29 مارس,2024

الكراهة في الخلع

اطبع المقالة اطبع المقالة

الكراهة في الخلع

 

من الشروط المعتبرة في الزوجة المختلِعة كراهتها لزوجها، وعدم رغبتها في الاستمرار معه في الحياة الزوجية، ويعتبر في الكراهة المسوغة لحصول الخلع بين الزوجين أمران:

1-أن تبلغ الكراهة من الزوجة لزوجها حداً يجعلها تهدده بترك رعاية حقوقه الزوجية وعدم إقامة حدود الله تعالى فيه، ويكون ذلك بالتمرد عليه والنشوز عن طاعته في حقوقه الواجبة له عليها فتعصي الله تعالى فيه، بأن تقول له مثلاً: لا أغتسل لك من جنابة، ولأوطئن فراشك من تكرهه، ولآذن بالدخول لبيتك لمن لا ترضى دخوله.

 

2-أن لا يكون منشأ الكراهة رغبة الزوجة في الخلاص من الزوج بسبب إيذائه إياها بالسب والشتم والضرب وما شابه ذلك. بل لابد وأن تكون الكراهة الحاصلة عندها لغير ذلك. وعليه لو بذلت الزوجة عوضاً للزوج والحال هذه لم يصح البذل، ولم يقع الخلع، بل لم يقع طلاق أصلاً، ولا زالت المرأة زوجة له.

 

الكراهة المعتبرة في الخلع:

ثم إن الكراهة المعتبرة في تحقق الخلع، لا يخلو حالها عن أحد أمرين:

الأول: أن لا تكون معروفة السبب الناجمة عنه، بحيث أصيبت الزوجة بحالة من البغض الشديد للزوج والنفور منه، فلم تعد تتحمل البقاء معه، دون أن يعرف السبب الذي أدى إلى ذلك، كما لو كانت تصاب بحالة من الضيق والضجر الشديد بمجرد أن يقبل عليها، أو يجلس إليها، أو أنها تنفر من الجلوس إليه، أو الاستماع لكلامه، دون معرفة سبب ذلك.

 

الثاني: أن يكون سبب كراهتها إياه معلوماً ومعروفاً، لأنها قد تنشأ من أحد سببين:

أحدهما: أن يكون ذلك ناجماً من أسباب لا علاقة للزوج بها، لأنها خارجة عن إرادته، كما لو كان سبب الكراهة قبح منظر الزوج، أو سواد بشرته، أو فقره، وأمثال ذلك.

 

ثانيهما: أن تنشأ كراهتها له جراء بعض التصرفات الصادرة من الزوج وباختياره، وهي على أنحاء ثلاثة:

1-أن يكون بسبب تقصيره في أداء حقوقها الواجبة عليه، وظلمه إياها، كما لو امتنع من النفقة عليها، أو كان ناشزاً معها، لعدم العناية بحاله من حيث النظافة في البدن واللباس، والرائحة. ويعبر عن هذا النحو بالكراهة الذاتية، وهي كل ما يكون منشأ الكراهة وسببها خصوصيات الزوج التي لا دخل له فيها.

2-أن يكون ذلك بسبب مخالفته لآداب العشرة المستحبة مع الزوجة، أو مخالفته لما يناسب ذوقها، أو لعدم وفائه ببعض حقوقها المستحبة، وذلك بالزواج عليها.

3-أن يكون ذلك ناتجاً من عدم العناية بالأعراف والتقاليد الاجتماعية، كعدم الاحترام لوالديها، أو إخوانها، أو النظر إليها نظرة دونية وما شابه ذلك.

 

ويعبر عن هذين النحوين بالكراهة العرضية، وهي ما يكون منشأ وجود الكراهة عند الزوجة أموراً ناتجة من أفعال الزوج وتصرفاته الخاضعة لإرادته واختياره.

 

فرعان:

الأول: وفقاً لما ذكر في ضابطة الكراهة المسوغة للخلع، فلو طلق الرجل زوجته طلاق خلع وقبض منها عوضاً مقابل ذلك، ولم تكن كارهة له بالنحو المعتبر في الكراهة، لم يصح الصادر منه خلعاً، ولم تخرج المرأة من حباله، بل لا زالت زوجته، ولا يملك العوض المدفوع له، نعم يصح الصادر منه طلاقاً في حالتين:

 

الأولى: أن يوقع الزوج الخلع بصيغة الطلاق قاصداً وقوع الطلاق بدون عوض.

الثانية: أن يأتي بصيغة الخلع، إلا أنه يتبعها بصيغة الطلاق قاصداً بذلك وقوع الطلاق من دون عوض.

 

ولا يخفى أن الطلاق الحاصل حينئذٍ في هاتين الحالتين طلاق رجعي، وليس طلاقاً بائناً.

وأما في غير هاتين الحالتين، فإنه لا يقع الصادر منه بعنوان الخلع خلعاً ما لم تكن الكراهة بالنحو المتقدم، وإن بذلت المرأة مالاً له، كما أنه لا يكون طلاقاً رجعياً، لعدم صدور صيغة الطلاق منه.

 

الثاني: لو قصر الزوج في أداء واجبات الزوجة من النفقة وفعل النشوز مثلاً بغرض إلجائها إلى طلب الخلع منه، والتخلص من ظلمه إليها، لم يستحق المبلغ المبذول له منها، فلا يملكه، وهو لا زال مملوكاً إليها، ولا يقع الطلاق الصادر منه خلعاً، بل ولا يقع طلاقاً أيضاً، إلا إذا شملته إحدى الحالتين السابقتين كما عرفت.

 

تنبيه:

يحسن بالمتصدين لإيقاع الطلاق بين الأزواج مراعاة توفر شرطية الكراهة المعتبرة في حصول الخلع والتدقيق في توفرها، وذلك بملاحظة وجودها عند الزوجة فقط دون الزوج، وأنها من الكراهة التي يسوغ معها الخلع.