مدخل:
لحكمة إلهية بقي الإمام السجاد(ع)حياً بعد واقعة كربلاء،فقد كان الوحيد من بين الشباب في وقت بلغ طغيان بني أمية مداه،في تصفية أهل البيت(ع)واستئصال وجودهم في الحياة،فأمعنوا في قتلهم،حتى أبادوا بعض الأطفال.
وقد نجا الإمام زين العابدين(ع)بقدر الله سبحانه وتعالى،مع أن عمره كان يوم الطف ثلاث وعشرون سنة،فهو في ريعان الشباب،ومثله أولى بالقتل في منطق بني أمية.
وقد جرت عدة محاولات لقتله(ع)فعلاً،إلا أن الله تعالى سلمه منها،بل ذكر بعض المؤرخين أنه قد شارك يوم عاشوراء في المعركة حتى رث يعني حتى أصيب،فسقط عنه الجهاد.
وبعدما انقضت مأساة واقعة الطف وفاجعته،بدأ الإمام السجاد(ع)يقود الحركة الإصلاحية وفقاً لمقتضيات المصلحة الإسلامية العليا،وقد كان بداية ذلك منذ وصول سبايا أهل البيت(ع) إلى أرض الكوفة.
دراسة الظروف الخارجية:
ومن الضروري،أن نشير هنا إلى أن أي إمام من أئمتنا(ع)يراعي في تخطيطه الإصلاحي الظروف النفسية والاجتماعية والفكرية والسياسية التي تعيشها الأمة الإسلامية،لأن خطط أي إمام لا يمكن أن تعلق في فراغ،كما أنه لا يمكنها أن تتجاهل الواقع الاجتماعي بما فيه ومن فيه،بل ترسم خططها وترتيباتها من خلال ملاحظة أحداث الواقع الذي يعيشه الإمام(ع).
من هنا نجد اختلافاً بين الأئمة(ع)في الخطط والمنهج والتوجيهات الإصلاحية،فلكل إمام منهج،كما لكل إمام خططه،ولكل إمام أدواته،بل ربما مارس الإمام الواحد عدداً من الأساليب وتبنى عدة خطط.
ولكن هذا لا يعني أن الهدف الذي كانوا جميعاً يسعون لتحقيقه متغايراً،لا،بل هو هدف واحد،وإن تغايرت المناهج وسبل تحقيقه كما ذكرنا.
منهج الإمام(ع)الإصلاحي:
وعندما يذكر الإمام زين العابدين(ع)يبـرز للذهن سؤال حاصله:
لقد عاصر أبو محمد(ع)فاجعة الطف بكل فصولها المأساوية،ورأى أباه في نهضته المباركة،فكان المتوقع منه أن يسير على نفس المنهج الذي سار عليه أبوه،وهو القيام بالسيف،بينما نراه قد اتخذ أسلوباً مغايراً،فما هو السر في ذلك؟…
وهذا التساؤل تارة ينشأ بقصد التعرف على النكتة التي دعت الإمام(ع)إلى تغيير المنهجية،وأخرى يعود بقصد رمي الإمام السجاد بالضعف،والجبن.
ولسنا هنا بصدد الرد على المقالة الثانية،بل نتعرض للأولى،فنقول:
ذكرنا قبل قليل أن لكل إمام منهجاً خاصاً، يعود لدراسة الظروف والمواقف الخارجية،ومع ذلك نجد الإمام زين العابدين يجيب على مثل هذا التساؤل حينما وجه له:
فقد قال له عباد البصري،وهو في طريق مكة:
تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينه و(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم)،فأجابه(ع):اقرأ ما بعدها:- (التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) .
ثم قال(ع):إذا ظهر هؤلاء-يعني المؤمنين حسب مواصفاتهم في الآية-لم نؤثر على الجهاد شيئاً .
ونجد في هذا الجواب تحديداً من الإمام(ع)لسياسته،ونهج كفاحه،ووجهة الحركة الإصلاحية بالذات في عصره،والأسباب التي دعته إلى انتهاج هذا المنهج،فعدوله عن الجهاد بالسيف ليس حباً منه في الحياة ونعيمها كما تصوره عباد البصري،وإنما حصل ذلك لأن مستلزمات العمل العسكري الناجح غير متوفرة،فلذلك اختط(ع)طرقاً جديداً في العمل الإصلاحي.
قيادة الإمام السجاد(ع) للأمة:
هذا والذي يجده المتتبع في قيادته(ع)للأمة في حركة الإصلاح الإسلامية ظاهرتين:
الأولى:استكمال المشوار الذي بدأه الحسين(ع):
فلقد حقق أبو عبد الله والصفوة الطاهرة الذين كانوا معه الدور المناط بهم،وأدوا مسؤولياتهم الرسالية،على أتم وجه.
لكن الأمويـين كانوا يعرفون المكانة التي يحتلها الحسين وأهل البيت عند الناس،لهذا لجأوا لعملية التضليل،وبذلوا ما في وسعهم من أجل تحريف الحقائق وتزيـيفها من أجل امتصاص ردات الفعل المتوقعة خصوصاً في الشام.
فنراهم سخروا أجهزتهم الإعلامية من أجل إقناع الناس أن الحسين وصحبه، مجموعة من الخوارج،قد ظفر السلطان بهم،وفعلاً نجت هذه الدعاية إلى حد ممكن،فاستدعى ذلك حصول مواجهة لإفشال هذه الدعاية وإظهار زيفها وإبطالها.
وقد اضطلع بهذا الدور الإمام أبو محمد وكرائم أهل البيت(ع)كزينب وأم كلثوم وغيرهما،فلاحظ الخطب والتصريحات التي مارسها الإمام(ع)وعقائل بيت الإمامة،قد نحت منحنى مغايراً في الشام عما كانت عليه في العراق،إذ كانت الخطب في العراق تخاطب ضمائر الناس كمجموع،وذلك لمعرفة العراقيين بالحسين،لكنهم لوهن في نفوسهم وخضوعاً لعنصري الخوف والطمع نكصوا عن نصرته،ولهذا لا نجد للأمويين إشاعة أن الحسين خارجي في أرض العراق،وذلك لمعرفة العراقيين بالحسين وصحبه الكرام(ع)،فلن يكون لهذا التضليل الإعلامي دوره في أرض العراق.
ولهذا نجد أن الإمام(ع)ومن كن معه من العلويات تركز دورهم في إلفات الناس إلى جسامة الخطر الذي أحاق بهم، بعد شهادة الإمام الحسين(ع)وبيان حجم الجرم، الذي ارتكبه الأمويون بحق الرسالة الإلهية.
ومن تلك الخطب التي ألقيت في العراق خطبة الإمام زين العابدين(ع)قال:أيها الناس، من عرفني فقد عرفني،ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب،أنا ابن من انتهكت حرمته،وسلبت نعمته،وانتهب ماله،وسبي عياله،أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات،أنا ابن من قتل صبراً،وكفى بذلك فخراً.
أيها الناس ناشدتكم الله،هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه،وأعطيتموه من أنفسكم العهود والميثاق والبيعة وقاتلتموه،فتباً لكم لما قدمتم لأنفسكم،وسوأة لرأيكم،بأية عين تنظرون إلى رسول الله،إذ يقول لكم قتلتم عتـرتي،وانتهكتم حرمتي،فلستم من أمتي .
وقد تغير هذا المنهج في الشام،لأن الخطب التي ألقيت فيها كانت تهدف إلى التوعية العامة على أهداف الإمام الحسين(ع)وإظهار مظلوميته وتكثيف الولاء لآل الرسول(ص).
وقد انصبت الخطب على التعريف بالسبايا،وأنهم آل الرسول(ص)،وفضح الحكم الأموي وتعريته أمام أهل الشام الذين أضلهم عن روية الواقع.
وقد نقل التأريخ عدة حوادث ومناقشات وقعت بين أهل البيت(ع)وأهل الشام تؤكد مدى تأثير الإعلام الأموي التضليلي لأهل الشام.
فقد دنا شيخ من الإمام السجاد(ع)لما دخلت السبايا الشام وقال له:
الحمد لله الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم،فأجابه الإمام(ع):يا شيخ،أقرأت القرآن؟قال الرجل:بلى،قال الإمام(ع):أقرأت قوله تعالى:- (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)؟وقرأت قوله تعالى:- (وآت ذا القربى حقه)وقوله :- (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى)؟قال الشيخ:نعم،قرأت ذلك.
قال(ع):نحن والله القربى في هذه الآيات.
ثم قال(ع):أقرأت قوله تعالى:- (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)؟قال:بلى.
قال(ع):نحن أهل البيت الذين خصهم الله بالتطهير.
قال الشيخ:بالله عليك أنتم هم؟.
فقال(ع):وحق جدنا إنا لنحن هم من غير شك.
فأسف الشيخ على ما مضى من قوله،وتبرأ إلى الله من آل أمية وحزبهم .
وهذا الحوار يكشف مدى نجاح الأمويين في عملية التضليل الإعلامي،كما يشير إلى أن السجاد، ومن كن معه من العلويات، كانوا مدركين لمسؤولياتهم التي أنيطت بهم خلال وجودهم في الشام، ولذا تركزت أكثر خطبهم في الشام، على بيان أن الإسلام الصحيح الذي يمثله الحسين وأهل البيت(ع) يرفض حكم بني أمية،لكونه ينأى عن الخط الإسلامي الذي أراده الله عز وجل لعباده.
ولذا نجد الإمام(ع)يقف في قصر يزيد ويوضح للناس من هم السبايا،وما هو مقامهم الرفيع في الإسلام،قال(ع):
أيها الناس أعطينا ستاً وفضلنا بسبع،أعطينا:العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبة، في قلوب المؤمنين،وفضلنا:بأن منا النبي المختار،والصديق،والطيار،وأسد الله،وأسد رسوله،ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول وسبطي هذه الأمة .
وكانت آخر إثارة مارسها الإمام(ع)لإثارة الرأي والوعي العام الإسلامي وإطلاعه على المحنة التي أصابت الرسالة متمثلة في واقعة الطف،عندما وصل المدينة،فأقام خارجها،وأمر شاعراً أن ينعى الحسين وصحبه إلى أهل المدينة،ففعل الرجل،وهب الناس مذعورين،وتجمهروا عند الإمام(ع) فخطبهم موضحاً طبيعة المأساة التي ألمت بأهل بيت الرسالة(ع)،الممثلين الحقيقيـين للمنهج الإلهي،كما بين مظلومية أهل البيت،وما لاقوه من الظلم الأموي.
الثانية:المنهج الإصلاحي الجديد:
بعد مغادرة الإمام زين العابدين الشام إلى المدينة المنورة مروراً بالعراق، اختط(ع)منهجاً جديداً لحركة الإسلام الإصلاحية.
وقد اتضح للإمام السجاد(ع)بعد واقعة الطف أن الأمة في حالة من الركود والتبلد،ما جعل الروح الجهادية عندها في حالة غياب،إن لم تكن معدومة نهائياً.
ولهذا نجد أن الإمام(ع)أخذ هذه الظاهرة بعين الاعتبار،وبنى خططه في تسيـير الأمة على ضوء ذلك.
ولذا عمد إلى إنماء التيار الرسالي في الأمة،وتوسيع دائرته في الساحة الإسلامية،فسعى إلى بدء ثورة روحية،وثقافية في دنيا المسلمين،وقد ساعدته على ذلك بعض الظروف الموضوعية فأدت إلى نجاح خطته مبكراً.
وأهم تلك العوامل عاملان اثنان نشير لهما:
العامل الأول:
الاضطراب السياسي والاجتماعي الذي تفجر في أكثر مراكز العالم الإسلامي أهمية وتأثيراً بعد مأساة الطف مباشرة،وأهم مظاهره:
1-ثورة المدينة المنورة سنة 63 للهجرة،بقيادة عبد الله بن حنظلة الأنصاري،وكانت تعبيراً من الأمة لرفض الحكم الأموي،وقد طردوا بني أمية من المدينة،وفي طليعتهم مروان بن الحكم،وقد أرسل يزيد لإخماد الثورة مسلم بن عقبة،الذي يحلوا لبعض المؤرخين تسميته بمسرف،وبعد حصار منه للمدينة وقتال بينه وبين الثوار تمكن من دخولها،ودنس حرماتها،كما هو معروف تفصيل ذلك،وقد عرفت هذه الواقعة بواقعة الحرة.
2-ثورة مكة المكرمة بقيادة عبد الله بن الزبـير،حيث استفاد كثيراً من النقمة التي حصلت بعد قتل الحسين(ع)،فأعلن ثورته،وانضم له بعض الخوارج والفارين من المدينة وغيرهم.
وبعد محاصرة من الأمويـين لمكة،بقيادة الحصين بن نمير السكوني، وضربهم الكعبة بالمنجنيق،وإحراقها،فأثار ذلك حفيظة المسلمين،وحظي ابن الزبير بتأييد آخر من المسلمين،وفي هذه الأثناء هلك يزيد فخف الضغط على ابن الزبـير،ووسع رقعة حكمه.
3-حصول الخلاف في البيت الأموي بعد هلاك يزيد فيمن يتولى السلطة بعده،خصوصاً وأن ولده معاوية تنازل عن الحكم بعد أربعين يوماً ثم مات في ظروف غامضة.
وقد انقسموا إلى قسمين،أيد بعضهم مروان بن الحكم،وكان القسم الآخر يدعو لاستخلاف بن الزبير،وقد انتصر الفرع المرواني،بعد وقوع معركة بين الطرفين.
4-قيام ثورة التوابين،بقيادة سليمان بن صرّد الخزاعي،والتوابون هم جماعة من أهل الكوفة،بلغ بهم التـذمر والأسى لقتل الحسين(ع)حداً حملهم على حمل شعار وجوب التكفير عن ذنبهم،لعدم نصرتهم له(ع).
وذلك إما بقتلهم لقتلته،أو بالموت تحت ذلك الشعار،وبالفعل قد غزا هؤلاء بلاد الشام،لكن تصدى لهم الأمويون بعدة أكثر وجيش أكبر،وكان ذلك سنة65 للهجرة،وانتصروا عليهم.
5-ثورة المختار الثقفي،في عام 66 للهجرة،استولى على الكوفة وطرد والي ابن الزبير منها،وأباد جميع قتلة الإمام الحسين(ع)،وعلى رأسهم عبيد الله بن زياد،الذين حمتهم سلطة ابن الزبـير.
ولم يدم حكمه طويلاً حيث تفاقم الموقف وازداد سوءاً،بينه وبين قوى ابن الزبير،التي زحفت على الكوفة وأسقطت حكومته،وقتلته.
ونجد الإمام السجاد(ع)قد التـزم إزاء هذه الأحداث استراتيجية الابتعاد،عن أي موقف يلفت السلطات أو يثيرها نحوه،كما أنه(ع)لم ينضو تحت أي لواء قط،مهما كان لونه،وأهدافه،لمعرفته السابقة بالنهاية لكل منها،كنتيجة طبيعية لضخامة القوى الدموية وشراستها،التي يقودها الأمويون،كما أن عقد اجتماع الأمة منفرط ومنحل،تغيب عنه الروح التنظيمية،بشكل كلي بين صفوفها،فلم يقو هو ذاته أن يوحد صفوفها.
فلاحظ الخلاف بين سليمان بن صرّد الخزاعي،والمختار الثقفي،حول تحديد المواقف والإستراتيجية في عملهما لمواجهة الوجود الأموي.
كما أن التيار الزبـيري كان في تصاعد،وهو تيار مضاد لأهل البيت(ع)وللبيت الأموي معاً،مضافاً للنهاية التي علمها(ع) لكل حركة من هذه الحركات،كما أشرنا له قبل قليل.
ولهذا كان يرى(ع)أن الاشتراك في مثل هذه الأمور تعني تصفية الخط الرسالي الذي يمثل الإسلام الصحيح.
فتصرف(ع)بما كان شأنه أن ينأى به بحسب الظاهر عن الفتن،طوال تلك الفتـرة،فغادر المدينة المنورة لما نشب الصراع،بين الثوار والأمويـين،حتى أن القائد الأموي تظاهر بإجلاله واحترامه حين اقتنع بعدم اشتـراكه في الثورة،ولهذا السبب أيضاً لم يجب(ع)دعوة المختار له عندما فاتحه بشأن الثورة.
وهكذا بقي(ع)متمسكاً بمنهجه الذي خطه وهو النهج الإصلاحي والتوعية العامة الفكرية،والتوجيه الروحي،والخلقي،فقط لعلمه أن هذا هو الطريق الطبيعي والشرعي لحماية رسالة الله سبحانه وتعالى،وحفظ البقية من أهل البيت(ع).
وقد استفاد الإمام(ع)في إنجاح خططه الإصلاحية تلك،من انشغال بني أمية،بالوضع المتدهور والانتفاضات الإسلامية الرافضة.
هذا ولا يعني ذلك وجود وفاق بين الإمام(ع)وبين بني أمية خلال تلك الفتـرة،بل ظل الخصام بينهما،بحجم الخصام بين الحق والباطل،وقد ظل موقفهم منه(ع)متحفظاً حذراً طوال حياته(ع).
العامل الثاني:
التجاوب النفسي من قبل الناس مع أهل البيت(ع)،سيما الأقاليم الإسلامية الأكثر أهمية وتأثيراً في الوجود الإسلامي،كالكوفة،والمدينة ومكة والبصرة،بل حتى الشام في الجملة.
كل ذلك نجم من شعور الأمة بمظلومية أهل البيت(ع)،مضافاً للأبوة المعنوية التي لمستها الأمة من الإمام(ع)،من خلال توجهه الكلي نحو التغيـير الروحي،والفكري للأمة،وتوطيد علاقتها مع الله سبحانه وتعالى،والرسالة الإلهية،والارتقاء بها إلى أعلى المستويات.
هذا وقد استفاد الإمام(ع)من مظاهر التعاطف الجماهيري مع أهل البيت(ع)،نتيجة للسياسة التي مارسها،وفقاً لأطر ثلاثة،من إنجاح الحركة الإصلاحية في ذلك الوقت:
الأول:توسيع القواعد الشعبية التي توالي أهل البيت(ع)،وتكثيف التعاطف معهم،وتحويله إلى ولاء حقيقي فاعل.
الثاني:العمل على رفع مستوى الوعي الإسلامي لدى الأمة.
الثالث:خلق قيادات فكرية متميـزة،تحمل الفكر الإسلامي الصميم،لا الفكر الذي يدور وفقاً لمقتضيات السياسة والطاغوتية التي يقودها الحكم الأموي.
ولقد نجحت خطط الإمام السجاد(ع) على شتى المجالات،وكما خطط لها هو(ع).
هذا والشاهد على ما نقول بعض النماذج التي نقلها لنا التاريخ،فمثلاً على صعيد القواعد الشعبية،نجد القضية التي أنشد فيها الفرزدق قصيدته العصماء،كما نقل المؤرخون كيفية حدوثها،فراجع المصادر التاريخية.
ونجد ارتفاع مستوى الوعي عند الأمة،من خلال دراسة نشاطه التعليمي،حيث استقطب(ع)في داره، وفي المسجد طلاب المعرفة،في جميع حقولها،في الساحة الإسلامية كاملة،واستطاع خلق نواة مدرسة فكرية،لها طابعها ومعالمها المتميزة،تخرج منها ثلة في القمم الفكرية،والفقهية والحديثية.