29 مارس,2024

حكم الزيادة في الدعاء

اطبع المقالة اطبع المقالة

يعرف الدعاء بأنه القرآن الصاعد في مقابل القرآن النازل، ذلك أن القرآن الكريم هو القرآن النازل من الحق جل وعلا، إلى الخلق، والدعاء هو الكلمات التي يطلقها العبد لتصل إلى الذات المقدسة، وتجاب بعدها طلبته.

وكثيراً ما يدعو الناس فلا تستجاب دعواتهم، حتى ليخيل إلى بعضهم أن عدم الإجابة لفقر من الله سبحانه وتعالى، وعجز منه، أو ما شابه ذلك.

لكن هذا التصور خاطئ، فإن الكرم الإلهي لا حدود له ولا انتهاء، وهو المنعم المطلق، الذي لا حد لعطائه ولا نقص فيه.

نعم الذي يستفاد من النصوص والروايات أنه لا يوجد عدم إجابة للدعاء، بمعنى أنه لا توجد دعوة من الدعوات التي يطلقها الداعي لا تجاب من قبل الله تعالى، عمدة ما كان أنه قد يحصل التأجيل، أو التبديل.

أما التأجيل، فذلك يعود أحياناً لعدم وجود مصلحة للمكلف في إجابة دعوته، أو لكون مصلحته على خلاف ذلك، أو لكون الإجابة لدعائه تتنافى ونظم الكون.

وأما التبديل، فنعني به:أن تبدل إجابة الدعة إلى دفع السوء عن الداعي إذا كانت إجابة الداعي إلى حاجته ليست في صالحه،أن تبدل بما يرزق الله تعالى عبده من الدرجات والنعم والمنح في الآخرة،أو تبدل بتكفير ذنوبه وسيئاته.

الزيادة في الدعاء:

من الأحكام الهامة جداً من الناحية الفقهية في الدعاء، عدم جواز الزيادة فيه، وهذا هو الذي عليه فتوى المشهور، ووردت به بعض الروايات.

والمراد من عدم الزيادة، هو عدم جواز إلحاق بعض العبارات بما ورد عن المعصومين(ع)من الأدعية والثناء، في دعاء آخر، ومنه أيضاً تكرار بعض العبارات، أو تغيير الضمائر الواردة فيها من المفرد إلى الجمع.فإن في ذلك محاذير:

الأول:الكذب على المعصوم الذي تكلم بهذا الدعاء، بهذه الكيفية، دونما زيادة لشيء آخر من العبائر في مقدمه أو مؤخره، وأتى بالضمائر بهذه الصيغة المرددة مثلاً، فلا حاجة لتغيـيرها، فيثبت حينها الكذب عليه(ع)لأن الزائد ينسب له هذه الزيادة زوراً.

ولو قيل:بأن هذا المحذور يختص في حالة كون القارئ قرئ ذلك بقصد الورود على لسان المعصوم، لا أنه قرأه بنحو الذكر المطلق.

لأجبنا عن ذلك، بما سيأتي من المحاذير الأخرى المترتبة على ذلك.

الثاني:زوال الأثر الوضعي المترتب على الدعاء، فإن للألفاظ وترتيبها دخلاً حتمياً في ذلك الأثر وفي كثير من الآثار الوضعية، فإذا اختلفت الألفاظ اختلف الأثر أو زال، فصار على خلاف قصد القارئ.

وإنما أعطاه الإمام(ع)، بتحديد وحكمة معينة من أجل أثر وضعي معين، وهو مما تضر به الزيادة.

الثالث:فقد الثواب الأخروي المتوقع حصوله من الدعاء، بعد حصول الإضافة والزيادة فيه.

وقد ذكر بعض الأعلام، أن من معاني الدعاء الملحون الذي لا يجاب، هو الدعاء الذي تصرف فيه قارئه بأن أضاف له شيئاً ليس منه.

الرابع:مخالفة النصوص الواردة في ذلك، فقد جاء في بعضها:أن الإمام(ع)علم الراوي دعاء جاء فيه قوله:يا مقلب القلوب، فقال الراوي:يا مقلب القلوب والأبصار، فقال له الإمام(ع)إن الله مقلب القلوب والأبصار، ولكن قل كما قلت لك.

وجاء في الكافي عن عبد الرحمن القصير، قال:دخلت على الصادق(ع)فقلت:جعلت فداك إني اخترعت دعاء، فقال(ع):دعني من اختراعك.