28 مارس,2024

شرائط صحة الصوم

اطبع المقالة اطبع المقالة

مما ينبغي الالتفات إليه أن للصوم شرائط صحة كما أن له شرائط وجوب، وقد يغفل الكثيرون عن الالتفات لذلك، فلا يتوجهون لشرائط الصحة، ولعل السر في ذلك يعود إلى أن أغلب الرسائل العملية لفقهائنا(أطال الله في أعمار الباقين، ورحم الله الماضين)لم تتضمن ذكر هذه الشرائط تحت عنوان خاص، كما كان ذلك بالنسبة لشرائط الوجوب، وإن كانت مذكورة في طيات الكلام.

وعلى أي حال، فالمقصود من شرائط الصحة: أنه لو لم تكن الشروط المذكورة متوفرة، فإنه لا يحكم بكون الصوم صحيحاً.

هذا وتشترك جملة الشروط المعتبرة في صحة الصوم مع الشروط المعتبرة في وجوبه، بمعنى أن الشروط كما تعتبر في الوجوب تعتبر أيضاً في الصحة، والشروط المشتركة هي:

1-العقل.

2-عدم الإغماء.

3-أن لا يكون مسافراً.

4-الخلو من الحيض والنفاس.

5-انتفاء الضرر.

نعم هناك شروط يعتبر توفرها في صحة الصوم، ولا معنى لاعتبارها في وجوبه، وتلك الشروط هي:

1-الإسلام:

فلا يصح الصوم من الكافر، حتى لو قلنا بأنه مكلف بفروع الدين-على الخلاف الموجود بين علمائنا، إذ أن بعضهم لا يرى أن الكفار مكلفون بالفروع- لأن من الشروط المعتبرة في صحة الصوم قصد القربة لله تعالى، وهذا لا يتحقق من الكافر، كما لا يخفى. نعم من قال أن الكفار غير مكلفين بالفروع، فإنه سوف يجعل هذا الشرط من شروط الوجوب، وليس من شروط الصحة، فلاحظ.

2-إيجاد النية:

فكل من صام من دون نية الصوم، يحكم بكون صومه فاسداً، كما سيتضح إن شاء الله تعالى عند حديثنا عن أحكام النية، فأنتظر.

3-ترك المفطرات بالإمساك عنها:

فلو أتى الصائم بواحد من المفطرات متعمداً فإنه يحكم ببطلان صومه.

هذا وتوجد جملة من الأحكام المرتبطة بالمفطرية، سوف نعرض لها عند الحديث عن المفطرية.

عدم الاشتغال بالصوم الواجب:

هذا ويشترط في صحة بعض أقسام الصوم، وهو الصوم المستحب أن لا تكون ذمة المكلف مشغولة بصوم واجب، فلا يصح منه صيام المستحب لو كان يجب عليه صيام واجب، مثلاً لا يجوز للمرأة أن تصوم يوم الغدير، أو يوماً من شهر رجب، أو أياماً من شهر شعبان إلا بعد أن تقوم بأداء ما وجب عليها قضائه من صيام واجب.

بل حتى لو كانت المرأة أو الرجل قد وجب عليهما صيام واجب منذ أوائل البلوغ لتقصيرهما، أو لإفطارهما جهلاً منهما بالحكم، فإنه يجب عليهما قضاء ذلك الصوم الواجب، ولا يصح منهما صيام مستحب أصلاً.

شرطية الولاية:

هذا وقد وقع الخلاف بين علمائنا في شرط من الشروط المعتبرة في الصوم، وهو شرط الإيمان والولاية لأهل بيت العصمة(ع)، فإن جملة من علمائنا جعلوا هذا الشرط من شروط الصحة، وهذا يعني أن من لم يكن موالياً لأهل بيت العصمة والطهارة، فإنه وإن صام إلا أن صيامه غير صحيح، وجملة أخرى منهم جعلت ثبوت الولاية ووجودها عند الصائم من شروط قبول العمل، وليست من شروط الصحة، بمعنى أن الصائم متى صام مستجمعاً لشروط الصحة، فإنه صومه صحيح، لكن فقدانه الولاية يحرمه من قبول العمل.

س: ما هو الفرق بين القبول والصحة؟…

ج: هناك فرق بين بينهما، ذلك أن صحة العمل تعني فراغ ذمة المكلف مما اشتغلت به، فلا يكون مستحقاً للعقاب يوم القيامة، لأنه قد امتثل أمر الله سبحانه وتعالى. لكن لا يعني ذلك استحقاقه للثواب، لأن استحقاق الثواب متوقف على القبول، وليس متوقفاً على مجرد امتثال العمل وتحقيقه خارجاً. بينما قبول العمل يعني استحقاق المكلف للثواب على العمل من الباري سبحانه يوم الجزاء.