- موقع سماحة العلامة الشيخ محمد العبيدان القطيفي - https://www.alobaidan.org -

الشعائر الحسينية (1)

مدخل:

تعتبر الشعائر الحسينية أحد الروافد الرئيسية الهامة التي أسسها أهل البيت(ع)للبناء الثقافي للأمة،كما تعتبر أحد الخطوط الهامة التي اعتمد عليها أئمتـنا(ع)لتربية الأمة وإعداد جيل إسلامي صالح.

ولهذا تمثل الشعائر الحسينية مضافاً إلى تعبيرها عن الولاء العميق لأهل البيت(ع) عامة وللإمام الحسين(ع)خاصة، اجتماعاً للتداول في الأمور العقائدية والشؤون الأخلاقية والاجتماعية والتاريخية،والقضايا ذات العلاقة بالأمور الحيوية اليومية التي تهم المسلمين.

ولهذا قلنا أنها تمثل أحد الخطوط المهة في الرفد الثقافي والتوعية للأمة والنهوض بها لما هو أفضل، وجعلها تصعد مدارج الكمال.

وقد وضع الأئمة(ع)التصميم العام لهذه الشعائر، وأعطوها أبعادها الدينية الكاملة، وحددوا الشكل والمضمون الذي يتناسب مع الدور المهم الذي لابد لها أن تؤديه،بحيث ينسجم من ناحية الشكل مع ظروف المأساة وأتباع أهل البيت(ع)،ومن ناحية المضمون مع الأبعاد السياسية والروحية والثقافية والعقائدية.

ولما كانت الشعائر الحسينية ذات أهداف متعددة الجوانب،وكان الجانب الثقافي أحد الأهداف الأساسية والمهمة منها،بالإضافة إلى الجوانب الأخرى،لذا أحببت أن أتحدث شيئاً ما عن هذه الشعائر،ولو بصورة موجزة خصوصاً ونحن على أبوبا عاشوراء،والذكرى المؤلمة للفاجعة العظمى لكربلاء المقدسة.

أقسام الشعائر:

يمكننا أن نقسم الشعائر من الناحية الواقعية بحسب الشكل والمضمون إلى قسمين أساسيـين:

القسم الأول:الشعائر الحسينية المنصوصة.

القسم الثاني:الشعائر الحسينية المخترعة،والمستحدثة.

الشعائر المنصوصة:

ونعني بالشعائر المنصوصة، الشعائر التي ورد فيها النص الثابت والصريح من قبل أهل البيت(ع).

وهذه الشعائر تـتصف بالثبات بحسب الأداء.

وعلى أي حال،هذه الشعائر تنحصر في ثلاثة أمور:

1-البكاء.

2-الزيارة.

3-المجالس الحسينية.

وسوف نتحدث عن كل واحد من هذه الأمور بشكل موجز.

البكاء:

ورد البكاء وجميع العناوين الأخرى التي تكشف عن مظاهر التعبير عن الحزن والأسى والتظلم المعقول في أحاديث كثيرة عن أهل البيت(ع).

وقد تعرضت تلك النصوص إلى بيان أهمية هذه الأمور،وأشارت إلى الآثار المترتبة عليها،وذلك لما فيها من التفاعل العاطفي والروحي مع مأساة أبي الأحرار الحسين(ع).

كما وردت عندنا نصوص تشير إلى بكاء الأئمة(ع)من بعد الحسين على مصاب الحسين(ع).

ويعتبر واضع هذه الأسس من الأئمة بعد الحسين(ع)إمامنا زين العابدين(ع)حيث وضع أسسه ورفعه في مداه الواسع.

فقد جاء في كامل الزيارات أن مولى للإمام زين العابدين(ع)اشرف عليه وهو في سقيفة له ساجد يبكي،فقال له:يا علي بن الحسين،أما آن لحزنك أن ينقضي؟فرفع رأسه إليه وقال:ويلك والله لقد شكا يعقوب إلى ربه في أقل ما رأيت حيث قال:- (يا أسفاً على يوسف)وإنه فقد ابناً واحداً،وإني رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي.

وفي وسائل الشيعة عن أبي عبد الله الصادق(ع)أنه قال:بكى علي بن الحسين على الحسين بن علي صلوات الله عليهم أجمعين عشرين سنة-أو أربعين سنة-وما وضع بين يديه طعام إلا بكى على الحسين(ع)حتى قال له مولى له:جعلت فداك يا ابن رسول الله،إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين!فقرأ:- (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون)إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك العبرة.

هذا ولا يمكننا أن نحمل هذه الممارسة الواسعة والممتدة للإمام زين العابدين(ع)على أنها مجرد انفعال عاطفي بالمشاهد التي عاشها أيام محرم الحرام،بحيث لم يكن قادراً على ضبط أحاسيسه وعواطفه طيلة هذه الفترة من الزمن،نعم نحن لا ننكر هذا الجانب،لكننا لا يمكننا أن نحصره في خصوصه دون غيره،ولذا ينبئ هذا العمل من الإمام(ع)مضافاً إلى البعد العاطفي عن تصميم وتخطيط محكم كان يمارسه الإمام زين العابدين(ع)يعتمد على الحقيقة المأساوية التي عاشها(ع)شخصياً،ويؤكد عمقها وهولها،لتبقى قضية الأمة الإسلامية،وتـتحرك على أساسها الأمة المؤمنة لتقف في وجه الظالمين والطغاة والمردة.

وقد أعطى أئمة أهل البيت(ع)بعد الإمام زين العابدين(ع)عمقاً آخر لهذا الشعار عندما طرحوه مصداقاً من مصاديق تعظيم شعائر الله، وأسلوباً للتعبير عن استنكار الظلم، والتفاعل الذاتي مع قضية كربلاء وأهدافها، ومنهجاً لتـزكية النفس وتهذيبها، بحيث تحول إلى عبادة يمارسها الإنسان بطريقة فردية أو جماعية.

فقد ورد التأكيد عن أهل البيت(ع)على أهمية البكاء أو التباكي على الحسين(ع)والثواب المترتب عليه، بحيث أصبح مصداقاً آخر من مصاديق البكاء المحبوب لله تعالى، يشبه البكاء من خشية الله سبحانه وتعالى.

فعن أبي عبد الله الصادق(ع)أنه قال لفضيل:تجلسون وتحدّثون؟قال:نعم جعلت فداك.قال:إن تلك المجالس أحبها،فأحيوا أمرنا يا فضيل،فرحم الله من أحيا أمرنا،يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر.

فلسفة البكاء:

هذا وتظهر أهمية البكاء مضافاً إلى الجانب العبادي والتعبدي الذي أشير له في النصوص بملاحظة الآثار التالية المترتبة عليه:

أولاً:إن البكاء له بعد سياسي، لأنه طريقة فضلى إنسانية واجتماعية،سليمة وهادئة،لاستنكار الظلم والتعبير عن عمق المأساة والمظلومية التي تعرض لها الإمام الحسين(ع)وأهدافه النبيلة.

وتظهر أهمية هذا الأسلوب في هذا البعد السياسي في ظروف المحنة والقمع والإرهاب، عندما تعجز بقية الأساليب عن التعبير عن ذلك.

وقد كان شيعة أهل البيت يعيشون في مختلف الأدوار ظروفاً صعبة وقاسية، فيصبح هذا الأسلوب أفضل أسلوب للتعبير عن موقفهم السياسي وبقائهم مشدودين إلى هذا الموقف.

ولعل هذا التفسير يعيننا على فهم الاهتمام الشديد من الإمام زين العابدين(ع)بهذا الأسلوب بالذات،بالإضافة إلى الواقع النفسي الذي كان يعيشه بسبب حضوره في كربلاء.

وهذا يؤكد حقيقة مهمة في تخطيط أهل البيت(ع)تجاه القضية السياسية وهي أن الإنسان المؤمن لابد له أن يقرن إيمانه السياسي بالقضية بموقف عملي تجاهها مهما كانت الظروف، ولو كان هذا الموقف العملي هو أضعف الإيمان، ولا يصح له بأي حال من الأحوال أن يقف موقف اللامبالاة تجاه الفكر السياسي أو العقيدة السياسية.

وهذا المعنى قد يظهر من النصوص الواردة عنهم(ع)في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجوب إنكار المنكر ولو بالقلب إن لم تكن المراتب الأعلى مقدورة، أو كانت محظورة، ولذا عبر عنها بأنها أضعف الإيمان.

ثانياً:إن البكاء يجسد في نفس الوقت تفاعلاً ذاتياً أخلاقياً مع مأساة كربلاء،ولكن بالحد الأدنى من التفاعل،ويشد عواطف الإنسان المسلم بالقضية وأهدافها ورجالها ويبعده وينفره طبيعياً عن أعدائها وأخلاقهم ومقاصدهم.

وهذا البعد الأخلاقي في البكاء كان أحد الأسباب الطبيعية التي تمكن أهل البيت(ع)من خلالها أن يحفظوا في أصحابهم أخلاقية الانضمام والوقوف إلى جانب الحق والمواجهة للظلم بالرغم من الضغوط التي كانوا يواجهونها سواء على المستوى الاجتماعي أو الفردي،وسواء على المستوى الخارجي كالضغوط التي يمارسها الطغاة ضدهم،أو على المستوى الداخلي كضغوط الشهوات والرغبات.

ثالثاً:إن البكاء يمثل منهجاً في تزكية النفس وتطهيرها من الأدران، ويرفع درجة الإحساس في الإنسان بالآم الإنسانية،والانحرافات الاجتماعية والوعي لقضايا الظلم والعدل،لأنه يؤثر في رقة القلب ويقظة الضمير ووعي الوجدان.

ومن المعروف أن إحدى القضايا الأخلاقية التي أولاها الإسلام والشرع الشريف أهمية عظمى قضية قسوة القلب وخشوعه، لما لها من أهمية في التأثير في مسيرة الإنسان الذاتية، ولذا نرى القرآن الكريم عالجها في مواطن كثيرة، وانتقد بشدة قسوة القلب، كما مجد رقة القلب وخشوعه، قال تعالى:- (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة)سورة البقرة الآية رقم 74.

ولا شك أن البكاء يمثل أفضل وسيلة لغسل درن القلب، وتهيئة الأرضية الصالحة فيه للتفاعل والتأثر.

ومن هنا جاء الحث الشديد من الشارع المقدس على البكاء من خشية الله تعالى، وأصبحت العين الباكية من خشية الله في وصف العين التي تكف عن محارم الله أو تسهر في سبيل الله كما ورد في ذلك في بعض النصوص.(بحار الأنوار ج 93 ص 329).

على أنه يمكننا أن نتصور أمراً آخر في البكاء وهو كونه بعداً ثقافياً يرتبط بموضوع العدل والظلم، حيث إن دوافع البكاء التي تثير في الإنسان هذا الإحساس العاطفي والوجداني، لا شك أن لها تأثيراً في ثقافة الإنسان وفهمه للحياة وتفاعله مع قضاياه، وعندما يتم التركيز على الإثارة تجاه المظلومية والتعرض للعدوان ويتفاعل الإنسان مع هذه الإثارة،فلا شك أن الإنسان سوف يكون تصوراً عن أسباب الظلم ورفضها،وعن مقايـيس العدل والالتزام بها.

الزيارة وأهميتها:

لقد كان الأساس في هذا الشعار هو الحضور عند قبر المولى أبي عبد الله الحسين(ع)، لكنه بعد ذلك أخذ بعداً أوسع في تعظيم أهل البيت(ع)حيث أصبحت الزيارة مطلوبة في مختلف الأوقات ولو كانت من مكان بعيد، وأصبحت بعد ذلك منطلقاً لزيارة مشاهد قبور الأئمة الأطهار(ع)جميعاً والصالحين من أولادهم وأتباعهم.

ولعل أول من قام بزيارة قبر الإمام الحسين(ع)هو جابر بن عبد الله الأنصاري(رض)والتقى يومها بالإمام زين العابدين(ع)في يوم الأربعين من شهادته، كما جاء ذلك في كتب السير والمقاتل، بعد رجوع الإمام(ع)من الشام في طريقه إلى المدينة المنورة.

ثم ندب الأئمة(ع)بعد ذلك إلى زيارة قبر الإمام الحسين(ع)، ونصت بعض الروايات الآتية على أنها فريضة على من يؤمن بإمامته من شيعة أهل البيت(ع)، كما تحدثت النصوص التي وردت عن أئمة أهل البيت(ع)عن الثواب والأجر العظيم، الذي يترتب على هذا العمل العبادي الشريف وأفضليته على العمرة والحج المندوبين.

هذا ولا يخفى على المتأمل أن البحث في المداليل الأخلاقية والاجتماعية والروحية والسياسية لهذا الشعار بحاجة إلى حديث طويل،خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار الجانب التاريخي وردود الفعل الصادرة من السلطات الحاكمة في تلك العصور تجاه هذا الشعار في مختلف الدوار.

لكن ذلك لا يمنع من الإشارة الموجزة لبعض تلك الأبعاد.

أبعاد شعار الزيارة:

الأول:تثقيف أهل البيت(ع)أصحابهم على الالتزام بالمفاهيم العقائدية والأخلاقية والسياسية التي تضمنتها نصوص الزيارات التي وردت للحسين(ع)في الأيام المخصوصة المختلفة،حيث كانت الزيارة تكريساً لموسم خاص للتعبير عن هذا الالتزام تجاه هذه المفاهيم ذات الأبعاد المتعددة،الأمر الذي أوجد خطاً ثقافياً واعياً وثابتاً في وسط تلك الثلة الإسلامية.

الثاني:ربط الأمة الإسلامية، بهذه الشخصية الإسلامية ومواقفها الشرعية، فإن أئمة أهل البيت(ع)كانوا بحاجة إلى أن يؤكدوا خطاً ثابتاً في مسيرتهم وموقفاً واضحاً في مذهبهم، وهو خط الرفض للطغيان والظلم، الذي أعلنه الإمام الحسين(ع)وتحدث عنه في أول خطبة ألقاها على أهل الكوفة، فقال(ع):

أيها الناس، إن رسول الله(ص)قال:من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله، ناكثاً لعهده، مخالفاً لسنة رسول الله(ص)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بقول ولا فعل كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وإني أحق بهذا الأمر.(الكامل في التاريخ ج 4 ص 48).

الثالث:تربية أئمتنا(ع)أصحابهم على مضمون نهضة الإمام الحسين(ع)، وذلك من خلال الولاء لهذه الشخصية الإسلامية، والتلبية لندائه، باعتباره داعياً إلى الله سبحانه وتعالى(لبيك داعي الله، إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري).(زيارة الإمام الحسين(ع)في النصف من رجب وشعبان).

أو يتم ذلك على المستوى الثقافي لهذه الشعائر، أو المستوى الاقتصادي لها،أو غير ذلك.

المجالس الحسينية:

وهي عبارة عن الاجتماعات التي تعقد من قبل أتباع أهل البيت(ع)، سواء في أيام المصيبة العظمى من شهر محرم وصفر، أو في الأيام الأخرى من بقية السنة.

ويتم في هذه المجالس تداول حوادث مأساة الطف وغيرها من القضايا الدينية الأخرى.

وقد كانت البداية لهذه المجالس كونها مجالاً للتعبير عن الحزن العميق لمصاب الإمام الحسين(ع)والتجسيد لعظم المصيبة التي نزلت به وبأهل بيته والأبعاد المأساوية التي اشتملت عليها حادثة كربلاء، والوحشية التي اتسمت بها الطغمة الأموية وبالخصوص يزيد الطاغية، والتي كشفت عن الحقد والعداء الذي تكنه هذه العصابة المجرمة ضد الإسلام ورسوله وأهل بيته الكرام.

ثم تطورت هذه المجالس إلى مدرسة سيارة لأتباع أهل البيت(ع)تلبي جميع الحاجات الثقافية والاجتماعية والروحية والعاطفية،وغير ذلك للمنـتمين لخط أهل البيت(ع).

ويمكننا بملاحظة التاريخ أن نقول بأن أول مجلس قد عقد من هذه المجالس هو المجلس الذي عقد عصر عاشوراء بعد الفاجعة العظمى التي حلت على الإسلام بشهادة أبي عبد الله(ع)،من قبل العائلة العلوية،ثم استمر عقد المجالس على ظهور النياق من قبل العائلة،واستمروا في ذلك مروراً بالكوفة،حتى الشام.

وهذا ما يمكننا أن نصطلح عليه بالمآتم العائلية، ويواكبها المآتم العرضية التي عقدت في الكوفة أو المدينة من خلال شيعة أهل البيت، ومحبي الإمام الحسين(ع).

وقد ظهر بشكل واضح أثر هذه المجالس وهي في بدايتها من خلال التوعية الشاملة التي قامت بها مولاتنا العقلية زينب، وإمامنا زين العابدين(ع)عند ورود الركب الحسيني إلى الشام وحضورهم في مجلس يزيد بن معاوية، حيث تنص بعض المصادر أن الإمام(ع)عقد مجلساً تأبينيناً في الشام مدة ثلاثة أيام.

كما أقام أهل البيت وبعض زوجات النبي(ص)كأم سلمة مجالس العزاء في المدينة المنورة عند رجوع عيالات الحسين(ع)ومعهم الإمام السجاد(ع).

وبقي أهل البيت(ع)يعقدون هذه المجالس كلما أتيحت لهم الفرصة وخصوصاً في أيام عاشوراء، ويحثون شيعتهم ومواليهم على عقدها.

أدوار المجالس الحسينية:

الذي يبدو أن المأتم الحسيني قد مرّ منذ أن أسس وعقد حتى يومنا هذا بثلاثة أدوار كبرى تمثل حقباً تاريخية وثقافية مرت على الإنسان الشيعي بوجه خاص، والمسلم بوجه عام.

والأدوار الثلاثة هي:

الدور الأول:

وهي المرحلة التي بدأت ما بعد الثورة، واستمرت حتى سقوط بغداد في يد هولاكو أو قبل ذلك بقليل.

الدور الثاني:

وهو الذي بدأ من حين سقوط بغداد أو قبله بقليل، واستمر طيلة القرون المظلمة في تاريخ المسلمين إلى العصر الحديث.

الدور الثالث:

وهو الذي يبدأ من بدايات العصر الحديث حتى الآن.

هذا ولا نجد مصدراً من المصادر يشير إلى مراحل تكون المأتم وتطوراته التي مرّ بها عبر التاريخ، ومضمونه الثابت ومضمونه المتغير.

نعم ما يمكننا أن نطمئن بكونه عنصراً ثابتاً للمجالس الحسينية خلال هذه الأدوار الثلاثة هو قصة ثورة الحسين(ع)مع التركيز على الجانب المأساوي منها، من غدر الكوفيـين وخيانتهم، وغلو الأمويـين في ظلمهم وتنكرهم للقيم، ومنع وصول الماء إلى المخيم الحسيني وما أدى إليه ذلك من عطش الصبية والنساء والمقاتلين، وإصرار ابن زياد على إذلال الإمام الحسين(ع)وإبائه ومن معه الضيم، وأذن الحسين لمن معه من أهل بيته وأصحابه بتركه والنجاة بأنفسهم ورفضهم ذلك، إلى غير ذلك مما يجسد واقعة كربلاء، ويصور المأساة وجزئياتها.

هذا والحديث عن كل دور من هذه الأدوار يستدعي الإطالة فنوكل الحديث عنه إن شاء الله تعالى إلى مناسبة أخرى بإذن الله.