29 مارس,2024

فقه الأسرة - حق الاستمتاع

اطبع المقالة اطبع المقالة

حق الاستمتاع

ونريد به بيان ما لكل من الزوجين على الآخر من حق الاستمتاع به بأنواع الإستمتاعات الجنسية،بل وغيرها من أسباب الأنس بالآخر مما يرجع إلى المساكنة،كالمبيت عنده ونحوه،وهي ما يخـتلف فيه الزوج عن الزوجة بسبب اختلاف موقع كل منهما في حركة الأسرة ودوره فيها،وهو ما نستعرضه في ثلاثة أمور:

حق الزوج على زوجته:

يجوز للزوج أن يستمتع بزوجته بجميع الإستمتاعات التي يرغبانها،حتى جماعها في الدبر بشرط رضاها[1]،سواء كانت طاهرة أم كانت حائضة أم كانت نفساء.

ولا ينحصر جواز استمتاعه بها في وقت من الأوقات أو حالة من الحالات،ما عدا أربعة موارد:

الأول:في حالة إحرامهما،أو إحرام أحدهما للحج أو للعمرة.

الثاني:في حالتي حيض الزوجة أو نفاسها.

الثالث:أثناء الصيام إجمالاً،وتفصيله في كتاب الصوم.

الرابع:أثناء الاعتكاف.

هذا ويحرم في الموردين الأول والرابع،كافة الإستمتاعات بها بشهوة،بينما يحرم في الموردين الثاني والثالث خصوص الجماع.

وكما يجوز الاستمتاع بالزوجة عن قرب بالمباشرة،فإنه يجوز الاستمتاع بها عن بعدٍ بمثل النظر إليها بشهوة،أو بمحادثتها بالهاتف والتلذذ بسماع صوتها،حتى يحدث بسببهما الإنـزال.

ثم إن وظيفة الزوجة هي أن تفي لزوجها بحقه في الاستمتاع بها بالنحو الذي ذكرناه سابقاً،حتى لو كانت غير راغبة في الاستمتاع حين رغبته فيه،ما عدا الموارد التالية:

الأول:إذا كانت قد اشترطت عليه عدم تمكينه من نفسها في جميع الإستمتاعات أو في بعضها،إما صريحاً أو ضمناً،ومن ذلك ترك تمكينه خلال فترة ما بعد العقد وقبل زفافها،وهي التي يعبر عنها بـ(فترة الخطوبة)فإنه يكفي في عدم تمكين الزوجة من نفسها فيها ما لو استقر تباني العرف على عدم التمكين،بحيث صار ذلك حاضراً في ذهن المتعاقدين حين التعاقد،ويصير ذلك شرطاً ضمنياً ملزماً للزوج في سقوط حقه عنها والاقتصار في الاستمتاع بها على الحدود الموافقة للشرط.

الثاني:أن يمنعها من ذلك،المرض فإن كانت هي المريضة جاز لها الامتناع بالمقدار الذي يحجزها عنه المرض،ولزمها التمكين من نفسها في الباقي،وإن كان هو المريض فليس لها أن تمنعه نفسها إلا حيث تخاف انتقال العدوى إليها إذا كان مرضاً معدياً.

الثالث:أن يكون الزوج غير قادر على الإنفاق عليها،أو ممتنعاً عنه مع قدرته عليه،فيجوز لها أن تمنعه نفسها حتى ينفق عليها هو بنفسه أو من خلال وكيله المفوض من قبله بالإنفاق عليها،فلا يكفي في لزوم التمكين ما لو بذل لها وليه نفقتها أو تبرع بها متبرع،سواء كان تبرعه لها لسد حاجتها،أم كان تبرعه عن زوجها من دون تفويض منه لمساعدته على الإنفاق عليها،كما أن لها الامتناع إذا لم يدفع لها معجل مهرها.

الرابع:أن يكون ما يريده منها من أنواع الاستمتاع غير مألوف،فإنه رغم جواز جميع أنواع الإستمتاعات،إلا أنه لا يجب على الزوجة تمكين زوجها من نفسها ليستمتع بها بما هو غير مألوف،ولو لم يكن مؤذياً لها،كما أنها لا يجب عليها فعل ما يوجب له المتعة من الأعمال الجنسية غير المألوفة،نعم ينبغي لها أن تطاوعه في رغباته من باب حسن المعاشرة وحفظ المودة بالنحو الذي يرضيهما.

ما قبل التمكين:

هذا ولا يكفي في تحقق تمكين الزوجة نفسها لزوجها لينال حقها في الاستمتاع مجرد بذلها لنفسها له بالنحو الذي ذكرناه،ولو بعد المناكدة والامتناع،بل لابد قبل ذلك من جهوزيتها بأمرين:

الأول:أن يجدها زوجها إلى جواره حيث يريدها،فلا يجوز لها الخروج من بيته في الأوقات والحالات التي يرغب بوجودها إلى جانبه ولو لم يكن يريدها جنسياً،كأوقات راحته وعطلته ومبيته ونحوها،إلا أن يأذن لها بمفارقته،وهو ما يصطلح عليه بـ(الخروج المنافي لحق الاستمتاع)وذلك بالمعنى الذي يتجاوز الاستمتاع الحسي الجنسي إلى الأنس بحضورها.

بل حتى حيث لا يحتاجها زوجها بأن كان موجوداً في البيت لكنه منصرف عنها في قراءة أو مجالسة ضيوفٍ أو نحوهما مما لا يكون خروجها في مثله منافياً لحقه في الاستمتاع،فإنه لا يجوز لها الخروج من بيته بغير إذنه[2].

الثاني:أن لا يظهر منها من الأعمال أو الأقوال،بل ولا يظهر على ملامحها وهيئتها،ما يوجب نفور الزوج منها وانصرافه عنها،بحيث تكون تلك المنفرات نوعاً من الامتناع غير المباشر من قبل الزوجة من تمكين نفسها،بل إنه قد وردت الأحاديث باستحباب أن تـتزين المرأة لزوجها وتـتود له وتعرض نفسها عليه.

الإنجاب:

ليست المرأة ملزمة بالإنجاب من زوجها،فلها أن تمتنع عن ذلك،وليس له الحق أن يجبرها على الإنجاب،نعم ليس لها أن تلزمه في أن يعزل عنها،وذلك لما فيه من منافاة لحقه في الاستمتاع،إلا أن تكون قد اشترطت عليه العزل في العقد.

ونعني بالعزل:عملية إفراغ المادة المنوية خارج الرحم.

وكل ما ذكرناه من حق الاستمتاع الثابت للزوج على زوجته لا يفرق فيه بين أن تكون زوجته زوجة بالزواج الدائم،وبين كونها زوجة بالزواج المنقطع،نعم تفترقان في مورد واحد،وهو الخروج من البيت بإذنه،فإنه مختص بالزوجة الدائمة لوجوب المساكنة في الزواج الدائم،دون المتمتع بها،فإنه لا يجب ذلك.

الخدمة المنـزلية:

لا يثبت للزوج حق آخر على زوجته غير(حق الاستمتاع)بالنحو الذي تقدم بيانه،فلا يجب عليها خدمته ولا غيرها من سائر الأمور المتعلقة به أو بأسرته أو داره[3]،كما أنه لا يملك أن يمنعها من الانصراف لشؤونها المتعلقة بنفسها ومالها وأهلها وولدها وعلاقاتها العامة ما دامت غير منافية لحقه المذكور.

نعم ينبغي لها ويستحب منها أن تُصفيَهُ ودها وتُوليَهُ ثقتها وتَشركَهُ في أمورها وتستأذنه في المهم منها،وذلك تحقيقاً لمزيد من المودة والتعاون بينهما،كما يستحب لها أن تعينه على أموره،وتخدمه في نفسه وداره وعائلته وأولاده بالنحو الذي تقدر عليه.

——————————————————————————–

[1] الأحوط وجوباً عند السيد الخوئي ترك جماعها في الدبر.

[2] الأحوط وجوباً عند السيد الخوئي عدم جواز خروجها في هذا المورد من غير إذنه

[3] يجب عليها أداء ذلك عند الشيخ التبريزي لأنه يرى أن هذا كالشرط الضمني الحاصل في أثناء العقد.