29 مارس,2024

هل يعتبر في صيام الحاجة في المدينة البقاء لآخر النهار

اطبع المقالة اطبع المقالة

 

س: هل يعتبر في صيام الحاجة في المدينة البقاء لآخر النهار، أم يجوز السفر بعد الزوال؟ 

ج: المشهور بين الأعلام عدم صحة الصوم في السفر من دون فرق بين الصوم الواجب والمستحب، واستثني من المستحب صوم ثلاثة أيام لقضاء الحاجة في المدينة المنورة والأحوط أن تكون أيام الأربعاء والخميس والجمعة، وقد دلت على ذلك نصوص كصحيح معاوية بن عمار قال أبو عبد الله(ع): إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء، وتصلي ليلة الأربعاء عند اسطوانة أبي لبابة وهي اسطوانة التوبة، التي كان ربط إليها نفسه حتى نزل عذره من السماء، وتقعد عندها يوم الأربعاء، ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها ما يلي مقام النبي(ص) ليلتك ويومك، وتصوم يوم الخميس، ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي(ص) ومصلاه ليلة الجمعة، فتصلي عندها ليلتك ويومك، وتصوم يوم الجمعة. وإن استطعت أن لا تتكلم بشيء في هذه الأيام إلا ما لابد لك منه، ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة، ولا تنام في ليل ولا نهار، فافعل فإن ذلك مما يعد فيه الفضل. ثم احمد الله سبحانه في يوم الجمعة، واثن عليه، وصل على النبي(ص) وسل حاجتك.

 

والمعروف أنه يشرع للصائم السفر بعد الزوال ولا يضر ذلك بصحة الصوم كما فصل في محله، فلو سافر الصائم بعد الزوال أتم صومه، وكان صحيحاً.

وعليه قد يلتزم بعدم المانع من سفر الصائم للحاجة في المدينة بعد الزوال أيضاً لأن ما دل على مشروعية السفر للصائم بعد الزوال شامل له، ولا موجب للتخصيص، خصوصاً وأنه قد يلتزم بكفاية التلبس بالصوم في اليوم الثالث ليلتزم بتحقق الغرض المطلوب، فلو صام يوم الجمعة حتى الزوال وسافر بعده صدق عليه أنه صام ثلاثة أيام للحاجة في المدينة المنورة.

 

إلا أن يقال: بأن المقصود من اليوم في النصوص المذكورة تمام اليوم النهاري وليس بعضه نظير اليوم في الإقامة، إذ لا يكتفى في الإقامة ببقائه بعض اليوم العاشر، بل لابد من بقائه تمامه حتى الغروب، ولذا لو خرج قبل ذلك ولو بقليل منع من تحقق الإقامة، والمقام من هذا القبيل، فيلزم بقائه تمام اليوم الثالث لآخره، فلا يخرج حتى تغرب شمسه، ويساعد عليه ما جاء في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا دخلت المسجد فإن استطعت أن تقيم ثلاثة أيام الأربعاء والخميس والجمعة، فتصلي بين القبر والمنبر، فإن التعبير بالإقامة ظاهر في استيعاب تمام اليوم، حتى الغروب، فلا يخرج قبله. كما أن التعبير بالمقام في صحيح معاوية ظاهر في بقائه تمام اليوم، مقابل الخروج.

 

وعليه، لو لم يحكم بعدم جواز الخروج قبل الغروب من يوم الجمعة، فلا أقل من أن الاحتياط لا يترك بترك الخروج قبل ذلك، والله العالم بحقائق الأمور.