19 مارس,2024

بقاء المقر وانتفاء كثرة السفر

اطبع المقالة اطبع المقالة

بقاء المقر وانتفاء كثرة السفر

 

إذا كان المكلف من سكان مدينة القطيف، وكان يدرس في مدينة الجبيل مثلاً والتي تبعد عن مدينة القطيف مسافة لا تقل عن سبعين كيلو متراً، وكان يذهب إلى الدراسة فيها يومياً في الصباح مثلاً ويعود بعد الظهر،  فسوف يتوفر له أمران:

الأول: انطباق عنوان كثرة السفر عليه، لتوفر الشروط المعتبرة في صدق عنوان كثير السفر عليه.

الثاني: كون مدينة الجبيل مقراً له، يلزمه  تطبيق أحكام الوطن متى وصل إليها من الصلاة فيها تماماً، سواء كان حضوره إليها للدراسة، أم لغير ذلك، والصيام.

 

انتفاء أحد العنوانين دون الآخر:

ويحصل أن ينتفي أحد العنوانين مع بقاء الآخر، فيمكن أن ينتفي عنوان كثير السفر عن المكلف، مع بقاء عنوان المقر دون انتفاء، كما يمكن أن ينتفي عنوان المقر دون انتفاء عنوان كثير السفر، فينتفي عنوان كثير السفر بالانقطاع عن الذهاب إلى مدينة الجبيل مثلاً مدة ستة أشهر، كما في الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة، حيث فرضت الظروف الصحية على الطلاب عدم الذهاب إلى جامعاتهم، والاكتفاء بالدراسة عن بعد، فإن هذا الانقطاع منهم، استدعى انتفاء عنوان كثير السفر عنهم بعد هذا الانقطاع الطويل، إلا أن عنوان المقر لم ينتف عنهم، لأنه لم يتحقق منهم الإعراض عن مدينة الجبيل كمقر للدراسة، بل لا زال قرارهم على الاستمرار للدراسة فيها، وأنهم سوف يعودون إليها متى توفرت الظروف الملائمة، ولذا لو ذهب أحدهم إلى مدينة الجبيل يوماً من الأيام مثلاً، وحل عليه وقت الصلاة، كانت وظيفته الصلاة فيها تماماً، وكذا لو صادف أن تواجد فيها أثناء شهر رمضان المبارك كانت وظيفته فيها الصيام، وهكذا.

 

والحاصل، إن انتفاء عنوان كثرة السفر يحصل بالانقطاع عن ممارسة السفر مدة ستة أشهر.

وقد ينتفي عنوان المقر مع بقاء عنوان كثرة السفر، كما لو أعرض عن الدراسة في مدينة الجبيل، إلا أنه بقي يذهب إليها يومياً من أجل التنزه والصيد والترفيه عن النفس، فإنه سينطبق عليه عنوان كثرة السفر، بعد توفر شروطه المعتبرة.

والحاصل، إن انتفاء عنوان المقر الذي اتخذه المكلف عنه يدور مدار إعراضه عنه وعزمه على عدم العود للبقاء فيه مرة أخرى، فما لم يتحقق ذلك، فإنه لا زال ينطبق عليه أنه مقر له.

 

فترة الامتحانات خلال شهر رمضان المبارك:

ومن خلال توفر العنوانين بالنسبة للطلاب، وبيان مورد انتفاء أحدهما دون الآخر، يتضح حكم الطلاب الذين كانوا يدرسون في مدينة الجبيل مثلاً، وانقطعوا عنها نتيجة ظروف الجائحة، فإنه ينتفي عنهم عنوان كثير السفر، إلا أنه يبقى عنوان المقر بالنسبة إليهم محفوظاً، وعليه، لو احتاجوا الذهاب إلى مدينة الجبيل في أي وقت من الأوقات، سوف تكون وظيفتهم الصلاة فيها تماماً، ولو كان ذلك خلال شهر رمضان المبارك فإنه يلزمهم الصوم.

 

نعم لو صادف وأصابهم الزوال في الطريق سواء أثناء ذهابهم إلى مدينة الجبيل، أو أثناء عودتهم منها، فسوف يلزمهم القضاء، ولن يصح الصوم منهم، لصدق عنوان المسافر عليهم، والمفروض انتفاء عنوان كثير السفر عنهم، ولذا ينبغي لهم حتى لا يختل صومهم، أن يتواجدوا في مدينة الجبيل قبل الزوال، ولا يخرجون منها إلا بعد الزوال، أو لا يخرجون من مدينتهم إلا بعد الزوال.

 

ملاحظة:

لا خصوصية لمدينة الجبيل، وإنما ذكرت من باب المثال، وإلا فإن الحكم يجري على كل مكان يبعد عن مدينة الطالب التي يسكن فيها مسافة شرعية.