28 مارس,2024

وليد الكعبة

اطبع المقالة اطبع المقالة

أختلف حدث ولادة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب(ع) عن غيره من المعصومين(ع)، حيث ولد في الكعبة المشرفة، وهي فضيلة لم تعط لأحد قبله، ولم يحظ بها أحد بعده، ولا ينكر أحد من المسلمين هذه الفضيلة، نعم قد يدعى مشاركة آخرين إياه فيها، وعدم اختصاصه بذلك، وهذا ما سوف نعرض له في طيات الحديث.

وقد صاحب هذا الحدث العظيم مجموعة من الأمور التي يحسن الوقوف عندها، ويلزم التركيز عليها، سواء ما كان منها قبل تحقق الولادة المباركة، وكيف كان حمل مولاتنا السيدة فاطمة بنت أسد(ع)، بأمير المؤمنين(ع)، والآيات التي ظهرت منه خلال فترة الحمل، وهكذا.

كيفية حمل السيدة فاطمة بنت أسد:

المعروف تاريخياً أن حمل السيدة فاطمة بنت أسد(ع) بأولادها كان بصورة طبيعية، بحيث أنها لم تخرج عن كونها كبقية النساء اللاتي اقترنا برجل من الرجال، ولم يكن عندها أي مشكلة أو مانع يمنع من الإنجاب، وفعلاً قد تحقق ذلك وبصورة طبيعية. إلا أن هناك رواية يظهر منها أن السيدة فاطمة(ع)، لم ترزق الولد بعد اقترانها بسيدنا أبي طالب(ع)، وقد أشار عليها رسول الله(ص) أن تقرّب لله تعالى قرباناً خالصاً لوجهه الكريم، ليتحقق لها طلبها، فقد روى شيخنا الكراجكي(ره) عن المحدثين، أن أبا طالب وامرأته فاطمة بنت أسد(رض) لما كفلا رسول الله(ص) استبشرا بغرته واستسعدا بطلعته، واتخذاه ولداً لأنهما لم يكونا رزقا من الولد أحداً، ثم إنه نشأ أحسن نشوء وأحسنه وأفضله وأيمنه، فرأى فاطمة ورغبتها في الولد، فقال لها: يا أمه، قربي قرباناً لوجه الله تعالى خالصاً، ولا تشركي معه أحداً، فإنه يرضاه منك ويتقبله، ويعطيك طلبتك ويعجله، فامتثلت فاطمة أمره وقربت قرباناً لله تعالى خالصاً، وسألته أن يرزقها ولداً ذكراً فأجاب الله تعالى دعائها، وبلّغ مناها، ورزقها من الأولاد خمسة، عقيلاً وطالباً، ثم جعفراً، ثم علياً، ثم أختهم فاختة المعروفة بأم هانئ[1].

ومقتضى هذا النص، أن جميع أولاد أبي طالب(ع) ومولاتنا فاطمة بنت أسد(ع)، قد ولدوا بعد ولادة النبي(ص)، وهذا يعني أنه(ص) أكبر منهم جميعاً، كما لا يخفى. كما أن الخبر المذكور تضمن أن أول أولاد أبي طالب(ع)، هو عقيل، ومن بعده طالب، وعليه لن تكون تكنية أبي طالب بولده، وإنما قد يكون ذلك لجريان عادة، أو ما شابه.

وكيف ما كان، فإن الخبر المذكور يخالف القاعدة العقلية المعتمدة في حجية الخبر، لأن متنه قد تضمن مجموعة من الأمور المخالفة لما هو الثابت تاريخياً، بل تعدُّ من القضايا التاريخية المشهورة والمعتمدة:

منها: ما تضمنه من كون ولادة طالب بعد ولادة النبي(ص)، وبمدة من الزمن، مع أن المعروف والمشهور تاريخياً أن ولادته كانت في سنة ولادة النبي(ص) والمعروف أنه لما جاء النبي(ص) إلى بيت عمه بعد وفاة جده(ع)، كان عمر طالب ثمان سنوات، وهو عمر النبي(ص) حينئذٍ.

ومنها: إن المعروف أن أكبر أبناء أبي طالب هو طالب، وأن أصغر أبنائه هو أمير المؤمنين(ع)، وقد كان بينهما عقيل وجعفر، والفارق بين كل واحد من الأربعة، عشر سنين، فقد ولد طالب سنة ولادة النبي(ص) وهو عام الفيل، وبعد عام الفيل بعشر سنين كانت ولادة عقيل، وبعدها بعشرين سنة كانت ولادة جعفر، وبعده بثلاثين سنة كانت ولادة أمير المؤمنين(ع). مع أن الخبر قد نص على أن أكبر أولاده هو عقيل، فلاحظ.

ومنها: اشتمال النص على أن منشأ كفالة النبي(ص) لأمير المؤمنين(ع) يعود لسببين، وهما: كثرة عيال أبي طالب(ع)، وقلة المال في يده، ونحن لو سلمنا بثبوت الثاني[2]، فإنه لا يمكن التسليم بالأول، وذلك لأن المعروف أن عدد أبنائه لم يزد على خمسة، أربعة ذكور وبنت واحدة، كما تضمن ذلك الخبر نفسه، ومن الواضح أن وقت كفالة النبي(ص) لأمير المؤمنين(ع)، قد بلغ هؤلاء أكثر من مبالغ الرجال، إذ كان أصغرهم وهو جعفر ينيف على عشرين سنة، ومن الطبيعي جداً أن يكون كل واحد منهم مستقلاً في شؤونه الحياتية، ومن المستبعد أن يكون مثل طالب والذي قد بلغ أربعين سنة أو زيادة أن يكون ما زال في رعاية أبيه وإدارته. وهذا أحد الموجبات لعدم القبول بالنص.

والذي نعتقد، أن هذه الكفالة كانت بأمر من الله سبحانه وتعالى شأنها شأن الكثير من الأمور الموجودة في حياة أمير المؤمنين(ع) كاختياره ليبات في فراش رسول الله(ص) ليلة هجرته، وكتـزويجه بسيدة نساء العالمين(ع)، وهكذا.

هذا وحتى لو قيل، أن القول بتحقق الكفالة المذكورة من العباس ورسول الله(ص) لأولاد أبي طالب، مبنية على ما تضمنه الخبر من أن ولادة السيدة فاطمة(ع) بأولادها كانت بعد ولادة النبي(ص)، فلا يكون الأولاد قد بلغوا مبالغ الرجال، ولا يوجد مانع من القبول بذلك.

فإنه يقال: إن الخبر قد تضمن أنها(ع) ولدت بأولادها ورسول الله(ص) كان في بيتها في فترة رعايته من قبل عمه أبي طالب(ع)، والمعروف أن عمره(ص) يومها ثمان سنين، فلنفرض أنها قد أنجبت أول أولادها، وهو عقيل وفقاً لما في الخبر بعد سنتين من إخبار النبي(ص) بتقريب قربان خالص لوجه الله تعالى، فإن عمره يوم كفالة النبي(ص) لأمير المؤمنين(ع) لن يقل عن خمس وثلاثين سنة، ولو كان أخوته قد ولدوا بعده مباشرة كما هو مفاد الخبر، فلن يقل أصغر الثلاثة وهو جعفر(ع) عن ثمان وعشرين سنة تقريباً، وهذا يمنع أن يكون أمثال هؤلاء في ظل رعية أبيهم، وهو الذي يتولى الإنفاق عليهم، فلاحظ.

وهذا المانع يجري أيضاً في النصوص التي قد تتفق في أن ولادة أول أولاد أبي طالب(ع) كانت مع النبي(ص) في سنة واحدة، إلا أنها تقرر أن الموجب لحصول الكفالة ما سمعته في هذا الخبر، فإنه لا يتصور أن يكون أولاده والذين قد بلغوا الأربعين والثلاثين، والعشرين لا زالوا يعيشون في رعاية أبيهم، حتى أنهم يثقلون كاهله بالنفقات، فتدبر.

ومنها: قد تضمن الخبر المذكور أيضاً أن ولادة أمير المؤمنين(ع)، كانت في شهر رمضان المبارك، فقد جاء فيه: فقالت فاطمة: فلم أزل مفكرة في ذلك، ورزقت بني الثلاثة: عقيلاً، وطالباً وجعفراً، ثم حملت بعلي(ع) في عشر ذي الحجة، فلما كان الشهر الذي ولدته فيه-وكان شهر رمضان-رأيت في منامي كأن عمود حديد قد انتـزع من أم رأسي، ثم سطع في الهواء حتى بلغ السماء ثم ردّ إليّ، فقلت: ما هذا؟ فقيل: هذا قاتل أهل الكفر، وصاحب ميثاق النصر، بأسه شديد، يفزع من خيفته، وهو معونة الله لنبيه، وتأيـيده على عدوه، قالت: فولدت علياً[3]. فإنه لو لم تكن ولادة أمير المؤمنين(ع) في شهر رجب الأصب مما تسالم عليه المؤرخون، فلا أقل أن ذلك قد بلغ من الشهرة أمراً عظيماً، بحيث يعدّ ما يقابله من الأٌقوال من الشذوذ بمكان، ويكون موجباً لعدم القبول به، لما هو المعروف من أن الموضوعات التاريخية يكون ثبوتها اعتماداً على الشهرة، فتدبر.

والحاصل، إن ملاحظة متن الخبر، ودراسته من جوانب متعددة، ومطابقته مع ما هو الثابت في المصادر التاريخية، وما ثبت شهرته من قضايا، يمنع من القبول به.

ولا يخفى أننا لسنا في حاجة إلى إثبات فضيلة سواء لرسول الله(ص)، أم لأمير المؤمنين(ع)، أن نعمد إلى ذكر أخبار قد لا تكون مقبولة، فتأمل جيداً.

كرامات خلال فترة الحمل:

لقد قام الجنين المبارك بالتعريف بنفسه قبل أن يخرج من بطن أمه، وقد قدّم إشعاراً بـ(من هو)، فقد روي عن أبي طالب(ع) أنه قال لفاطمة بنت أسد-وكان علي(ع) صبياً-: رأيته يكسر الأصنام فخفت أن يعلم كبار قريش، فقالت: يا عجباً أخبرك بأعجب من هذا، إني اجتزت بالموضع الذي كانت أصنامهم فيه منصوبة وعلي في بطني، فوضع رجليه في جوفي شديداً لا يتركني أن أقرب من ذلك الموضع الذي فيه، وإنما كنت أطوف بالبيت لعبادة الله لا للأصنام[4].

وقد تضمن النص المذكور أمور:

أحدها: أن أبا طالب(ع) رأى ولده يقوم بعملية تكسير الأصنام، وظاهر الأمر أن أمير المؤمنين(ع)، كان يقوم بذلك متخفياً، ولم يكن ذلك بصورة علنية، كما يستفاد ذلك من قول أبي طالب(ع): فخفت أن يعلم كبار قريش، إذ أنه يكشف عن أنهم لم يكونوا مطلعين على ذلك.

ثانيها: إنه لم يصدر من الأب ردع لولده عما كان يقوم به من عمل، ولم يبد له رفضه أو استيائه.

ثالثها: لم تبد الأم تعجباً من فعل الإمام(ع)، بل أكدته بما صدر من أمير المؤمنين(ع) خلال فترة حملها، وقد جاءت تجتاز حول الأصنام لتطوف بالكعبة.

ولا يخفى أن للنص المذكور دلالات ونتائج تستخلص منه:

منها: أن عملية تحطيم الأصنام التي كان يقوم بها أمير المؤمنين(ع) لم تكن عبث طفولة ولهو صغار، وإنما هي عملية ممنهجة ومنظمة، يوجد لها تخطيط، كما يشهد لذلك أنه(ع) كان يقوم به متخفياً، ويساعد على ذلك أيضاً فهم أبي طالب(ع) هذا المعنى، لأنه لو كان مجرد لهو أطفال، أو عبث صغار، لم يكن معنى لأن يخاف أبو طالب(ع) على ولده من كبار قريش، فإن بعضهم وإن كان صغير العقل، لكن بينهم من لم يكن ليرتب أثراً على تصرفات صبي.

والحاصل، يدل الحديث المذكور على أن هناك تخطيطاً منظماً كان يقوم به أمير المؤمنين(ع) لتحطيم الأصنام.

ومنها: لقد أشبه أمير المؤمنين(ع) جده إبراهيم الخليل(ع) في ما قام به من عمل، فكما أن خليل الرحمن قام بتحطيم الأصنام مستغلاً غفلة من قومه، عند انشغالهم بعيدهم، فقد استغل أمير المؤمنين(ع) غفلة القوم، وقام يكسر الأصنام ويحطمها أيضاً.

ومنها: يستفاد من الحديث المذكور، أن هناك نفرة شديدة وبغضاً عظيماً بين أمير المؤمنين(ع) وبين الأصنام، وهذا يؤكد الشباهة بينه وبين بطل التوحيد جده إبراهيم الخليل(ع)، فكما كان إبراهيم(ع) يبغض الأصنام، كذلك أمير المؤمنين(ع) يبغضها، ولا تنحصر استفادة ذلك في قيامه بتحطيمها، بل إن منعه أمه السيدة فاطمة(ع) من مجرد المرور أمامها، يدل على ذلك أيضاً.

ومنها: إن مقتضى عدم ممانعة أبي طالب(ع) ولده في ما يقوم به من عملية تكسير وتحطيم للأصنام، يكشف عن أن أبا طالب(ع)، لم يكن معتقداً بألوهية تلك الأصنام، وإلا لو كان يعبدها لمنع ولده من القيام بذلك، لأنه لا يتصور أن يرى معبوده يحطم، ويقف دون أن يحرك ساكناً، وأوضح من ذلك تصريح السيدة فاطمة بنت أسد(ع)، بأنها لم تكن قاصدة للطواف بالأصنام، وإنما كانت قاصدة للطواف بالبيت لعبادة الله تعالى، وليس لعبادة الأصنام.

ولا يعني ما قام به أمير المؤمنين(ع) مع أمه، أنه لم يكن محيطاً وعارفاً بإيمانها(ع)، وإنما يكشف عن مدى بغضه الشديد لتلك الأصنام، ونفرته بمجرد المرور بجانبها، أو تجاهها، فلاحظ.

زمان الولادة وتأريخها:

لقد كثرت الأقوال في تحديد تأريخ ولادة أمير المؤمنين(ع)، وتعددت حتى أن بعض الباحثين أشار إلى بلوغها أثني عشر قولاً[5]، والظاهر أن جملة منها اختلفت في سنة الولادة، وليس في الشهر أو اليوم، وقد يتداخل الكثير منها، مع أن بعضها يعدّ شاذاً، والبعض الآخر قيل به ليس رغبة في تحديد الوقت والزمان، وإنما رغبة في منع فضيلة ولادة أمير المؤمنين(ع) في الكعبة المعظمة.

وبالجملة، إن بعض تلك الأقوال لا يعول عليها في مقام البحث العلمي، لأنها ليست قائمة على أسس علمية، كما يظهر للمتابع. ولننقل بعض الكلمات في المقام:

قال شيخنا الكليني(ره): بعد عام الفيل بثلاثين سنة ولد أمير المؤمنين(ع)[6].

وقد حدد شيخنا الكليني(قده) سنة الولادة، إلا أنه لم يتعرض لتحديد يوم الميلاد، ولا الشهر الذي وقعت فيه الولادة.

وعلى أي حال، فالظاهر أن الكليني(قده) قد استند في تحديد سنة الولادة لأمير المؤمنين(ع) إلى ما رواه بسنده عن الإمام الصادق(ع) قال: كان بين رسول الله وأمير المؤمنين ثلاثون سنة[7].

وقال المفيد(قده) في الإرشاد: في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل، ولد-علي(ع)-بمكة في البيت الحرام-ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله تعالى-سواه، إكراماً من الله تعالى جل اسمه له، واجلالاً لمحله في التعظيم[8].

وقال الشريف الرضي(قده): ولثلاث عشرة ليلة خلت من رجب، بعد عام الفيل بثلاثين سنة، ولد في البيت الحرام علي(ع)[9].

وقد أشار شيخ الطائفة(ره) في كتابه مصباح المتهجد إلى وجود مخالف في تحديد سنة الولادة، وأنها كانت بعد مضي ثمان وعشرين سنة من عام الفيل، وليس بعد ثلاثين سنة. فقال: وذكر أيضا-ابن عياش-أن يوم الثالث عشر كان مولد أمير المؤمنين(ع) في الكعبة قبل النبوة باثنتي عشر سنة[10].

وربما أراد أصحاب هذا القول، إثبات أن أمير المؤمنين(ع) يوم بعث النبي(ص) بالدعوة كان كبيراً وليس صغيراً، لأن له من العمر أثني عشر سنة، وعندما أعلنت الدعوة كان عمره خمسة عشر سنة، وعليه لن يكون له أسبقية في الإسلام، بكونه أول من أسلم من الصبيان.

ومن الواضح، أن هذا يصلح عندما يتوهم أن علياً(ع) قد أسلم، أما على ما هو الصحيح، أن علياً(ع) لم يكفر حتى يسلم، ولم يخرج من التوحيد حتى يدخل فيه، فإن الذي يولد في الكعبة المشرفة، لا يتصور فيه أن يكون على خلاف طريق التوحيد، فلا حاجة له.

وكيف ما كان، فإن القول المتبع، خصوصاً وقد أسندته رواية صادقية، كون سنة الولادة بعد مضي عام الفيل بثلاثين سنة، فلاحظ.

هذا وقد أشار بعض الباحثين إلى أقوال أخر في المسألة، تعود إلى الاختلاف في سنة الولادة، وأنها بعد كم سنة من عام الفيل، فلاحظ ما ذكره[11].

مكان الولادة:

ولم يختلف أحد في أنه(ع) قد ولد في الكعبة المشرفة، في داخلها، نعم أدعى السيد هاشم معروف الحسني(قده) أن ولادة سيدتنا فاطمة بنت أسد(ع) كانت خلف أستار الكعبة، قال: فقد أطل على هذه الدنيا من الكعبة وقد جاءتها أمه فاطمة بنت أسد مستجيرة بالله فلاذت إلى بعض جوانبها وقد خشيت أن تراها عيون أولئك الذين اعتادوا الاجتماع في أمسياتهم إلى أروقة البيت وفي داخله، فانحازت ناحية وتوارت عن عيونهم خلف أستار الكعبة واهنة قد علا وجهها الشحوب ومشت في أوصالها رجفة من شدة الطلق فيسر الله ولادة مولودها وهي متعلقة بأستار الكعبة[12].

ولم يعرف وجه لمختاره(ره)، فإن النصوص التاريخية كلها متفقة على أن عملية الولادة قد حصلت داخل الكعبة، لا أنها كانت خلف أستارها، بل قد تضمنت بعض النصوص ذكراً للمدة الزمنية التي قضتها السيدة فاطمة(ع) داخل الكعبة المشرفة، كما تعرضت حتى لطعامها الذي كانت تأكله، ومصدر ذلك الطعام.

وقد تعدد رواة الحادثة، وأنها كانت داخل الكعبة، فقد رواها يزيد بن قعنب، والعباس بن عبد المطلب، وعائشة، كما وردت بذلك نصوص عن أئمتنا(ع)، فلاحظ.

وبالجملة، إن الصادر منه(ره) أقرب ما يكون من الاجتهاد في مقابل النص، وهذا يوجب عدم الاعتناء به، فلاحظ.

ومن أجمع الروايات التي تعرضت للحديث عن الولادة، وأنها كانت داخل الكعبة المشرفة، وتضمنت ذكراً لتفاصيلها، ما رواه يزيد بن قعنب: كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب وفريق من عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين(ع) وكانت حاملة به لتسعة أشهر، وقد أخذها الطلق، فقالت: رب إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل، وإنه بنى البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطنى لما يسرت علي ولادتي.

قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا، والتـزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عز وجل، ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين(ع)، ثم قالت: إني فضلت على من تقدمني من النساء، لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله عز وجل سراً في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطراراً، وإن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطباً جنياً، وإني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأوراقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف، يا فاطمة سميه علياً فهو علي، والله العلي الأعلى يقول: إني شققت اسمه من اسمي، وأدبته بأدبي، ووقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي، ويدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه وأطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه[13].

وقد اشتمل النص المذكور على أمور:

منها: أن السيدة فاطمة بنت أسد(ع) قصدت البيت الحرام متوسلاً بالباري سبحانه وتعالى ليسهل عليها ولادتها.

ومنها: لقد كانت السيدة(ع) عارفة بما تحمل في أحشائها، لهذا جاءت لله تعالى تتوسل به ليكون سبباً في تخفيف أمر ولادتها.

ومنها: إن السيدة فاطمة(ع) كانت من المؤمنات الموحدات، ولم تكن تعبد شيئاً غير الله تعالى، وقد كانت مؤمنة بما جاء به الخليل إبراهيم(ع)، وما جاء من عند الله تعالى من كتب، وما بعث من رسل.

ومنها: أنه لم يكن الشاهد على حادثة الولادة أشخاص قلة، بل جماعة كثر، فقد كان يزيد بن قعنب، ومعه فريق من عبد العزى، مضافاً إلى أن الوقت شهر رجب، وهو الزمان الذي كانت العرب تؤدي فيه عمرة إبراهيم الخليل(ع)، وهذا يعني أن حول البيت مجموعة من الطائفين غير هؤلاء الذي جلسوا حول البيت.

ومنها: لم تكن عملية دخولها(ع) للبيت الحرام بطريقة طبيعية، إذ أنها لم تدخل إلى جوف الكعبة من خلال الباب، وإنما حدث أمر خارق، حيث انشق جدار الكعبة المشرفة، وزجت السيدة فاطمة(ع) في داخلها.

ومنها: إن الحاضرين لما رأوا الحدث، أرادوا أن يدخلوا الكعبة المعظمة، فقاموا ليفتحوا الباب، ولم يتمكنوا من ذلك.

ومنها: استمر مكث السيدة فاطمة(ع) مع مولودها داخل الكعبة مدة ثلاثة أيام، وقد كانت تطعم من طعام الجنة.

ولا مجال للتشكيك في الحادثة، لعدم وجود بعض التفاصيل في بعض النصوص، ووجودها في بعض، إذ من الطبيعي أن مثل هذه القضايا التاريخية لا يحيط الراوي بكل حيثيات الموضوع والحدث فيها، فمثلاً، من الطبيعي أن لا يكون يزيد بن قعنب على دراية بالسبب الذي جعل السيدة فاطمة بنت أسد(ع) تقصد البيت الحرام، فهل أن ذلك يعود لأمر من أبي طالب(ع)، أم كان ذلك نتيجة إلهام سماوي، أم أنها أرادت أن تطوف حول البيت قبل ولادتها بقليل، فإن هذه الأمور شؤون خاصة، إنما يرويها من يكون داخل الدار، ومطلعاً على حيثياتها، وهكذا بقية الأمور، فتدبر.

كرامات صاحبة الولادة:

ولقد صاحب حدث الولادة الميمونة عدة كرامات، أحاط بها الحاضرون في مكان الحدث، والذين كانوا شاهدين على حدث الولادة:

منها: الدخول للكعبة بصورة غير طبيعية:

قد سمعت قبل قليل، أن المتفق عليه تاريخياً، أنه لم يكن دخول السيدة فاطمة(ع) إلى الكعبة المشرفة بصورة طبيعية، وإنما كان دخولها بصورة مغايرة لما هو المألوف، حيث أن جدار البيت الحرام قد أنشق، وحدث فيه ما يشبه الباب، وقد دخلت منه(ع) إلى جوف الكعبة.

بل إن الشيخ الطوسي(ره)، يلتـزم بأن خروجها من الكعبة تحمل وليدها أيضاً، لم يكن من الموضع المعتاد، أعني باب الكعبة، وإنما قد خرجت من نفس الموضع الذي قد دخلت منه.

ومنها: مدة بقائها داخل الكعبة:

ومما أشارت له النصوص أيضاً أنه قد صاحب حدث الولادة في الكعبة أمر آخر، وهو أن السيدة فاطمة(ع) بقيت داخلها لمدة ثلاثة أيام، وهذا يعني أنها لم تخرج مباشرة بمجرد أن تمت عملية الولادة، وإنما كانت هناك استضافة إليها لتبقى داخل الكعبة، ولا يخفى أن وجودها مدة ثلاثة أيام وافتقاد أبي طالب(ع)، وأبنائه إياها سوف يكون موجباً لأن يشيع خبر الولادة للسيدة(ع) داخل الكعبة.

ومنها: طعامها خلال وجودها في الكعبة:

ومن اللازم أن امرأة حديثة الولادة، سوف تكون بحاجة إلى غذاء، بل إن الإنسان العادي في ظروفه الطبيعية يكون بحاجة إلى الماء والطعام، فكيف بمن يبقى ثلاثة أيام؟! هذا ما تضمنته النصوص أيضاً، فكما أن مريم العذراء(ع) كان يأتيها الطعام، وهي في المحراب، كانت السيدة فاطمة(ع) يأتيها الطعام وهي في داخل الكعبة، فلاحظ.

دلالات الولادة في الكعبة:

ويبقى عندنا محاولة الوصول لمعنى ولادة أمير المؤمنين(ع) في الكعبة، وعلى ماذا يدل ذلك، وما يمكن استفادته؟

من الطبيعي أن يكون لهذا الحدث مجموعة من الدلالات يمكن استفادتها منه، نشير لبعضها:

أحدها: عظمة المولود:

إن حصول مثل هذا الحدث، وبهذه الكيفية التي سمعت، يكشف عن أن المولود داخل الكعبة المعظمة شخصية غير عادية، وإنما هو شخصية استثنائية، قد أعدّت لمهمة خاصة، ولدور كبير سوف يناط بها. ويظهر بملاحظة عظمة المكان الذي وقع فيه، فإن أشرف بقاع الأرض هو الحرم، وأشرف مواضع الحرم، هو المسجد، وأشرف بقعة في المسجد هي الكعبة.

ثانيها: طهارة المولود من كل رجس ودنس مادي:

إن مقتضى ما صدر من النبي إبراهيم(ع) لولده النبي إسماعيل من القيام بتطهير البيت الحرام للناسكين والعاكفين والركع السجود، هو ثبوت طهارة الكعبة المعظمة طهارة تشريعية من كل دنس ونجاسة، وهذا يشير إلى عدم جواز الإقدام على تنجيسها أو تلويثها بشيء من القذارات المادية.

ولا إشكال أن أول من يلتـزم بالمحافظة على طهارة البيت الحرام، هم الذين يؤمنون بنبوة الخليل إبراهيم(ع)، ويتدينون برسالة السماء، مثل مولاتنا السيدة فاطمة بنت أسد(ع)، وهذا يعني أنها لن تقدم على تدنيس البيت الحرام، ولا تنجيس الكعبة المشرفة بما يخالف ذلك.

ومن المعلوم أن المرأة عند ولادتها، يصاحب ذلك وجود أمور بعيدة عن الطهارة، ومربوطة بالنجاسة والقذارة، من دم ومشيمة، وما شابه، فإذا وجدنا امرأة تؤمر أن تأتي البيت الحرام، وتدخل المسجد، لتلد في الكعبة المعظمة، وهي البقعة المطهرة تشريعاً، مع ملاحظة أن تلك المرأة ليست بعيدة عن الدين والإيمان بلزوم طهارة البيت، كشف ذلك عن كون المولود طاهراً مطهراً من كل الأدناس المادية.

ثالثها: إن المولود في أعلى مراتب الكمال:

كلنا يعلم أن من يريد الكمال لابد وأن يقصد الله سبحانه وتعالى، ولا يوجد مكان أفضل يقصد الله تعالى فيه من البيت الحرام، فإن الإسلام يكون فيه قريباً من العظمة الإلهية، ولابد وأن يكون المولود في البقعة التي تمثل القرب من الله تعالى، وتمثل طريق الوصول للكمال، أن يكون على مستوى ذلك القرب والكمال، فيثبت أن المولود في الكعبة في أعلى مراتب الكمال.

رابعها: إن الولد شديد القرب من الله تعالى:

ولا نقصد بالقرب هنا القرب المادي، فإن الله تعالى ليس جسماً، وإنما نقصد القرب المعنوي، وهذا يستكشف من خلال أن من أراد القرب من الله تعالى قصد بيته الحرام، فكيف بمن ولد في البيت الحرام.

خامسها: إن المولد أحد الطريق في الصول إلى الله تعالى:

لا ريب أن الوصول إلى الله عز وجل، يكون من خلال بيته الحرام، وهذا يعني أن المولود داخل البيت يكون له من الأثر ما يكون للبيت، فلاحظ.

دعوى مرفوضة:

وفي سياق محو كل فضيلة ومنـزلة لأمير المؤمنين(ع)، أدعي أن هناك مولوداً غيره كانت ولادته في الكعبة المشرفة، وهو حكيم بن حزام بن أسد بن عبد العزى، وقد أسلم يوم فتح مكة، بل قد ذكر النووي أنه لم يولد في الكعبة أحد سواه[14].

وقد نسب القول بولادته في الكعبة إلى هشام بن محمد بن السائب الكلبي، لكنه لم يدع انفراده بذلك، بل ذكر أنه قد ولد فيها.

ولا يخفى أن هاهنا دعويـين:

الأولى: تكذيب خبر ولادة أمير المؤمنين(ع) في الكعبة الشريفة، لأن حصر المولود فيها في خصوص حكيم، يدل على كذب كل دعوى تضمنت ولادة شخص آخر فيها، فضلاً عن أن يكون ذلك الشخص منفرداً بهذه الفضيلة.

الثانية: إنه لم ينفرد أمير المؤمنين(ع) فقط بالولادة في الكعبة المشرفة، بل هناك من شاركه في هذه الفضيلة، وهذا ينفي أن يكون للحدث المذكور أعني الولادة في الكعبة دلالات تكشف عن شيء من قريب أو بعيد. بل الظاهر أنه مجرد حدث عادي كان يمكن لأي امرأة من أشراف قريش أن تضع مولودها فيها.

ولا يذهب عليك، أنه لا وجه للمناقشة في الدعوى الأولى، فإن كذبها صريح، بل هي تكذب نفسها، فإن حديث ولادة أمير المؤمنين(ع) في الكعبة الشريفة من المتواتر، وقد صرح بتواتره علماء من الفريقين، كصاحب المستدرك الحاكم النيسابوري، وصاحب تفسير روح المعاني الآلوسي، وغيرهما.

فكيف بعد هذا يقال: بأن حكيم بن حزام قد ولد في الكعبة، ولم يولد فيها أحد غيره، إن هذا لعجيب جداً.

وأما بالنسبة للدعوى الثانية، فإن الروايات التي تضمنت حكاية ولادة حكيم في الكعبة، مضافاً إلى كونها نصوصاً شاذة، فإنها ضعيفة الأسناد أيضاً، إما باشتمالها على من لا يعول عليه، أو لكونها مراسيل. كما أن هذه النصوص ظهرت في عهد معاوية بن أبي سفيان وكانت إحدى مخططاته التي سعى من خلالها لطمس كل فضيلة ومنقبة لأمير المؤمنين(ع)، أو وضع مجموعة من المناقب لبعض الصحابة، لكي لا يكون علي(ع) منفرداً دون البقية.

وقد برر بعض الباحثين سبب ذكر حكيم بن حزام دون غيره من القرشيـين، أو الصحابة، بأنه رحم للزبيريـين، وكان لهم فيه هوى، ولهذا روى حديث ولادته في الكعبة الزبير بن بكار، ومعصب بن عبد الله، وهما زبيريا الهوى[15].

وكلامه يفيد أن الذي قد افترى هذه الكذبة ووضعها هم بنو الزبير، وليس الأمويون، والمحصلة من حيث النتيجة واحدة، وإنما الخلاف في مصدر الفرية والكذبة.

لماذا الكعبة:

وعندما يكون الحديث عن تحديد موضع الولادة، وأنها في جوف الكعبة المشرفة، يخطر في الأذهان السؤال عن سبب اختيارها لتكون موضعاً لولادته(ع)، من سائر البقاع الأخرى، فإن مما لا ريب فيه أنه لم يشرّف بولادته فيها، بل هي التي شرفت بذلك، إذ جعلها الله سبحانه موضعاً ومحلاً لولادته، لكن لماذا قد شرّف هذا المكان دون غيره من سائر البقاع؟

ذكر بعض الباحثين في البين جواباً لتعليل اختيار الكعبة المشرفة موضعاً للولادة، قدم له مقدمة، مفادها: من المعلوم أن هناك فرقاً بين النبوة والإمامة، فيما يرتبط بالأحكام الظاهرية على من يؤمن بذلك ومن ينكر، ومن يتيقن ومن يشك، ومن يحب ومن يبغض. فإن أدنى شبهة أو شك في نبوة النبي(ص) أو ريب فيه، توجب الكفر والخروج من الدين، كما أن بغضه(ص) بأي مرتبة كان يخرج الإنسان من الإسلام واقعاً، وتترب عليه أحكام الكفر في مرحلة الظاهر، من الحكم بنجاسته، وأنه لا يرث من مسلم، وتبين منه زوجته، وتعتد وغير ذلك.

وقد اقتضت رأفة الله تعالى بعباده، أن لا تكون الأحكام الظاهرية الثابتة بالنسبة للنبوة ثابتة في الإمامة، لذا لا يحكم بكفر منكرها، فضلاً عمن شك في إمامة إمام، أو قصر في حبه، بشرطين:

الأول: أن يكون منشأه وجود شبهة عنده. فلا يشمل ما ذكر من كان على يقين بحقانية الإمام، كما لا يخفى.

الثاني: عدم بغضه للإمام ونصب العداوة إليه. وإلا كان حكمه حكم الكافر.

بعد هذا، نقول: إن ولادة أمير المؤمنين(ع)، قضية ساسية، اقتضت الحكمة الإلهية أن تقع من أجل ذلك، ويتضح هذا من خلال البيان التالي:

إن قيام الإسلام يتوقف على جهاد وتضحيات، وهذا يوجب أن يقع قتال بين المسلمين والكفار، ولا يمكن أن يتولى رسول الله(ص) القيام بقتل صناديد الكفر بنفسه، لأن ذلك يوجب أن تمتلئ النفوس حقداً وبغضاً وكراهية إليه، وسيكون ذلك سبباً لحرمانهم من التشرف بالدخول في الإسلام، لهذا قضت الرحمة الإلهية أن يتولى مناجزتهم من هو كرسول الله(ص)، وهو نفسه، والذي يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، وهو أمير المؤمنين(ع).

ومن الطبيعي أن هؤلاء سوف يحقدون على أمير المؤمنين(ع) لأنهم يرون علياً(ع) قد وترهم، فجاءت ولادته(ع) في الكعبة لتمثل لطفاً بالأمة، لأن من ولد في الكعبة الشريفة، وبتلك الصورة الخارقة لقوانين البيعة، لابد وأن يكون مؤيداً من قبل الله تعالى، وأن ما يصنعه يكون فيه رضا له سبحانه، وأنه ليس له من غاية أو هدف إلا صلاح الإنسانية وخيرها لما أراد الله تعالى لها[16].

وخلاصة ما أفاده، أن التخطيط الإلهي لنشر الإسلام، اقتضى أن يبرز الشخص الذي سيتولى الدفاع عن الإسلام ونشره بصورة خاصة ومتميزة، فكانت ولادة أمير المؤمنين(ع) في الكعبة جنبة سياسية أريد لها أن تحفظ أمير المؤمنين(ع)، فلا توغل صدور الموتورين لقتله ذويهم دفاعاً عن الإسلام.

والإنصاف، بعد هذا التعليل، فإنه يكفي لرفضه، ما تقدم ذكره من دلالات للولادة الميمونة في الكعبة المشرفة، وما كشف ذلك الحدث عنه. على أنه لو سلم بما ذكر، فإن مقتضاه، أن هذه الفضيلة ليست لخصوص أمير المؤمنين(ع)، ولا يحق أن يفتخر بها له(ع)، لأنها قد جعلت بقيدية الدفاع عن الإسلام وحمايته، وهذا كما ترى. مضافاً، إلى أن ما يقوم أمير المؤمنين(ع) من جهاد، لا يخرج عن دائرة التكليف الإلهي المقرر عليه من قبل الباري سبحانه وتعالى، وهذا لا يمكن أن يحتاج إلى تبرير وبيان، فتدبر.

والإنصاف، إن ولادة أمير المؤمنين(ع) سر من الأسرار الإلهية، وهي كثيرة في شخص علي بن أبي طالب(ع).

[1] بحار الأنوار ج 35 ب تأريخ ولادته(ع) وحليته وشمائله ح 38 ص 39.

[2] مع أنه غير مسلم، فقد عرف عن شيخ الأباطح أنه كان رجلاً تاجراً، وقد ذكرت قصة مشهورة في خروجه بالتجارة للشام لما ألتقى الراهب بحيرا بالنبي(ص)، ولم يذكر في المصادر التاريخية أنه كان عالة على الآخرين، نعم نقل أمر السقاية للعباس ربما كان لأسباب أخرى، ليس هذا مورد الحديث عنها.

[3] المصدر السابق ص 42.

[4] بحار الأنوار ج 42 ب 116 جوامع معجزاته(ع) ونوادرها ح 5 ص 18.

[5] الصحيح من سيرة الإمام علي(ع) ج 1 ص 60.

[6] أصول الكافي ج 2 باب مولد أمير المؤمنين(ع) ص 473.

[7] المصدر السابق.

[8] الإرشاد ج 1 ص

[9] خصائص الأئمة ص 39.

[10] مصباح المتهجد ص 556.

[11] الصحيح من سيرة الرسول الأعظم(ص) ج 2 ص 246 ، الصحيح من سيرة الإمام علي(ع) ج 1 ص 60.

[12] سيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 ص 142.

[13] بحار الأنوار ج 35 ب الأول تاريخي ولادته وحليته وشمائله(ع) ح 11 ص 8.

[14] المجموع ج 2 ص 66.

[15] الصحيح من سيرة الإمام علي(ع) ج 1 ص 99-100.

[16] الصحيح من سيرة الإمام علي(ع) ص 101-106(بتصرف)