تفويض الدين(1)
تختص الولاية على الأحكام الشرعية بمعنى جعلها وتشريعها، ورفعها، وعدم ثبوتها، بالله سبحانه وتعالى، فلا ولاية لأحد سواه في ذلك.
وقد أختلف أعلام الطائفة في صدور الإذن والترخيص منه تعالى في الولاية على الأحكام الشرعية، فوجد قولان:
الأول: منع حصول الإذن لبنائهم على عدم ثبوت حق التشريع لأحد سواه سبحانه وتعالى، فليس لرسول الله(ص) فضلاً عن الأئمة الأطهار(ع) حق التشريع، ويظهر هذا القول من غواص بحار الأنوار[1]، وكذا من بعض الأعيان(ره)، فقد اقتصر في كتابه الرسائل على ذكر مناصب ثلاثة للنبي الأكرم محمد(ص)، ولم يذكر غيرها، وتلك المناصب هي:
1-إبلاغ الوحي الإلهي.
2-الأحكام الولائية.
3-القضاء بين الناس[2].
والظاهر أن هذا هو أيضاً مختار بعض الباحثين(ره)، فإنه لم يتعرض في كتابه لشيء من النصوص التي تضمنت تفويض أمر الدين لرسول الله(ص)، فضلاً عما تضمنت التفويض للأئمة الطاهرين(ع)[3].
وربما نسب هذا القول أيضاً إلى جملة من الأعلام، كالشهيد الأول(ره)، والفاضل المقداد(قده)، والمحقق النائيني(ره)، لأنهم عند الحديث عما لرسول الله(ص) والأئمة الأطهار(ع) من مناصب، لم يتطرقوا من قريب أو بعيد لمنصب الولاية التشريعية والتي تعني ثبوت سلطة للمعصومين(ع) على جعل الأحكام ورفعها.
قال الشهيد(ره): تصرف النبي(ص) تارة بالتبليغ وهو الفتوى، وتارة بالإمامة كالجهاد والتصرف في بيت المال، وتارة بالقضاء كفصل الخصومة بين المتداعيـين[4]. وإلى مثله مال الفاضل المقداد السيوري(قده)[5].
وقال المحقق النائيني(ره): للولاية مراتب ثلاث: إحداها وهي المرتبة العليا، مختصة بالنبي(ص) وأوصيائه الطاهرين، وغير قابلة للتفويض إلى أحد، واثنتان منها قابلتان للتفويض، أما غير القابلة فهي كونهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم بمقتضى الآية الشريفة:- (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، وأما القابلة للتفويض فقسم يرجع إلى الأمور السياسية التي ترجع إلى نظم البلاد وانتظام العباد، وسد الثغور-إلى أن يقول-وقسم يرجع إلى الافتاء والقضاء[6]. ولا ينحصر القائلون بهذا القول في خصوص من ذكرنا، بل هناك آخرون يقولون به، مثل بعض كبار المفكرين الإسلاميـين(ره)، فقد ذكر في تفسير قوله تعالى:- (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي أن اتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم)، الرسول ناقل عن الله، لا مشرع[7].
وإنما اقتصرنا على ذكر بعضهم، ويمكن للقارئ العزيز الوقوف على البقية من خلال تتبع الكلمات.
الثاني: البناء على صدور الإذن منه تعالى لفئة معينة من الناس، قال بعض كبار المفسرين(قده): فالحكم لله سبحانه لا يشاركه فيه غيره على ظاهر ما يدل عليه ما مر من الآيات، غير أنه تعالى ربما ينسب الحكم وخاصة التشريعي منه في كلامه إلى غيره، كقوله تعالى:- (يحكم به ذوا عدل منكم)، وقوله لداود:- (إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق)، وقوله للنبي:- (أن احكم بينهم بما أنزل)، وقوله:- (يحكم بها النبيون)، إلى غير ذلك من الآيات، وضمها إلى القبيل الأول يفيد أن الحكم الحق لله سبحانه بالأصالة وأولاً، لا يستقل به أحد غيره، ويوجد لغيره بإذنه ثانياً، ولذلك عدّ تعالى نفسه أحكم الحاكمين، وخيرهم لما أنه لازم الأصالة والاستقلال والأولية، فقال:- (أليس الله بأحكم الحاكمين)، وقال:- (وهو خير الحاكمين)[8].
وقد اختلف أصحاب هذا القول فتعددت الاتجاهات فيه:
منها: البناء على ثبوت اختصاص حق التشريع برسول الله(ص) وعدم ثبوته للأئمة الطاهرين(ع). وقد أكد أصحاب هذا الاتجاه مختارهم بما ورد من إكمال الدين، وإتمام النعمة في القرآن الكريم، وبالنصوص التي قالت أن عندهم كل شيء حتى أرش الخدش بإملاء رسول الله(ص)، وبخط أمير المؤمنين(ع)، وقد أختار هذا القول جملة وافرة من علماء الطائفة وأعيانها، كبعض الأكابر، وبعض الأعلام(رض)[9].
ومنها: البناء على ثبوت حق التشريع للأئمة الأطهار(ع) كما هو ثابت لجدهم رسول الله(ص).
ومنها: التفريق بين رسول الله(ص)، وبين الأئمة(ع)، فيلتـزم بثبوت حق التشريع لرسول الله(ص) مطلقاً من دون فرق بين الأحكام الإلزامية، والأحكام الترخيصية، أعني المستحبات والمكروهات، فهذا الحق ثابت له في الواجبات مثلاً، والمستحبات أيضاً، وأما بالنسبة للأئمة(ع)، فيختص الحق المذكور لهم بخصوص المستحبات، وليس لهم الحق في الواجبات.
وقد خلت مصادر المسلمين الحديثية عن ذكر شيء من النصوص التي تتضمن التفويض لرسول الله(ص) في أمر الدين. نعم قد اشتملت كلمات بعض علمائهم على هذا المضمون، فلاحظ مثلاً ما ذكره الرازي في تفسيره المعروف[10] في تفسير سورة الحشر عند تفسير قوله تعالى:- (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين* وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير)[11]، وكذا الألوسي في تفسير الآيتين السابقتين[12]. بل قد يجعل المقام من صغريات ما وقع عندهم من بحث مفاده: هل يمكن لرسول الله(ص) أن يجتهد أو لا، بمعنى أن تصدر بعض الأمور عنه من باب الاجتهاد وفق تشخيصه هو بعيداً عن الوحي، أم أن كل ما يصدر عنه(ص)، هو من الوحي الملقى إليه، وقد أشار إلى ذلك الآمدي في كتابه، نعم قد ألتـزم هو بثبوت التفويض للنبي(ص).
ويعبر أصحاب القول الثاني من أعلام الطائفة بكافة اتجاهاته، عن قولهم بالولاية التشريعية، ويقررون ثبوت ولاية تشريعية لرسول الله(ص) وكذا للأئمة الأطهار(ع)-بناءً على ثبوت حق التشريع لهم-، ويقصدون منها ثبوت حق التشريع والجعل لرسول الله(ص)، والأئمة الطاهرين(ع)، بمعنى أنه يحق لكل واحد منهم أن يشرع حكماً لم يكن مشرعاً من قبل.
أدلة المانعين:
قد عرفت إنكار جملة من أعلام الطائفة ثبوت الولاية التشريعية بمعنى الجعل والتشريع للمعصومين(ع)، فلم يفوض إليهم شيء من أمر الدين، وأن جميع ما يصدر عن رسول الله(ص) مثلاً هو وحي من الله سبحانه وتعالى، ولو لم يذكر في القرآن الكريم، فيكون نظير الحديث القدسي. وقد تمسك أصحاب هذا القول بأدلة، يمكن تصنيفها إلى صنفين:
الأول: الكتاب العزيز:
وهي مجموعة من الآيات الشريفة، وتظهر أهمية النظر في هذه الآيات المستند إليها أو بعضها مما يكون واضح الدلالة في المدعى عند القائلين بهذا القول، بلحاظ أنها لو تمت فلابد من ملاحظة النسبة حينئذٍ بينها وبين النصوص المستند إليها لإثبات القول الثاني بكل اتجاهاته، أو بعضها، إذ يحتمل جداً أن يدعى كون النسبة بينهما نسبة العموم من وجه، فتكون النصوص المذكورة من المخالف لكتاب الله، والذي يوصف بكونه زخرفاً وباطلاً.
وكيف ما كان، فمن الآيات المستند إليها للمنع من ثبوت الولاية التشريعية لرسول الله(ص) فضلاً عن الأئمة الأطهار(ع) بعده، قوله تعالى:- (وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى)[13]، فإن المستفاد منهما أن كل ما يصدر عن رسول الله(ص) هو وحي من الله سبحانه وتعالى، وهي شاملة لكل ما يرتبط بجانب التشريع والتدبير، والإدارة والسياسة، والشؤون الخاصة ومجال المعارف، والأحكام الولائية وغيرها.
ولا يخفى أنه حتى يتم الاستدلال بالآية الشريفة لابد وأن يكون الضمير وهو(هو) في قوله تعالى:- (إن هو إلا وحي يوحى) راجعاً لكل ما يصدر عن رسول الله(ص)، وليس راجعاً للقرآن الكريم. أما لو بني على رجوعه للقرآن الكريم، وليس لكل ما يصدر عن رسول الله(ص)، فلن تكون للآية دلالة على المطلوب، لأنها سوف تكون دالة على حصر الوحي في خصوص القرآن الكريم، ولا تتحدث عن غيره، ولا أقل من كونها ساكتة عن هذا المقدار أساساً، ولم تشر لشيء فيه.
وبكلمة، إن في الضمير المذكور احتمالين:
أحدهما: أن يكون شاملاً لكل ما يصدر عن رسول الله(ص)، ولا يكون مختصاً بالقرآن الكريم.
ثانيهما: أن يكون مختصاً بالقرآن الكريم دون غيره مما يصدر عنه(ص) من أحاديث، ولا أقل من أنه القدر المتيقن في مقام التخاطب.
والظاهر البناء على الثاني دون الأول منهما، وأن المقصود به خصوص القرآن الكريم دون مطلق ما يصدر عنه(ص) من أقوال، وذلك لعدة قرائن:
منها: أن السورة مكية، ومن الواضح أن يكون الحديث عما جاء به رسول الله(ص) في تلك الفترة، وهو القرآن الكريم، وليس التشريعات أو التدابير والإدارة، والسياسة.
ومنها: وحدة السياق، فإن ملاحظة ما تقدم على الآيتين يساعد على ما قلناه، قال تعالى:- (والنجم إذا هوى* ما ضل صاحبكم وما غوى)[14]، فقد فسر الغوي في الآية بنفي الشعر عنه(ص)، وفسر نفي الضلال، بنفي الجنون، وفسر نفي الهوى بنفي الكهانة، وهذا ينسجم تماماً مع كون الضمير راجعاً للقرآن الكريم، وليس لمطلق ما يصدر عنه(ص).
وقد أجيب عن دلالتها في بعض الكلمات، بأنه بعد التسليم بدلالة الآية الشريفة على الشمول لكل ما يصدر عنه(ص)، فإنها لا تنفي أن يجعل الله سبحانه وتعالى لنبيه حق التشريع في بعض الموارد وفق ضابطة يعطيه إياها عن طريق الوحي تكشف له الواقع وتطلعه على الحقائق وتعرّفه المصالح والمفاسد وتوقفه على الغايات والضوابط والمعايـير، ليضع في الوقت المناسب ما يفيد في درء المفاسد، وجلب المصالح ضمن تلك الحدود المقررة.
ومن الواضح أن الجعل بهذا المعنى سوف يكون صادراً عن الله سبحانه وتعالى بواسطة النبي(ص)، فلن ينطبق عليه أنه(ص) نطق عن الهوى.
كما قد أجيب عنها أيضاً، بكونها آبية عن التخصيص، وأن موضوعها كل ما ينطق به رسول الله(ص) لذكره أن التشريع الصادر عنه إنما هو صادر عن الله سبحانه وتعالى.
ومنها: قوله تعالى:- (ليس لك من الأمر من شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)[15]، ودلالتها على المطلوب من خلال نفيها ثبوت شيء من الأمر لرسول الله(ص)، والمقصود بذلك في الدين، فيكون معناها ليس لك شيء من الأمر في الدين، ومن الواضح أن معنى عدم ثبوت شيء له(ص) في الدين، يعني عدم إمكانية التصرف في تشريعاته وأحكامه، وهذا يعني أنه ليس مأذوناً في أن يجعل شيئاً من التشريعات، أو يرفع شيئاً قد جعل منها، ما يعني اختصاص هذا الحق بالله سبحانه وتعالى فقط.
ومن الواضح أن هذا المعنى يتنافى ودلالة النصوص المتضمنة لأمر تفويض الدين لرسول الله(ص)، فتكون تلك النصوص من المخالف للكتاب.
والانصاف، أن الآية المذكورة أجنبية تماماً عن المدعى، ويتضح ذلك من خلال نقل تمام الآية الشريفة، يقول تعالى:- (ليقطع طرفاً من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائنين* ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم)، فإن جملة(ليس لك من الأمر شيء)، جملة معترضة في حديث الله سبحانه وتعالى عما يفعله بالخلق، سواء كانت في جانب الهداية أم في التعذيب أو القتل، أو الأسر، أو التوبة، فإنها كلها ترجع إلى الله سبحانه وقدرته وإرادته، وليس للنبي(ص) شيء من ذلك سوى تنفيذ أوامر الله تعالى فيهم. وهذا المعنى لا يتنافى أن يجعل الله سبحانه وتعالى لنبيه(ص) حق التفويض في أمر الدين في جوانب أخرى غير هذه الجوانب. ويساعد على هذا المعنى أن إدراج الجملة المعترضة في سياق الآية غرضه حماية النبي(ص) من التهم أو الدعاوى الباطلة التي قد تناله، فقد قال المنافقون يوم أحد لما كسرت رباعيته وشج وجهه أنه لو كان نبياً لما حصل له ذلك، فكانت الآية جواباً على هؤلاء، لأن ذلك كله من الله تعالى.
وبالجملة، إن الآية الشريفة بصدد بيان أن جميع ما يتعلق بالخلق والمشركين بالتحديد هو قرار إلهي لا ربط لرسول الله(ص) به.
وقد أشير لما ذكر في كلمات المفسرين، فقد ذكر بعض كبار المفسرين(ره): وقوله:- (ليس لك من الأمر شيء)، معترضة، وفائدتها بيان أمر أن الأمر في القطع والكبت لله، وليس للنبي(ص) فيه صنع حتى يمدحوه ويستحسنوا تدبيره إذا ظفروا على عدوهم ونالوا منه، ويلوموه ويوبخوه إذا دارت الدائرة عليهم ويهنوا ويحزنوا كما كان ذلك منهم يوم أحد على ما حكاه الله تعالى[16].
وقال بعض الأعيان(قده): (ليس لك من الأمر شيء)، جملة معترضة تفيد أن جميع الأمور المتعلقة بالخلق، سواء كانت في الهدى أم التعذيب أو القتل أو الأسر أو التوبة، ترجع إلى خالقهم وقدرته وإرادته، وليس للنبي(ص) شيء من ذلك سوى أنه ينفذ أمر الله تعالى فيهم، فإنه بشر مخلوق مثلهم.
وإنما أدرج عز وجل هذه الجملة في التقسيم لبيان أن النبي(ص) إذا أصابه مكروه، أو إذا دارت الدائرة على المسلمين، لا يلام على ذلك، فإنه ليس له في ذلك صنع، وإنما يرجع إلى قدرة الله تعالى وإرادته، وكذا بالنسبة إلى الظفر على الأعداء، فإن الشكر لابد أن يكون لله تعالى على ما أنعم[17].
وقال(ره) في موضع آخر: أن قوله تعالى:- (ليس لك من الأمر شيء)، بملاحظة سائر الآيات المباركة، يدل على أن المنفي هو بعض مراتب القضاء والقدر، وإلا فإن أمر التشريع وجعل الأحكام مفوض إليه، فإنه:- (وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى)، فلا يصح لأحد أن يتمسك بهذه الآية الشريفة وينفي بعض الأمور عنه(ص)، باعتبار أنه ليس له من الأمر شيء[18].
ولا منافاة بين ما ذكر، وما تضمنه خبرا جابر، قال: قرأت عند أبي جعفر(ع) قول الله:- (ليس لك من الأمر شيء)، قال: بلى والله، إن له من الأمر شيئاً وشيئاً، وليس حيث ذهبت، ولكن أخبرك أن الله تبارك وتعالى لما أمر نبيه(ص) أن يظهر ولاية علي(ع) فكر في عداوة قومه ومعرفته بهم، وذلك الذي فضله الله به عليهم في جميع خصاله، كان أول من آمن برسول الله(ص)، وبمن أرسله، وكان انصر الناس له ولرسوله، وأقتلهم لعدوهما وأشدهم بغضاً لمن خالفهما، وفضل علمه الذي لم يساوه أحد، ومناقبه التي لا تحصى شرفاً، فلما فكر النبي(ص) في عداوة قومه له في هذه الخصال، وحسدهم له عليها ضاق من ذلك فأخبر الله أنه ليس له من هذا الأمر شيء، إنما الأمر فيه إلى الله أن يصير علياً(ع) وصيه، وولي الأمر بعهده، فهذا عنى الله[19].
وقال أيضاً: قلت لأبي جعفر(ع): قوله لنبيه:- (ليس لك من الأمر شيء)، فسره لي، قال: فقال: يا جابر إن رسول الله(ص) كان حريصاً على أن يكون علي(ع) من بعده على الناس وكان عند الله خلاف ما أراد رسول الله(ص). قال: قلت: فما معنى ذلك؟ قال: نعم عنى بذلك قول الله لرسوله(ص):- (ليس لك من الأمر شيء)، يا محمد في علي، الأمر إليّ في علي(ع)، وفي غيره ألم أتل عليك يا محمد فيما أنزلت من كتابي إليك، (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)…إلى قوله:- (فليعلمن)، قال: فوض رسول الله(ص) الأمر إليه[20].
لأنهما يؤكدان أن الشيء المنفي عن رسول الله(ص) أن يكون له فيه قرار ورأي هو ولاية أمير المؤمنين(ع) وخلافته، لأن الإمام(ع) قد نص على أن ذلك قراراً إلهياً، وهو بهذا يقطع الطريق على من يدعي أن النبي(ص) إنما أقام علياً(ع) في منصب الخلافة والإمامة لما بينهما من صلة قرابة ومصاهرة. وأما ما أثبته(ع) من شيء لرسول الله(ص)، فلعله ناظر إلى الولاية التشريعية، وما فوض إليه(ص) من أمر الدين.
والحاصل، لا منافاة بين الخبرين وبين ما ذكرنا من عدم دلالة الآية محل البحث على المدعى.
هذا كله بعد البناء على حجية الخبرين واعتبارهما كيما يصلحا للاستدلال والاستناد، وليس الأمر كذلك، إذ أن مصدرهما تفسير العياشي، ومروياته مراسيل، ولم يشهد في مقدمة كتابه بصحة جميع مروياته، كما أنه ليس كالمشايخ الثقات الذين لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة.
[1] بحار الأنوار ج 25 ص .
[2] الرسائل ص 50.
[3] الصحيح من الكافي ج ص .
[4] القواعد والفوائد ج 1 ص 214.
[5] نضد القواعد الفقهية على مذهب الإمامية ص 158.
[6] منية الطالب ج 2 ص 232.
[7] التفسير الكاشف ج 4 ص 141.
[8] الميزان في تفسير القرآن ج 7 ص 116.
[9] بحوث في علم الأصول ج 7، ص 30، نتائج الأفكار ج 1 ص 223.
[10] التفسير الكبير ج ص
[11] سورة الحشر الآيتان رقم 5-6.
[12] روح المعاني ج ص
[13] سورة الآيتان رقم
[14] سورة النجم الآيتان رقم
[15] سورة آل عمران الآية رقم 129.
[16] الميزان في تفسير القرآن ج 4 ص 9.
[17] مواهب الرحمن في تفسير القرآن ج 6 ص 294.
[18] المصدر السابق ص 300-301.
[19] تفسير نور الثقلين ج 1 ح 347 ص 461-462.
[20] المصدر السابق ح 348 ص 462.