19 مارس,2024

قضاء شهر رمضان المبارك

اطبع المقالة اطبع المقالة

قضاء شهر رمضان المبارك

 

المعروف بين الأعلام أن قضاء ما فات المكلف من صيام شهر رمضان المبارك من الواجبات الموسعة، بمعنى عدم وجوب المبادرة إلى قضاء ما فات الإنسان من الصوم مباشرة بعد شهر رمضان المبارك، فلا يجب على الحائض التي أفطرت أيام حيضها خلال شهر رمضان المبارك، المبادرة إلى قضاء الصوم مباشرة بعد انتهاء شهر رمضان، بل يمكنها القضاء إلى ما قبل حلول شهر رمضان الجديد من السنة اللاحقة.

نعم يستحب لمن فاته شيء من صوم شهر رمضان المبادرة إلى قضائه قبل حلول شهر رمضان الآخر من السنة اللاحقة.

 

كفارة تأخير القضاء:

وإذا حصل وأخر المكلف قضاء ما فاته من صيام شهر رمضان حتى دخل عليه شهر رمضان جديد، فهنا فرعان:

الأول: أن يفوته صيام شهر رمضان أو بعضه لعذر:

كما لو كان السبب الداعي للمكلف للإفطار في أيام شهر رمضان هو المرض الذي أصابه وجعله يفطر.

 

الثاني: أن يفوته صيام شهر رمضان لغير عذر:

كما لو سافر المكلف خلال أيام شهر رمضان من أجل الترويح والترفيه عن نفسه، أو لأجل التهرب من الصيام خلال أيام الصيف الحارة وطويلة النهار.

أما الفرع الأول: وهو ما إذا فاته صوم شهر رمضان أو بعضه لعذر، فهنا صورتان:

 

الأولى: أن لا يكون عازماً على القضاء لما فاته، كما لو أفطر المكلف خلال شهر رمضان المبارك بسبب عذر منعه من الصوم، بأن  كان مريضاً خلال الشهر الكريم، ومنعه المرض من الصيام، ثم برأ المكلف بعد شهر رمضان، وأمكنه القضاء، إلا أنه لم يقض، سواء كان تركه للقضاء بسبب عزمه على عدم القضاء، وبنائه على تعمد تأخير القضاء لحين دخول شهر رمضان اللاحق، أم لم يكن عازماً على التأخير، لكنه كان متهاوناً في عملية القضاء حتى دخل شهر رمضان اللاحق، ففي هاتين الحالتين يلزمه قضاء ما فاته من الصيام بعد شهر رمضان اللاحق، كما يجب عليه إخراج الفدية، وهي كفارة التأخير، ومقدارها ثلاثة أرباع الكيلو من الطعام عن كل يوم تأخير.

 

الثانية: أن يفطر المكلف في شهر رمضان المبارك لعذر قد طرأ عليه، ويكون عازماً على قضاء ما فاته من الصيام خلال شهر رمضان المبارك، إلا أنه طرأ عليه مانع منعه من القضاء، كما لو أفطرت المرأة خلال شهر رمضان المبارك بسبب الحيض، وكانت عازمة على قضاء ما فاتها، لكنها حملت قبل قيامها بالقضاء وصار القضاء عليها متعذراً خلال فترة الحمل، فإنه يلزمها قضاء ما فاتها من الصوم بعد صيام شهر رمضان الجديد، ويجب عليها أيضاً دفع الفدية عن كل يوم تأخير، ومقدارها كما عرفت ثلاثة أرباع الكيلو من الطعام.

 

الفرع الثاني: أن يفوت المكلف صوم شهر رمضان المبارك أو بعضه من دون عذر عنده لذلك، كمن أختار السفر خلال شهر رمضان المبارك من أجل الإفطار، كما لو كان شهر رمضان خلال أشهر الصيف من السنة، وكان النهار طويلاً، ولم يكن المكلف راغباً في الصيام خلال هذه الفترة، فأختار السفر من أجل الإفطار، ومن ثمّ القضاء، فإذا لم يقم المكلف بقضاء ما فاته من الصوم، سواء كان ذلك بسبب عذر طرأ عليه، ومنعه من القضاء كالمرض مثلاً، أم كان ذلك بسبب تهاون منه في عملية القضاء حتى دخل عليه شهر رمضان اللاحق، أم كان عازماً على عدم القضاء، فإنه يجب عليه في جميع ذلك قضاء ما فاته بعد شهر رمضان اللاحق، وعليه دفع فدية عن كل يوم مقدارها كما عرفت ثلاثة أرباع الكيلو من الطعام.

 

نوع الفدية:

قد عرفت أنه يجب على من ترك قضاء ما فاته من صيام شهر رمضان المبارك حتى دخل عليه شهر رمضان جديد، مضافاً لقضاء ما فاته من الصوم، دفع الفدية، ويعتبر فيها أن تكون طعاماً، فلا يجزئ دفعها نقداً، ولذا لو دفع المكلف للفقير مبلغاً من المال عوضاً عن الطعام، ما كان ذلك كافياً في أداء الفدية التي يلزمه أداؤها. نعم يمكن للمكلف أن يوكل الفقير في شراء الطعام بأن يعطيه المبلغ المالي ليشتري به طعاماً، ثم يقبضه لنفسه.

 

تكرر الفدية:

قد عرفت أن من وجب عليه قضاء شهر رمضان ولم يقضه حتى دخل عليه شهر رمضان الجديد، لزمته الفدية، وهي كفارة التأخير بالإضافة إلى القضاء، وهي لا تتكرر بدخول شهر رمضان جديد آخر، كما لو أفطر المكلف في شهر رمضان من سنة 1440 هـ، ولم يقض حتى دخل عليه شهر رمضان لسنة 1441 هـ، وترك القضاء حتى دخل عليه شهر رمضان من سنة 1442 هـ، فإن الواجب عليه هو كفارة تأخير واحدة، مع تركه القضاء حتى دخل عليه شهرا رمضان لسنتين مختلفتين، إلا أن ما فات من شهر لا يتكرر بتكرر دخول الأشهر اللاحقة. نعم لو فاته من كل سنة أيام، فإن الكفارة تجب لكل ما فات من كل شهر.