مجهول المالك

مجهول المالك

 

للمكلفين علاقة بالدولة تنشأ من انضمامهم لبعض مرافقها من خلال الوظيفة، أو من خلال الاستفادة من بعض مرافقها كالبنوك أو المستشفيات أو المدارس والجامعات، وهكذا.

وقد اختلف الفقهاء في حكم أموال الدولة، وهناك قولان أساسيان:

 

الأول: البناء على ملكيتها، فتكون الأموال الموجودة تحت يدها نظير المال الموجود في يد الشخص، فيكون التعامل معها كالتعامل مع أموال الآخرين، وقد أختاره جملة من الأعلام، كالإمام الخميني(ره) والسيد الخامنئي(حفظه الله).

الثاني: الالتزام بعدم ملكيتها، ويعامل المال الموجود تحت يدها معاملة المال مجهول المالك، وقد أختاره الإمام الخوئي(ره) والسيد السيستاني والأستاذ الشيخ الوحيد(دام ظلهما)، وللسيد الحكيم(دام ظله) تفصيل في ملكيتها.

ولا يخفى أنه وفقاً للقول الأول لن تكون هناك أدنى مشكلة في التعامل معها، والاستفادة من مرافقها، لكن المشكلة تكمن وفق القول الثاني، فإنه سوف يبتلى بمشكلة مجهول المالك.

والمقصود من مجهول المالك هو المال الذي لا يعرف صاحبه.

 

ولمجهول المالك جملة من الآثار المترتبة عليه، كما أن له حكماً خاصاً، فهنا نقطتان:

 

النقطة الأولى: آثار المال مجهول المالك:

الأولى: عدم اشتغال ذمة البنك ولا الدولة بمال لمن أودع ماله فيه فلا يحق له المطالبة به، وذلك لعدم وقوع المعاملة مع البنك أو الدولة مباشرة وإنما تمت بواسطة الموظف المتصدي لذلك وهو ليس مفوضاً من قبل البنك ولا من قبل الدولة بالقيام بذلك، لعدم وجود جهة محددة تمثل البنك أو الدولة بحسب الفرض.

الثانية: انطباق عنوان الإتلاف على الأموال المودعة في البنوك الحكومية والمشتركة، ولازم ذلك اشتغال ذمة المودع لها بالخمس، فيجب عليه دفع خمس ما أودعه فيها، لأن المال المتلف زائد على مؤونته.

ووجوب الخمس في هذا المقدار من المال فوري، فلا ينتظر لحلول السنة الخمسية، لأن التسامح في الانتظار لحلول رأس السنة الخمسية غايته انتفاع المكلف من الربح لإمكان تجدد حاجة له من المؤونة تستوجب الصرف فيها، وهو لا يتصور في المال المتلف.

الثالثة: عدم حرمة أخذ المال من البنك بشرط دفع الزيادة إليه، لأن الموجب للمنع وقوع القرض الربوي، وهذا غير متحقق في البنك الحكومي أو المشترك، لعدم وجود الجهة المقرضة، فإن المفروض عدم ملكية البنك لما تحت يده من أموال.

 

الرابعة: تعامل الأموال المأخوذة من البنك معاملة مجهول المالك، فمن أودع أمواله فيه وجاء يستردها منه، لا يكون مالكاً لما استرد بل يكون واضعاً يده على المال مجهول المالك، وعليه لابد من تطبيق حكمه فيها كما سيأتي في النقطة الثانية إن شاء الله تعالى.

الخامسة: لا يتعلق الخمس بأموال الموظفين المحولة من جهات عملهم مباشرة إلى أرصدتهم البنكية، ولا يقبضونها بأنفسهم فعلاً، وذلك لعدم تحقق ملكيتهم لها، وإنما يجب الخمس في ما يكون مملوكاً.

السادسة: تعدد إخراج الحق الشرعي في بعض الموارد من المال، كما لو أودع مالاً في البنك فقد أتلفه فيتعلق به الخمس، فإذا سحبه عدّ ربحاً جديداً يتعلق به الخمس، فإذا أرجعه للبنك فقد أتلفه فيجب خمسه، وهكذا.

السابعة: عدم استحقاق الغني لأمواله التي أودعها في البنك الحكومي أو المشترك حين استردادها، وذلك لأنها بحسب الفرض قد أصبحت مجهولة المالك، وستعرف حكمها في النقطة الثانية من اختصاصها بالفقراء والفرض عدم كونه كذلك لأنه غني.

ولا ينحصر الأمر في الآثار التي ذكرنا، بل هناك آثار أخرى غيرها أعرضنا عن ذكرها طلباً للاختصار.

 

النقطة الثانية: حكم مجهول المالك:

لقد نص في كلمات الفقهاء أن مصرف مجهول المالك هم الفقراء، يصرف عليهم بإجازة من الحاكم الشرعي ببيان كيفية الصرف له عليهم فقد يقرر صرفه عليهم كلياً وقد يقرر صرف جزء منه عليهم والسماح لمن وضع يده عليه بالتصرف في بقيته، وذلك كنوع من الأجرة أو المقابل له مثلاً على تحصيله لمجهول المالك.

خاتمة:

وقد صدر من الإمام السيستاني(أطال الله في عمره الشريف) إمضاء للمعاملات الواقعة مع الدولة ومع المرافق التابعة لها، فلا يكون التعامل عندها مع مجهول المالك، كما أنه فد أعطى إجازة عامة للتصرف في مجهول المالك وفق آلية محددة، كصرف النصف من أرباح البنوك على الفقراء واستفادة المكلف من النصف الآخر.

 

 

تعليقات الفيسبوك

التعليقات مغلقة