القناعة كنز

لا تعليق
من القلب إلى القلب
210
0

القناعة كنز

 

من الصفات المحمودة التي يندب العقل والعقلاء والشرع إليها صفة القناعة، فيدعى دائماً إلى أن يتصف الناس بذلك. وهي خلق قرآني فقد جاء في تفسير قوله تعالى:- (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى فلنحيينه حياة طيبة)،  عن أمير المؤمنين(ع) أن الحياة الطيبة هي القناعة.

وقد جعل(ع) إحدى موجبات تمايز المؤمنين في ما بينهم، وجود صفة القناعة عندهم، فقال(ع): خيار المؤمنين القانع، وشرهم الطامع.

 

حقيقتها وموردها:

والقناعة، تعني: رضى الإنسان بما قسمه الله سبحانه وتعالى إليه، وأعطاه إياه دون اضطراب أو تألم. ويقابلها عدم الرضى بما قسم للإنسان.

وموردها هو القناعة بالأمور المادية، وهو أمر ممدوح، فإن طبيعة النفس حب الجمع والادخار، لأنها كلما حصّلت شيئاً سعت لأعلى منه، لعدم قناعتها بما عندها، وعدم رضاها به، فتطلب المزيد دائماً، وقد ورد: لو أن لابن آدم واديين يسيلان ذهباً وفضة لابتغى إليهما ثالثاً.

وهنا يأتي دور التخلق بالقناعة، ليحصل الاكتفاء بما هو موجود ولو كان قليلاً.

نعم هناك شيء يحسن الطمع فيه، ولا يحبذ فيه القناعة، وهو تحصيل الفضائل والكمالات الروحية، فإن المطلوب أن يتصف المؤمن فيه بالطمع دائماً، ولا يقنع بما هو الموجود عنده، وما بلغه من أمور.

 

مجالات القناعة:

ثم إن المجالات التي ينبغي أن يكون الإنسان فيها قانعاً عديدة:

منها: القناعة بما قسم الله للإنسان:

من المال والبنين، فلا يطمع بما عند غيره، فيرضى بما أعطاه الله تعالى من زوجة وأولاد وأموال، ولو كان ما رزقه الله إياه من مال قليلاً.

 

ومنها: القناعة بما أعطي الإنسان من قدرات وقابليات:

فلا ينظر لما يملكه غيره من قدرة على الاستيعاب، والفهم وسرعة الحفظ، وما شابه ذلك، بل يقنع بما لديه من الإمكانات ويرضى بها.

 

ومنها: القناعة بما قسم الله له من عمل:

سواء في المجال الدراسي، أم في المجال الوظيفي، فعلى الطالب أن يقنع بما قدره الله إليه من مجال دراسي قد انخرط فيه، وإن كان دون طموحه، فربما كان يطمح أن يكون جالساً على كراسي جامعة الطب، ووجد نفسه في جامعة الهندسة مثلاً، فإن عليه أن يقنع بما قسم الله تعالى، ويرضى به.

ومثل ذلك أيضاً في الجانب الوظيفي، فقد يكون طموح الإنسان أن يكون في أفضل المناصب وأعلاه، لكنه لم يتسن له الوصول إلى ذلك، ووجد نفسه في وظيفة دون طموحه ورغبته، فعليه أن يرضى بما قدر له وقسم.

 

تحصيل القناعة:

ويمكن للإنسان أن يكون قانعاً من خلال قيامه بمجموعة من الأعمال:

أحدها: ترويض النفس، من خلال تعويدها على القناعة ولو كانت كارهة إليها، وهذا لا يتم دفعة واحدة، وإنما يحصل من خلال التدرج والتدريب والمجاهدة، يقول الإمام أمير المؤمنين(ع): لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً.

ثانيها: تلقين النفس، فإن القانع يوحي لنفسه بالرضا والاكتفاء بالقليل، فعن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: ألهم نفسك القنوع.

ثالثها: التطلع للآخرين، ونعني بذلك ملاحظة الإنسان دائماً لمن هم دونه في الحال، والشأن، فقد ورد عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: انظر إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك في القدرة فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك.

رابعها: التفكر في سلبيات الطمع والحرص وإيجابيات القناعة.

 

ثمرات القناعة:

هناك عدة ثمرات تترتب على وجود القناعة عند الإنسان:

منها: راحة النفس والبدن.

ومنها: نعومة العيش.

ومنها: عزة النفس.

ومنها: تخفيف الحساب يوم القيامة.

 

تنويه وتنبيه:

لا تعني القناعة أن يترك الإنسان السعي لتحصيل الرزق، فإن الرزق لا يأتي الإنسان وهو جالس في بيته، ولا يعني ذلك أيضاً ترك الأسباب المادية لعلاج الأمراض ودفع الأخطار والبلاءات، كما أنها لا تعني امتناع الأنسان وتوقفه عن الدعاء والطلب من الله تعالى، فإن طلب الإنسان لرزقه وسعيه في طلبه، وكذا عمده للأخذ بالأسباب المادية في العلاج مثلاً، وأيضاً دعائه الله تعالى وسؤاله، لا ينافي القناعة، بل المقصود منها أن الله سبحانه قد أمن للإنسان رزقه، وعليه أن يسعى للحصول عليه، ويبذل جهده.

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة