28 مارس,2024

حول مسألة خلق القرآن

اطبع المقالة اطبع المقالة

س:نرجو منكم التحدث حول مسألة خلق القرآن؟…

ج:لما ظهرت الفلسفة،وبدأ البحث بالنسبة لصفات الله تعالى بين المتكلمين،ظهرت عدة مسائل كان من أهمها مسألة كلام الله وخلق القرآن.

وقد تبنى المعتـزلة القول بخلق القرآن وانبروا يدافعون عنه بشتى الوسائل،ولما كانت الخلافة العباسية في عصر المأمون ومن بعده إلى زمن الواثق بالله تؤيد حركة الاعتزال وآراءها،استفاد المعتـزلة من هذا الغطاء،وقاموا باختبار علماء الأمصار الإسلامية في هذه المسألة،وكانت نتيجة هذا الامتحان أن أجاب جميع الفقهاء في ذلك العصر بنظرية خلق القرآن،ولم يمتنع منهم إلا نفر قليل،على رأسهم أحمد بن حنبل.

ولا يخفى أن هذه المسألة ليست من أمهات المسائل الدينية الأساسية،وإلا لو كانت كذلك لأوضحها الوحي للنبي(ص).

نعم استدل كلا الفريقين القائل بالخلق والقائل بعدمه ببعض الآيات الشريفة،لكنها ليست من الوضوح بمكان على أصل الاستدلال.

نعم تبلورت فكرة هذه المسألة في القرن الثاني الهجري.

ولقد خالف ابن تيمية أصحابه من أهل الحديث لما رأى أن مقالتهم بقدم القرآن مقالة تافهة،وصار يستدل بأدلة المعتـزلة.

هذا والذي يهمنا هو التعرض لموقف أهل البيت(ع)في المسألة:

وعندما نرجع لمعرفة ذلك نجد في البداية أن الأئمة(ع)قد منعوا أصحابهم من الخوض في هذه المسألة،فقد سأل الريان بن الصلت الإمام الرضا(ع)وقال له:ما تقول في القرآن؟

فقال(ع):كلام الله لا تـتجاوزه ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا.

وروى علي بن سالم عن أبيه قال:سألت الصادق جعفر بن محمد فقلت له:يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟

فقال:هو كلام الله وقول الله وكتاب الله ووحي الله وتنـزيله،وهو الكتاب العزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،تنـزيل من حكيم حميد.

وحدث سليمان بن جعفر الجعفري قال:قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر(ع):يا ابن رسول الله،ما تقول في القرآن؟فقد اختلف فيه من قبلنا،فقال قوم إنه مخلوق،وقال قوم إنه غير مخلوق؟

فقال(ع):أما إني لا أقول في ذلك ما يقولون،ولكني أقول:إنه كلام الله.

فإنا نرى أن الإمام(ع)يـبتعد عن الخوض في هذه المسألة لما رأى من أن الخوض فيها ليس لصالح الإسلام،وأن الاكتفاء بأنه كلام الله أحسم لمادة الخلاف.

ولكنهم(ع)عندما أحسوا بسلامة الموقف،أدلوا برأيهم في الموضوع،وصرحوا بأن الخالق هو الله وغيره مخلوق،والقرآن ليس نفسه سبحانه،وإلا يلزم اتحاد المنـزِل والمنـزَل،فهو غيره،فيكون لا محالة مخلوقاً.

فقد روى محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني أنه كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا(ع)إلى بعض شيعته ببغداد:بسم الله الرحمن الرحيم،عصمنا الله وإياك من الفتنة،فإن يفعل فقد أعظم بها نعمة،وإن لا يفعل فهي الهلكة،نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة،اشترك فيها السائل والمجيب،فيتعاطى السائل ما ليس له،ويتكلف المجيب ما ليس عليه،وليس الخالق إلا الله عز وجل،وما سواه مخلوق،والقرآن كلام الله،لا تجعل له إسماً من عندك فـتكون من الضالين،جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون.