حق الزوجة

لا تعليق
دروس في فقه الأسرة
230
6

ذكر بعض الفقهاء أن حق الزوجة في الاستمتاع ينحصر في جماعها كل أربعة أشهر مرة واحدة[1]،وخالف آخرون فقالوا بأنه يجب على الزوج أن يستجيب لها بالنحو الذي تحتاجه مَنْ هي مثلها عادة،سواء من حيث الفترة التي تفصل بين مواقعة وأخرى أو من حيث ما هو مألوف من الكيفية المناسبة من الملاعبة والإقبال عليها ونحو ذلك[2]،حتى لو كانت قادرة على التعفف والصبر عن الحرام عند حرمانها.

أداء حق الزوجة:

ثم إنه إنما يجب على الزوج القيام بحق زوجته في الاستمتاع مع قدرته وحضوره،فلو منعه من ذلك انصرافه للمهم من أموره العادية الشخصية أو العامة،لم يكن للزوجة إلزامه بالحضور عندها للقيام بحقها،وذلك من قبيل انشغاله بمتابعة أعماله الإنتاجية وصلة أرحامه وعلاقاته الاجتماعية واهتماماته الدينية والسياسية ونحو ذلك من الأمور التي يعني الرجلَ الاهتمامُ بها،بما فيها حاجته للانفراد بنفسه للراحة أو الاستجمام أو التأمل،سواء طالت فترة انقطاعه عنها أو قصرت،إلا أن يؤدي انصرافه إلى أموره العادية وإغفال رغبتها الجنسية إلى وقوعها في الحرج الشديد أو خوف وقوعها في الحرام فتُقدّمُ رغبتها على حقه في الانصراف إلى شؤونه العادية.

وبعبارة واضحة:لا يجوز للزوج إغفال حاجة زوجته إلى الاستمتاع المطلوب من قبلها ما لم يمنعه مانع ولو عادي من أموره التي يعتاد من مثله الانصراف إليها،إلا أن يسبب انصرافه لمثلها حرجاً شديداً عليها أو خوفاً من وقوعها في الحرام،فتقدم رغبتها.

ما للزوجة من الزوج:

هذا ويجوز للزوجة أن تستمع من زوجها بجميع ما ذكرنا جواز استمتاعه به منها في بيان حق الزوج،كما يحرم عليها ما ذكرنا حرمته فيه من الموارد،وذلك بدون فرق بينهما في ذلك في إطار المتع المتبادلة بينهما.

حق المساكنة:

لا يجب على الزوج مساكنة زوجته الدائمة ولا المبيت عندها،فضلاً عن المتمتع بها،وكذا لو كان عنده أكثر من زوجة دائمة،فإنه لا يجب عليه ابتداءاً أن يـبيت عندهن ما شاء ذلك،لكنه إذا بات عند إحداهن وجب عليه أن يـبيت ليلته التالية عند الثانية،ثم التي بعدها عند الثالثة،وهكذا،ثم ما فضل عن لياليه الأربع لا يلزم بالمبيت فيه عند إحداهن،لكنه لو رغب بذلك جاز له أن يخص بالزائد إحداهن دون أن يكون ملزماً بالمبيت عند الأخرى زيادة على نصيـبها الأصلي مثل مبيته عند سابقتها،وهو ما يصطلح عليه بـ(القَسْم)بين الزوجات،فإذا انتهت دورة الليالي الأربع،كان بعد انتهائها بالخيار بين أن لا يـبييت عندهن وبين أن يبدأ دورة جديدة بمجرد مبيته عند إحداهن،فيلزمه المبيت عند سائرهن بالنحو المتقدم.

حق المضاجعة:

إذا كان للرجل زوجة واحدة،وبات عندها لم يجب عليه أن ينام معها في فراش واحد،أو في فراش مجاور لفراشها،مقبلاً عليها بوجهه بعض الوقت،وهو ما يصطلح عليه بـ(المضاجعة)وإن كان ينبغي له ذلك من باب المعاشرة بالمعروف،وأما إذا كان عنده أكثر من زوجة،فإنه يجب عليه مضاجعة من يـبيت عندها في ليلتها الواجبة لها من الليالي الأربع دون ليالي المبيت الزائدة التي يجعلها لهما أو لإحداهما،ذلك أن المضاجعة فرع المبيت،فلا تجب إلا حيث يكون واجباً.

فيما لا يجب عليه إضافة إلى مضاجعتها إمتاعها بالجماع ونحوه إلا عند حاجتها وقدرته عليه بالنحو الذي تقدم[3]،سواء في ذلك الزوجة الواحدة أو الأكثر.

سقوط حق المبيت:

يسقط حق المبيت عن:

1-المرأة المتمتع بها،فإنه ليس لها حق المبيت.

2-الزوجة الدائمة،إذا كانت ناشزة أو كانت مجنونة فإنه يسقط حقها في البيتوتة حال جنونها.

3-حال سفر أحدهما.

4-أن تسقطه الزوجة إذا رضي زوجها،أما لو لم يرض فليس لها رفض مبيته عندها.

5-لغير ذلك من موانع المبيت.

هذا ويجوز للزوجة أن تهب ليلتها لمن تشاء من ضراتها،لكن لا يلزم الزوج بالمبيت عند الموهوبة لها،إلا أن يرضى بالهبة،كما يصح لها أن تهب ليلتها لزوجه بعوض أو بدونه،فإذا قبل منها وضعها حيث يشاء.

استثناءات:

يستثنى من وجوب القسم في المبيت ما لو كانت إحدى زوجاته في ليلة عرسها فإنها تفضّل على ضراتها بأنه يستحب لزوجها أن يخصها بسبع ليال متـتالية إن كانت بكراً أو بثلاث إن كانت ثيـباً،وحينئذٍ يجب عليه قضاء ما فات نساءه الأخريات.

كيفية القسمة:

إذا أراد الزوج الشروع في القسمة بين نسائه كان له الابتداء بأيهن شاء،وإن كان الأولى بل الأحوط استحباباً أن يكون التعيـين من خلال اللجوء إلى القرعة.

بعض الآداب:

يستحب للرجل أن يأخذ نفسه بالأخلاق الفاضلة وآداب العشرة الحسنة في علاقته بزوجته،وبخاصة أن يقدّر رأيها ويداريها ويخلص لها ودّه ويصبر عليها ويوسّع عليها في الإنفاق ويهتم برعايتها،فإن كان عنده أكثر من زوجة استحب له المساواة بينهن في الإنفاق وحسن العشرة وفي موافقتهن في ما يرغبنه من ألوان المتع الجنسية،وبالأخص المواقعة،وأن يلتـزم بحضوره عندهن بوقت ثابت،وهو أن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبة تلك الليلة.

تنبيه:

بعدما تعرفنا على الحقوق التي للزوج على زوجته،والتي للزوجة على زوجها،ينبغي الالتفات إلى أن الحياة الزوجية لا يمكن أن تقوم بمثل هذا الأسلوب من خلال الاقتصار على خصوص أداء الحقوق اللازمة،فلابد من إيجاد شيء من المرونة بين الزوجين،بحيث يتسامح كل منهما في بعض حقوقه لكي تسير قافلة الحياة الزوجية.

——————————————————————————–

[1] السيد الخوئي والسيد الخميني والشيخ التبريزي.

[2] هذا هو رأي السيد السيستاني.

[3] بناء على فتوى السيد السيستاني،أما على فتوى السيد الخوئي والشيخ التبريزي فلا.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة