25 أبريل,2024

مخالفة الأنظمة والقوانين المرعية

اطبع المقالة اطبع المقالة

 

مخالفة الأنظمة والقوانين المرعية

 

لكل دولة مجموعة من القوانين التي تجعلها رغبة في إدارة الشأن العام لمواطنيها والساكنين فيها، وتسيير أمورهم وتنظيم شؤونهم الحياتية، وتختلف هذه القوانين فبعضها يكون مرتبطاً بحركة السير والمرور، وبعضهم يرتبط بالعمران والبناء، وبعضها يرتبط بالخدمات وإدارة الأعمال، وهكذا تختلف من مجال لمجال، لتكون شاملة لكافة المنافع الحياتية.

 

ولما كانت طبيعة الإنسان البشرية التمرد على القوانين والخروج عليها، فقد عالج الشرع هذا الجانب، فمنع من مخالفة الأنظمة والقوانين المجعولة من قبل الدولة، وألزم المكلف باحترامها ولزوم مراعاتها، وعدم جواز مخالفتها.

نعم لم يلزم الشرع الشريف بمراعاة كافة القوانين المجعولة والمقننة من قبل الدولة، بل خص ذلك بما أخذ حيز التنفيذ والتطبيق فعلاً من قبلها، وليتضح ذلك يمكننا تصنيف القوانين الصادرة منها وتطبيقها على أرض الواقع إلى قسمين:

 

الأول: ما وضعته الدولة وجعلته نظاماً تلزم المواطن بمراعاته وعدم تخطيه، وتضع العقوبة على مخالفته، كأنظمة السير والمرور، والإشارات الضوئية، وكيفية التجاوز في الطرقات، وأماكن الوقوف، وكذا مخالفة النظام العمراني في البناء بالزيادة غير المسموحة، وتحصيل الكهرباء بطريقة غير نظامية، والحصول على الماء بطريق غير نظامي، والدخول على الآخرين في المستشفيات، وغير ذلك. وهذا يلزم المكلف عدم تجاوزه والخروج عليه وإلا كان مرتكباً للحرام ومستحقاً للإثم والعقوبة.

 

الثاني: ما وضعته الدولة كنظام لكنها بعدُ لم تجعله قانوناً سارياً وأخذ حالة الفعلية، وذلك كالفحص قبل الزواج، فإنه وإن طبق إلا أنه بعدُ لم ترتب عليه الآثار المتعلقة به، وهذا القانون لا يلزم المكلف مراعاته، وليس في مخالفته ما يوجب الإثم فضلاً عن استحقاق العقوبة.

 

مخالفة الجهة الراعية للنظام والقانون:

ولا تعد مخالفة الجهة الراعية للنظام والقانون مسوغاً شرعياً لمخالفته، ذلك لأن هذه الجهة نوعان:

 

الأول: أن يكون منشأ الإخلال بالنظام وعدم تطبيقه هي الجهة التنفيذية، وليست الجهة الواضعة للقانون، كالعسكري الذي يدير حركة السير، وموظف شركة الكهرباء أو البلدية مثلاً، فهؤلاء هم الذين يعمدون لعدم تطبيق النظام ومراعاة القانون ومعونة المكلف على المخالفة، وهنا لا إشكال في عدم وجود معذرية للمكلف من استحقاق العقوبة، فيكون مستحقاً له، لأنه قد ارتكب إثماً وذنباً.

 

الثاني: أن يكون المخل بالنظام والمخالف لتطبيق القانون هي نفس الجهة المشرعة والواضعة له، بحيث أنها تقوم بتطبيقه بصورة عشوائية غير نظامية، فتطبقه في بعض الموارد دون الأخرى من دون وجود ضابطة واضحة في ذلك، فهنا لا يلزم مراعاة النظام والقانون ولا الاعتناء بهما، نعم يحسن بالمؤمنين إبراز الصورة المشرقة للإسلام في كافة المجالات فيعمدون للعناية بالنظم والقوانين الوضعية.