25 أبريل,2024

المسعى و الحرم المكي

اطبع المقالة اطبع المقالة

المسعى:

وهو الشارع الذي يمتد بين الصفا والمروة ،وبه الميلان الأخضران وهما عمودان مبنيان في جوار الحرم،يعني المسجد الحرام،أحدهما تحت مئذنة باب علي،والثاني باب العباس.

والصفا والمروة جبلان قريـبان نسبياً من المسجد،أما الصفا فإلى جواره،وأما المروة فيـبعد عنه قليلاً.

وكان في الزمان السابق وإلى عهد غير بعيد،الطريق ترابياً والجبلان ظاهران للعيان،بحيث يستحب الصعود على كل منهما مع السعي والوصول إليه،عدة خطوات.

ولكن البناء الجديد جعل الشارع مسقوفاً وبطابقين،وفي كل من الصفا والمروة فسحة كبيرة مسقوفة يدور فيها الحجاج راجعين،ولا يرى الحاج نفس الجبل بخلقته الأصلية،ولا يخلو السعي في الطابق الثاني من إشكالات فقهية،لا حاجة بنا للتعرض لها،لكن تطلب من الفقه.

الحرم المكي:

وهو أقدس بقاع الأرض،يحرم القتال فيه،وقطع شجره،وقتل حيواناته السائبة وطيوره الحائمة،ولا يجوز الدخول فيه إلا بالإحرام،مالم يكن قد دخل محرماً قبل أقل من شهر،وتحية الدخول إليه هو العمرة المفردة التي يأتي بها الحاج بهذا الإحرام نفسه.

وقد حددته الروايات المعتبرة بثمانية وأربعين ميلاً من كل جهة من مكة المكرمة،أي إنه دائرة نصف قطرها بهذا المقدار،والميل يساوي 1824 متراً،وبحسب الحساب المذكور في الكتب الحسابية تكون الثمانية والأربعين ميلاً تساوي 87,552 كيلو متراً،وهو نصف قطر الدائرة وبها نستطيع أن نعرف ما هو الداخل من غير الداخل من المناطق التي حول مكة المكرمة من المواقيت وغيرها،ويكون قطر الحرم كله ضعف ذلك يعني يساوي 175,104 كيلو متراً.

والظاهر أن مركز الدائرة هو البيت الحرام أو الكعبة المشرفة،وليس بيوت مكة،فلو كان المركز هو البيوت لأمكن توسعه باتساع البيوت،إلا أن الصحيح هو الأول،فلا يكون الحرم قابلاً للسعة،بل إن هذا ممتنع بالارتكاز المتشرعي.

بل من الممكن افتـراض أن بيوت مكة تكون مبنية خارج الحرم لو فرضنا اتساعها أكثر منه.

وتفصيل الاستدلال في ذلك يرجع فيه إلى الفقه،ويكفينا هنا استصحاب الحل إلى هذه المنطقة،وأصالة البراءة عن أحكام الحرم في غيرها،وأما استصحاب الحرم فهو مبني على جريانه في الشبهات المفهومية،التي يكون المقام مورداً لها،ومع فرض جريانه يرجع لأصالة البراءة بعد حصول التساقط.

وقد ذكر بعض الفقهاء أن حدود الحرم أنه بريد في بريد،أي بريد طولاً وبريد عرضاً،والبريد أربعة فراسخ،والفرسخ ستة كيلو مترات تقريـباً،وعلى هذا يكون المجموع الناجم من ضرب أربعة في ستة عبارة عن أربعة وعشرين كيلو متراً،وهو اعتماد على بعض الأخبار،لكنها لا تخلو عن المناقشة.

ثم ذكر أنه روي أن جبرئيل(ع)أخذ بيد إبراهيم الخليل(ع)وأوقفه على حدود الحرم،فنصب عليها الخليل علامات تعرف بها،فكان إبراهيم(ع)أول من وضع علامات حدود الحرم،ثم جدد عهدها قصي بن كلاب،ثم قريش على عهد رسول الله(ص)ثم جددها الرسول الأكرم(ص)في أيامه،ولم تزل العلامات موجودة حتى الآن يتعاهد ولاة المسلمين تجديدها حتى اليوم.

قال:وإليك بيان هذه الحدود مع بيان مسافاتها:

1-شمالاً،من جهة المدينة المنورة،ـالمكان المسمى بالتنعيم أو مسجد العمرة،والمسافة بينه وبين المسجد الحرام تعد بنحو أربعة أميال.

2-غرباً،من جهة جدة،عند المكان المسمى:العلمين،أو الحديـبية،والمسافة بينه وبين المسجد الحرام تقدر بنحو عشرة أميال.

3-شرقاً،من جهة نجد،عند المكان المسمى بالجعرانة،والمسافة بينه وبين المسجد الحرام تقدر بنحو ثمانية أميال.

4-جنوباً،من جهة عرفة عند نمرة،والمسافة بينه وبين المسجد تقدر بنحو ثلاثة عشر ميلاً.

أقول:وهذا معناه أن الحرم يتفاوت في مسافته تفاوتاً كبيراً جداً،وهذا لا معنى له ومخالف لارتكاز المتشرعة بكل تأكيد،بل معارض للروايات التي اعتمد هو عليها وهو أن يكون الحرم بريد في بريد.

وهذه الأماكن الأربعة التي أشار إليها،لم تذكرها الروايات كحدود للحرم،وإنما لتكون مواقيت لمن فاته الإحرام في المواقيت الاعتيادية وضاق وقته عن الرجوع…..ونحو ذلك.

كل ما في الأمر أنه قد يخطر بذهن الفقيه،أنه لابد من الخروج من الحرم للإحرام،فلو كانت هذه المناطق داخل الحرم لم يكف الإحرام منها،وهذا قابل للمناقشة من عدة جهات:

1-إن في الأمر بالإحرام منها تسامحاً شرعياً،مضمونه جواز الإحرام داخل الحرم،فإن دل عليه الدليل المعتبر فلا بأس به.

2-إنها لو كانت خارج الحرم،لكان معناه أن الحرم بمقدار أصغرها أو أقربها إلى مكة،وهو أربعة أميال،لأن كون الحرم دائرياً حول الكعبة،مما لا يمكن التنازل عنه عند المتشرعة،وهذا يعني أنه يساوي 7,200 كيلو متر،وأما باقي المناطق الثلاثة فتكون خارج الحرم بمسافة،أو يكون الحرم مشوش الشكل،وهو أمر غير محتمل،ولا تدل عليه النصوص.