19 مارس,2024

تدوين الحديث

اطبع المقالة اطبع المقالة

من المعلوم أن الكتاب والسنة هما الدعامتان الأساسيتان لأحكام الدين والتعاليم الإسلامية. لكن حاجة المسلمين إلى السنة بدت أكثر من حاجتهم إلى القرآن، لأن آيات الأحكام الواردة في القرآن معدودة ومحدودة، وقيل: إنها خمسمائة آية حسب المشهور، بحيث لا يمكن الاقتصار عليها، والاكتفاء بها دون السنة الشريفة والحديث، وذلك لأنه:

أولاً: كون هذه الآيات تحتوي على الإجمال والإطلاق، والسنة هي الكفيلة بتفسيرها وبيانها.

ثانياً: أن هذا المقدار المحدود من الآيات لم يكن يفي ببيان جميع الأحكام والقوانين الدينية، وعلى هذا أجمع علماء الفريقين، بأن الحديث الصحيح الذي ثبت صدوره عن المعصوم(ع) بنحو القطع حجة على المسلمين، فهو كالقرآن من حيث حجيته ولزوم إتباعه والأخذ به.

هذا وقد وردت مجموعة من النصوص والأحاديث المتواترة عن النبي(ص) والأئمة المعصومين(ع) تؤكد أهمية الحديث من جهات مختلفة، تارة من حيث السنة نفسها، وتارة أخرى، من جهة ضرورة حفظها وتدوينها وتبليغها إلى الآخرين، فراجع أصول الكافي في كتاب فضل العلم، باب رواية الكتب والحديث، وفضل الكتابة، وكتاب وسائل الشيعة في كتاب القضاء في أبواب صفات القاضي، وكذا مجمع الزوائد، كتاب العلم باب سماع الحديث وتبليغه، وسنن ابن ماجة، وغير ذلك.

ما هو الحديث:

الحديث لغة هو الشيء الجديد، ويطلق على مطلق القول والكلام.

وهو في اصطلاح المحدثين عبارة عن أقوال المعصوم وأفعاله وتقريره، نعم يفترق المسلمون في المعصوم سعة وضيقاً، حيث يخصه أبناء السنة بخصوص النبي الأكرم محمد(ص)، بينما يقول الشيعة بأن المعصوم هو النبي الأكرم والأئمة المعصومين من بعده، وهم خلفائه بالحق(ع).

ومن خلال ما ذكرنا يتضح أن الحديث هو نفسه السنة التي تعدّ المصدر الثاني للتشريع، وبيان الأحكام الإلهية التي يجب على العباد أن يقوموا بامتـثالها.

نعم لكي ينطبق عليها عنوان السنة، لابد أن تشتمل على أحد أمرين:

الأول: أن تكون قطعية الصدور، بمعنى أنها قد وردت بطريق متواتر، وسيأتي معنى التواتر إن شاء الله تعالى.

الثاني: أن تكون قد وصلت بطريق صحيح، ومعتبر.

الحديث سنداً ومتـناً:

هذا ويتكون الحديث من سند ومتن، ويراد من السند، عبارة عن السلسلة الرجالية الذين يقومون بنقل الحديث وروايته عن المعصوم حتى يصل إلينا، بينما المراد من متن الحديث، عبارة عن الكلام الذي صدر من المعصوم.

تدوين السنة عند المسلمين:

بعدما عرفت المكانة الخاصة التي يحتلها الحديث، لكونه مصدراً مهماً في مقام معرفة الأحكام الإلهية، فلابد أن نـتعرف متى بدأ الاهتمام بهذا العلم عند الفريقين، أعني السنة والشيعة، ومتى تمت عملية تدوين الحديث، والقيام بذلك.

التدوين عند السنة:

وقع الخلاف بين أهل الحديث والتأريخ في وقت بدأ التدوين عند أبناء العامة، على أقوال:

الأول: أن التدوين ظهر في عهد الصحابة.

الثاني: أنه ظهر في آخر العهد الأموي، وأن عمر بن عبد العزيز المتوفى سنة 101هـ، أمر بجمع السنن فكتب دفاتر فبعث بها إلى كل بلد، أو أنه أمر ابن شهاب الزهري بالتدوين.

الثالث: أن التدوين كان في العصر العباسي.

هذا ولنشر هنا إلى بعض ما جاء في كلمات القوم في هذا المقام، وهو يشير إلى أمر مهم جداً، مفاده أن التدوين عند أبناء السنة لم يكن في الصدر الأول من الإسلام.

قال السيوطي: أخرج الهروي في ذم الكلام من طريق الزهري: أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن واستشار فيه أصحاب رسول الله. فأشار عليه عامتهم في ذلك، فلبث شهراً يستخير الله في ذلك شاكاً فيه، ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال: إني ذكرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم، ثم تذكرت فإذا أناس من أهل الكتاب من قبلكم كتبوا مع كتاب الله كتباً، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء، فترك كتابة السنـن[o1] .

وكان كثير من الصحابة والتابعين يكره كتابة العلم وتخليده في الصحف كعمر، وابن عباس، والشعبي، وقتادة ومن ذهب مذهبهم.

قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم: من كره كتابة العلم إنما كرهه لوجهين: أحدهما أن يتخذ مع القرآن كتاب يضاهي به، ولئلا يتكل الكاتب على ما يكتب، فلا يحفظ فيقل الحفظ.

وهذا هو رأي عمر وما أدى إليه اجتهاده في ذلك. وقال ابن عبد البر أيضاً: كان اعتماد الصحابة أولاً على الحفظ والضبط في القلوب غير ملتفتين إلى التدوين، فلما انتشر الإسلام وتفرقت الصحابة ومات معظمهم مست الحاجة إلى تدوين الحديث وتقيـيده بالكتابة[o2] .

وقد ذهب الغزالي إلى أن حدوث التدوين كان في سنة 120، وبعضهم يرى أنه قبل ذلك في عهد عمر بن عبد العزيز، وهذا كله يصب فيما ذكرناه في أول الحديث، من أن التدوين عندهم متأخر عن الصدر الأول.

جاء في الموطأ أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمر ابن حزم: أن انظر ما كان من حديث رسول الله أو سنـته فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، وأوصاه أن يكتب له ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، والقاسم بن محمد بن أبي بكر.

وأخرج أبو نعيم في تاريخ أصفهان عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى الآفاق: انظروا إلى حديث رسول الله فاجمعوه.

وأبو بكر بن محمد بن عمر هذا كان أنصارياً مدنياً، ولي القضاء على المدينة لسليمان بن عبد الملك ولعمر بن عبد العزيز، وتوفي سنة 120 هـ، وكانت ولاية عمر بن عبد العزيز سنة 99 هـ، إلى سنة 101 هـ، فعلى هذه الرواية قد يكون أمر أبو بكر بالجمع حول سنة 100 هـ.

يقول الدكتور أحمد أمين: ولكن هل نفذ هذا الأمر؟… كل ما نعلمه أنه لم تصل إلينا هذه المجموعة، ولم يشر إليها- فيما نعلم- جامعوا الحديث بعد. ومن أجل هذا شك بعض الباحثين من المستشرقين في هذا الخبر، إذ لو جمع شيء من هذا القبيل لكان من أهم المراجع لجامعي الحديث، ولكن لا داعي إلى هذا الشك فالخبر يروي لنا أن عمر أمر، ولم يرو لنا أن الجمع تم. فلعل موت عمر سريعاً عدل بأبي بكر عن أن ينفذ ما أمر به[o3] .

نعم مما لا ريب فيه أنه لما جاء العصر العباسي، وانـتصف القرن الثاني، بدأ التأليف في الحديث، كما بدأ في العلوم الأخرى، ووجدت هذه النـزعة في أمصار مختلفة، وفي عصور متقاربة، فجمع الحديث في مكة ابن جريح الرومي الأصل، المتوفى سنة 150 هـ، وفي المدينة جمعه محمد بن إسحاق المتوفى سنة 151هـ، ومالك بن أنس المتوفى سنة 179 هـ، وبالبصرة الربيع بن صبيح المتوفى سنة 160 هـ، وسعيد بن أبي عروبة المتوفى سنة 156 هـ، وحماد بن سلمة المتوفى سنة 176 هـ، وبالكوفة سفيان الثوري المتوفى سنة 161 هـ، وبالشام الأوزاعي المتوفى سنة 156 هـ، وباليمن معمر المتوفى سنة 153 هـ، وبخراسان ابن المبارك المتوفى سنة 181 هـ، وبمصر الليث بن سعد المتوفى سنة 175 هـ.

وعلى كل حال، فإن الحديث قد تم تدوينه بعد قرن ونصف قرن من الزمان، وعندئذٍ خرج من حيز النسيان والانزواء إلى حيز المدارسة والكتابة، ولما كان المسلمون ينظرون إلى التدوين بكونه عملاً مخالفاً للسنة ومحرماً، لذلك فإنهم استصعبوه واستـثقلوه في بادئ الأمر حتى أجبرهم الخلفاء على ذلك.

المنع عن التدوين:

هذا وقد كان السبب الرئيس في عدم التدوين، هو المنع الذي صدر من الخليفة الأول، ومن بعده ما صدر من الخليفة الثاني، حيث أن الخليفة الأول، قد أحرق ما جمعه من أحاديث الرسول(ص) كما تحدث بذلك عائشة[o4] .

وأما في عهد الخليفة الثاني، فراجع ما يذكره المؤرخون والكتاب حول تشدده وخشونته في المنع عن تدوين الحديث، تجد في ذلك الكثير.

تاريخ ظهور الصحاح الستة:

وعلى أي حال، لما أدرك المحدثون أخطاء السلف وشطحاتهم بالنسبة لمنعهم الحديث وكتابته، فبدأوا بتدوين الحديث وتأليفه، وبدأ علم الحديث يتحرك للإمام، بعد أن قضى الفترة الطويلة التي عاشها في الجمود والركود، ولعل كان ذلك رد فعل ناشئ عن الانفعال الذي برز إثر منع الحديث، ففي خلال قرن واحد أي من سنة 150-250 هـ، ظهرت على الساحة كتب كثيرة كلها تحمل اسم الصحاح والمسانيد والمستخرجات وغيرها.

وقد انصب هدف مؤلفي هذه الكتب في هذه الفترة الزمنية على جمع الحديث فقط، ولم تبوب الأحاديث وتقسم بعدُ إلى الحديث الصحيح والحسن والضعيف، بل كان الحديث مطلقاً يشكل المحتوى الأصلي للكتب والمسانيد حتى جاء عصر البخاري سنة 256 هـ، وسائر الصحاح.

قال ابن حجر: فلما رأي البخاري هذه التصانيف ورواها وانتشق رياها واستجلى محياها وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين والكثير منها يشمله التضعيف، فلا يقال لغثه سمين فحرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين[o5] .

ثم جاء تلميذه مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري عام 261 هـ، فألف الجامع الصحيح، ومن بعده محمد بن يزيد بن ماجة القزويني، فصنف سننه، ثم كتب أبو داود سليمان بن داود السجستاني سننه، وبعده محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، دون جامعه المعروف بسنن الترمذي، وبعده أحمد بن شعيب النسائي دون سننه، ويقال له المجتبى.

وقد شكلت هذه الكتب الستة الركن الأصلي لجوامع أهل السنة ،فهم يرجعون إليها ويعتمدون عليها في العقائد والفروع والتفسير والتاريخ، واشتهرت فيما بعد بالصحاح الستة، ويطلق تارة على صحيح البخاري ومسلم الصحيحين، وعلى الكتب الأربعة الأخرى بالسنن.

وبعد هذه الكتب صنفت المئات من الجوامع، وسميت بالمسند والمستدرك والمستخرج، إلا أنه لم ينل أي واحد منها مرتبة وشأناً عند أهل السنة كما كان شأن الصحاح الستة.

هذا وقد سميت هذه الكتب الصحاح، لأن أحاديثها وما تحتويها مثل الراوي والسند والمتن، قد حازت شروط الصحة، وإن أختلف أصحابها في شروط صحة الحديث، قد يكون حديث صحيحاً عند أحدهم، وعند الآخر غير مكتمل شروط الصحة، وادعى أرباب الصحاح أن كل ما ورد في صحاحهم مستجمع لشرائط الصحة.

التدوين عند الشيعة:

طبقاً للوارد في كتب أبناء السنة، أنه لم يرد نهي من قبل النبي(ص) حول كتابة الحديث في عهده، بل المستفاد منها أن التدوين لأحاديثه(ص) كان أمراً متداولاً بين المسلمين، وأن المسلمين كانوا ينظرون إلى مسألة تدوين أحاديثه الشريفة، على أنها حاجة ماسة وضرورية، بل إن رسول الله(ص) قد أكد مسألة الكتابة بوجه خاص، وحث على ذلك بعبارات مختلفة، وكان أصحاب رسول الله(ص) كلاً حسب ما أوتي من الفهم والاستعداد يدون ما كان يسمعه من رسول الله(ص)، ومن أولئك الذين دونوا الحديث على عهد النبي(ص) أبو بكر[o6] .

ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص الذي قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله(ص) أريد حفظه، فنهتني قريش. وقالوا: تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله(ص)، ورسول الله بشر يتكلم في الرضا والغضب!. قال: فأمسكت. فذكرت ذلك لرسول الله(ص).

فقال(ص): أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق…….-وأشار بيده إلى فيه-[o7] .

التدوين في عهد أمير المؤمنين(ع):

وقد استمر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) وشيعته في عملية تدوين الحديث، وجمعها. ففي صحيح البخاري عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: لم يكن عندنا كتاب نقرأه إلا هذه الصحيفة- ثم أخرج صحيفة فيها أحكام الجراحات، الديات، وأسنان الإبل، المشروطة في صحة الزكاة-و أن المدينة حرم ما بين عير وثور.

وكذا أخرج عن الإمام علي(ع) أنه خطب على المنبر، فأخرج من قراب سيفه صحيفة فنشرها، ثم قرأ فيها بعض الأحكام[o8] .

ونقل البخاري ومسلم في صحيحهما أحاديث كثيرة بمتون مختلفة وأسانيد متواترة حول صحيفة أمير المؤمنين(ع)، وذكرا بعض الحكام التي استخرجت من هذه الصحيفة أو الصحائف الأخرى له(ع)[o9] .

هذا وإن الأحكام التي يمكن استخراجها من هذه الصحائف طبقاً لما نقله البخاري ومسلم في صحيحهما، وإن لم تكن كثيرة. إلا أن التمعن في نصوص الأحاديث يسوقنا إلى معرفة حقيقتين مهمتين:

الأول: تعدد هذه الصحائف وكثرتها.

الثاني: جامعيتها وشموليتها، كما أشير إلى تلك الشمولية في بعض الحاديث، بأن هذه الصحائف تـتضمن جزئيات الأحكام وفروعها مثل أحكام الديات والقصاص وأسنان الأبل، وحتى حدود جزئيات المدينة والجبال التي حولها، وبالإلتفات إلى هذه النقاط تظهر لك جامعية تلك الصحائف.

نعم ذكر ابن حجر أنه صحيفة واحدة، وليست عدة مجموعة[o10] . ولا يخفى عليك أن هذا غير ضائر، حيث لا يهمنا كثرتها وقلتها، بل ما يهمنا الأمرين اللذين أشرنا لهما، وسابقية أمير المؤمنين(ع) وشيعته في التدوين.

الإمام الباقر والصحيفة العلوية:

نقل النجاشي عن محمد بن عذافر الصيرفي أنه قال: كنت مع الحكم بن عتيـبة-عيـينة- عند أبي جعفر(ع) فجعل يسأله، وكان أبو جعفر(ع) له مكرماً، فاختلفا في شيء. فقال أبو جعفر(ع): قم يا بني، فاخرج كتاب علي(ع)، فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً وفتحه وجعل ينظر، حتى أخرج المسألة. فقال أبو جعفر(ع): هذا خط علي(ع)، وإملاء رسول الله(ص)، وأقبل على الحكم وقال: يا أبا محمد، اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالاً، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينـزل عليهم جبرئيل(ع)[o11] .

ويظهر من هذا النص مضافاً لما سبق نقله عن الصحيحين، أن الصحائف التي كانت عند أمير المؤمنين(ع) والتي ورثها الإمام الباقر(ع) من جده أمير المؤمنين(ع)، كانت تحتوي على الشرائع والسنـن الإلهية، ولا توجد صحيفة قبلها في تاريخ تدوين الحديث، وكان الأئمة من أهل البيت(ع) يفتخرون بوجودها، ويعتبرونها ثروة غنية، وقد ذكرها علماء الشيعة وغيرهم في كتبهم المعتبرة.

وهذه الصحيفة أو الصحائف هي أساس الصرح العلمي الشاهق عند الشيعة، وعلى هذا النهج سار شيعة علي(ع) في كتابة السنة على نحو أنه لم يحصل بين تاريخ صدور الحديث وكتابته أي فتور وانقطاع. وقد اشتهر في كل عصر العشرات من العلماء وعرفوا باسم

(كتّاب الحديث والمحدثين).

احصاء مؤلفي الحديث وطباقتهم:

هذا وقد ذكر النجاشي في كتابه فهرست النجاشي، والمعروف اليوم برجال النجاشي، أسماء ما يقارب ألف ومائـتين راوٍ من أصحاب الأئمة(ع) ورجال الشيعة وترجم لهم وأشار إلى ما ألفوه من الكتب في موضوع واحد أو مواضيع متعددة، وقال في مقدمة كتابه: أنا أذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح[o12] .

وقد قسم علماء الرجال المؤلفين والمصنفين المعروفين إلى عهد الإمام الصادق(ع) إلى ثلاث طبقات[o13] .

ومع هذا فإنه لم يعرف عددهم دقيقاً، لأنه من المستبعد أن يكون في أصحاب الأئمة(ع) من تشرف بمجلسهم وتـتلمذ على يد أحدهم ولم يصنف كتاباً.

التدوين في عصر الإمام الصادق:

وفي عهد أبي عبد الله الإمام جعفر بن محمد(ع) حيث سنحت له تلك الفرصة الثمينة بأن يحدّث ويدّون الحديث إلى أوسع نطاقه، حتى بلغ عدد الذين تـتلمذوا عنده وأخذوا منه العلوم المختلفة كالفقه والكلام والطبيعيات، أربعة آلاف شيخ[o14] .

وعلى أثر تشويق الإمام الصادق(ع) الدائم وحثه الدائب وتأكيده على نقل الحديث وكتابته وصيانته صنفت كتب كثيرة بحيث لا يمكن إحصاؤها وإحصاء مؤلفيها، ولكن جمعت من بين تلك الكتب أربعمائة كتاب لأربعمائة مؤلف أو أقل من أصحاب أبي عبد الله الصادق(ع) في الفقه والعقائد فقط، واشتهرت فيما بعد بالأصول الأربعمائة.

ولما كانت هذه الأصول مشتـتة، وبعضها فقدت بادر بعض أصحاب الإمام الرضا كالبزنطي، وجعفر بن بشير، وبن فضال، إلى لمّ الموجود وضبطه في كتاب مستقل كل حسب طريقته الخاصة، وسماه بالجامع، واختص به.

وهذه الجوامع هي غير الكتب التي ألفها أصحاب الأئمة(ع) إلى زمن الغيـبة، والتي تـتضمن مواضيع عديدة وعناوين مختلفة.

ومن بعد ذلك العصر، أي في زمن الغيـبة الصغرى، وحلول الظلام بغيـبة المولى(عج) جاء دور مؤلفين آخرين، فكتب شيخنا الكليني(ره) كتابه الكافي، ومن بعده الصدوق، وهكذا.

——————————————————————————–

[o1]تنوير الحوالك شرح موطأ مالك ص 25.

[o2]جامع بيان العلم ص 34.

[o3]ضحى الإسلام ج 3 ص 606-607.

[o4]تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 3.

[o5]هدى الساري مقدمة فتح الباري ص 5.

[o6]تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 5.

[o7]سنـن أبي داود ج 3 ص 318 كتاب العلم باب 3 ،باب في كتابة العلم ح 3646، مستدرك الصحيحين ج 1 ص 104و 106.

[o8]صحيح البخاري ج 1 ص 38 كتاب العلم، ج 3 ص 25 كتاب الحج باب حرم المدينة، ج 4 ص 122 باب ذمة المسلمينو ص 124 باب من عاهد ثم غدر و ص 183 باب فكاك الأسير، ج 8 ص 192 كتاب الفرائض باب إثم من تبرأ من مواليه. صحيح مسلم ج 2 ص 1147 كتاب العتق باب 4 باب تحريم تولي العتيق غير مواليه ح 30. سنـن النسائي ج 8 ص 19 كتاب القسامة باب القود بين الحرار والمماليك في النفس، وص 23 باب سقوط القود من المسلم للكافر.

[o9]راجع المصادر السابقة.

[o10]فتح الباري ج 1 ص 166.

[o11]رجال النجاشي ترجمة أحمد بن عذافر رقم 967.

[o12]راجع مقدمة رجال النجاشي.

[o13]راجع رجال النجاشي ، فهرست الشيخ الطوسي، أعيان الشيعة للسيد الأمين، الذريعة لآقا بزرك الطهراني.

[o14]الإرشاد للشيخ المفيد ص 289.