28 مارس,2024

الاهتمام بالمستحبات

اطبع المقالة اطبع المقالة

يعتبر المداومة على أداء المستحبات أحد الطرق التي يمكن للإنسان من خلالها أن يصل إلى الإيمان القلبي،كما أنها من أفضل الوسائل في السير والسلوك إلى الله سبحانه والتقرب منه.

ثم إننا إذ ندعو إلى الاهتمام بالمستحبات والمداومة عليها،لا نعني بذلك أن يعطل الإنسان أموره الحياتية وقضاياه الضرورية،بل يؤديها بمقدار ما يتسع له المجال،وتسنح له الفرصة.

وقبل أن أعرض لذكر بعض المستحبات وأشير إليها وما لمؤديها من الأجر والمثوبة،أود التـنبـيه إلى أمر وهو أن المقالة التي بدأت تأخذ مداها عند أبنائنا الأعزاء من أن هذه الأمور مستحبة لا يهم تركها،ولا مانع في عدم الإتيان بها،مقولة تود أن تجردنا عن الطريق الصحيح الذي يقوي علاقتنا بالله سبحانه،ويسلب منا صفة الخلوص له سبحانه،ويجعلنا من المقتدين بمحمد وآله(ع)،والمتهيئين لخروج ولي الأمر(عج)،المستعدين لذلك اليوم بالإعداد الحقيقي من خلال الانتظار الصحيح،والمتزودين بالتقوى كسلاح فاعل.

ولنقصر الحديث على سبيل المثال على الصلاة،فالصلاة التي تؤدى بدون مستحبات يحلو لي أن أشبهها بالطير الذي لا ريش له،فكما أنه لا يقدر على الطيران،فكذا هذه الصلاة،لا أقول أنها غير صحيحة،لكن ربما لم تكن مقبولة،وكلنا يعلم الفرق بين القبول والصحة،إذ الصحة تفرغ ذمة المكلف من التكليف وتجعله يوم القيامة بين يدي الله سبحانه بريئاً منه،لكنها لا تحقق له القبول ليحصل على المثوبة والجزاء الحسن منه عز وجل.

وهذا بنفسه يدعونا إلى السعي قدر المستطاع لأداء المستحبات في الصلاة.

وجاء في رواية عن أبي حمزة الثمالي،يسأل الإمام زين العابدين عن شرطية حضور القلب في قبول الصلاة،فأجابه(ع)باعتبار ذلك،ففزع أبو حمزة،وقال إذا لن تقبل لنا صلاة،فقال له(ع)إن الله يأخذ من نوافلكم فيضع في فرائضكم.

بمعنى أن صلاة النافلة التي ُتقبل فيها على الله بقلبك تصلح لسد الخلل الحاصل في صلاة الفريضة عندك.

وهذا أيضاً يشير إلى أهمية المداومة على هذا المستحب،وهو صلاة النافلة.

وكذا لو لاحظنا أيضاً تسبـيح السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء(ع)،وما له من أهمية وأقتصر على ما جاء عن إمامنا الباقر(ع)إذ قال:إذ سبح العبد تسبـيح جدتي فاطمة الزهراء(ع)بعد صلاته وقبل أن يأتي بأي حركة،لم يقم من صلاته إلا وقد غفر الله تعالى له.

وناهيك عن صلاة الليل،والمداومة على الذكر،وقراءة القرآن،والصدقات المستحبة وقضاء حوائج الأخوان وغير ذلك من الأعمال المستحبة التي بدأنا نتركها اليوم شيئاً فشيئاً،كل ذلك بحجة أن هذا مستحب لا مانع من تركه ولا ضرر في عدم فعله.

في الرواية أن رجلاً كان يطوف مع الإمام الصادق(ع)طوافاً مستحباً فدعاه أحد أخوته لحاجة فلم يذهب له،فلما أنفتل من طوافه قال له الإمام(ع)لم لم تجبه؟ فقال:أقطع الطواف؟فقال له(ع):بأن قضاء حاجته أفضل من طوافك.

فلننظر أيها الأحبة إلى قيمة هذه الأعمال المستحبة وكيف يدعونا أئمتنا(ع)إليها،والاهتمام بها والمداومة عليها.

ونحن لو طالعنا سيرة أي إمام منهم(ع)لوجدنا أنهم(ع)كانوا يولون مسألة المستحبات والاهتمام بها الشيء الكثير.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المداومين على المستحبات والتاركين للمكروهات،والساعين للإقتداء بمحمد وآله الطاهرين(ع).