البول و الغائط من النجاسات

 

البول و الغائط من النجاسات

النجاسة والقذارة، مفهوم عرفي ليس للشارع المقدس فيه اختراع وتأسيس، وهو يقابل النقاوة والنظافة.
ومعنى النظافة أن يكون الشيء نقياً عن الأقذار، فلو تقذر شيء بسبب ملاقاته شيئاً أمكن تنظيفه بغسله بالماء.
ووفقاً لما تقدم، فالنجاسة إذا عبارة القذارة وعدم النظافة.
ويمكن تقسيم الموجودات خارجاً إلى قسمين:
الأول: ما يستقذره العقلاء ويستكرهونه بفطرتهم، ويتنفرون منه، مثل: البول والغائط والمني، والنخامة، وغيرها مما يستقذره العقلاء، ويجتنبونه.
الثاني: ما ليس كذلك، وهو بقية الأعيان، وهذا القسم محكوم عليه بالطهارة. نعم قد استثنى الشارع المقدس منه أموراً فحكم بنجاستها، وبيّنها، وهي الكافر، والكلب، والخنـزير، فإنها وإن لم تكن مستقذرة عند العقلاء، إلا أن الشارع قد حكم بنجاستها تعبداً.
ومن خلال ما تقدم، يتضح أن النجاسة نوعان، نوع لم يجعله الشارع المقدس، وإنما أمضى ما عليه العقلاء في التعامل معه، والآخر، ما جعله الشارع المقدس.
وقد وقع الخلاف بين الفقهاء في عدد الأعيان النجسة، فجعلها بعضهم أثني عشر واحداً، بينما جعلها آخرون عشرة، وهذا الاختلاف بينهم اجتهادي راجع لعدم ثبوت نجاسة بعض الأعيان عند جملة من الأعلام، وثبوتها عند آخرين، مثل عرق الجنب من الحرام.
وعلى أي حال، إن حصر الأعيان النجسة في عدد معين، ليس حكماً عقلياً، بل هو استقراء شرعي بملاحظة ما تضمنته الأدلة، ونصت على نجاسته.
البول والغائط:
والأول الثاني من الأعيان النجسة، هما البول والغائط، من كل حيوان له نفس سائلة، محرم الأكل بالأصل، أو بالعارض كالحيوان الجلال وهو الذي يتغذى على عذرة الإنسان، أو الحيوان الموطوء.
شرطا النجاسة:
وإنما يحكم بنجاستهما منه إذا توفر شرطان، وهما:
الأول: أن يكونا من حيوان له نفس سائلة، ويقصد به ما يكون له دم سائل عند الذبح.
الثاني: أن يكونا من حيوان محرم الأكل، سواء كانت حرمة أكله بالأصل، أم كانت حرمة لحمه عارضة عليه، لأنه كان محلل الأكل، ثم أصبح محرم الأكل.
ومع انتفاء أحد الشرطين، فضلاً عن كليهما، بأن كانا من حيوان ليس له نفس سائلة، كالسمك مثلاً، أو كانا من حيوان محلل الأكل كالغنم والبقر والحمير، لم يحكم بنجاستهما.
نعم قد احتاط السيد السيستاني(دامت أيام بركاته)، في بول ما ليس له نفس سائلة إذا كان له لحم عرفاً كالحوت على سبيل المثال.
الشك في وجود الشرطين:
وأما إذا شككنا في توفر هذين الشرطين، فهنا صورتان:
الأولى: أن يكون الشك في توفر الشرط الأول، كما لو شككنا في حيوان أن له نفساً سائلة، أم لا، كالفأر أو الخفاش مثلاً، فإنه يحكم بطهارة خرئه، وأما بوله فإنه إذا كان ذا لحم، فالأحوط وجوباً عند السيد(أطال الله في عمره الشريف)، هو الاجتناب. أما إذا لم يكن الحيوان ذا لحم، فإنه يحكم بطهارة بوله أيضاً كطهارة خرئه.
الثانية: أن يكون الشك في توفر الشرط الثاني، بأن يشك في كون الحيوان محلل الأكل، أو محرمه، كالأرنب مثلاً، فإنه يحكم بطهارة بوله وخرئه.
المدار على صدق الأسمين:
وعلى أي حال، فإن المرجع في هذين العنوانين، أعني البول والغائط إلى العرف، فمتى صدق عرفاً على الموجود خارجاً أنه بول، أو غائط، رتب عليه الحكم، ولهذا لو شك في صدق الاسم على شيء أنه بول مثلاً، أو غائط، كان مقتضى القاعدة هو البناء على الطهارة.
وما ذكرناه من البناء على نجاسة البول والغائط بالشرطين المذكورين، ما داما باقيـين على حالهما، ويتصفان بأنهما بول وغائط، أما لو تغيرا بعلاج، أو دواء مثلاً، فتبدلت حقيقتهما، وأصبحا حقيقة جديدة، كان مقتضى القاعدة البناء على طهارتهما، لأن الحكم المذكور وهو النجاسة يدور مدار الاتصاف بالأسمين المذكورين، ومع انتفائهما، ينتفي الحكم.
بول وغائط الطيور:
كان ما تقدم، هو حكم بول وغائط الحيوانات، وأما الطيور، فإن الحكم فيها جميعاً واحد، وهو الطهارة، سواء كانت محللة الأكل، أم كانت محرمته، كالسباع منها كالنسور والصقور، والشاهين وغير ذلك، حتى الخفاش، لكونه من الطيور محرمة الأكل.
هذا كله بناء على ثبوت البول لها، مع أن المحكي عن المحقق النراقي(قده)، كونها فاقدة للبول خصوصاً الطيور المأنوسة. نعم قد حكي عن المقدس البغدادي(ره) إثباته في خصوص الخفاش.
وعن بعض المختصين في مجال الطيور والحيوان، القول بعدم وجود جهاز البول في الطيور أصلاً. إلا أن المستفاد من بعض النصوص وجود البول لها في الجملة، بل قد تضمن توحيد المفضل الإشارة إلى وجود منفذين أحدهما للزبل، والآخر للبول، ويمكن الجمع بينهما كما في الكتب التخصصية.

 

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة