- موقع سماحة العلامة الشيخ محمد العبيدان القطيفي - https://www.alobaidan.org -

التقية في ما يسجد عليه

 

التقية في ما يسجد عليه

 

من الشروط المعتبرة في صحة الصلاة السجود على ما يصح السجود عليه، وقد خصه الفقهاء بالأرض وما أنبتته من غير المأكول والملبوس.

وقد يحصل أن لا يتمكن المكلف من السجود على ما يصح السجود عليه، إما لفقده قبل الصلاة أو أثناءها، أو لتقية.

سواء كانت التقية تقية خوفية مثلاً، كما لو كان المكلف مسافراً ومرّ في الطريق على موضع يخشى فيه على نفسه أو على عرضه وعياله، أو على ماله، أو كان الإنسان في الروضة النبوية المقدسة، وخاف من السجود على ما يصح السجود عليه أن يعرض نفسه لما يلومه العقلاء عليه لكونه مما لا يتحمل عادة، أو يعرض المذهب لما لا ينبغي تعريضه له مثلاً.

أم كانت التقية مدارتية، كما لو كان المكلف يعمل مع مجموعة من المسلمين تربطه بهم علاقة أخوية ودية، فيخشى أنهم لو اطلعوا على مذهبه، أدى ذلك إلى زرع الحزازة والفرقة بينهم، بل ربما كان ذلك موجباً لحصول الفتنة. أو كان الغرض الحفاظ على وحدة صف المسلمين ووحدة كلمتهم وتقوية شوكتهم.

 

فإنه في هذه الحالة يجوز له السجود على ما لا يصح السجود عليه للتقية.

ولا يجب على المكلف الخروج من المكان الذي هو فيه والذهاب إلى مكان آخر يمكنه فيه أداء الصلاة دون تقية والسجود على ما يصح السجودعليه، كما لو كان المكلف في المسجد النبوي

الشريف

فيخرج من الروضة المباركة مثلاً إلى موضع آخر يمكنه السجود على ما يصح السجودعليه.

أو كان المكلف في مكان عمله، فلا يؤدي الصلاة حتى يرجع إلى بيته من أجل أداء الصلاة بالسجود على ما يصح السجود عليه.

كما لا يلزمه تأخير أداء الصلاة إلى حين زوال موجب التقية ليتمكن من أداء الصلاة في موضع دون تقية بالسجود على ما يصح السجودعليه، كتأخيرها إلى حين العودة من عمله إلى بيته مثلاً.

 

تنبيه:

وفقاً لما تقدم يتضح أن وظيفة المكلف السجود على ما لا يصح السجود عليه تقية، وتكون صلاته صحيحة لو أداها بهذه الكيفية ولا يلزمه إعادتها، وهنا تنبيهان:

الأول: إن تشخيص أن المورد من موارد التقية وعدمه بيد المكلف لأنه من تشخيص الموضوع.

الثاني: ينبغي الحذر في الإنتقال إلى أداء الصلاة تقية بالسجود على ما لا يصح السجود عليه

 

والتدقيق بإحراز الموضوع الموجب لتحقق التقية، فلا يكفي مجرد توهم الخوف، بل لابد من كونه أمراً محتملاً عند العقلاء يحذرون منه

ويتجنبونه.

 

وكما ينبغي التدقيق في إحراز موجب التقية، كذلك لا ينبغي الإستهانة في تطبيقها حال حصول موضوعها بعدم العناية بذلك ما يوجب تعريض الإنسان أو متعلقيه، لما لا ينبغي التعرض إليه.