29 مارس,2024

الدخول بالصغيرة (2)

اطبع المقالة اطبع المقالة

[size=6][/size]

[font=arial]بعد هذا يقع الحديث ضمن فروع:

الأول: الدخول بالصغيرة قبل بلوغها تسع سنين:

مما لا خلاف فيه بين أصحابنا، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه، أن لا يجوز وطء الزوجة ما لم تبلغ تسع سنين.[/font]

ولا يخفى أن مقتضى الأصل، هو القول بالجواز، لأنه مع الشك في المانعية وعدمها، تقضي أصالة البراءة، بعدم المانعية، ومن ثم البناء على التأمين والجواز.

ولا مجال هنا للتمسك بأصالة الاحتياط في الفروج، لعدم انعقاد إطلاق لما دل على ذلك، بحيث يكون شاملاً لمثل المقام، وبالتالي لا يمنع من الرجوع للأصل المؤمن كما لا يخفى.

من هنا، يحتاج القائلون بعدم الجواز إلى وجود دليل يمنع من الرجوع للأصل العملي، ولذا فقد استدلوا لذلك بدليلين:

الأول: الإجماع، المحكي عن التنقيح الرائع، والمحقق السبزواري في كتابه الكفاية، وسيد الرياض(قده).

ولا يخفى عدم صلوح مثل هذا الإجماع للدليلية، صغرى وكبرى.

أما الصغرى، فبعيداً عن عدم كونه إجماعاً كاشفاً عن قول الطبقة القدمائية من أصحابنا، يكفي أنه محتمل المدركية، مما يمنع من حجيته، والاعتماد عليه كما لا يخفى.

وأما بحسب الكبرى، فهو من الإجماع المنقول بخبر الواحد، وقد قرر في الأصول عدم حجيته، فلا وجه للركون إليه في مقام الاستدلال.

الثاني: النصوص:

فمنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله(ع) قال: إذا تزوج الرجل الجارية وهي صغيرة، فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين[1].

ودلالتها على المدعى واضحة، حيث أنها تضمنت الإشارة إلى المنع عن الدخول بالجارية مع أنه قد تم عقد النكاح عليها، حتى يأتي لها تسع سنين.

ولا يخفى أن المراد من الدخول بها ليس مطلق الاستمتاع، بل يراد منه البناء عليها كما هو واضح.

ومنها: خبر زرارة عن أبي جعفر(ع) قال: لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين، أو عشر سنين[2].

أقول: في سندها موسى بن بكر، وهو ممن لم يرد فيه توثيق خاص، لكنه ذكرت بعض الوجوه التي يمكن الركون إليها في إثبات وثاقته:

الأول: أنه كثير الرواية، وقد عمل الفقهاء برواياته، فيثبت بذلك كونه ثقة، لأنه لو لم يكن كذلك، لما عمل الفقهاء برواياته.

وبعبارة أخرى إن كثرة رواياته، دعت الفقهاء إلى العمل بها، ولا ريب في أن عملهم بها مبني على أساس وثاقته، لأنهم لا يعملون بأخبار الضعاف، فيثبت المطلوب.

ولا يخفى أن هذا الوجه ينحل في الحقيقة إلى وجهين:

أولهما: كثرة الرواية.

ثانيهما: عمل الفقهاء.

ولعل المستدل قد خلط بينهما، أو كان مراده جعلهما بمثابة المقدمتين اللتين يـبتني الاستدلال عليهما.

وعلى أي حال، فإن هذا الوجه غير ناهض على كلا المحتملين، فعلى وفق الاحتمال الأول، يجاب: بأنه قد ذكرنا في محله أن كثرة الرواية لا تكشف عن الوثاقة، ولا تكشف عن المقبولية، كما لا يخفى.

كما أن الوجه الثاني، وهو عمل الفقهاء لا يصلح لإثبات المدعى، ذلك لكونه أعم، لأنه ربما كان العمل لسبب آخر من الأسباب غير الوثاقة، بمعنى أنهم ظفروا بما يصلح للاعتماد، فاستندوا إليه.

ومنه يتضح أنه لو قلنا بالمحتمل الثاني، لكان ذلك مانعاً من قبول هذا الوجه في إثبات الوثاقة، فلاحظ.

الثاني: رواية الأجلاء عنه، إذ روى عنه عبد الله بن المغيرة، وفضالة بن أيوب، وجعفر بن بشير، وابن أبي عمير، وصفوان كثيراً.

ومن الواضح أن هذا الدليل يـبتني على تمامية كبرى مفادها، أن رواية الجليل عن شخص كاشفة عن وثاقته، وبما أن الأجلاء قد رووا عن هذا الشخص، فذلك يكشف عن وثاقته بعد تشكل قياس منطقي من الشكل الأول.

لكنه قد ذكرنا في محله عدم تمامية الكبرى، ومعه لا مجال للبحث في الصغرى.

على أن المحاولة التي ذكرت من أن إكثار الجليل الرواية عن شخص يكشف عن وثاقته، لا مطلق رواية الجليل، لا تصلح أيضاً لإثبات المدعى، لعدم تمامية أصل الكبرى، حيث ذكرنا في محله أنه لم ينهض وجه فني يصلح التمسك به في إثبات الدعوى، فلا مجال للبناء عليها، فلاحظ.

الثالث: رواية أحد أصحاب الإجماع عنه، إذ روى عنه ابن أبي عمير، كما روى عنه صفوان، وقد روى عنه أيضاً فضالة، بناءاً على أنه أحد أصحاب الإجماع، والمشهور على أن العصابة قد أجمعت على تصحيح ما يصح عن هؤلاء، فيثبت المطلوب حينئذٍ.

وفيه: أننا ذكرنا في محله عدم ظهور عبارة الكشي فيما استظهره المشهور منها، بل إنها ناظرة إلى معنى آخر، مضافاً إلى أنه لا مجال للاعتماد على مثل هذا الإجماع، وهو منقول بخبر الواحد.

الرابع: أنه قد روى عنه المشائخ الثقات، الذين قيل في حقهم أنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة.

وهذه الوجه تام في نفسه بحسب الكبرى، إذ قررنا في الرجال تمامية الكبرى الصادرة من الشيخ(ره) لكننا ذكرنا هناك بأن الظاهر من العبارة ليس مجرد الرواية، بل الرواية كثيراً، فما لم يتحقق الإكثار من المشائخ الثلاثة أو أحدهم عن الشخص، فإنه لا يحكم بثبوت وثاقته.

ولذا لابد من ملاحظة الصغرى، فإن ثبت تحقق الإكثار بنينا حينئذٍ على تحقق الوثاقة، وإلا فلا.

وعند المراجعة نجد تحققها خارجاً، مما يعني قابلية هذا الوجه للإعتماد.

الخامس: رواية جعفر بن بشير عنه، وقد شُهد في حقه أنه من الذين لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة.

ولا إشكال في تمامية هذا الوجه كما قرر في محله.

السادس: أن ابن طاووس قد حكم بصحة رواية هو في سندها، وهذا كاشف عن وثاقته، لأن مبنى ابن طاووس هو إحراز وثاقة الرواة، كما يكشف عن ذلك التقسيم الرباعي للحديث بناءاً على أنه مؤسس ذلك، أو هو الباني له وإن شيده تلميذه العلامة(قده).

وأورد على هذا الوجه بعض الأعاظم(قده) بوجهين:

أولهما: بالمنع من قبوله، ذلك لأن من المحتمل أنه مستند إلى أصالة العدالة، لعدم ثبوت كون الرجل من الواقفة عنده.

ثانيهما: إن توثيقات المتأخرين لا مجال للركون والاعتماد عليها، لكونها من التوثيق الحدسي، وليست توثيقات حسية، المقرر في محله أن الحجية مختصة بخصوص ما كان من التوثيقات حسياً، فلاحظ[3].

أقول: أما الوجه الثاني، فلما كان صغروياً، لكونه يعتمد على المبنى لا البناء، فلا وجه للمناقشة فيه، وإن كنا مختلفين معه(قده) بحسب المبنى، حيث قررنا في محله، أنه لا فرق في حجية قول الرجالي بين كونه من المتأخرين، وكونه من القدماء، وذلك للنكتة التي يـبتني عليها وجه حجية قول الرجالي.

على أننا ذكرنا غير مرة أن مختاره(قده) في الحقيقة يؤول لباً إلى خبر الواحد في الموضوعات، ومن الواضح أن هذا يقضي بعدم الوجه في التفريق في الحجية بين قول القدماء والمتأخرين، فالأنصاف أنه بحسب الكبرى، لا مجال للقبول بمقالته(ره).

وأما الوجه الأول، فلا يخفى أنه ينحل في الحقيقة إلى دعويـين:

الأولى: مدركية توثيق ابن طاووس(قده).

الثانية: عدم حجية التوثيقات الصادرة منه.

أما الأولى: فإن المدعى أن منشأ توثيق ابن طاووس هو الاعتماد على أصالة العدالة.

ولا يخفى أن هذه المقالة منه(ره) مجرد دعوى عهدتها على مدعيها، حيث أن المتابع لمنهج تلميذه العلامة(ره) يجد أنه لا يـبني على هذا المسلك، ولا يـبعد أن يكون العلامة متخذاً منهج أستاذه وسائراً عليه، فتأمل.

وأما الثانية: فمقتضى عدم تمامية المدركية في مدرك التوثيق، مانع من رفض التوثيق بقول مطلق، فلاحظ.

فالأنصاف، أنه لا مانع من الركون لمثل هذا الوجه في البناء على الوثاقة، فلاحظ.

السابع: ما بنى عليه بعض الأعاظم(قده) من أن صفوان بن يحيى قد شهد بأن كتاب موسى بن بكر مما لا يخـتلف فيه أصحابنا، وهذا كاشف عن اعتمادهم عليه، ومن الواضح أن الأصحاب لن يعتمدوا على كتاب لا يكون راويه ثقة، فيثبت المطلوب[4].

وبعبارة أخرى، يتشكل هذا الوجه من قياس منطقي من الشكل الأول، أما كبراه، فهي: أن كل كتاب لم يخـتلف الأصحاب فيه، وصار محط اعتماد عندهم، يدل على ثبوت وثاقة راويه لديهم.

وأما صغراه، فهي أن موسى بن بكر، ممن لم يخـتلف الأصحاب في كتابه، بل هو محط اعتماد عندهم، فيثبت وثاقة موسى حينئذٍ.

أقول: يبتني هذا الوجه قبولاً وعدماً على بيان ما هو المراد من كون الكتاب معتمداً عند الأصحاب، حتى يمكن لنا الالتـزام بعد ذلك بكونه كاشفاً عن الوثاقة أم لا، وقد تعرضنا في بعض التراجم لبيان ذلك، فليراجع.

الثامن: ما بنى عليه شيخنا التبريزي(دامت أيام بركاته) من أنه من المعاريف، وذلك لعدم ورود قدح فيه من قبل من ترجم له، كما أن رواياته ليست بالقليلة، مضافاً لكونه صاحب كتاب معتمد من قبل الأصحاب، كما أنه قد روى عنه جمع من الأجلاء.

ولا يخفى أنه قد تكرر منا غير مرة، أنه لم يثبت عندنا أصل المبنى، فلا مجال للاعتماد على البناء حينئذٍ.

التاسع: ما بنى عليه المحقق الداماد(قده) من أن كل من وقع في كتاب النجاشي، ولم يتعرض النجاشي لقدح في عقيدته، فإن ذلك كاشف عن وثاقته والاعتماد عليه، والسر في ذلك أن النجاشي(ره) قد ألف كتابه الفهرست لذكر المؤلفين من أصحابنا الإمامية، فكل من ذكره، ولم يتعرض لبيان مذهبه، كشف ذلك عن كونه إمامياً، فيعتمد على حديثه.

قال المحقق الداماد(ره) عند تعرضه لبيان منهج النجاشي في كتابه: …وكذلك كل من فيه مطعن وغميزة، فإنه يلتـزم إيراد ذلك ألبتة، إما في ترجمته، أو في ترجمة غيره، فمهما لم يورد ذلك مطلقاً، واقتصر على مجرد ترجمة الرجل وذِكرِه من دون إرداف ذلك بمدح أو ذم أصلاً، كان ذلك آية أن الرجل سالم عنده من كل مغمز ومطعن[5].

وقال أيضاً: فإذن قد استبان لك أن من يذكره النجاشي من غير ذم ومدح يكون سليماً عنده عن الطعن في مذهبه، وعن القدح في روايته، فيكون بحسب ذلك طريق الحديث من جهته قوياً لا حسناً وموثقاً[6].

أقول: للمناقشة في أصل الكبر ى مجال واسع، بحيث يقرر أن النجاشي(ره) هل وفى بما ذكره في المقدمة، أما لم يف بذلك، إلا أنه ليس هذا مجال ذكره.

العاشر: ما بنى عليه بعض الأعاظم(قده) أيضاً من أن الرجل ممن وقع في أسناد تفسير علي بن إبراهيم، فيثبت كونه ثقة[7].

ولا يخفى أن هذا الوجه يـبتني على تشكيل قياس منطقي من الشكل الأول، كبراه: أن كل من وقع في أسناد تفسير علي بن إبراهيم القمي، حكم بكونه ثقة، ذلك لما صدر منه في ديـباجة الكتاب من الشهادة بوثاقة جميع من وقع في أسناد كتابه.

وصغراه، إن موسى بن بكر ممن وقع في أسناد الكتاب الذكور، فيثبت المطلوب حينئذٍ.

وللمناقشة في هذا الوجه مجال واسع بحسب الكبرى، إذ يناقش تارة في أن الكتاب الواصل إلينا اليوم هل هو كتاب التفسير المذكور لعلي بن إبراهيم، أم أنه لأحد تلامذته، أم أنه كتاب مجموع من تفسيره وتفسير أبي الجارود، كما احتمل ذلك بعض مشائخنا(دام ظله)[8]، أم أنه كتاب للقزويني، قد ضمنه مجموعة من روايات علي بن إبراهيم.

ولا يخفى أن تمامية الوجه المذكور تعتمد اعتماداً كلياً على ثبوت المحتمل الأول، فلو لم يثبت لم يتم الاستدلال المذكور كما هو واضح.

على أننا لو سلمنا كون الكتاب الواصل بأيدينا اليوم، هو كتاب التفسير للقمي، فإن هناك تشكيكاً أيضاً في كون الديـباجة الواردة في مقدمة الكتاب، هل هي صادرة من مؤلف الكتاب القمي، أم أنها كتبت من قبل شخص آخر.

وأخيراً، هل أن العبارة التي وردت في الديـباجة، تامة الدلالة في إثبات وثاقة جميع من وقع في أسناد الكتاب، أم أنها ناظرة لشيء آخر.

هذا والصحيح كما ذكرنا ذلك في الفوائد الرجالية، أنه لم يثبت صحة نسبة الكتاب الواصل إلينا أنه كتاب علي بن إبراهيم، وبالتالي لا يمكن البناء على الدعوى المذكورة، على أننا لو سلمنا بثبوت النسبة، إلا أننا لا نجزم بكون الديـباجة الموجودة في صدر الكتاب صادرة من المؤلف، ومع التنـزل والقبول بكونها صادرة منه، فإننا نمنع من ظهور العبارة في التوثيق، بل ذكرنا هناك بأنها ناظرة للمنهج الفهرستي، وليست ناظرة للمنهج الرجالي، فلاحظ.

وأما دلالتها على المدعى سواء قلنا بالتسع أم قلنا بالعشر واضحة، إذ مفادها أنه لا يجوز الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين، أو قبل بلوغها عشر سنين، عمدة ما كان لو كان الوارد فيها هو العشر لكانت مخالفة لما عليه المشهور، لأن المشهور بل ما لا خلاف فيه هو عدم جواز الدخول بها حتى تبلغ تسع سنين.

من هنا صار الأعلام في محاولة لعلاج هذا التردد، فذكرت عدة محتملات فيه:

منها: أن هذا الترديد، من الراوي، وليس من الإمام(ع)[9].

وبناءاً على هذا الاحتمال، لن يمكن الاستدلال بالرواية على المدعى، بسبب عدم إحراز ما هو الصادر من الإمام(ع)، لأنه مع كون الترديد من الراوي، يحتمل أن يكون ما سمعه من الإمام(ع) هو العشر، لا التسع، ويحتمل أن يكون ما سمعه من الإمام هو التسع لا العشر، ولما لم يثبت أن الصادر من الإمام(ع) هو التسع دون العشر، فلن يكون هناك مجال للاعتماد عليها.

ومنها: أن يكون الترديد صادراً من الإمام(ع)، لكن ليس مرده إلى الترديد في بيان الحكم، وإنما نظره إلى الموضوع، بمعنى أنه(ع) لما ردد الأمر ما بين التسع والعشر، كان ناظراً إلى تفاوت الفتيات من جهة القابلية والقدرة البدنية على الدخول بهن، حيث أنهن يختلفن من هذه الناحية.

وقد أشار لهذا الوجه غواص بحار الأنوار العلامة المجلسي(قده) في مرآة العقول، قال(قده) في التعقيب على الحديث المذكور: ولعل الترديد، لأن كثيراً من الجواري يتضررن بالجماع قبل العشر[10].

ومثل ذلك ذكر الفيض الكاشاني(ره) في الوافي، قال: لعل الترديد لاختلافهن في كبر الجثة وصغرها وقوة البنية وضعفها[11].

هذا وقد يقال: أنه مع كون الترديد من الإمام(ع) بالبيان الذي سبق منا ذكره، لن يكون مانعاً من الاستدلال بالحديث على المدعى[12].

لكن الإنصاف المنع من ذلك، لأن الظاهر بناءاً على هذا المحتمل، كونه(ع) بصدد التعرض لبيان الموضوع، وهذا ليس من دأب الشارع المقدس، ذلك أن الشارع المقدس غايته بيان الحكم، لأن الموضوع وظيفة المكلف لا وظيفة الشارع، ومن الواضح أنه بناءاً على هذا المحتمل، سوف يكون المقام من صغريات تعيـين وهذا ليس من دأب الشارع كما ذكرنا، فلاحظ.

ومنها: أن يكون الترديد من الإمام(ع)، وهو ترديد في بيان الحدّ الشرعي المتصور في انطباق جواز الدخول، والإشارة إلى مورد عدم الجواز، فهو ترديد منه(ع) في أن الجواز هل يكون بالدخول في التاسعة، أو بالدخول في العاشرة.

ومن الواضح أن هذا الوجه لا مجال لقبوله، لأنه يستدعي عدم كون الإمام(ع) في مقام البيان، إذ أن مقتضى الترديد عدم وضوح الضابطة الكلية التي يمكن الركون إليها في إثبات الحكم الشرعي كما لا يخفى.

ومنها: أن يكون الترديد لبيان الأفضلية، بمعنى أنه يجوز الدخول بالجارية إذا أتى لها تسع سنين، لكن الأفضل ترك الدخول بها حتى يأتي لها عشر سنين[13].

وهذا المحتمل لا يمنع من الاستدلال بالنص المذكور على المدعى، لأنه إنما يشير إلى أفضلية الوصول إلى العشر، لا أنه بيان لمورد جواز الدخول ما لا يخفى، فلا يكون منافياً لما عليه المشهور.

وبالجملة، فالتمسك بهذه النص على المدعى، يـبتني على بعض المحتملات المذكورة، لا على جميعها كما هو واضح لا يخفى.

ومنها: خبر عمار السجستاني، قال سمعت أبا عبد الله(ع) يقول لمولى له: انطلق فقل للقاضي، قال رسول الله(ص): حدّ المرأة أن يدخل بها على زوجها ابنة تسع سنين[14].

ولا يخفى دلالتها على المدعى، حيث أنه(ع) قد نص على أن الحد الذي يسوغ للزوج بنائه بزوجته يتحدد ببلوغها تسع سنين، وهذا يعني أنه ما لم تصل إلى هذا الحد، فإنه لا يسوغ له الدخول بها. اللهم إلا أن يدعى بأن هذا التحديد مستفاد من خلال مفهوم الوصف، وقد ثبت في محله أنه لا مفهوم له، وعلى هذا سوف يكون المستفاد من الحديث أن الحدّ المقرر من الشارع في الدخول بالزوجة عبارة عن تسع سنين، لكن لا يدل ذلك على عدم جواز الدخول بها قبل ذلك، فتأمل.

نعم لو قيل بأن المقام في الحقيقة، من صغريات مفهوم الشرط-كما هو ليس ببعيد، بمعنى أن الحديث المذكور في مقام بيان أن شرط الدخول بالزوجة بلوغها تسع سنين، فكأنه قال: إذا بلغت الزوجة تسع سنين جاز الدخول بها، وإن لم تبلغ ذلك، فلا يجوز الدخول بها.

ومنها: خبر أبي بصير عن أبي جعفر(ع) قال: لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين[15].

لا يخفى أنه يأتي فيها الكلام السابق في معتبرة زرارة من حيث وجود الترديد فيها، وعليه تكون نتيجة الالتـزام بدلالتها على المدعى هو ما تقدمت الإشارة إليه في صحيح زرارة فلا حاجة للإعادة.

هذا ويقع في سندها سهل بن زياد، وهو محل اختلاف بين الأصحاب، إذ بنى بعضهم كشيخنا الأستاذ(دامت أيام بركاته) على وثاقته، وقبول رواياته، وبنى آخرون على ضعفه وعدم قبول شيء من مروياته، وتوقف آخرون، وتحقيق الحال، يستدعي التعرض لأدلة الطرفين، والنظر فيها، فنقول:

أما وجوه الذم والتضعيف، فهي:

الأول: ذكره النجاشي، وقال: كان ضعيفاً في الحديث، غير معتمد فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو و الكذب[16].

أقول: ما ذكره (ره) ينحل إلى ثلاث دعاوى:

الأولى: أن سهلاً ضعيف في الحديث.

الثانية: أنه لا يعتمد فيه.

الثالثة: موقف أحمد بن محمد بن عيسى منه، إذ شهد عليه بالغلو والكذب.

ولا يخفى أن الدعوى الأولى لا دلالة لها على التضعيف، لأن قولـه: ضعيف في الحديث، يعني أنه يروي عن الضعفاء، أو يقبل المراسيل، أو أنه ليس من أهل الخبرة والتمحيص في النصوص فهو ليس من أهل الفن، ويؤيد هذا المعنى قولـه: غير معتمد فيه، إذ المراد أنه غير معتمد في خصوص الحديث، وإلا كان المناسب أن يقول غير معتمد عليه.

نعم هناك لعله نسخة أخرى لتغاير نقل بعض الأعاظم (ره) لكلامه عما ذكرنا، حيث ذكر أنه قال: غير معتمد عليه فيه[17]، وهي إن لم تكن أوضح فيما ذكرنا، فإنها لا تغايره،

وأما الثانية: فقد عرفت عدم دلالتها على المدعى، لظهورها في عدم الاعتماد على حديثه، وهذا لا علاقة له بشخصه. نعم ذكر بعض مشايخنا (دام ظله) عبارة النجاشي هكذا:…. غير معتمد عليه…[18]، وهي موهمة بأن الضمير عائد لنفس سهل، فيكون نفي الاعتماد على شخصه لا حديثه، فتدل على التضعيف، لكن قد عرفت منع ذلك، لأن الظاهر وجود غلط عنده في النقل، والعصمة لأهلها.

وأما الدعوى الثالثة: وهي التي حكاه النجاشي عن أحمد بن محمد بن عيسى، فإنها تشمل أمرين، يشهد بهما في حقه:

الأول: كونه مغالياً.

الثاني: كونه كذاباً.

وما يهمنا في المقام هو خصوص الأمر الثاني منهما، إذا يفيد عدم أهليته لقبول خبره بعدما ثبت أنه من الكذابين، فلا مجال للاعتماد عليه.

نعم هذا الوجه يعتمد على تمامية أحد أمرين:

الأول: أن يكون محمد بن عيسى رجالياً فيقبل قولـه لكونه كذلك.

الثاني: أن يلتزم بحجية خبر الثقة في الموضوعات مطلقاً، وحال سهل موضوع وقد شهد في حقه ثقة فيرتب عليه الأثر.

والتحقيق منع الثاني لأننا ذكرنا عدم حجية خبر الثقة في الموضوعات، إلاّ إذا أفاد وثوقاً واطمئناناً.

والأول، لو سلم المدعى، فإنه يرجع لوجه حجية قول الرجالي، وهو عندنا يرجع لثاني الأولين الذي عرفت حاله.

وعليه لا تصلح هذه الدعوى على إثبات التضعيف، بل يمكننا منع دلالتها على المدعى أصلاً، وذلك لكون الشهادة الثانية متفرعة على الأولى، بمعنى أن ابن عيسى لما حكم عليه بالغلو لنسبته للمعصوم ما ليس له، صار كذاباً عنده، فحكم عليه بالكذب وهذا يعني أن الشهادة الثانية راجعة للأولى أيضاً.

الثاني: نص الشيخ(ره) في كتابه الفهرست على ضعفه، حيث قال عنه: ضعيف. الفهرست رقم 339.

ولا يخفى أن هذا اللفظ يحتمل فيه ثلاثة احتمالات:

أولها:أن يكون مطلقاً شاملاً لضعف الشخص والحديث.

ثانيها: أن يكون منصرفاً في مثل المقام لضعف الشخص.

ثالثها: أن يكون نصاً في المورد على التضعيف.

نعم ذكره في الاستبصار في باب انه لا يصح الظهار بيمين في ذيل الحديث 935, وعلق على الخبر بكون راويه سهل بن زياد, وهو ضعيف جداً عند نقاد الأخبار[19].

إلا أن من المحتمل حمله على ما تقدم بيانه في كلام النجاشي, فيكون ناظراً للحديث لا للشخص نفسه, فلا ينفع في إثبات المدعى. إلا أن يقال, بأن ديدن أهل الأخبار هو الرواة, لا المرويات فينصرف اللفظ -إن لم يكن نصاً- إلى الشخص فيصلح للدلالة على المدعى فتأمل .

ثم أنه قد يدفع تضعيف الشيخ (ره) إياه في الفهرست بتوثيقه إياه في الرجال, وإما أن يقدم الثاني لتأخره في التأليف , أو يتساقطان.

وتنقيح هذا المطلب نتعرضه حين الحديث عن وجوه المدح والتوثيق فانتظر.

الثالث: استثناء أبن الوليد له من نوادر الحكمة. ومتابعة الصدوق وأبي العباس بن نوح له, ولم يستشكلوا على ابن الوليد في استثنائه كما استشكلوا عليه في استثناء محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني, لأنه كان على ظاهر العدالة .

وتقريب هذا الوجه أن يقال: أن المستفاد من عدم استثناء أبن الوليد شخصاً روى عنه مؤلف كتاب نوادر الحكمة دال على وثاقته، كما أن استثنائه شخصاً من الأشخاص يشير إلى ضعفه. وقد استثنى سهلاً, فيثبت ضعفه.

ويلاحظ عليه: أولاً: إن هذا الوجه يعتمد على أن يكون مسلك أبن الوليد في حجية الخبر هو الوثاقة, وقد عرفت منا في محله أن مسلكه الوثوق.

ثانياً: إن الاستثناء ناظر للرواية, لا للراوي, مما يعني أجنبية المورد عن المدعى.

الرابع: ذكر الكشي عن علي بن محمد القتيـبي, عن الفضل بن شاذان أنه كان يقول في أبي الخير صالح بن سلمة أبي حماد الرازي , كما كني وقال علي: كان أبو محمد الفضل يرتضيه ويمدحه ولا يرتضي أبا سعيد الآدمي, ويقول: هو الأحمق[20].

وتقريبه على المدعى: أن الفضل في مقام تمييز الرواة من حيث القبول والعدم, فارتضائه شخصاً يعني شهادته بكونه مقبول الرواية فيعتمد عليه, وعدم الارتضاء يعني عدم مقبوليته لروايته. ومن الواضح أن الاعتماد على الرواية يعني كون الراوي ثقة, وإلا لم يعتمد عليه.

ويلاحظ عليه أولاً: إن هذا يبتني على كون مسلك الفضل هو حجية خبر الثقة لا الوثوق, والصحيح عكس ذلك.

ثانياً: إن الذيل الوارد في كلامه بتوصيفه سهلاً بكونه (الأحمق) يمنع من كون الارتضاء وعدمه موردهما التوثيق والتضعيف, بل الظاهر أنه ناظر للمنهج والمسلك المتبع بحيث, رمي بالغلو, أو لعدم اعتنائه في النقل فيروي عن الضعفاء أو غير ذلك.

خصوصاً بملاحظة أن المعهود من أطلاق لفظ الأحمق للتنبيه على البلادة, لا على الفسق, بل ولا على فساد العقيدة.

على أن للتأمل في دلالة عدم الارتضاء على القدح مجال, خصوصاً وأنه غير ظاهر فيه.

الخامس: تضعيف ابن الغضائري إياه, قال: كان ضعيفاً جداً فاسد الرواية والمذهب.

ولا يخفى أن تمامية هذا الوجه تعتمد على التالي:

1- صحة نسبة كتاب الضعفاء لابن الغضائري, وإلا فلا وجه للمدعى.

2- أن تكون تضعيفات ابن الغضائري حسية غير حدسية, ناشئة من خلال دراسة كتاب الشخص ورواياته.

3- أن يكون قولـه : فاسد الرواية والمذهب عطف نسق, وليس عطف بيان. هذا ولو تم الأولان، فإن الثالث غير تام، إذ ظاهر العبارة كون قولـه: فاسد الرواية …الخ، عطف بيان، ومع كونه كذلك يكون التضعيف منصباً على روايته، وليس على شخصه فلا يكون دالاً على المدعى.

إلى هنا قد تم عندنا من وجوه التضعيف خصوص الوجه الثاني، وهو تضعيف الشيخ (ره) إياه في كتاب الفهرست.

وجوه التوثيق:

وأما وجوه التوثيق والمدح، فهي:

الأول: توثيق الشيخ (ره) إياه في كتابه الرجال، حيث نص على ذلك عندما ذكره في أصحاب الإمام الهادي (ع)وقال عنه أنه ثقة[21].

وهذا الوجه صريح في الوثاقة، لأن ما صدر من الشيخ (ره) نص في ذلك.

لكنه قد نوقش في هذا الوجه بما ذكره ابن داود في رجاله، حيث ذكر سهلاً في القسم الثاني، وأشار إلى أن لفظة (ثقة) غير موجودة في نسخته من رجال الشيخ (قده) التي هي بخط الشيخ نفسه، مما يقوي احتمال كون اللفظة قد زيدت من قبل النساخ، واشتباههم.

الثاني: قد أكثر الشيخ (قده) النقل عنه في التهذيـبين: من دون أن يناقش في وثاقته، كما ناقش في غيره، مما يستكشف منه كونه ثقة.

ويـبتني هذا الوجه على كبرى، وهي أن الشيخ (ره) قائل بحجية خبر الثقة، ليستكشف من عدم مناقشته في شخص ارتضائه حديثه وقبوله لروايته.

لكن لو كان مسلك الشيخ (ره) في الحجية هو الخبر الموثوق بصدوره-كما هو الصحيح- لم يكن لهذا الوجه مجال أصلاً.

على أنه يكفينا للجواب عن هذا الوجه أن يقال: بأن الداعي لتأليف الشيخ (ره) للتهذيـبين هو علاج التعارض المتصور بين النصوص كما صرح بذلك في مقدمة التهذيب، وعليه فما يصدر منه مناقشة في الراوي إنما هي للعلاج ليس إلا، وسكوته لا يعني الارتضاء و القبول، بل أعم.

الثالث: رواية جمع من الأجلاء عنه، إذ روى عنه الفضل بن شاذان ومحمد بن يحيى العطار ومحمد بن الحسن الصفار وعلي بن إبراهيم ومحمد بن جعفر الأسدي ومحمد بن علي بن قولويه وعلي بن محمد بن إبراهيم المعروف بعلان، وسعد بن عبد الله الأشعري وغيرهم.

وتقريب هذا الوجه على المدعى أن يقال: إن إكثار الجليل الرواية عن شخص كاشف عن وثاقته، وإلا لم يكن هناك وجه لإكثار الرواية عنه.

هذا وقد عرفت منع الكبرى في هذا الوجه في فوائدنا الرجالية، وبه تندفع الصغرى.

الرابع: وقوعه في أسناد كامل الزيارات، وقد شهد ابن قولويه بوثاقة كل من وقع في أسانيد كتابه، فعندها تثبت وثاقته.

ويعتمد هذا الوجه على أن تكون العبارة غير مجملة، وأن تكون ظاهرة في وثاقة كل من وقع في أسناد الكتاب، وليست في خصوص المشايخ، وعليه لو بني على إجمال العبارة، أو على اختصاصها بخصوص المشائخ لم يصلح هذا الوجه لإثبات المدعى.

على أننا ذكرنا في محله كون العبارة أجنبية عن المدعى تماماً، وأنه قد حصل الخلط عند بعض الأصحاب بين المنهجين الرجالي والفهرستي، كما فصلنا ذلك في الفوائد الرجالية.

الخامس: وقوعه في أسناد تفسير علي بن إبراهيم القمي، وقد شهد في ديـباجة كتابه أنه لم يورد في كتابه إلا خصوص الروايات الواردة عن طريق الرواة الثقات، وهذه شهادة حسية منه بوثاقة جميع من ورد في أسانيد كتابه، ومع الشك في حسية شهادته أو حدسيتها، نحكم أصالة الحسية الحاكمة.

ولا يخفى أن هذا الوجه يعتمد على توفر أمور ثلاثة:

أولها: أن يكون كتاب التفسير الواصل إلينا اليوم، هو كتاب التفسير المذكور لعلي بن إبراهيم.

ثانيهما: أن تكون الديباجة الموجودة في أول الكتاب صادرة من علي بن إبراهيم نفسه.

ثالثها: أن تكون العبارة الواردة في الديباجة نصاً، ولا أقل من كونها ظاهرة في الشهادة بوثاقة جميع من وقع في أسناد الكتاب.

ومتى اختل أحد هذه الأمور الثلاثة، فلا ريب في أنه لن يتم هذا الوجه، بمعنى أنه يكفي لهدمه وعدم إمكانية البناء عليه اختلال أحد الأمور الثلاثة المذكورة.

والحق أنه لا يمكن القبول بها جميعاً، فضلاً عن رفض أحدها على أقل تقدير.

السادس: كثرة رواية الشيخ الكليني عنه في الكافي، ولا يخفى إن هذا يعتمد على تمامية أمرين:

الأول: أن يكون مسلك الكليني في الحجية هو خبر الثقة، لا الخبر الموثوق بصدوره.

الثاني: إن تتم الشهادة الصادرة عنه في الديباجة باعتبار كل ما جاء في كتابه.

وكلا الأمرين لا يمكن الالتزام بتحققهما في البين، إذ الأول، على خلاف مقتضى التحقيق من كون قدماء الأصحاب على البناء على الوثوق لا الوثاقة.

والثاني، خلط بين المنهج الفهرستي والرجالي على ما أوضحناه في الفوائد الرجالية فراجع.

فتحصل إلى هنا أنه لم ينهض وجه معتبر من وجوه التوثيق يمكن الركون إليه لكي يكون معارضاً لما دل على التضعيف، ومن ثمّ لا مجال بعد هذا للقول بالتوقف في شأن الرجل، بل مقتضى ما تقدم هو البناء على ضعفه، وعدم إمكانية الاستناد إلى شيء من مروياته، إلا إذا توفر فيها ما يوجب الحجية كالجبر بعمل المشهور، فلاحظ.

ومنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله(ع) قال: من وطئ امرأته قبل تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن[22].

ودلالتها على المدعى من خلال أن وطئها قبل بلوغها تسع سنين، موجب لحصول عيب فيها فيوجب ثبوت الضمان عليه، فلو كان وطئها سائغاً قبل بلوغ التسع لما كان معنى لثبوت الضمان عليه.

وبعبارة أخرى، إن ثبوت الضمان عليه كاشف عن عدم جواز التصرف الذي صدر منه تجاهها، وليس ذلك التصرف إلا وطئها.

ومنها: رواية طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي(ع)، قال: من تزوج بكراً فدخل بها في أقل من تسع سنين، فعيبت ضمن[23].

ودلالتها على المدعى كسابقتها، وقد وقع في سندها طلحة بن زيد

ومنها: صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله(ع): إن من دخل بامرأة قبل أن تبلغ تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن[24].

ودلالتها على المدعى كدلالة ما تقدمها، وطريق الصدوق إلى حماد طريق صحيح.

ومنها: ما رواه حمران عن أبي عبد الله(ع) قال: سئل عن رجل تزوج بجارية بكراً لم تدرك، فلما دخل بها افتضها فأفضاها؟ فقال: إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضها فإنه أفسدها وعطلها على الأزواج، فعلى الإمام أن يغرمه ديتها، وإن أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شيء عليه[25].

ودلالتها على المدعى واضحة، نعم يمكن الخدشة فيها من جهة السند، ذلك أن راويها حمران، وهو ممن لم ينض على توثيقه بالخصوص، لكن يمكن البناء على وثاقته وفقاً لبعض الوجوه العامة:

منها: رواية أحد المشائخ الثقات عنه، حيث قد روى عنه صفوان بن يحيى، ومقتضى تمامية الكبرى الصادرة من الشيخ(ره) يبنى على وثاقته.

أقول: قد ذكرنا في محله، أن هذا الوجه وإن تم عندنا بحسب الكبرى، إلا أن البحث فيه صغروي، ذلك أنه يعتبر إكثار الرواية من قبلهم عنه حتى يبنى على شمول الشهادة له، وما ذكرناه مستفاد من خلال الشهادة الصادرة من الشيخ(قده).

ومنها: رواية الأجلاء عنه، ورواية الجليل عن شخص، بل إكثاره الرواية عنه كاشف عن وثاقته.

وقد عرفت غير مرة حال هذا الوجه.

ومنها: رواية أبان بن عثمان الأحمر، وهو أحد أصحاب الإجماع الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.

وحال هذا الوجه كسابقه في عدم الصلوح للمقبولية والاعتماد كما لا يخفى.

ومنها: ما بنى عليه بعض الأعاظم(ره) من وجود جملة من الروايات الدالة على جلالته، وبالتالي تكفي للبناء على وثاقته، وإن كان جملة منها ضعيف السند، إلا أن بعضها معتبر سنداً[26].

ولا يخفى أن النصوص المشار إليها لا دلالة لها على المدعى، بل مقتضى الإنصاف أنها أجنبية عن ذلك، فلتلاحظ.

——————————————————————————–

[1] وسائل الشيعة ب 45 من أبواب مقدمات النكاح ح 1.

[2] المصدر السابق ح 2.

[3] معجم رجال الحديث ج 19 ص 30.

[4] المصدر السابق.

[5] الرواشح السماوية ص 115.

[6] المصدر السابق.

[7] معجم رجال الحديث ج 19 ص 31.

[8] أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق ص

[9] تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب النكاح ص 25.

[10] مرآة العقول ج 20 ص 137.

[11] الوافي ج 12 ص 757 ب الحد الذي يدخل بالمرأة فيه.

[12] مجلة فقه أهل البيت العدد 3 ص 86.

[13] فقه الصادق ج 21 ص 88.

[14] الوسائل ب 45 من أبواب مقدمات النكاح ح 3.

[15] المصدر السابق ح 4.

[16] رجال النجاشي ج 1 ص 417.

[17] معجم رجال الحديث ج 9 ص 354.

[18] أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق ص 216.

[19] الاستبصار ج 3 ص 28.

[20] رجال الكشي ج 2 ص 837.

[21] رجال الشيخ ص 416.

[22] وسائل الشيعة ب 45 من أبواب مقدمات النكاح ح 5.

[23] المصدر السابق ح 6.

[24] المصدر السابق ح 8.

[25] المصدر السابق ح 9.

[26] معجم رجال الحديث ج 6 ص 260.