20 أبريل,2024

اختيار الصديق (1)

اطبع المقالة اطبع المقالة

للصديق أثر بالغ في حياة صديقه وتكييفه فكرياً وأخلاقياً،لما هو المعروف من أن الإنسان مطبوع على سرعة التأثر والانفعال بالقرناء والأصدقاء.

من أجل ذلك كان التجاوب قوياً بين الأصدقاء،وكانت صفاتهم سريعة الانتقال،تنشر مفاهيم الخير والصلاح تارة،كما أنها قد تنشر مفاهيم الشر والفساد أخرى،كل ذلك تبعاً للخصائص والطباع التي يمتلوكنها.

فالصديق الصالح،رائد خير،وداعية يهدي إلى الرشد والصلاح،كما أن الصديق الفاسد رائد شر،وداعية ضلال،يقود إلى الغي والفساد.

وكم انحرف أشخاص كانوا مثاليين هدياً وسلوكاً وضلوا في متاهات الغواية والفساد،لتأثرهم بالأصدقاء المنحرفين.

وهذا ما يحتم على كل عاقل أن يتحفظ في اختيار الأصدقاء،ويصطفي منهم من تحلى بالخلق المرضي والسمعة الطيبة والسلوك الحميد.

صفات الصديق المثالي:

هذا وينبغي أن تتوفر في الصديق المثالي مجموعة من الصفات،أهمها:

1-أن يكون عاقلاً لبيباً مبرءاً من الحمق،فإن الأحمق ذميم العشرة مقيت الصحبة،مجحف بالصديق،وربما أراد نفعه فأضره وأساء إليه لسوء تصرفه وفرط حماقته،كما وصفه أمير المؤمنين(ع)في حديث له فقال:

وأما الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه،وربما أراد منفعتك فضرك،فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه[1].

2-أن يكون متحلياً بالإيمان والصلاح وحسن الخلق،فإن لم يتصف بذلك كان تافهاً منحرفاً يوشك أن يغوي أصدقائه بضلاله وانحرافه،خصوصاً وقد عرفت أن الصديق يتأثر بصديقه.

ولقد صور القرآن الكريم،كيف يندم الإنسان لصحبته رفقاء السوء،قال تعالى:- (يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً،يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلاناً خليلاً،لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً)[2].

وعن أبي عبد الله الصادق(ع)قال:قال رسول الله(ص):المرء على دين خليله،فلينظر أحدكم من يخالل[3].

وقد حذر أئمتنا(ع)عن مصاحبة مجموعة من الناس،فعن أبي عبد الله الصادق(ع)عن أبيه(ع)قال:قال لي أبي علي بن الحسين(ع):

يا بني انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم،ولا ترافقهم،فقلت:يا أبه من هم عرفنيهم.قال:

إياك ومصاحبة الكذاب فإنه بمنـزلة السراب يقرب لك البعيد ويبعد لك القريب،وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك بأكلة أو أقل من ذلك،وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه،وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاث مواضع…الخ… [4]

——————————————————————————–

[1] بحار الأنوار كتاب العشرة.

[2] سورة الفرقان الآية رقم 27-29.

[3] بحار الأنوار كتاب العشرة.

[4] الوافي ج 3 ص 105.