هل النظام الإسلامي هو النظام الأمثل لقيادة الحياة البشرية

لا تعليق
مسائل و ردود
179
0

س:نحن ندعي أن النظام الإسلامي صالح لكافة الأزمان والدهور،وأنه النظام الأمثل لقيادة الحياة البشرية للأفضل لها،والسؤال ماذا قدم النظام الإسلامي خلال هذه الفترة الزمنية السابقة للأمة لبيان أصلحيته وأفضليته على غيره؟…

ج:الدين الإسلامي هو آخر الأديان السماوية،ولهذا فهو أكمل الأديان،وبمجيئه نسخت الأديان السابقة،إذ مع وجود الكامل لا حاجة إلى الناقص.

لقد جاء دين الإسلام إلى البشرية بواسطة نبينا محمد(ص)ففتح باب الرحمة والفلاح على البشرية في الوقت الذي تجاوزت فيه عهود السذاجة وعصور العجز الفكري،وصارت مهيأة لبلوغ الكمال الإنساني وعلى استعداد لتلقي المعارف الإلهية العالية،وأصبحت لها القدرة على تطبيقها والعمل بها.

لقد جاء الإسلام للبشرية بحقائق ومعارف تـتسق مع مستوى فهم الإنسان الواقعي وإدراكه،وبمنظومة أخلاقية قيمة وممتازة وبأحكام دقيقة تعالج جميع شؤون حياة الإنسان الفردية والإجتماعية ولما يؤدي لإستقراره وانتظام أموره وأوصاه بإتباع جميع ذلك والعمل به.

فكان الدين الإسلامي ديناً عالمياً وخالداً بما ينطوي عليه من منظومة عقائدية وأخلاقية وأحكام ونظم عملية يقضي التزامها والعمل بها إلى تأمين سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.

إن النظم والأحكام الإسلامية تنطوي على ما من شأنه أن يحقق لأي فرد من بني الإنسان،ولأي مجتمع من المجتمعات الإنسانية أفضل وضع حياتي وأسمى درجات الكمال الإنساني،إن هو التـزمها وعمل بها.

إن الدين الإنساني يـبث مواهبه وينـثر عطاياه على جميع الأفراد والمجتمعات بشكل متساوٍ من دون فرق بين الكبير والصغير،والعالم والجاهل،والمرأة والرجل،والأسود والأبيض،والشرقي والغربي،فلهؤلاء جميعاً أن يتفيأوا في ظلال هذا الدين وينهلوا من ينابيعه ويؤمّنوا احتياجاتهم على أكمل وجه وأوفاه،من دون فرق بين واحد وآخر.

فالدين الإسلامي أرسى معارفه ونظمه وأحكامه على قاعدة الخلق ونظام التكوين،وأخذ بنظر الإعتبار حاجات الإنسان وتعهد بتلبيتها،والفطرة الإنسانية واحد في جميع الأفراد،وهما سيان بين مختلف الأصول العرقية والأثنية،لا يختلفان بتغير الأزمنة وتعاقب العصور.

وبذلك يكون بديهياً أن المجتمع الإنساني في امتداده من المشرق إلى المغرب هو تعبير عن أسرة نوعية واحدة،فالجميع ينـتمي إلى النوع الإنساني والصغير والكبير والرجل والمرأة والعالم والجاهل والأبيض والأسود هم كلهم أعضاء في هذه الأسرة الواحدة.

دور الإسلام في استقرار البشر:

كما أن الدين يحتل مكانة متميزة وموقعاً ممتازاً إزاء المناهج الإجتماعية،فكذلك الإسلام موقعه الخاص المتميز إزاء بقية الأديان،ولهذا كان الإسلام أنفع للمجتمع البشري من أي منهج آخر.

وهذه الحقيقة تتضح من خلال مقارنة الإسلام ببقية الأديان ومع المناهج الإجتماعية الأخرى أيضاً.

مقارنة الإسلام ببقية الأديان:

يتميز الإسلام على بقية الأديان بأنه الدين الوحيد الذي يتسم بطابع اجتماعي كامل فهو اجتماعي تماماً.

فمنظومة أحكام الإسلام وتعاليمه ليس كالمسيحية الراهنة التي تعني بسعادة الناس الأخروية فقط،وتصمت إزاء سعادتهم الدنيوية.

كما يختلف الإسلام عن اليهودية الراهنة التي تعنى بتربية شعب معين وتهتم بتعليمه دون الآخرين.

والإسلام يختلف عما تذهب إليه تعاليم المجوسية وبعض الأديان الأخرى،من اقتصارها على عدد محدود من المبادئ الأخلاقية والمسائل العملية.

إن الإسلام يأخذ على عاتقه مهمة تربية جميع البشر والعناية بتعليمهم وما يسعدهم في الدارين،وهو رسالة دائمة لكل زمان ومكان،والشيء البديهي أنه لا يوجد ثمة سبيل غير هذا لإصلاح المجتمعات والعناية بسعادة البشر في الدارين.

أما إصلاح شعب معين أو مجتمع واحد من بين المجتمعات البشرية التي راحت تتقارب من بعضها أكثر فأكثر وتتوثق الصلة وتزداد فيما بينها يوماً بعد آخر بحكم العلاقات الدولية،فهو أمر لا قيمة له إذ هو يشبه في الحقيقة من يصفي قطرة ماء واحدة من حوض كبير أو نهر ملوث.

ثم إن اقتصار الإصلاح على مجتمع واحد وإهمال بقية المجتمعات هو أمر يتعارض مع المنهج الإصلاحي.

لقد تعهد الإسلام في منظومة تعاليمه وأحكامه بدراسة كل الأفكار التي يمكن أن تتجلى في العقل البشري حيال خلق الكون والإنسان،كما انطوى على مختلف الأعمال والفعاليات التي يمكن أن تبرز من الإنسان على مسرح الحياة.

أما بشأن مكانة الأفكار فقد اختار الإسلام منها ما يحظى ببعد واقعي وعلى رأسها التوحيد فعده الأصل والقاعدة.

أما في حقل الأخلاق فقد اختار الإسلام كل ما يرضاه العقل السليم ويشيد على التوحيد.

وعلى أساس الأخلاق وبعد دراسة جميع تفاصيل الحياة الإنسانية،شرع الإسلام مجموعة من الأحكام والقوانين العملية،وفي ضوء ذلك اتضحت جميع الوظائف الفردية والإجتماعية لبني البشر في الحالتين العادية والإستثنائية،لتشمل الجميع،الأسود والأبيض،الحضري والبدوي،الرجل والمرأة،الصغير والكبير،الخادم والمخدوم،الغني والفقير.

مقارنة الإسلام بالمناهج الإجتماعية الأخرى:

إذا ما نظرنا بدقة إلى المجتمعات المتقدمة في العالم فسنجد أن التقدم العلمي والتكنولوجي الذي أحرزته هذه المجتمعات اقترن بمشكلات واصطدم بمعوقات.

صحيح أنها حققت تقدماً مذهلاً يأخذ العقول،فغزت القمر،والمريخ،وانطوت على نظم إدارة تبعث على الدهشة،بيد أن هذه المناهج المتقدمة بالذات مع الرقي المحمود الذي حققته،فتححت أبواب سوء الطالع على البشرية،بحيث دمرت العالم مرتين،خلال أقل من ربع قرن وأغرقته بالدماء التي نزفت من ملايـين الأبرياء،وما زالت مناهج التقدم تمسك بزمام إبادة البشر وتهددهم بحرب عالمية ثالثة.

وهذه المناهج ذاتها التي راحت منذ ولادتها تدمغ بقية شعوب العالم وأمم الأرض وتستعبدهم باسم الحرية والإنسانية.وهي نفسها التي غلت القارت الأربع الكبرى بأسار الإستعمار،ودفعتها للإذعان إلى أوربا من دون قيد أو شرط،بحيث هيمنت عدة قليلة على أموال وأرواح وأعراض الملايـين من البشر.

بديهي أن الشعوب المتقدمة ترفل في حياتها اليومية بالنعم وتنعم باللذائذ المادية،حيث استطاعت أن تنال الكثير من الأماني الإنسانية كالعدالة الإجتماعية وضروب التقدم الثقافي والتكنولوجي وغيره.بيد أنها ابتليت بمصائب لا تعد،أهمها:الصراعات الدولية،وسفك الدماء على نطاق واسع خلال الحربين الأوربيتين الأولى والثانية،وغيرهما،بالإضافة إلى أنها وضعت العالم على تخوم حوادث أمض وأشد مرارة من تلك التي مرت فعلاً.

من الواضح أن جميع هذه المعطيات الإيجابية والسلبية والثمار حلوها ومرها هي قطوف شجرة المدنية،وحصيلة مباشرة للمنهج الحياتي الذي سلكته تلك الشعوب والأمم التي انتهجت في الظاهر سبيل التقدم.

ولكن ينبغي أن نعرف أن الثمار الحلوة والمعطيات الإيجابية التي استفاد منها البشر وحققت السعادة،انبثقت من مجموعة من الأخلاق الرضية لتلك الشعوب من قبيل الصدق،والإتقان والشعور بالمسؤولية،وحب الخير،والتضحية والإيثار،ولم تكن مستمدة من القانون وحده،فلو كانت من القانون فإن القوانين ذاتها موجودة أيضاً بين الشعوب المتخلفة في آسيا وإفريقيا،إلا أننا نجد أن أوضاعها تنحدر إلى ما هو أسوأ يوماً بعد آخر.

أما الثمار المرة والتبعات السلبية التي تؤرق البشر وتقض مضاجعهم وتجلب عليهم السوء والشر وتهدد الشعوب المتقدمة نفسها وتجرها صوب الدمار،فهي منبثقة من مجموعة من الأخلاق الرذيلة مثل الحرص والطمع والإجحاف والقسوة والتعصب والغرور والتجبر.

وإذا ما تأملنا جيداً تعاليم الدين الإسلامي وأحكامه،لرأيناه يأمرنا بالقسم الأول من هذه الصفات وينهى عن القسم الثاني.

إن الإسلام يدعو بشكل عام إلى كل عمل حق وكل فعل صواب فيه صلاح الإنسانية،ويعده قاعدة في نهجه التربوي كما يحذر من كل فعل باطل غير صائب يعكر صفو الحياة البشرية ويضر بسكينتها ولو كان فيه صلاح أمة بعينها أو قوم خاصين.

هذا ويمكن أن نستخلص نتائج ما مر بالنقاط التالية:

1-إن المنهج الإسلامي أفضل من أي منهج اجتماعي آخر،وهو أنفع بحال البشرية،قال تعالى:- (ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)[1].

2-إن المعطيات الإيجابية والثمار الحلوة التي راحت تجنيها حضارة العالم المعاصرة،هي جميعاً من بركات الدين الإسلامي،وهي آثار حية لما وقع بيد الغربيـين من هذا الدين.

فالإسلام كان يحث البشرية صوب هذه الفضائل الأخلاقية ويدعوها إليها،قبل قرون من ظهور آثار الحضارة الغربية،والذي حصل أن الغربيـين سبقونا في العمل بها،يقول أمير المؤمنين(ع)في وصيته:الله الله في القرآن لا يسبقنكم بالعمل به غيركم.

3-ينبغي أن تكون الأخلاق هي الهدف الأصلي وفاقاً لتعاليم الإسلام،ثم تبتني القوانين على أساسها،لأن إهمال الأخلاق الحسنة ووضع القوانين بمنظور تحقيق المنافع المادية وحدها،يجر المجتمع الإنساني إلى المادية تدريجياً بحيث يفقد المعنوية التي تعد الوجه الوحيد لأفضلية الإنسان على بقية الحيوانات.وبغياب المعنوية وطغيان المادية تستبد بالإنسانية الطباع الوحشية مثل الذئاب والنمور،والإعتلاف مثل البقر والأغنام.

من هذه الزاوية رأينا النبي الأكرم يقول:إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق،بمعنى أن الهدف الأساسي الذي بعثت من أجله هو التربية الأخلاقية للبشر.

هذا ولو أردنا الحديث عن الإسلام وعظمته لطال المقام بنا لكننا نكتفي بما أوردنا،ونرجو من الله أن يكون قد اتضح مما ذكر عظمة الإسلام،ليتضح ماذا قدم الإسلام للبشرية خلال الفترة الزمنية السابقة،والله العالم.

——————————————————————————–

[1] سورة الروم الآية رقم 30.

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة