- موقع سماحة العلامة الشيخ محمد العبيدان القطيفي - https://www.alobaidan.org -

عقود الصبي

عقود الصبي

 

يعتبر الفقهاء في صحة أي معاملة من المعاملات توفر مجموعة من الشروط في المتعاقدين، فيعتبر في البيع مثلاً أن يكون المتعاقدان عاقلين، ومختارين، ومالكين، فلو وقع البيع بين عاقل ومجنون، أو بين مكره ومختار، أو بين مالك وغير مالك، لم تصح المعاملة، ولم يحصل النقل والانتقال في الملكية بينهما.

 

ومن الشروط المعتبرة فيهما أيضاً أن يكونا بالغين، فلو كان أحدهما أو كلاهما صغيراً غير بالغ لم تصح المعاملة، فلو أوقع الصبي البيع أو الشراء سواء كان في ماله أم كان في مال غيره، لم تصح المعاملة، وحكم ببطلانها.

ومقتضى ما ذكر البناء على عدم صحة المعاملات البيعية التي يقوم بها الصبيان مستقلين في البيع والشراء في الحياة اليومية كالشراء من المقاصف المدرسية في أوقات الفسح، فإن البائع وإن كان بالغاً في بعض الأحيان إلا أن المشتري قد يكون صبياً مميزاً لم يبلغ. وكذا المعاملات التي يجرونها مع البقالات سواء لشراء بعض الحاجات المنزلية التي تطلبها الأسرة منهم، أم الحاجات الشخصية التي تعود إليهم من الحلويات وما شابه ذلك.

 

ويشمل الأمر ما إذا كان الصبي هو البائع كما يحصل في بعض المحلات التجارية، عندما يجعل الوالد ولده مكانه ويمضي لقضاء بعض شؤونه.

وبالجملة، إن مقتضى شرطية البلوغ في المتعاقدين تستوجب عدم انتقال ما يأخذه الصبي إليه طعاماً كان أم غيره، وعدم انتقال ماله للبائع، ما دام قد صدرت منه المعاملة على نحو الاستقلال ولو كان ذلك بإذن من وليه، فيكون كل من الثمن والمثمن باقياً على ملكية صاحبه.

وقد يعالج الأمر من خلال أحد أمرين:

 

الأول: أن يكون الصبي مفوضاً أو موكلاً من قبل وليه في إجراء المعاملة البيعية، فلا يوقعها الصبي مستقلاً عن نفسه، بل هو يوقعها بمقتضى وكالته عن وليه سواء كان أبوه أم جده لأبيه، الذي قد وكله أن يشتري له ما يشاء شراؤه، ثم يتملكه لنفسه، أو يتصرف فيه بما يشاء، فتكون المعاملة في الحقيقة واقعة بين البالغين، البائع والولي، وليست واقعة بين بالغ وصبي، لأن الصبي لا يجري المعاملة لنفسه وبنحو الاستقلال وإنما يجريها وكالة عن وليه، أو بتفويض منه.

 

الثاني: أن يفصل في المعاملات التي يجريها الصبي بين ما إذا كانت المعاملة التي يوقع عليها المعاوضة خطيرة وبين كونها يسيرة، فيحكم بعدم صحة المعاملة الصادرة منه لو كانت خطيرة، بخلاف ما إذا كانت المعاملة يسيرة، فلا يوجد ما يمنع من صحتها.

وتحديد كون المعاملة يسيرة أو خطيرة يرجع فيه إلى العرف ليشخص الموضوع ويحكم بكون المعاملة من أي منهما.

 

والموجب لهذا التفصيل فيحكم بصحة المعاملة الصادرة من الصبي حال كونها يسيرة، دون ما إذا كانت المعاملة خطيرة، هو انعقاد السيرة على قيام الصبيان بمباشرة البيع والشراء في الأشياء اليسيرة كالخبز والماء وما شابه ذلك. مضافاً إلى التمسك بقاعدة نفي العسر والحرج.