درجة القطع واليقين به، كما أن دليل حجية خبر الواحد، وهو سيرة العقلاء يمنع حجية الخبر الذي يكون معارضاً لحكم العقل القطعي كما لا يخفى.

ويمكن عرض حكم العقل القطعي ببيانين:

أحدهما: منافاتها للهدف من بعثة الأنبياء واقتداء الناس بهم:

لا يذهب عليك أن حكم العقل اقطعي منعقد على لزوم كون الأنبياء والمرسلين(ع)، معصومين عن مطلق السهو والنسيان والخطأ، وذلك لأنه يقرر بأن صدور شيء من ذلك منهم، يوجب تأثيراً في نفوس الاتباع، ويؤدي إلى فقدان الثقة منهم في مجال إبلاغ الرسالة، لأن الأتباع سوف يعيشون حالة من الشك بأن هذا الذي صدر من النبي الآن، هل أنه يمثل الرسالة فعلاً، أو أنه من الحالات الطبيعية التي تصيب البشر من النسيان والخطأ.

وبكلمة، لن يكون لأي فعل من الأفعال الصادرة من النبي(ص) محط قبول واعتناء وأنه تشريع سماوي، بل سوف يكون بحاجة إلى أن ينبه النبي(ص) إلى ذلك، وحال تنبيه النبي(ص) يحتاج أن يحرز أنه ليس في حال السهو والنسيان، فيتسلسل الأمر، وبالتالي سوف يفقد الناس ثقتهم في النبي(ص)، ولن يتبعوه، فلاحظ.

ثانيهما: مخالفة هذه النصوص لمنشأ العصمة:

من الواضح أن منشأ العصمة هو عبارة العلم الحضوري الشهودي الخاص التام بحقائق الأشياء والأفعال وعواقبها الموجود لدى المعصوم(ع)، وهذا يمنع من أن يكون هناك موجب للخروج عن جادة الصراط المستقيم، ما يجعل فرض حصول السهو مضاداً لمبدئها لما عرفت من أنه منشأها هو العلم الحضوري، فلاحظ[1].

مخالفتها للقاعدة الشرعية:

وكما يعتبر عدم مخالفة النص للقاعدة العقلية، فإنه يعتبر عدم مخالفته للقاعدة الشرعية، فيلزم أن لا يكون النص مخالفاً للقرآن الكريم، كما أشرنا، ولا يخالف ما كان قطعي الصدور، أو ما بني على حجيته لتوفر شرائط الحجية فيه دون شك أو خلاف، فلاحظ.

وكيف ما كان، فإن موارد المخالفة للقاعدة الشرعية:

منها: قد عرفت أنه يعتبر في حجية الخبر أن لا يكون مخالفاً للكتاب العزيز، ولا ريب في أن هذه النصوص تخالف المحكم من الآيات القرآنية الشريفة، سواء منها ما كان وارداً في إثبات العصمة المطلقة للأنبياء(ع) بقول عام، دون تخصيص لواحد منهم(ع) دون آخر، أم ما كان منها وارداً في خصوص نبينا الأكرم محمد(ص)، مثل قوله تعالى:- (ما ضل صاحبكم وما غوى* وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى)[2].

هذا وقد يتوهم أن هذه النصوص ليست مخالفة للكتاب العزيز، بل هي موافقة له، لموافقتها للآيات القرآنية التي تضمنت صدور النسيان من الأنبياء(ع)، كما في قصة نبي الله موسى(ع) مع فتاه، قال تعالى:- (لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً)[3]، وغيرها من الآيات.

وهو توهم فاسد، لما ذكر في محله من وجود الفرق بين مفهومي النسيان والسهو، وأن الأول منهما أوسع مفهوماً من الثاني، حتى أن النسبة بينهما هي نسبة العموم المطلق، وقد فصلنا ذلك في بحث حول نسيان الأنبياء، فلاحظ.

ومنها: مخالفتها لما ثبتت حجيته من النصوص لتوفر شروط الحجية والتي منها الموافقة للقرآن الكريم، وهي نصوص متواترة مروية في كتب الفريقين، وقد دلت على عصمة الأنبياء(ع) من السهو والغلط والنسيان، فمن ذلك ما وري عنه(ص) أنه قال: إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا، ولا تنام قلوبنا. فإنها تدل على ثبوت اليقظة القلبية الدائمة للأنبياء(ع)، وأنه لا تصيبهم الغفلة، ولا السهو، أو النسيان.

ولا ريب أنه عند وقوع المعارضة، سوف يكون التقديم لما هو حجة على ما ليس بحجة، وقد عرفت أن نصوص إثبات السهو، ليست بحجة، فلا تصلح لمعارضة ما ثبتت حجيته، فكيف لو كان قطعي الصدور، وما يتوهم معارضته ظني الصدور.

ومنها: بعد التسليم بثبوت الحجية لنصوص إثبات السهو، ولبناء على دخولها دائرة الحجية، إلا أنه لا مجال للالتـزام بها، ذلك لأنها تعارض النصوص الخاصة الواردة في نفي السهو عن النبي(ص) بالخصوص، فقد ورد في معتبرة زرارة قال سألت أبا جعفر(ع): هل سجد رسول الله(ص) سجدتي السهو قط؟ فقال: لا، ولا يسجدهما فقيه[4].

ومثلها أيضاً النصوص التي تضمنت نفي السهو عن الإمام(ع)، وأن صاحب هذا الأمر لا يسهو ولا يلعب، ولا ينسى، ففي خبر معاوية بن وهب قال: قلت لأبي جعفر(ع): ما علامة الإمام الذي بعد الإمام؟ فقال: طهارة الولادة، وحسن المنشأ، ولا يلهو ولا يلعب[5]. وقد اشتمل سنده على محمد بن إسماعيل، وقد عرفت منا في بحث سبق الحديث عنه مفصلاً[6].

خبر صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن صاحب هذا الأمر. فقال: إن صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب. وأقبل أبو الحسن موسى، وهو صغير ومعه عناق مكية، وهو يقول: اسجدي لربك، فأخذه أبو عبد الله(ع) وضمه إليه، وقال: بأبي وأمي، من لا يلهو ولا يلعب[7]. وفي سنده العلى بن محمد البصري، فيه كلام بين أعلامنا الفن، فصلناه في مورد سابق، فراجع[8].

فإنها وإن كانت واردة في شأن الإمام(ع)، إلا أن ما ثبت للإمام، فإنه ثابت للنبي(ص) بطريق أولى.

وهذان النصان وإن أمكن التأمل في سنديهما، إلا أن الوثوق بصدورهما غير بعيد، ما يوجب اطمئناناً عند الباحث والمتخصص بذلك، فتدبر.

ولا ينحصر الأمر في خصوص هذين الخبرين، بل هناك النصوص الأخرى أيضاً التي تضمنت ذكر صفات الإمام(ع)، فلاحظ الحديث الطويل المروي عن الإمام الرضا(ع) في ذلك.

ولا إشكال أنه بعد استقرار المعارضة، والعمد إلى الترجيح، فإنه سوف يكون لنصوص نفي السهو كمعتبرة زرارة، دون نصوص الإثبات، لأن أول المرجحات هو الموافقة للكتاب، ولا ريب في أن معتبر زرارة موافق له، على أنه لو لم يقبل بذلك، فإن ثاني المرجحات هو مخالفة العامة، وهو ما يتوفر في معتبرة زرارة دون نصوص الإثبات، بل حتى لو وصل الأمر إلى الترجيح بالشهرة، وأن المقصود منها الشهرة الروائية، فلا ريب في أن ذلك يساعد على نفي السهو، لا على إثباته، لما عرفت من ندرة نصوص الإنبات، وقلتها، على خلاف النصوص النافية لذلك، فتأمل جيداً.

ومنها: اشتمالها على المخالفة لبعض الضرورات الفقهية، والتي قد قام إجماع المسلمين على ثبوتها، مثل:

1-الحكم بعدم بطلان الصلاة مع وقوع الكلام العمدي فيها.

2-تصحيح الصلاة التي تضمنت زيادة ركعة بالإتيان بسجدتي السهو.

3-كفاية الاتيان بسجدتي السهو للحكم بصحة الصلاة التي تضمنت الكلام العمدي.

4-مشروعية الجماعة في سجدتي السهو.

نصوص النوم:

وأما بالنسبة للصنف الثاني من النصوص، وهو الذي تضمن دعوى نوم النبي الأكرم(ص) عن صلاة الصبح حتى طلعت عليه الشمس، ما حذى به أن يأتي بالصلاة قضاء، فإن المذكور في الكلمات عبارة عن خمس روايات، تسقط واحدة منها بالإرسال لأنه قد رواها الشهيد(ره) في كتابه الذكرى عن زرارة، ولا يعرف طريقه إليه، فتكون مرسلة، ولا تدخل دائرة الحجية. فينحصر الأمر في خصوص الأربع الباقية:

منها: ما رواه الكليني(ره) مسنداً عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن رجل نسي أن يصلي الصبح حتى طلعت الشمس، قال: يصليها حين ذكرها، فإن رسول الله(ص) رقد عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، ثم صلاها حين استيقظ، ولكنه تنحى من مكانه ذلك ثم صلى[9].

ولن يختلف الحال في التعاطي مع نصوص هذا الصنف عن ما كنا نعتمده في نصوص الصنف الأول، وعليه، فإن أول مانع يوجب رفع اليد عن هذا الخبر، اشتمال سنده على كل من عثمان بن عيسى وسماعة بن مهران، وقد عرفت في ما تقدم، انحرافهما العقدي المانع من الاعتماد عليهما في مثل هكذا موارد. على أن المتن أيضاً ينافي القاعدة الشرعية المعتبرة عندنا في أصالة الصدور، لما هو الموجود عندنا من وجود فرق بين نوم الأنبياء ونوم غيرهم، مضافاً لمنافاتها للقرآن الكريم، فلاحظ. وأظن أن هذا يكفي للتوقف في توفر أصال الجهة في المقام، وبقاء احتمال التقية لو أحرز الصدور، فتدبر.

ومنها: ما رواه(ره) أيضاً مسنداً عن سعيد الأعرج، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: نام رسول الله(ص) عن الصبح، والله عز وجل أنامه حتى طلعت الشمس عليه، وكان ذلك رحمة من ربك للناس، ألا ترى لو أن رجلاً نام حتى تطلع الشمس لعيّره الناس، وقالوا: لا تتورع لصلاتك، فصارت أسوة وسنة، فإن قال رجل لرجل: نمت عن الصلاة، قال: قد نام رسول الله(ص)، فصارت أسوة ورحمة، رحم الله سبحانه بها هذه الأمة[10].

ولا يذهب عليك الخدشة في سند هذا النص، لأمرين:

الأول: احتمال الارسال لفقد الواسطة بين أحمد بن محمد، وعلي بن النعمان.

الثاني: وقوع سعيد الأعرج فيه. وقد تقدم الحديث عن ذلك مفصلاً في البحث عن روايات السهو، فراجع. وأما متنه، فإنه لا يختلف الكلام فيه عن سابقه، نعم قد تضمن أن النوم الذي وقع على النبي(ص) إنما هو من الله سبحانه وتعالى، وقد علل ذلك بالرحمة بالأمة، وقد ورد مثل هذا أيضاً في روايات السهو، فراجع.

ومنها: ما رواه شيخنا الصدوق(ره) مسنداً عن سعيد الأعرج، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: إن الله تبارك وتعالى أنام رسوله(ص) عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، ثم قام فبدأ فصلى الركعتين اللتين قبل الفجر، ثم صلى الفجر[11].

ومضافاً إلى وقوع سعيد الأعرج في سنده، وجد فيه أيضاً الحسن الرباطي، وهو ممن لم يوثق. كما أن متنها لا يختلف عن حال الرواية الثانية. نعم من المحتمل قوياً جداً اتحادها مع رواية سعيد الواردة في الكافي، وهو غير بعيد.

ومنها: ما رواه الشيخ(ره) مسنداً عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله(ع)، قال: سمعته يقول: إن رسول الله(ص) رقد، فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى آذاه حر الشمس، ثم استيقظ فركع ركعتين، ثم صلى الصبح، فقال: يا بلال، مالك؟ فقال بلال: أرقدني الذي أرقدك يا رسول الله، قال: وكره المقام، وقال: نمتم بوادي شيطان[12].

والإنصاف، أنه ليس في سند هذا الخبر من يتوقف فيه، خصوصاً وأنك قد عرفت في الصنف الأول، أن للشيخ طرقاً ثلاثة للحسين سعيد، وأن ثالثها معتبر لا كلام فيه، فتدبر. نعم تبقى مشكلة المتن، وأنه مخالف للقاعدتين العقلية والشرعية، كما ستعرف إن شاء الله.

ثم إنه بعد استعراض النصوص، يشار إلى ملاحظة أمر فيها، ذلك أن بينها نحواً من التنافي، فإنها وإن اتفقت جميعاً على حصول النوم من النبي(ص)، وأدائه لصلاة الصبح قضاءاً، إلا أن بينها تنافياً في كيفية حصول هذا النوم، فقد تضمن بعضها أنه من الله تعالى، بمعنى أن الله سبحانه قد أنامه، كما في روايتي سعيد الأعرج، بينما لم تتضمن الروايتين الآخريـين منشأ الإرقاد، وإن ظاهرها أنه حالة طبيعية عرضت عليه كما تعرض على غيره، ويشهد لذلك أنه لما خاطب بلالاً كما في الرواية الربعة، أجابه بلال بأن الذي وقع عليه، هو ما وقع على رسول الله(ص).

ومن الطبيعي جداً أن يكون مثل هذا الاختلاف موجب للتشكيك في الصدور، كما لا يخفى.

موانع القبول بنصوص النوم:

هذا ولن نكرر الحديث الذي سبق منا ذكره عند بيان موانع القبول بنصوص السهو، من خلال ملاحظة القاعدتين العقلية والشرعية، ذلك أن ما ذكر هناك بنفسه يجري في المقام، فإن منافاة هذه النصوص لحكم العقل القطعي ببيانيه الذين قدمنا يجري في المقام أيضاً، كما أن مخالفة هذه النصوص للقرآن الكريم والذي عدت موافقته من الأسباب الموجبة لحجية الخبر متوفرة في البين أيضاً.

ونضيف في البين، أن بعض هذه النصوص تضمنت أنه(ص) قد نام في وادي الشيطان، وقد كره ذلك، ولهذا تحول عنه، وهذا يشير إلى وجود تسلط من الشيطان على النبي(ص)، مع أن المستفاد من الآيات الشريفة، أنه ليس للشيطان سلطان على الأنبياء(ع)، ما يجعل هذه النصوص مخالفة للقرآن الكريم، فلاحظ.

على أنه يكفي ملاحظة أن النوم الذي يقع من الأنبياء(ع) يختلف عن النوم الذي يقع على البشر، فإن النوم الذي يقع على البشر هو ما وصل إلى القلب وخالطه، وغلب على العقل، ومنع عن معرفة الأشياء وتميـيزها. أما نوم الأنبياء(ع) فليس إلا نوم العين مع يقظة القلب، فهم حال نومهم يدركون الأشياء ويرون ما يدور حولهم، ولا يغير النوم من حالهم شيئاً، ولهذا نص غير واحد من الفقهاء على أن نوم النبي(ص) لا يؤثر في انتقاض وضوئه[13]، الدال على أن نومه(ص) كيقظته من دون فرق في الشعور والإدراك، ولهذا لم يكن نومه(ص) يؤثر على صلاة الوتر، ولا يؤدي إلى فواتها عنه. فإذا كان حاله(ص) في النوم كحاله حال اليقظة، فإنه لا يتصور أن يدخل وقت الصلاة ولا يقوم لأدائها حتى يؤدي ذلك إلى فوات وقتها عنه[14].

هذا وقد يتشبث بعضهم بما تضمنته النصوص من تعليل، وهو الحذر من قيام أحد بتعيـير أحد، وهذا التعليل جاء في بعض نصوص السهو أيضاً. وقد أشير ضمن هذا التعليل أنه(ص) رحمة، فجعل وجود مثل هذه الحالة أحد مصاديق كونه(ص) رحمة للعالمين.

وحاصل هذه الشبهة، الإشارة إلى أن ما صدر منه(ص) كان يتضمن مصلحة نوعية للعنصر البشري، ولأنه(ص) رحمة إلهية للأمة، كان صدور هذا المعنى منه، فتدبر.

وقد أجيب عنه، بأنه لو كان الغاية الحذر من التعيـير، لماذا لم يخلق رسول الله (ص) متضمناً للعديد من المناقص الخلقية التي توجد عند الناس، كالعوار، والعرج، والإحولال، وغيرها، من أجل أن لا يعير المصابون بهذه الأمور أيضاً من قبل الناس[15].

هذا وقد حكي عن الإمام الخوئي(قده) كلام في نفي كون الواقع منه(ص) يمثل مصلحة نوعية، فقد أشار إلى أن مقتضى ما تضمنته بعض نصوص النوم من أنه(ص) قام بالتحول عن مكانه، وأنه كره المقام في ذلك المكان، يفيد أمرين: أن ذلك لم يكن إنامة من الله تعالى، وأن ذلك لم يكن رعاية لمصلحة عامة، لأنه لو كان رعاية لمصلحة عامة، أو كان من الله تعالى، لم يتأثر النبي(ص) بذلك، ولم يُظهر التأثر والأذى حتى أنه كره المقام في ذلك المكان، ووصفه بأنه وادي الشيطان، فلاحظ[16].

[1] عصمة الأنبياء ص 308-309(بتصرف).

[2] سورة النجم الآية رقم 2-4.

[3] سورة الكهف الآية رقم 74.

[4] التهذيب باب في أحكام السهو ح 42 ص 350.

[5] أصول الكافي ج 1 باب الأمور التي توجب حجة الإمام ح 4.

[6] راجع بحث لعب الحسنين(ع).

[7] أصول الكافي ج 2 باب الإشارة والنص على أبي الحسن موسى(ع) ح 15.

[8] تعرضنا لذلك في بحث لعب الحسنين(ع).

[9] الكافي ج 6 باب من نام عن الصلاة أو سها عنها ح 8 ص 88.

[10] المصدر السابق ح 9 ص 89-90.

[11] من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 358.

[12] التهذيب ج 1باب المواقيت ح 95 ص 265.

[13] كشف اللثام ج 7 ص 40، الحدائق الناضرة ج 23 ص 107.

[14] عصمة الأنبياء ص 366-370(بتصرف).

[15] شبهة إلقاء المعصوم نفسه في التهلكة ج 2 ص 303(بتصرف).

[16] العصمة بين المبدأ الشيعي والمفاد الروائي ص 70(بتصرف).

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة