29 مارس,2024

إخوان الثقة وإخوان المكاشرة

اطبع المقالة اطبع المقالة

إخوان الثقة وإخوان المكاشرة

 

يرتبط كل إنسان منا بمجموعة من الأصدقاء والأصحاب يجلس إليهم، ويقضي أوقاتاً طويلة معهم، ويغدوا ويروح، لكن هل جميع معارف الإنسان على مستوى واحد أم لا.

روى أبو مريم الأنصاري، عن أبي جعفر(ع) قال: قام رجل بالبصرة إلى أمير المؤمنين(ع)، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الإخوان، فقال: الإخوان صنفان: إخوان الثقة، وإخوان المكاشرة، فأما إخوان الثقة فهم الكف والجناح والأهل والمال، فإذا كنت من أخيك على حد الثقة فأبذل له مالك وبدنك وصاف من صافاه وعاد من عاداه، واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن. واعلم أيها السائل أنهم أقل من الكبريت الأحمر.

وأما إخوان المكاشرة، فإنك تصيب لذتك منهم، فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان.

 

والمستفاد من هذا النص تصنيف أصدقاء الانسان وأصحابه إلى صنفين:

1-إخوان الثقة.

2-إخوان المكاشرة.

والمقصود من إخوان الثقة، هم أهل الصلاح والصدق والأمانة، الذين يوثق بهم ويعتمد عليهم في الدين والدنيا، وهم الذين يوافق ظاهرهم باطنهم فلا يعيشون النفاق. وقد عدّهم الإمام(ع) بأنهم أقل من الكبريت الأحمر.

وعلى عكسهم تماماً يكونوا إخوان المكاشرة، فيكفي أنهم يختلف ظاهرهم عن باطنهم. وإنما يعاشرهم الإنسان لرفع الوحشة أو للمصلحة، وقد يكون للتقية، فهو يجالسهم ويضحك معهم ولا يعتمد عليهم، وإنما تنحصر منفعته بهم في إزالة الوحشة ودفع الضرر.

 

وقد بيّن الإمام(ع) المكانة التي ينبغي أن يكون فيها إخوان الثقة عند المؤمن، وذلك من خلال تشبيهه إياهم بصفات أربع:

1-الكف            2-الجناح            3-الأهل                               4-المال

فالكف، هي التي يصول الإنسان بها ليبطش ويدفع عن نفسه كل سوء، وهو(ع) يجعل إخوان الثقة العنصر الذي يعتمد عليه الإنسان في الدفاع عن نفسه وحمايتها.

والجناح يطير به الإنسان ويحلق في مجالات العلم والمعرفة، فيكون هؤلاء سبباً لزيادة معارف الإنسان وتقوية إيمانه وتقواه.

وأما وصفهم بالأهل، فلأن أهل الإنسان هم أقرب الخلق إليه، وهم الذين يحمونه ويسترون عيوبه وينشرون فضائله.

وأخيراً وصفهم بالمال، والغرض أنه يعتمد عليهم في وقت العوز والحاجة فما يكون موجوداً عندهم يبذل إليه ويعطاه ويكون تحت أمره وإرادته.

 

حق إخوان الثقة:

ومن الطبيعي أن يكون لإخوان الثقة مجموعة من الحقوق التي يلزم مراعاتها، وقد أشار(ع) إلى شيء من ذلك:

1-بذل المال إليهم، وعدم الشح عليهم بشيء من ذلك، فيبذل له متى شاء، ومن ذلك الهدايا مثلاً.

2-بذل البدن، وهذا يكون من خلال مجموعة من الأفعال، مثل: بذل الحب والعاطفة والتقدير، وقضاء حوائجه، ودفع الأذى عنه.

3-مصافاة من صافاه بمعنى إخلاص الفرد لكل من أخلص له الود، وذلك بأن يحب كل من يحبه.

4-كتمان سره وعيبه.

5-إظهار الحسن منه.

 

إخوان المكاشرة:

وتنحصر العلاقة بهم في خصوص تحصيل اللذة المتمثلة في تحصيل بعض المنافع الدنيوية، ولا ينبغي للإنسان قطع هذه العلاقة حتى لا يستوحش فيصبح وحيداً، وعلى الإنسان أن لا يبحث عما في ضمائرهم تجاهه، لأنه قد تنكشف له أشياء تسؤوه من حسن وعداوة ونفاق، أو يظهر له سوء عقيدة وفساد رأي، فيضطر إلى مفارقتهم، ولا يرتجي منهم حباً واقعياً حقيقياً له، لذلك لا يبحث في ضمائرهم. نعم يقابلهم بما يقابلونه به:

1-طلاقة الوجه بإظهار الفرح برؤيته والتبسم في وجهه.

2-حلاوة اللسان والكلام الطيب.

 

توصية وخاتمة:

من المهم أن يفتش كل منا في أصدقائه وأصحابه حتى يميز إخوان الثقة عن إخوان المكاشرة، وبالتالي يكون التعامل مع كل واحد منهما على وفق ما ذكره أمير المؤمنين(ع).