29 مارس,2024

خمس زكاة الفطرة

اطبع المقالة اطبع المقالة

خمس زكاة الفطرة (خطبة العيد الأولى) شوال 1429هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيـبين الطاهرين، سيما بقية الله في الأرضين، ولعنة الله الدائمة التامة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين، أبارك لكم أيها الأحبة حلول عيد الفطر السعيد، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يعيده عليكم باليمن والبركات والخيرات، بعد تقبله الصيام والقيام والطاعات، ثم بعد ذلك أقول:

لقد نص الفقهاء(رض) على أنه يجب على كل مسلم استجمع شرائط منصوص عليها في الرسائل الفقهية، دخلت عليه ليلة العيد، أن يخرج زكاة الفطرة، عن نفسه وعمن يعول، ومحل هذه الفتوى هو كتاب الزكاة من الرسائل العملية.

وقد جرت العادة عند الحديث عن زكاة الفطرة التعرض لجملة من الأحكام المتعلقة بها، كشروط وجوبها، ومقدارها، وجنسها الذي تخرج منه، ووقت الإخراج، ومصرفها.

ومن المسائل التي تذكر عند الحديث عن زكاة الفطرة، مسألة إخراج خمس زكاة الفطرة لمن لا يخرج الحق الشرعي من أمواله، وقد جرت سيرة طلبة العلوم الدينية في بلادنا على هذا المنوال، ومقتضى العادة الجارية أن يكون هذا الذكر منهم(وفقهم الله) موافقته لفتاوى أعلام الطائفة، كون ذلك يمثل إحدى فتواهم، لأن طلبة العلوم الدينية يعدون أحد المصادر التي يمكن للمكلفين من خلالها معرفة فتاوى مراجعهم، إما لقيام طلبة العلم ببيانها من الرسائل العملية، أو لقيامهم باستفتاء المرجعية ومعرفة الفتوى منهم.

والحاصل، إن هذا البيان منهم يكشف إذن عن فتوى الفقهاء، وهذا يستدعي أن يلتـزم المكلفون بالامتثال، لكونهم يقلدون مراجعاً هذه فتاواهم.

إلا أننا عندما نعود لرسائل الفقهاء العملية، لا نجد لهذه النقولات أثراً، مما يوجب التوقف في القبول بها، بل إن فتوى الأعلام على خلافها، بمعنى أن المستفاد من فتاوى فقهاء الطائفة رحم الله الماضين، وأطال في أعمار الباقين على خلاف ذلك، لأنهم يلتـزمون بعدم الوجوب.

وحتى يتضح ما ذكرناه، نوقع الحديث في خطبتنا هذه ضمن محاور ثلاثة:

المحور الأول: بماذا يتعلق الخمس.

المحور الثاني: بعد وضوح ما يتعلق به الخمس، وما لا يتعلق به، أين تكون زكاة الفطرة، فهل تكون فيما يتعلق به الخمس، أم تكون فيما لا يتعلق به الخمس.

المحور الثالث: هناك استفتاء صادر من سيدنا الخوئي(ره) كيف يتم التعامل معه.

المحور الأول: بماذا يتعلق الخمس:

عند الرجوع لكتاب الخمس من الرسالة العملية، وبالتحديد في ما يجب فيه الخمس ينص الفقهاء على أن أحد ما يجب فيه الخمس، هو أرباح المكاسب، ويذكرون أن تعلق الخمس بها إنما يكون بعد استثناء المؤنة، من دون فرق بين كون الإنسان يخرج الحق الشرعي من ماله، أم لا يخرجه، وهذا المعنى يستفاد من خلال النصوص الشريفة الصادرة عن أهل بيت العصمة والطهارة(ع)، والتي تضمنت أن الخمس بعد المؤنة.

لكن النصوص الشريفة مع أنها تعرضت إلى أن الخمس إنما يكون بعد استثناء المؤنة، بمعنى لا يتعلق الخمس بذمة المكلف إلا إذا كان هناك زائد على مؤنته، فما لم يكن هناك زيادة على مؤنته،فإنه لا يتعلق بها الخمس، إلا أنها لم تتعرض لبيان المقصود من المؤنة، وسكوت النصوص المباركة عن بيان حقيقة المؤنة والإشارة للمقصود منها يعني عدم كونها موضوعاً مستنبطاً، وهذا يعني أنه لا يقلد فيها، ويرجع لتحديد المقصود منها إلى العرف.

ووفقاً لذلك فقد عمد فقهائنا رحم الله الماضين، وأطال في أعمار الباقين إلى تحديد المؤنة كبقية الموضوعات العرفية الصرفة الأخرى التي يتصدون لتحديدها كونهم أحد أفراد العرف، فيكون ذلك من شأنهم.

وعلى أي حال، فقد ذكروا في مقام تحديدها أمرين:

الأول: العمد إلى ذكر جملة من المصاديق التي تدخل ضمن دائرة المؤنة، وهذا ما يعبر عنه في المنطق بالتعريف بالمثال، لأنه يمكن للإنسان أن يعرّف الشيء من خلال ذكره أمثلة عليه، تكشف عن معناه.

الثاني: إعطاء ضابطة كلية، يستكشف من خلالها حقيقة المؤنة، ووضوح مدى كون الفرد والمصداق منها أم لا. قال سيدنا الخوئي(ره): والمراد من مؤنة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يصرفه في سنـته، في معاش نفسه وعياله على النحو اللائق بحاله، أم في صدقاته وزياراته، وهداياه وجوائزه المناسبة له، أم في ضيافة أضيافه، أم وفاءاً بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة، أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمداً أو خطأ، أو فيما يحتاج إليه من دابة وجارية، وكتب وأثاث، أو في تزويج أولاده وختانهم وغير ذلك، فالمؤنة كل مصرف متعارف له، سواء كان الصرف فيه على نحو الوجوب أم الاستحباب أم الإباحة، أم الكراهة[1].

ولا يخفى أن الأمر الأول يـبدأ من بداية كلامه(ره)، لحين قوله: فالمؤنة، ومن هنا يـبدأ الأمر الثاني، وقد أشرنا لبيانهما، فلاحظ.

وقد وافقه في هذا التعبير حرفاً بحرف شيخنا الأستاذ الوحيد الخراساني(حفظه الله)[2]، حيث أنه لم يعلق على شيء من كلامه(ره)، وكذا التـزم بذلك في رسالته المباركة منـتخب منهاج الصالحين، وهو عين التعبير الذي ورد في منهاج سيدنا السيستاني(دامت أيام بركاته) ، وكذا كلام سيدنا الحكيم(حفظه الله) في منهاجه، وهو أيضاً رأي القائد الإمام الخامنئي(مد الله في بقاه)[3] وغيرهم من الأعلام ممن لم نذكر أسمائهم.

وعند التأمل في هذا الكلام، وبالتحديد في الأمر الثاني منه، نجد أنه(ره) وكذا الأعلام(حفظهم الله ورعاهم)، نصوا على أن من المؤنة ما يجب على الإنسان صرفه، بمعنى ما يكون الموجب لإخراجه وجوباً تعلق بذمة المكلف، فيقال يجب عليه أن يصرف المال، كما أن من المؤنة ما يصرفه الإنسان من باب الاستحباب، وهكذا.

ووفقاً لما ذكرناه، يأتي في البين سؤال، وهو: ما هي الموارد التي يجب على الإنسان أن يـبذل فيها المال وجوباً بمعنى أنه يجب عليه أن يصرف ماله فيها؟…

فنجيب، ونقول: إن هناك موارد يجب على الإنسان أن يصرف المال فيها، وتعدّ من مؤنته، ومن تلك الموارد:

1-النفقة الواجبة، سواء كانت نفقة على الزوجة، أم كانت نفقة على الأولاد، أم كانت نفقة على الوالدين، وفقاً لتفصيل مذكور في محله.

2-الكفارات التي تجب على الإنسان نتيجة مخالفة منه لبعض الأحكام الإلزامية، كالكفارة التي تجب عليه نتيجة إفطاره في نهار شهر رمضان المبارك متعمداً.

3-الديون التي تتعلق بذمته، فيجب عليه أدائها، نعم عند الفقهاء تفصيل بين ما إذا كانت للمؤنة أم ليست لها، ليس هذا موضوع ذكره.

4-ما يدفعه المكلف إفراغاً لذمته من الحق الشرعي، فإنه يعدّ من مصاديق الديون التي يجب عليه دفعها، ولا يتعلق بها الخمس.

5-الزكوات الواجبة عليه، كالزكاة في الأصناف التسعة المذكورة في كتاب الزكاة.

والحاصل، إن جميع هذه الأشياء التي ذكرناها، متى صرف المكلف المال فيها لا يتعلق بها الخمس، لكونه من مؤنته، وفقاً لما ذكره الأعلام.

هذا وأود أن ألفت النظر في البين لكلام جميل لسيدنا الخوئي(ره) في موسوعته الفقهية في كتاب الخمس بشأن ما يصرف في المستحبات فليراجع[4].

المحور الثاني: هل تعدّ زكاة الفطرة من المؤنة أم لا:

ثم إنه بعدما فرغنا عن تحديد المؤنة وبيان أنها تشمل المصارف الواجبة على المكلف، فما يصرفه في موارد الوجوب لا يجب فيه الخمس، لأنه من مؤنته، ينبغي أن نحدد هل أن زكاة الفطرة من المؤنة أم لا.

وفقاً لما ذكرناه في مطلع الحديث من أن زكاة الفطرة واجبة على المكلف، فذلك يعني أنها لا تفرق عن الكفارات ولا عن الزكوات في الأمور التسعة، ولا عن الخمس، وهذا يعني أنها من المؤنة، فتكون من المستثنيات التي لا يجب الخمس فيها.

المحور الثالث: ما جاء في صراط النجاة:

توصلنا إلى هنا أن زكاة الفطرة لا خمس فيها، سواء أكان الإنسان ممن يخرج الحق الشرعي من ماله، أم أنه لا يخرجه منه، والسرّ في ذلك يعود لكون زكاة الفطرة من المؤنة، وقد عرفنا أن الخمس إنما يكون بعد المؤنة.

إلا أنه قد يمنع مما قلناه بلحاظ أن في كتاب صراط النجاة في جزئه الأول توجد مسألة لسيدنا الخوئي(ره) لم يعلق عليها شيخنا الأستاذ التبريزي(ره) تدل على وجوب الخمس في زكاة الفطرة، وإليك نص السؤال وجوابه:

سؤال[1449] هل يجب على من لا يخمس أن يخرج خمس زكاة الفطرة؟

الخوئي: نعم يجب أن يخرج خمس زكاة الفطرة، والله العالم[5].

وصراحة هذه الفتوى في وجوب الخمس في زكاة الفطرة لا تنكر، وعدم تعليق شيخنا الأستاذ التبريزي(ره) كاشف عن قبوله بالفتوى، فكيف تقولون أنه لا يجب الخمس في زكاة الفطرة.

ونقول في مقام المعالجة بالتالي:

أولاً: إن معالجة فتاوى الفقيه تحتاج في كثير من الموارد إلى جمعها بعضها مع البعض حتى يمكن فهمها، بمعنى دراسة كل فتوى مستقلة عن الأخرى قد توجب خللاً في فهم المسألة، ولكي يتضح الأمر بصورة جلية أشير لمثال:

لقد نص سيدنا الخوئي(ره) على أن المسافر بعد الزوال يجب عليه إكمال صومه، ولا يسوغ له الإفطار، بل لو أفطر كان من الإفطار العمدي، فيجب عليه القضاء والكفارة.ويذكر في مسألة أخرى: أن المسافر إذا وصل إلى وطنه بعد الزوال، فلا يجب عليه الصوم، وهذا يعني أنه يسوغ له الإفطار، ولا شيء عليه.

إننا عندما ندقق في هاتين المسألتين نجد تناقضاً بينّاً فبينما يُلزم في الأولى بالصوم، نراه لا يُلزم في الثاني به، بل يجيز له الإفطار، وهو تهافت بيّن.

لذا يقال أنه لابد من التوفيق بين المسألتين، فيذكر أنه في الثانية قد سافر قبل الزوال، ولم يصل إلا بعد الزوال، فلا يجب عليه الصوم، وهذا واضح جداً.

ومقامنا من هذا القبيل، إذ أن مقتضى ما ذكرناه في المحورين الأول والثاني قاضٍ بعدم وجوب الخمس في زكاة الفطرة، لكونها من المؤنة، ولذا لابد من معالجة هذه الفتوى بما ينسجم مع تلك الفتوى، فتحمل على ما إذا كانت زكاة الفطرة ستخرج من مال مضى عليه حول كامل، مما يعني تعلق الخمس به، فلا يجوز التصرف فيه قبل إخراج الخمس منه، لا أن الخمس يخرج من زكاة الفطرة، ومنشأ وجوب إخراج الخمس من المال الذي سوف تخرج منه زكاة الفطرة تعلق حق الغير به، فلا يجوز للمكلف التصرف فيه قبل إخراج الخمس منه.

وهذا كما لا يخفى ليس إخراجاً لخمس الفطرة، بل هو إخراج لخمس المال الذي سوف تخرج منه زكاة الفطرة، كما لا يخفى.

وهذا الوجه لو أردنا التطبيق له خارجاً عندنا وجدناه فرداً نادراً جداً، وذلك لأن الجميع تقريـباً إن لم يكن الكل يخرجون الزكاة من مال جديد لم يمض عليه الحول، فلاحظ.

ثانياً: إننا نشكك في أصل صدور هذه الفتوى من سيدنا الخوئي(ره)، ومجرد وجودها في كتاب الصراط لا يجعلنا نحرز أنها صادرة عنه، وإيضاح هذا الأمر يحتاج بياناً واسعاً، لكنني أحيك عزيزي القارئ إلى بحث سبق وألقيناه من خلال هذا المنبر وهو بحث قبول فتوى الفقيه، عندما طرحت فتوى على أنها للسيد السيستاني حول حرمة أكل سمك الصافي، فقد ذكرنا هناك كيفية قبول فتوى الفتوى، ومتى تقبل، فيمكن الرجوع له في موقعنا على الأنترنت.

وسوف أقصر حديثي في هذه العجالة في الإشارة إجمالاً إلى المانع من قبول الفتوى والتشكيك في صحة نسبتها لسيدنا الخوئي(ره)، وسأشير لمانعين:

الأول: إن هذه الفتوى تتنافى والمشهور من مبنى السيد الخوئي(ره) في الخمس، حيث أن المتداول على ألسنة وكلائه(ره) أنه يلزم بالخمس بعد مضي حول كامل، فما لم يمض حول من الزمن على المال لا يتعلق به الخمس، وهذا يعني أنه لكي يتعلق الخمس بمال زكاة الفطرة، فلابد من مضي حول كامل، فما لم يمض حول كامل، فلا يتعلق بها الخمس.

الثاني: إن المتابع لكتاب صراط النجاة يجد فيه الكثير الكثير من الفتاوى المتهافتة والمتعارضة، مما يوجب التوقف في القبول بكل ما جاء فيه من فتاوى، بل لابد من التدقيق في كل فتوى فتوى ودراستها بصورة متأنية وفقاً لما ذكرناه في مسألة سمك الصافي، قبل القبول بها، ولكي لا أجعل القارئ بدون شاهد، أشير لهذا المثال: جاء في الصراط في بحث المفطرات-ما دمنا في أجواء شهر رمضان-أن الاحتقان في قبل المرأة موجب للمفطرية. بينما جاء في فقه المؤمنات أنه لا يوجبها، وواضح التهافت والتعارض بينهما، والنماذج كثيرة يجدها القارئ، فليلاحظ.

هذا مع غض الطرف عن معارضة هذه الفتوى لما جاء في الجزء السابع من صراط النجاة مسألة رقم 1177، والمتضمنة لعدم وجوب إخراج خمس زكاة الفطرة.

لا يقال: إن الجزء السابع فتاوى الشيخ التبريزي(ره)، والجزء الأول فتاوى السيد الخوئي(ره)، فلا مجال للقول بعدم وجوب الخمس استناداً لما جاء في الجزء السابع.

قلت: إننا لا نحرز أن ما جاء في الجزء الأول هو فتاوى السيد الخوئي(ره)، وذلك لعدم توثيقه من قبله، لكن لما كان مختوماً بخاتم الشيخ التبريزي(ره) كان الموافق منها لفتاواه ومبانيه يصح نسبته له، وعليه فنفي الميرزا(ره) وجوب الخمس يؤكد ما سبق وذكرناه من التشكيك في الفتوى، فلاحظ.

ونحن فيما ذكرناه لا نقصد الإساءة لزعيم الحوزات العلمية سيدنا المقدس الإمام الخوئي(ره) ولا لشيخنا المقدس الإمام التبريزي(ره)، حتى لا يقبل ما ذكرناه، وإنما ينبغي أن يلتفت إلى أن العادة الجارية في الحوزة العلمية أن يوكل المرجع لبعض ثقاته وتلامذته-من باب التربية والإعداد العملي- الإجابة على الاستفتاءات أو بعضها مما يرد عليه، لكونهم محيطين بمبانيه، وهنا قد يقع الاشتباه من التلميذ ظناً منه أن ما أجاب به وفقاً لمبنى المجتهد، وسأذكر مثالاً لصحة كلامي:

المرأة إذا انكشف شعرها في أثناء الصلاة، ما هو حكم صلاتها؟..

لو سألنا هذا السؤال على وفق رأي سيدنا الخوئي(ره) مثلاً، فسوف نجيب أنه لا شيء عليها، فقط يجب عليها ستر شعرها وإكمال صلاتها، ومن الطبيعي أن هذا الجواب على وفق المشهور استناداً لقاعدة لا تعاد، ولا يظن بالسيد الخوئي(ره) يخرج عن المشهور في فهم القاعدة. لكن عندما نعود لفتوى السيد الخوئي(ره) نراه يلتـزم ببطلان صلاتها لا لأنه لا يعمل بالقاعدة، وإنما لأنه يرى أن التفات المرأة لانكشاف شعرها أثناء الصلاة علم، والقاعدة المذكورة لا تجري في حال العلم، وهكذا، إذن قد يجيب التلميذ ظناً منه أن جوابه يتوافق ومباني المرجع لكن الأمر خلاف ذلك.

هذا كله، مع رفع اليد عن احتمال الخطأ والاشتباه، والنسيان والغفلة، وزيغ البصر، والعصمة لأهلها.

الترجيح عند المعارضة:

ثم إنه لو لم يقبل ما ذكرناه، فلا أقل من أن هذه الفتوى معارضة لما جاء في منهاج الصالحين، وبالتالي أيهما المقدم، هل يكون المقدم ما جاء في المنهاج، أم يكون المقدم ما جاء في الصراط؟ لا ريب أن المقدم ما جاء في المنهاج، لأنه محرز صدوره من سيدنا الخوئي، بل هو قطعي عنه، لكن ما جاء في الصراط ليس كذلك.

ثم إنه لو لم يقبل بذلك أيضاً، فاللازم هو البناء على أن زكاة الفطرة ليست من المؤنة، ومتى بني على ذلك لزم أن يتعلق الخمس بها من دون تفصيل لكون الإنسان يخمس أو لا يخمس.

هذا حاصل ما جال في الخاطر القاصر الفاتر، ولا زلنا نتأمل أن يرفدنا الأخوة الطلبة بما لديهم من وجه يصحح أخذ الخمس من زكاة الفطرة، حتى نكون على بينة من أمورنا فيما يتعلق بشؤوننا الدينية، سائلين الله سبحانه وتعالى التوفيق للجميع، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

——————————————————————————–

[1] منهاج الصالحين الجزء الأول مسألة رقم 1217.

[2] تعليقة منهاج الصالحين ج 2 مسألة رقم 1217، منتخب منهاج الصالحين مسألة رقم 609.

[3] منهاج الصالحين ج 1 مسألة رقم 1217 ، منهاج الصالحين ج1 مسألة رقم 36، 37، 38 ، تحرير المسائل ص 326.

[4] مستند العروة كتاب الخمس ص 253.

[5] صراط النجاة ج 1 ص 418