تنقسم الأفعال الصادرة من الإنسان إلى قسمين، أفعال قصدية، وأفعال غير قصدية.
ونقصد بالأفعال القصدية، الأفعال التي تتقوم في وجودها الخارجي بعنصرين، وهما القصد والفعل نفسه، مثل الاحترام، فإنه لا يتحقق بمجرد وقوف الإنسان للآخر، ما لم يكن قاصداً أن يكون وقوفه إليه احتراماً منه إياه، إذ قد يكون وقوفه بقصد إهانته واستنقاصه، وكذا الإهانة، فإنها لا تتحق خارجاً بمجرد إيجاد فعل ما يقصد منه إهانة الشخص، ما لم يكن المهين قاصداً ذلك، وكذا الأفعال العبادية كالصلاة مثلاً، فإن مجرد إيجاد أفعالها وما تنطوي عليه من أذكار لا يحقق وجودها الخارجي ما لم يكن المكلف قاصداً إيجادها، ومثل ذلك الحج، وبقية العبادات الأخرى.
وأما الأفعال غير القصدية، فهي الأفعال التي لا يعتبر في وجودها خارجاً القصد، بل يتحقق وجودها وإن لم يكن الفاعل قاصداً إيجادهاً، فيكتفى بمجرد وجودها في الخارج، فطهارة الثوب من النجاسة لا يعتبر فيها قصد المطهر للثوب ذلك، وإنما يكتفى في تحقق طهارته بزوال عين النجاسة عنه، وهكذا.
وقد اتضح أن الفرق بين القسمين، دخالة القصد والنية في الأول دون الثاني، وأن تحقق الأول خارجاً متوقف على وجود القصد والنية دون النية، فتدبر.
ومقتضى تركب القسم الأول منهما من شيئين، يوجب كون الثواب والعقاب مترتبين على وجودهما معاً، فلا يكتفى بوجود أحدهما دون الآخر كما لا يخفى. ذلك لأن المعيار في ترتب الثواب والعقاب على كل إنسان هو ملاحظة ما يصدر عنه من عمل، فلو كان الصادر منه طاعة كان ذلك موجباً لإعطائه الثواب من الباري سبحانه وتعالى، بينما لو ارتكب المعاصي والسيئات، فذلك يستدعي استحقاقه للعقوبة منه عز وجل، وهذا يعني أن المعيار والضابطة على ما يصدر منه من عمل في الواقع الخارجي، وقد عرفت أن صدق ذلك منوط بهما معاً.
إلا أن هناك جملة من النصوص تفيد أن الميزان في ترتب الثواب والعقاب إنما هو على خصوص النية، فبناء على نية الإنسان يكون من أهل الثواب، أو يكون من أهل العقاب.
ويمكن تقسيم النصوص المذكورة إلى طوائف بحسب الموضوعات التي وردت فيها، وإن كانت تعود جميعها لباً إلى معنى واحد، وهو مؤثرية النية في الثواب والعقاب.
فمنها: النصوص التي جعلت نية المؤمن خير من عمله، ونية الكافر شر من عمله، إذ يلاحظ فيها تركيزها على النية، وأنها الأساس، عمدة ما كان كون النية موصوفة بالخير يعود لدخالة عنصر الإيمان، وكونها موصوفة بالشرية يعود لدخالة عنصر الكفر، فلأن هذه نية مؤمن، أصبحت خيراً من عمله، ولأن تلك نية كافر، صارت شراً من عمله، فلاحظ ما جاء عن النبي الأكرم محمد(ص) أنه قال: نية المؤمن خير من عمله، ونية الكافر شر من عمله، وكل عامل يعمل على نيته[2].
ومنها: النصوص التي جعلت النية هي معيار خلود أهل النار فيها، وخلود أهل الجنة فيها، فقد جاء عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: إنما خلد أهل النار في النار، لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبداً، وإنما خلد أهل الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً، فالبنيات خلّد هؤلاء، وهؤلاء، ثم تلا قوله تعالى:- (قل كل يعمل على شاكلته).[3]
ومنها: النصوص التي تضمنت تأثير النية ومدخليتها في بناء الشخصية الإنسانية، بحيث يمكن التعرف على شخصية كل فرد من خلال نيته، وهذا يستوجب عدم تساوى الأفراد، إذ لا ريب في تفاوت نياتهم، فيختلفون وفقاً لذلك، فقد جاء عن الإمام أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال: إن العباد ثلاثة: قوم عبدوا الله عز وجل خوفاً فتلك عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء، وقوم عبدوا الله عز وجل حباً له فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة[4].
إذ يلحظ أنه(ع) قد قسمهم إلى أقسام ثلاثة وفقاً لما انطوت عليه ضمائرهم، وما قصدوه من أهداف، وهذا يؤكد أن شخصية كل واحد منهم كشف عنها نيته، فبناءً على تلك النية الموجودة لديه، قد تم تصنيفه في أي نوع من العباد الثلاثة، وهو يؤكد ما قلناه من مدخليتها في الشخصية، فتدبر.
ومنها: النصوص التي تضمنت تصنيف الناس عقدياً وثقافياً واجتماعياً وفقاً لنياتهم، فلاحظ ما جاء عن النبي(ص) أنه قال: يحشر الناس على نياتهم، وقال(ص): إنما يُبعث الناس على نياتهم.
فإن حشر الناس يوم القيامة، وبعثهم وفقاً لنياتهم يشير إلى الانتماء العقدي الذي لهؤلاء، والذي كشفت عنه النية.
هذا وقد تعددت ألسنة الروايات في التعبير عن هذا النوع من النصوص، فقد ورد في بعضها التعبير عنه بالراضي بعمل كمن فعله، ولعل منه ما جاء في شأن قوم نبي الله صالح(ع)، وكيف أن الله تعالى أوقع عليهم العذاب لرضاهم بفعل عاقر الناقة، مع أن الذي قام بعقرها شخص واحد، وهو قدار بن قديرة. وقد ورد: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم.
وجاء في قسم آخر منها التعبير بالحب والبغض، مثل ما ورد في شأن أحفاد قتلة الإمام الحسين(ع)، وأن الصاحب(روحي لتراب حافر جواده الفداء) يقتلهم حين قيامه، فقد علل ذلك كما عن الإمام الرضا(ع)، وقد سأله أبو الصلت الهروي عن رأيه في قول الإمام الصادق(ع) بأن القائم حينما يخرج يقتل ذراري قتلة الإمام الحسين(ع)، فأكد له (ع) ذلك، فسأله الراوي إذن ما معنى الآية الكريمة:- (ولا تزر وازرة وزرة أخرى)، فأجابه(ع) قائلاً: صدق الله في جميع أقواله، ولكن ذراري قتلة الحسين(ع) يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه، ولو أن رجلاً قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل، وإنما يقتلهم القائم(ع) إذا خرج لرضاهم بفعل أباءهم[5].
وجاء عن النبي محمد(ص) أنه قال: من شهد أمراً فكرهه كان كمن غاب عنه، ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده[6]. ومثل ذلك ما جاء على لسان جابر بن عبد الله الأنصاري(رض) أنه سمع رسول الله(ص) يقول: من أحب عمل قوم أشرك في عملهم[7].
ومقتضى النصوص المذكورة من كفاية النية في ترتب الثواب يمكن للإنسان في اليوم أن ينوي مئات النيات، ويكتفي بها في نيل الثواب، فينوي أن يصلي صلاة الليل لينال ثواب أدائها، وينوي فعل الصدقة ليكتب من المتصدقين، وينوي الجهاد، ليكون مجاهداً، كما ينوي الاستشهاد فيكتب في الشهداء، ولا يحتاج إلى إتعاب نفسه بإيجاد العمل، أو فعله.
ولا يخفى أن هذه النصوص توجب حصول المعارضة بينها وبين ما دل على أن الثواب على العمل الخارجي المتقوم وجوده بالنية، مثل قول الإمام زين العابدين(ع): لا عمل إلا بنية.
وعندها لن يخلو الحال من محتملات ثلاثة:
الأول: البناء على رفع اليد عن هذه النصوص، والتعويل على النصوص المتضمنة لجعل الجزاء مناطاً بوجود الفعل خارجاً.
الثاني: البناء على رفع اليد عن النصوص المتضمنة لكون الجزاء يتوقف على وجود الفعل خارجاً، والعمل على وفق النصوص المتضمنة لكون الجزاء يدور مدار نية الفرد.
الثالث: محاولة التوفيق والجمع بين الطائفتين من النصوص، بنحو لا يوجب رفع اليد عن شيء منهما.
حقيقة النية:
هذا ويلزم في البداية التعرف على حقيقة النية، وتحديد المقصود منها، فنقول: إن المذكور في كلمات الفقهاء، وكذا علماء الأخلاق معنيان لها:
الأول: أنها عبارة عن القصد المحقق للعمل، بمعنى القصد المحقق لعنوانه وخصوصيته.
الثاني: أنها عبارة عن الباعث والداعي على العمل.
ويتضح من خلال التعريف الأول لها مدخلية القصد ومقوميته في حقيقتها، بحيث لا يبنى على تحققها خارجاً دون وجوده، وعليه فمجرد التخيل والتصور الذهني لا ينطبق عليه عنوان النية، وإن أمكن تسميته بذلك مسامحة.
ومثل ذلك لو بني على التعريف الثاني، لأخذ الداعي مقوماً لحقيقتها، ولا ريب أن وجود داعي وهدف عند الناوي يستوجب أن تكون غايته تحقيق ذلك في الخارج، وليس مجرد التصور والتخيل الذهني، فلاحظ.
أقسام النية:
هذا ولا يذهب عليك أنه سواء بني على الالتـزام في حقيقة النية بالتعريف الأول، أم كان المختار هو التعريف الثاني، فإنه يتضح أخذ قيد في تحقق عنوانها، وهو قيدية العزم الجاد والإرادة الحقيقية لإنجاز العمل. وهذا يشير إلى وجود قسم آخر لها لا يكون هذا القيد مأخوذاً في حقيقته، وهو ما إذا كان العزم الموجود عند الإنسان لا يتعدى التصور والخيال الذهني، وإن شئت قل، تنقسم النية إلى قسمين:
الأول: ما ينحصر وجودها في خصوص التصور والخيال الذهني، فلا يكون لها واقعية ولا وجود في الخارج، ولهذا لا تكون منطوية على الباعثية والإرادة فضلاً عن الشوق.
الثاني: النية التي تكون متضمنة للشوق والإرادة والباعثية لإيجاد الفعل خارجاً، كونها منبثقة عن إرادة حقيقية، وعزم جاد.
هذا وبعد وضوح قسمي النية، ينبغي الآن ملاحظة ما هو موضوع النصوص محل البحث، فهل أن المقصود منها النية بكلا قسميها، أم أن المقصود منها هو القسم الثاني، منها أم هو خصوص القسم الأول؟
لا يخفى استبعاد كون المقصود منها هو القسم الثاني، ضرورة أن إطلاق عنوان النية عليه وإن كان متصوراً إلا أنه لا يخلو عن مسامحة، فإنه أقرب ما يكون للتخيل والوهم الذهني ليس إلا، وإن شئت فعبر عنه ما يوهم الإنسان نفسه بالعزم على إيجاده رغبة في تحقيق غاية أو هدف دونما أن تكون عنده إرادة جادة في ذلك.
ومع نفي القسم الثاني، فإن ذلك يمنع من إرادة كلا القسمين، فيتعين الأمر في خصوص القسم الأول.
حل المعارضة بين النصوص:
ومع انحصار التصور في النصوص المذكورة في خصوص القسم الأول من النية، والذي عرفت أنه ما يكون متضمناً للإرادة الحقيقية والجادة، والعزم، فلا يتصور وجود معارضة بين النصوص أصلاً، ذلك أننا سوف نبني على المحتمل الثالث من المحتملات الثلاثة التي تقدمت، فيمكننا أن نوفق بين الطائفتين من خلال التصرف في ظهور إحداهما من خلال الحكومة:
إما بالتوسعة، فيبنى على توسعة دلالة نصوص الطائفة الأولى، في ترتب الجزاء على خصوص وجود العمل القصدي خارجاً، ليشمل ما إذا وجدت نية صادقة وإرادة جادة، لم يوفق صاحبها لإيجاد العمل ليترتب الجزاء عليها أيضاً، كما لو كان قد أوجد العمل خارجاً.
أو بالتضيـيق، فيبنى على ضيق دلالة نصوص الطائفة الثانية، فلا تكون مفيدة لترتب الجزاء على مجرد النية، بل خصوص النية التي تكون مقرونة بالعمل، وقد كان صاحبها قاصداً إتيان العمل خارجاً، ومنعه مانع من ذلك.
ويساعد على ما ذكرنا، أن النية الصادقة المتضمنة للعزم والإرادة الحقيقيـين والجادين، تقود دائماً للعمل، فلاحظ قوله تعالى:- (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً)[8]، فإنه تعالى لم يكتف بمجرد النية الصادقة، بل أرفقها بالعمل، من خلال تعبيره بالسعي، وهو ظاهر في أن النية الصادقة لا تكاد تنفك عنه، فلاحظ.
والإيراد في البين بكون ما ذكر خلاف الظاهر، يمنعه ملاحظة الواقع الخارجي، ذلك أن الإنسان حال إقدامه على إيجاد العمل قد لا يوفق في إيجاده، وإن كان يملك نية جادة وإرادة في تحقق ما كان يصبو له من عمل، إلا أنه مع ذلك لا ينجح في تحويل تلك النية إلى واقع عملي ملموس، وعند إقدامه على محاولة الإيجاد، وإرادته لتحقيق ذلك خارجاً وشوقه إلى فعله بعد وجود النية عنده، ألا يكون سبباً داعياً لأن يكون مستحقاً الجزاء على ما أراد إيجاده، لكنه فشل في تحقيق ذلك؟!.
وعليه، فليست النية الموصوفة بصفة الخيرية، أو التي تكون معياراً لترتب الجزاء، هي مطلق النية، بل النية التي تكون مصحوبة بإيجاد العمل خارجاً، ولا أقل محاولة إيجاده، وحال الفشل دون تحقيقه، فكان ذلك سبباً لترتب الجزاء عليها، فلاحظ.
جواب آخر عن المعارضة:
هذا وقد يمنع من القبول بجوابنا السابق، على أساس أنه تصرف في الظهور بما لا يتفق وما هو عليه، وبالتالي يكون العلاج المذكور من الجموع التبرعية التي لا يعول عليها عرفاً، فيلزم إيجاد معالجة أخرى لما تصور من المعارضة والمنافاة المذكورة.
ولا يخفى أن هذا يستوجب المحافظة على ظهور كل واحدة من الطائفتين وعدم التصرف في شيء منهما، وهو يستوجب أن يكون ترتب الجزاء في نصوص الطائفة الثانية على النية من دون مدخلية لتحقق العمل في الخارج.
ولا ريب أن ذلك يستوجب ملاحظة مدى مؤثرية النية في ترتب الجزاء عليها، بمعنى هل أن الموجب للمؤثرية فيه هو نفسها، أم أن الموجب لذلك هي مع عنصر أو عناصر أخرى؟ مثلاً، عندما يقال: أن نية المؤمن خير من عمله، وأن نية الكافر شر من عمله، فهل أن مجرد النية الموجودة عند كل واحد منهما موجبة لتحقق عنوان الخيرية وعنوان الشرية، أم أن هناك شيئاً آخر دخيلاً في ذلك؟
لا ريب في أن النية بنفسها ليست عنصراً موجباً لتحقق عنوان الخيرية أو عنوان الشرية، بل لابد وأن هناك ما يوجب انطباق هذا العنوان مضافاً إليها، فلا تتصف نية المؤمن بعنوان الخيرية ما لم تكن متضمنة لمبدأ الإخلاص في مقام العمل، فلو وجد مبدأ الرياء كان ذلك سبباً لانتفاء الخيرية وإلى هذا المعنى يشير الإمام الصادق(ع) في قوله: إن العبد المؤمن الفقير ليقول: يا رب ارزقني حتى افعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فإذا علم الله عز وجل ذلك منه بصدق نيته كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله، إن الله واسع كريم[9]. فإن المستفاد من النص المذكور أن الثواب لم يترتب على مجرد وجود النية عند الفقير المؤمن، مع أنه متصف بصفة الإيمان، وإنما علق ذلك على ما إذا كان منضماً إليها الصدق، وهو العنوان المشير إلى الإخلاص كما لا يخفى.
ويدل على ذلك أيضاً جواب الإمام أبي عبد الله الصادق(ع) لزيد الشحام وقد سأله كيف تكون نية المؤمن خيراً من عمله، فقال له(ع): لأن العمل ربما كان رياءً للمخلوقين، والنية خالصة لرب العالمين، فيعطي عز وجل على النية ما لا يعطي على العمل….إن العبد لينوي من نهاره أن يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام، فيثبت الله له صلاته، ويكتب نفسه تسبيحاً، ويجعل نومه عليه صدقة[10].
وكما أنه قد أخذ في مؤثرية نية المؤمن عنصر الإخلاص لتتصف بصفة الخيرية، كذلك لابد وأن يؤخذ عنصر الخديعة والمكر والحيلة مثلاً في نية الكافر كي ما تتصف بعنوان الشرية، فلاحظ.
نعم قد لا يقبل هذا الجواب أيضاً علاجاً لما ذكر من منافاة بين النصوص، فيلتـزم بكون المؤثرية لذات النية من دون وجود دخالة لشيء آخر فيها، سواء أكان ذلك الشيء هو الإخلاص مثلاً في نية المؤمن، أم الأمور المادية في نية الكافر، وبالتالي لابد وأن تكون المعالجة بين الطائفتين من خلال المحافظة التامة على كمال الظهور لهما دونما تصرف في شيء منهما.
ولا يخفى أنه وفقاً لهذا يلزم البناء على كون النية بنفسها علة تامة لترتب الجزاء، فكما أن العمل القصدي علة تامة لترتب الجزاء عليه، كذلك النية سوف تكون علة تامة لذلك.
والالتـزام بكون النية علة تامة لترتب الجزاء لا ضير فيه، بلحاظ أنها روح العمل، بل هي أساسه، ومع كونها كذلك فلا ريب في ترتب الجزاء عليها، من باب ترتب الجزاء على مكونات العمل، فيكون لكل جزء من أجزائه أثراً مترتباً عليه، والنية جزء من أجزائه فيكون ترتب العمل عليها كذلك.
وإن شئت فقل، يمكن البناء على تحصيص الجزاء على كل عمل إلى أجزاء أو حصص، فيكون الجزاء على كل جزء منه، أو على كل حصة حصة من حصصه، ولما كانت النية حصة أو جزء من ذلك العمل، فيترتب الجزاء عليها، فلاحظ.
———————————————————————-
[1] البداية في الأخلاق العملية ص 269.
[2] بحار الأنوار ج 67 ص 189.
[3] أصول الكافي ج 2 ص 85.
[4] بحار الأنوار ج 67 ص 255.
[5] عيون أخبار الرضا ج 1 ص 212.
[6] تفسير القرطبي ذيل الآية 183 من سورة آل عمران.
[7] سفينة البحار ج 2 ص 629.
[8] سورة الإسراء الآية رقم 19.
[9] أصول الكافي ج 2 ص 69.
[10] علل الشرائع ب 1 ح 1.