28 مارس,2024

الأغسال المستحبة(1)

اطبع المقالة اطبع المقالة

 

الأغسال المستحبة(1)

 

قسم الفقهاء الأغسال إلى قسمين: أغسال واجبة، كغسل الجنابة، وغسل الحيض، وغسل النفاس، وغسل مس الميت، وأغسال مستحبة، كغسل الجمعة، وغسل ليلة القدر، وغيرهما.

والأغسال المستحبة نوعان:

 

الأول: ما ثبت استحبابه، بمعنى أنه قد دل الدليل على كونه مستحباً.

الثاني: ما لم يثبت استحبابه، وإنما يؤتى به رجاء المطلوبية لعدم تمامية الدليل على ذلك. نعم بناء على رأي المشهور يكون مستحباً اعتماداً على قاعدة التسامح في أدلة السنن.

وقد اختلف الأعلام في إجزاء الأغسال المستحبة عن الوضوء، فالمشهور بينهم البناء على عدم إجزائها، وفصل السيد الخوئي(ره)، والسيدان السيستاني والحكيم، والأستاذ الشيخ الوحيد(دامت بركاتهم)، فقالوا بإجزاء ما ثبت استحبابه منها عن الوضوء، وعدم إجزاء البقية.

 

ولا بأس قبل الحديث عن الأغسال المستحبة، وبيان ما يرتبط بها، من الإشارة إلى أمور:

 

الأول: وقع الخلاف بين الأعلام في استحباب الغسل لنفسه، كالوضوء، فقال المفيد، والمحقق والعلامة، والمجلسي(ره)، باستحبابه لنفسه، شأنه شأن الوضوء، والمعروف بين الأعلام عدم استحبابه لنفسه، وإنما يكون واجباً أو مستحباً لغيره، فلا يؤتى به إلا لسبب من الأسباب الموجبة لذلك.

الثاني: المعروف بين الفقهاء حمل القيود الواردة في المستحبات على تعدد المطلوب، ومقتضى ذلك أن يكون تقيـيد الأغسال المستحبة بزمان خاص، كغسل الجمعة أو ليلة القدر مثلاً، أو بمكان خاص، كدخول الحرم المكي، أو دخول مسجد النبي(ص)، من هذا القبيل، فيجوز الاتيان بالغسل قبل حلول الزمان الخاص به، أو قبل دخول المكان المحدد له، كما يمكن الاتيان به بعد انتهاء الزمان، والذهاب عن المكان، فتأمل.

الثالث: لقد تضمنت النصوص عرضاً لجملة من الآثار الوضعية لبعض الأغسال المستحبة بالإضافة إلى ثبوت استحبابها، كغسل الجمعة، فقد ورد أنه: طهارة له(المغتسل)من الجمعة إلى الجمعة. وأنه طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة.

 

أقسام الأغسال المستحبة:

وقد قسم الفقهاء الأغسال المستحبة إلى ثلاثة أقسام:

 

الأول: الأغسال الزمانية، وهي التي تكون مرتبة بزمان خاص، فلا يجوز الاتيان بها إلا في ذلك الزمان، ولا يجوز الاتيان بها بعد انقضائه إلا أن يدل الدليل على ذلك، كغسل الجمعة فإنه لا يجوز الاتيان به قبل حلول يوم الجمعة، كما لا يجوز فعله بعد انتهائه. نعم لما دل الدليل على جواز قضائه وجواز تقديمه على وقته المحدد له حال إعواز الماء بني على جواز ذلك.

نعم لو بني على أن التوقيت مأخوذ بلحاظ بعض مراتب الطلب، كما أشير إليه في بعض الكلمات، فإنه يلتـزم بجواز التقديم، كما عرفت فيما تقدم.

 

الثاني: الأغسال المكانية، وهي التي تكون مرتبطة بدخول مكان فيستحب الاتيان بها لأجل ذلك، كالغسل لدخول حرم مكة المكرمة، ودخول المسجد الحرام، ودخول المدينة المنورة، ومسجد النبي(ص)، ودخول المشاهد المشرفة للأئمة الأطهار(ع).

ولهذا القسم أيضاً وقت محدد، وهو عند إرادة الدخول، فلا يتحقق الغسل حال الاتيان به قبل ذلك.

والظاهر أنه يعتبر بقاءه حتى يحصل الفعل بحيث يكون الإنسان واجداً للطهارة حال دخوله المكان الذي يستحب الغسل لدخوله، فلو انتقض الغسل قبل ذلك لم يتحقق الغرض.

 

الثالث: الأغسال الفعلية، وهي قريبة في المعنى من الأغسال المكانية، نعم تختلف أن الغاية من هذه الأغسال إما إيجاد فعل من الإنسان فيغتسل لأجله، كالغسل للإحرام، أو بعد إيجاده فعلاً كالغسل لقتل الوزغ، أو لترك صلاة الآيات في الكسوف والخسوف الكلي، أو لرؤية المصلوب، وهكذا.

 

ولم يلحظ في الأغسال الفعلية شرافة الفعل، بخلاف الأغسال المكانية، فإنه قد لوحظ ذلك.

وما قلناه في الأغسال المكانية، يأتي في الأغسال الفعلية التي تكون من أجل الفعل، فإنه يلزم إيجاد الفعل وهو على طهارة، فلو انتقض الغسل قبل الإحرام مثلاً بالحدث الأصغر لزمه إعادة الغسل حتى يكون قد أحرم على طهارة بغسل، وهكذا.

 

ولا يعتبر ذلك في الأغسال الزمانية، فإنه لا يلزم لمن اغتسل غسل أول الليل في ليلة القدر مثلاً أن لا ينتقض غسله حتى يؤدي أعمال ليلة القدر، بل إن مجرد إتيانه بالغسل يكفي لتحقق الغرض المراد تحصيله، وهو إتيانه بالغسل في ليلة القدر.