الغيبة

لا تعليق
الزاوية الفقهية - أبواب متفرقة
2
0

الغيبة

 

من الكبائر التي توعد الله فاعلها النار الغيبة، والمشهور بين الفقهاء تعريفها بأنها: ذكر المؤمن بعيب يكرهه في غيبته.

وهذا التعريف يشتمل على قيود ثلاثة لصدق مفهوم الغيبة، فليس كل ذكر ولو كان بعيب يعدّ من الغيبة، والقيود المعتبرة هي:

 

الأول: أن يكون المذكور به عيباً، والعيب من الأمور العرفية التي لا تحتاج إلى بيان، وهو قسمان:

1-عيب ظاهر يراه كل أحد.

2-عيب مستور.

والظاهر أن المقصود من العيب الذي يعتبر قيداً في مفهومها هو خصوص الثاني بقرينة الكراهة فإن المتعارف عدم كراهة الإنسان ذكره بعيب واضح للجميع بخلاف العيب المستور. وليس المقصود من الكراهة الحزازة النفسية، بل عدم الإذاعة والاطلاع.

ويترتب على ذلك عدم صدق الغيبة بذكره بعيب ظاهر للجميع، فلو كان الإنسان أعمى مثلاً وذكر هذا الشخص وقيل عنه بأنه أعمى لن يكون ذلك من الغيبة في شيء، لأن العيب ليس مستوراً، بل هو واضح لكل أحد يمكن أن يراه. نعم قد يحرم ذكره بهذه الصفة الظاهرة فيه لكل أحد من باب آخر غير الغيبة، كالإيذاء للمؤمن، أو الإهانة، أو غير ذلك.

 

النقد ليس غيبة:

ومقتضى أخذ قيدية الستر في العيب لن يكون النقد من الغيبة، لأن المفروض أن ما ينتقد به الشخص أمراً واضحاً كما لو تحدث أبوان لطالبين يحضران عند أستاذ، وقالا عنه بأنه لا يملك القدرة على إيصال المعلومة. نعم لو نقل شخص عيب هذا المدرس لشخص لا يعلم به كان ذلك من الغيبة.

وانتفاء عنوان الغيبة عن النقد لا يعني أنه لا يحرم لعنوان آخر، فإنه قد يحرم لصدق عنوان الإيذاء عليه، أو لانطباق عنوان الانتقاص للمؤمن، أو غير ذلك.

 

الثاني: الكراهة، وهي من المفاهيم العرفية التي لا تحتاج بياناً، فيعتبر في صدق عنوان الغيبة أن يكون المذكور بالعيب المستور كارهاً أن يذكر بذلك، بحيث يكون ذكره موجباً لحصول الحزازة وعدم الرضا والرفض لذلك.

الثالث: الغياب، فلو كان المذكور بالعيب المستور حاضراً يسمع ما يذكر فيه لن ينطبق المفهوم، وإن لم يكن قادراً على رد ذلك عن نفسه.

ولا يقصد من الغياب عدم التواجد في المجلس الذي يذكر فيه بعيبه، بل المراد أن لا يكون عالماً بما يذكر حوله، أو لا يسمع ما يذكر فيه.

 

تنبيهان:

الأول: من الواجبات المطلوبة من المؤمنين حال سماعهم غيبة شخص العمد إلى ردها وردع المستغيب عن الإقدام على ذلك، إلا أن ما ينبغي التنبيه عليه هو الحذر من أن يكون رد الغيبة سبباً إلى الإفراط في إهانة المؤمن والإساءة إليه بكشف شيء من أموره المستورة، لأن المستغيب سوف يعمد إلى تبرير ما أقدم عليه من فعل، فينتهك الشخص المستغاب بما لا ينبغي.

 

الثاني: لابد من الحذر عند رد الغيبة، حتى لا يقع المتصدي لعملية الرد في هتك أحد المؤمنين وسلب العدالة منه، وذلك بأن يكون محيطاً بأن ما يذكره المتكلم من الغيبة فعلاً أو لا، لأن من المحتمل جداً أن يكون المتكلم يقلد من يعتبر قيوداً إضافية في مفهوم الغيبة غير ما ذكرنا مثل قصد الانتقاص للمذكور، ومع عدم قصده لذلك لن يكون قد استغاب. نعم على المستمع أن يجتنب الاستماع لو كان مرجعه لا يعتبر هذا القيد.

وعلى أي حال، يلزم الحذر حتى لا يكون الرد سبباً لهتك المتكلم، بسلب العدالة عنه.

 

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة