19 أبريل,2024

واقع الصداقة و الصديق عند أهل البيت عليهم السلام

اطبع المقالة اطبع المقالة

عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (ع) : من خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليهم فافعل .

أقول: سبق وذكرنا فيما تقدم أن الإنسان مدني بالطبع ، لا قدرة له على اعتزال الناس والانفراد عنهم ، إذ أن اعتزالهم يجعله يشعر بالغربة والوحشة ، كما يحس بالوهن والخذلان إزاء الأحداث الخارجية وطوارئ الزمان.

من أجل ذلك كان الإنسان تواقاً إلى اتخاذ الأصدقاء ، ليكونوا له سنداً وعوناً يشاطرونه السراء والضراء ويسرون عنه الهموم ويخففون عنه المتاعب.

هذا وقد تضافرت الأدلة من العقل والنقل على فضل الأصدقاء والترغيب فيهم فعن أمير المؤمنين (ع): عليك بإخوان الصدق ، فأكثر من اكتسابهم ، فإنهم عدة الرخاء ، وجنة عند البلاء[1].

واقع الصدقة والأصدقاء :

ثم إن كثيرين من الناس يظنون أن الصديق هو من يحسن مجاملتهم ويظهر البشاشة والتودد إليهم.

فيعتبرونه صديقاً وفياً و حميماً ، فإذا اختبروه في واقعة ظهر على حقيقته.

والظاهر أن ذلك يعود لأمرين:

1-الجهل بواقع الصداقة والأصدقاء ، وعدم التمييز بين خصائص وصفات الواقعيين من المزيفين.

2-اتصاف أغلب الأصدقاء بنقاط الضعف الشائعة في الأوساط الاجتماعية من التلون والخداع وعدم الوفاء ، التي سرعان ما يكشفهما مورد الاختبار.

واقع الأصدقاء:

هذا وقد أوضح أئمتنا (ع) واقع الأصدقاء وأبعاد صداقتهم ، فعن الإمام الباقر (ع) قال: قام رجل بالبصرة إلى أمير المؤمنين (ع) فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الإخوان ؟…

فقال (ع) :” الأخوان صنفان: أخوان الثقة ، وأخوان المكاشرة. فأما أخوان الثقة : فهم الكف والجناح ، والأهل والمال ، فإذا كنت من أخيك على حد الثقة ، فابذل له مالك ، وبدنك ، وصاف من صافاه وعاد من عاداه ، واكتم سره وعيبه ، واظهر منه الحسن ، واعلم أيها السائل أنهم أقل من الكبريت الأحمر.

وأما أخوان المكاشرة : فإنك تصيب لذتك منهم ، فلا تقطعن ذلك منهم ، ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم ، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه ، وحلاوة اللسان”[2].

من هو الصديق:

وعادة ما يتساءل عن من هو الصديق الذي ينبغي أن يعاشر ويؤاخى؟…

وقد أجاب عن ذلك الإمام أبو عبد الله الصادق (ع) قال : “لا تكون الصداقة إلا بحدودها ، فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فانسبه إلى الصداقة ، ومن لم يكن فيه شيء منها ، فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة:

فأولها: أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة.

والثانية: أن يرى زينك زينه و شينك شينه.

والثالثة: أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال.

والرابعة: أن لا يمنعك شيئاً تنال مقدرته.

والخامسة: وهي تجمع هذه الخصال أن لا يسلمك عند النكبات[3].

——————————————————————————–

[1] بحار الأنوار كتاب العشرة.

[2] الوافي ج 5 ص 569.

[3] الوافي ج 5 ص 817.