29 مارس,2024

التصوير

اطبع المقالة اطبع المقالة

من الأعمال التي تعرضت الشريعة المقدسة لها،فأشارت إلى حلية بعض مصاديقها،وحرمة مصاديق أخرى،مسألة التصوير.
والكلام فيه يقع في عدة فروع:

النحت:
ونعني بالنحت،صنع مجسم كامل الأبعاد لذوات الأرواح وغيرها.
س:ما هو حكم النحت لذوات الأرواح،كالإنسان،وغيره كالجبال أو السحاب مثلاً؟…
ج:أما بالنسبة لغير ذوات الأرواح،فيتفق جميع العلماء على جواز نحته،وتصويره من خلال ذلك،أما بالنسبة إلى ما له روح كالإنسان ،أو الحيوان،فالمسألة خلافية بين علمائنا،حيث يفتي بعض العلماء بحرمة التصوير لها من خلال ذلك،بينما يرى بعضهم جواز ذلك،لكن على كراهية،وهناك من يحتاط وجوباً في ترك هذا العمل.
س:بناء على القول بحرمة النحت،بنحو الفتوى،أو الاحتياط الوجوبي،هل المحرم مطلق النحت،أو أن المحرم منه كيفية خاصة؟…
ج:المحرم في مثل هكذا مورد،إنما هو صنع تمثال كامل لذي الروح كالإنسان،أو الحيوان،مما يعد تمثالاً كاملاً.
أما لو كان المصور منه جزءاً فقط،كما لو صور رأسه فقط دون بقية أعضائه،فإنه لا يكون داخلاً في النحت المحرم.
نعم هناك بعض التصويرات تستدعي أن لا تكون كافة أجزائه ظاهرة،كما لو صور الإنسان راكباً على فرس،أو صوره جالساً متربعاً مثلاً،أو صوره من وراء جدار بحيث لا يرى منه إلا النصف الأعلى،وفهم العرف منه أنه صورة كاملة،لأن النقص الموجود هنا يرجع إلى حالة صاحب الصورة،وعليه فيـبنى في مثل هذه الموارد على حرمة مثل هذا العمل.
س:هل يجوز للإنسان أن يعمل في النحت؟…
ج:إذا كان يقلد من يقول بجواز ذلك،فلا إشكال في جواز عمله،وأنه يستحق الأجرة على ذلك العمل لعدم صدق العمل المحرم عليه،أما لو كان يقلد من يقول بعدم جواز ذلك،فإنه يحرم عليه أخذ الأجرة حينئذٍ.

ألعاب الأطفال:
س:مما شاع وتعارف في هذا العصر،صنع بعض اللعب للأطفال على شكل ذي الروح بنحو تـتجسم إذا نفخ فهيا الهواء،أو أنها من البداية مهيئة على صورة ذي الروح كالدمى والعرائس،فهل أن عملها حرام أو لا؟…وهل أن نفخ الهواء فيها حرام أو لا؟…
ج:إذا كان يصدق على ذلك أنه من التجسيم،فلا ريب في حرمته،أما ما يحتاج إلى النفخ،فيدخل تحت دائرة الاشتغال بمقدمات وجود المجسم إن لم يصدق عنوان المجسمة على الموضوع قبل نفخه.
أما لو كان يصدق عليه عنوان المجسمة حتى قبل نفخه،فهو من مصاديق الحرمة.
س:إذا كان عند الطفل أو الطفلة،دمية على هيئة الإنسان،فتنفصل أحد أطرافها،أو تنفصل كلها،فهل يجوز تركيبها،حينئذٍ أو لا؟…
ج:الظاهر أن إعادة تركيب الأطراف وجمعها مع بعضها البعض،يعد من عمل التجسيم،فلا ريب في حرمته.
الرسم:
س:هل يحرم الرسم لذي الروح،كما يحرم نحته؟…
ج:هذه المسألة خلافية بين علمائنا،كالمسألة السابقة،إذ هناك من يقول بالجواز،وهناك من يقول بعدم الجواز إذا كان رسماً لحيوان أو إنسان كامل.
س:هل يفرق في صورة جواز الرسم،أو حرمته بين ما إذا كان الرسم بارزاً،أو غير بارز،أو ملوناً أو غير ملونا؟…
ج:لا يفرق في الحكم،سواء الحرمة أم الجواز،بين ما إذا كان الرسم بارزاً،أو غير بارز،وبين ما إذا كان الرسم ملوناً أو غير ملونا،ولذا على القول بالجواز،يجوز حفر صورة ذي الروح وغيره في الصخر أو الخشب أو المعدن بطريقة الحفر الناتئ إلى الخارج جزئياً،فضلاً عن الحفر باتجاه الداخل.
س:بناء على القول بجواز الرسم،هل يجوز للإنسان كل شيء يريده،كرسم الصور الخلاعية التي تحكي أوضاعاً جنسية،أو تبرز العورة،أو مفاتن الجسد بطريقة إباحية فاضحة؟…
ج:لا يجوز رسم تلك الأمور المذكورة.
س:هل يجوز تصوير المقدسات،من خلال الرسم،كما يجري،في رسم الأئمة(ع)؟…
ج:لا يجوز تصوير المقدسات على نحو يستلزم هتكها وإهانتها،كما يحكى أن أهل الجاهلية صوروا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام،وبيدهما الأزلام.
ثم الحكم هنا بعدم الجواز،لا فرق فيه بين أن يكون بنحو النحت،أو بنحو الرسم،كما لا فرق بين كون الصورة تامة أو ناقصة،ولا بين كونها مصنوعة باليد أو بآلة حديثة.

الكاريكتير:
س:من المتعارف اليوم،وجود الرسوم الكاريوكاتورية في الصحف والمجلات،فهل يجوز رسمها؟…
ج:أما أصل الرسم،فقد عرفنا أن المسألة خلافية،فمن يقول بالجواز لا ريب عنده في جواز ذلك،ومن قال بالمنع إذا توفرت الأمور التي توجب المنع،فيحكم بعدم الجواز،نعم يمكن أن يحكم بالحرمة حتى على القول بجواز الرسم،لكن من خلال زاوية أخرى،وهي الغاية التي رسم من أجلها،فلو كانت الغاية هي نقد صاحب الصورة والاحتجاج عليه بما يعد سخرية منه وتوهيناً إلى مقامه وهتكاً لحرمته،كان ذلك العمل محرماً،إذا كان صاحب الصورة محترماً في كرامته