ومن الشروط التي يعتبر توفرها في لباس المصلي، أن يكون الثوب الذي يستر العورة مباحاً، بمعنى أن يكون قد تعلق بهذا الثوب الذي سوف يوقع الصلاة فيه حق لأحد من الناس، أو تعلق به حق لله سبحانه وتعالى، فلا يكون الوثب الذي يصلي فيه مسروقاً أو مغصوباً أو منهوباً من أحد، أو تعلق به الحق الشرعي كالخمس مثلاً.
س: هل أن شرطية الإباحة في لباس المصلي تختص بخصوص ما يكون ساتراً للعورة، أم أنها تشترط في كل ما يكون ملبوساً للإنسان؟…
ج: إنما تشترط الإباحة في خصوص ما يكون ساتراً للعورة بالنسبة للمصلي، نعم الأحوط استحباباً في بقية لباسه أن يكون ساتراً للعورة أيضاً.
س: بناءاً على اشتراط إباحة لباس المصلي في الصلاة، سوف يحكم ببطلان الصلاة التي يأتي بها المصلي في ثوب غير مباح، فهل أن الحكم ببطلان الصلاة الواقعة في ثوب غير مباح، مطلقاً، سواء كان عالماً بالغصبية، أم كان جاهلاً بها، أم يفرق في الحكم المذكور؟…
ج: إنما يحكم ببطلان الصلاة التي تقع في الثوب المغصوب، إذا كان المصلي عالماً بالغصبية، أما لو كان المصلي جاهلاً قاصراً بالحكم مثلاً، بمعنى أنه لا يعلم أنه يشترط إباحة اللباس في الصلاة، أو كان جاهلاً بالموضوع، بمعنى أنه لم يعلم أن هذا الثوب الذي صلى فيه مغصوب مثلاً، وفي كلا الحالين لم يكن هو الغاصب، فإنه يحكم حينئذٍ بصحة صلاته.
نعم الجاهل المقصر الذي كان بإمكانه أن يعرف الحكم الشرعي، لكنه لم يتعلمه أو يسأل عنه، فالأحوط الحكم ببطلان صلاته إذا أداها في ثوب غير مباح.
س: إذا كان المصلي يعلم بالغصبية لكنه نسيها، وصلى في الثوب المغصوب، فما هو حكم صلاته؟…
ج: إذا نسي الغصبية وصلى في الثوب المغصوب، ولم يكن هو الغاصب، فإنه يحكم بصحة صلاته، أما لو كان هو الغاصب، فإنه يحكم ببطلان صلاته.
س: إذا اضطر الإنسان للصلاة في الثوب المغصوب، فهل يحكم بصحة صلاته؟…
ج: إذا اضطر الإنسان للصلاة في الثوب المغصوب، فإنه يحكم بصحة صلاته.
س: إذا كان الإنسان جاهلاً بموضوع الغصب وعلم به أثناء الصلاة، أو كان جاهلاً بحكم الغصب وعلم به في أثناء الصلاة، أو كان ناسياً لذلك وعلم به في أثناء الصلاة، فما هو حكم صلاته؟…
ج: إذا كان جاهلاً بموضوع الغصب، أو كان جاهلاً بحكمه، أو كان ناسياً لذلك، وعلم بذلك في أثناء الصلاة، فإن عليه أن يبادر إلى نزع الثوب المغصوب فوراً إذا كان عنده ساتر آخر مباح.
أما لو لم يكن له ساتر آخر مباح، وكان الوقت موسعاً فإن عليه أن يقوم بقطع صلاته، ثم يعيدها من جديد في ثوب آخر مباح.
وأما لو كان الوقت ضيقاً، بحيث لا يمكنه قطع الصلاة والإتيان بها من جيد في ثوب مباح ولا يمكنه أن يدرك ولو ركعة واحدة، فإنه يتم صلاته في الثوب المغصوب، ولا شيء عليه.
س: إذا اضطر الإنسان إلى إيقاع الصلاة في ثوب مغصوب، بسبب البرد مثلاً، أو لأنه يخاف على ثوبه من السرقة، أو الضياع، أو يخاف المرض، وكان اضطراره مستمراً لتمام الوقت، بحيث لا توجد عنده فرصة يمكنه فيها إيقاع الصلاة في الثوب المباح، فهل يسوغ له الصلاة فيه؟…
ج: في مثل هكذا حالة، نعم يسوغ له الإتيان بالصلاة في الثوب المغصوب، ويحكم بصحة صلاته.
س: هل يصح حمل المغصوب في الصلاة؟…
ج: نعم يصح حمل المغصوب في الصلاة، مطلقاً سواء كان يتحرك بحركة المصلي، أم لم يكن متحركاً بحركته.
عدم كونه من أجزاء الميتة التي فيها حياة:
يشترط في الثوب الذي ينوي المصلي أداء الصلاة فيه أن لا يكون متخذاً من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة، من دون فرق بين أن تكون هذه الميتة، ميتة مأكول اللحم كالبقر أو الغنم، أو ميتة غير مأكول اللحم، كالكلاب والثعالب والأسود. كما لا فرق بين أن تكون هذه الميتة لها نفس سائلة، وبين كونها مما لا نفس سائلة له على الأحوط وجوباً.
س: إذا كان الإنسان جاهلاً بعدم صحة الصلاة في الثوب الذي يكون متخذا من أجزاء الميتة، فصلى فيه، إما لجهله بالحكم، أو لجهله بالموضوع، فما هو حكم صلاته؟…
ج: إذا لم يكن المصلي عالماً بأنه يشترط في لباس المصلي أن لا يكون متخذاً من أجزاء الميتة، سواء كان جهله بذلك ناجماً من خلال الجهل بالحكم، أم كان جهله بذلك ناجماً من خلال الجهل بالموضوع وكان جاهلاً قاصراً، وصلى في ذلك اللباس، فإنه يحكم بصحة صلاته إذا علم بذلك بعد الفراغ من الصلاة.
أما لو كان جاهلاً بالحكم جهل تقصير، فإنه يحكم بعدم صحة صلاته، وعليه الإعادة.
س: إذا التفت المصلي أثناء الصلاة إلى أن ثوبه الذي يصلي فيه متخذ من أجزاء الميتة، فماذا عليه أن يفعل حينئذٍ؟…
ج: إذا اكتشف المصلي أثناء الصلاة أن ثوبه الذي يصلي فيه متخذ من أجزاء الميتة، فإذا كان الوقت واسعاً، فعليه أن يقطع الصلاة، ويقوم بنـزعه وتبديله، ويعيد الصلاة من جديد.
أما لو كان الوقت ضيقاً، أو لم يكن بإمكانه القيام بعملية النـزع والتبديل مثلاً لعدم وجود ثوب آخر سواه، أو لكون الجو بارداً جداً، أو بسبب مرض مثلاً، فإنه يتم صلاته، وتكون صحيحة، ولا شيء عليه.
س: هناك بعض الأشياء التي يستخدمها الناس، في أمورهم الحياتية مثل حافظة النقود، ومثل الأحزمة، تكون مصنوعة من الجلد، ويشك غالباً أو يجهل في مصدر الجلد المصنوعة منه هذه الأشياء، مع أن الجهة المصنعة دولة غير إسلامية، فهل تصح الصلاة فيه، أو لا؟…
ج: هناك خلاف بين العلماء في هذه المسألة، فمن اشترط أن لا يكون لباس المصلي مأخوذاً من الميتة يحكم بصحة الصلاة في مثل هذه الأشياء المشكوكة، وذلك لأنه لا يحكم عليها بكونها ميتة، بل هي مشكوكة التذكية، ومشكوك التذكية لا يحكم عليه بأنه ميتة.
أما من جعل الشرط هو أن يكون لباس المصلي مأخوذاً من المذكى، فإنه يحكم بعدم صحة الصلاة في هذه الأشياء لأنه لم يحرز كونها مذكاة، وما دام لم يحرز فيها ذلك لم يتحقق الشرط المعتبر، فيحكم بعدم صحة الصلاة فيها.
س: هل يفرق في كون هذه الجلود مأخوذة من بلد إسلامي أم لا؟…
ج: نعم يفرق ذلك، فلو كان مصدر هذه الجلود هو أحد البلدان الإسلامية، فلا ريب في أنه يحكم بصحة الصلاة فيها.
أن لا يكون من أجزاء ما لا يؤكل لحمه:
يعتبر في لباس المصلي أن لا يكون اللباس مصنوعاً من جلد أو شعر ما لا يؤكل لحمه، كالسباع، التي منها الأسود والنمور والثعالب، وغير السباع كالفيلة.
ولا ينحصر اشتراط هذا الأمر على خصوص ما تتم الصلاة فيه أعني الثوب الذي تـتم الصلاة فيه، بل هو شامل أيضاً لبعض أجزاء الثوب الذي يصلى فيه، فيعتبر فيه أن لا تكون أزراره أو أطرافه مثلاً من جلد أو فرو أو عظام حيوان غير مأكول اللحم.
ولا يفرق في كون هذه الأشياء مضرة بصحة الصلاة، ومخالفة لتحقق الشرط المذكور بين كونها كثيرة أو صغيرة، لذا يلزم الاجتناب حتى عن مثل الشعرة الواحدة من الهر التي تعلق بثوب المصلي.
ثم إن بطلان الصلاة بالإخلال بهذا الشرط إنما يكون فيما إذا أخل الإنسان به في صورة العلم والعمد، والجهل بالحكم عن تقصير.
أما لو كان جاهلاً بالحكم أو بالموضوع لكن جهلاً قصورياً وليس جهلاً تقصيرياً، فإنه لا يحكم ببطلان صلاته.
وكذا لو كان يعلم بأنه لا تصح الصلاة في ما يكون من أجزاء الميتة، لكنه نسي ذلك، وصلى فيه، فإنه يحكم بصحة صلاته، سواء التفت إلى ذلك في أثناء الصلاة، أم تذكر ذلك بعد الفراغ من صلاته، وسواء انقضى وقت الصلاة، أم لا زال الوقت باقياً.
وكما تصح الصلاة في الموارد التي ذكرناها، تصح الصلاة أيضاً فيما إذا اضطر الإنسان إلى أداء الصلاة في لباس مصنوع من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، مع كون العذر مستوعباً لتمام الوقت.
س: هل يشمل الحكم المذكور-أجزاء غير مأكول اللحم- للحيوان الذي لا تكون له نفس سائلة، أم لا يشمله ذلك؟…
ج: لا يشمل الحكم المذكور الحيوان الذي لا تكون له نفس سائلة، كالأفعى مثلاً، فيجوز الصلاة في الحزام الذي يكون مصنوعاً من جلدها، شرط أن تكون مذكاة، أما لو كانت ميتة فقد عرفت فيما تقدم عدم جواز الصلاة في جلدها.
س: إذا وجد الإنسان جلداً مأخوذاً من حيوان مذكى، أي ليس ميتة، وشك في أنه مأخوذ من حيوان مأكول اللحم لتصح الصلاة، أو أنه مأخوذ من حيوان غير مأكول اللحم، فلا تصح الصلاة، فعلى ماذا يبني؟…
ج: في مثل هذه الحالة عليه أن يـبني أنه مأخوذ من حيوان مأكول اللحم، ويصلي فيه، ولا يحتاج إلى الفحص عن ذلك.
س: إذا وجد الإنسان جلداً، وشك في أنه جلد طبيعي، فلابد من أن يكون مذكى ومن حيوان مأكول اللحم حتى تصح الصلاة فيه، أو أنه جلد صناعي فلا يعتبر فيه ذلك، فهل يصح له الصلاة فيه؟…
ج: نعم يصح له الصلاة فيه.