29 مارس,2024

حضور القلب في الصلاة

اطبع المقالة اطبع المقالة

س:ما هي الطريقة التي تساعد الإنسان على حضور قلبه في الصلاة؟…

ج:الظاهر أن هناك أمرين رئيسين يعتبران المانع الأساس في عدم حضور القلب، وهما:

الأول: حب الدنيا وتعلق الخاطر بالحيثيات الدنيوية، التي هي رأس الخطايا وأم الأمراض الباطنية، فما دام القلب متعلقاً به، ومنغمراً في حب الدنيا، فالطريق لإصلاحه مسدود.

الثاني: وجود طائر الخيال، الذي هو فرّار بطبعه، حتى للمبتعدين عن حب الدنيا والتاركين لشهواتها.

فلابد من تحصيل سكون الخاطر واطمينان النفس وتوقف الخيال، لأن ذلك من الأمور المهمة التي بإصلاحها يحصل العلاج القطعي.

ويمكن أن نعالج الأمر الثاني من خلال أن الإنسان متى أراد أن يقوم بالصلاة فعليه أن يهيئ نفسه بأن يحفظ خياله في الصلاة ويحبسه في العمل، ومتى أراد الخيال الفرار من يد الإنسان أسترجعه فوراً، كما عليه أن يلتفت إلى حاله في جميع حركات الصلاة وسكناتها وأذكارها وأعمالها ويفتش عن حاله ولا يدعه بحاله.

وهذا وإن كان صعباً في بداية الأمر، لكنه يكون بعد مدة سهلاً وأمراً بسيطاً.

ثم إن هذا لن يكون دفعة واحدة، بل لابد أن يكون بنحو تدريجي، فيـبدأ بحبس نفسه في بعض الصلوات، ثم يكثر العدد بعد مدة وهكذا.

وأما الأول فيمكن علاجه من الناحية العملية، من خلال الابتعاد عن الدنيا، لكن هذا لا يعني أن يعيش حالة من التصوف كما يتصورها البعض، فإن هذا فهم خاطئ، وإنما نعني بترك الدنيا، أن يعامل الحب لها بالضد، فإذا كان تعلقه بالدنيا بمال مثلاً، فيسعى لقطع جذوره عن القلب من خلال بسط اليد والصدقات الواجبة والمستحبة، وإن من أسرار الصدقات تقليل العلاقة بالدنيا، ولهذا يستحب للإنسان أن يتصدق بالشيء الذي يحبه ويتعلق قلبه به، كما قال تعالى:- (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون).

أما لو كانت علاقته بفخر وتقدم ورياسة واستطالة فليعمل ضدها ويرغم النفس حتى تصير إلى الصلاح.

وبالجملة متى تم زوال الموانع التي تمنع من حضور القلب في الصلاة، كان حضوره أمراً هيناً، والله الموافق والهادي إلى سواء السبيل.