29 مارس,2024

س: يستأجر بعض الناس عمالاً من دون معرفة كفلائهم، ويكون ذلك بسعر أقل فهل يجوز ذلك، خصوصاً أنهم يقومون بالعمل خارج وقت دوامهم؟

اطبع المقالة اطبع المقالة

 

عمل العمالة دون علم كفيلها:
س: يستأجر بعض الناس عمالاً من دون معرفة كفلائهم، ويكون ذلك بسعر أقل فهل يجوز ذلك، خصوصاً أنهم يقومون بالعمل خارج وقت دوامهم؟

 

ج: لا ريب في عدم صدق الكفالة الشرعية على الكفالة المذكورة، لأن الكفالة الشرعية تعني التعهد والإلتزام لشخص بإحضار نفس له عليها حق حتى يمكنه قضاء دينه منه والوصول إلى حقه الذي عليه. 
ووفقاً لذلك يلزم أن تخرج العملية الخارجية على أحد العناوين الفقهية الأخرى، والظاهر أنها لا تخلو عن احتمالين:

الأول: أن يكون الموجود خارجاً إجارة، وهذا يعني أن الكفيل يستأجر المكفول، سواء كانت الإجارة ملكاً لمنفعته، أم كانت الإجارة ديناً للمستأجر على الأجير.

ويترتب على هذا عدم جواز إجارته للغير بأكثر مما اتفق معه، نظير ما يذكر في إجارات الخادمات. أو يكون متفقاً معه على القيام بعمل خلال مدة محددة مقابل مبلغ من المال، يعطاه في نهاية كل شهر مثلاً. والظاهر أن الموجود خارجاً من الثاني، وليس الأول.

الثاني: أن تكون العملية عملية ضمان لمنفعته، بحىث يكون المكفول ضامناً منفعته للكفيل، ووفقاً لهذا الاحتمال يمكن البناء على التنازل عن منفعته للغير، ويحق للكفيل أن يطلب ما يشاء مقابل حقه الذي تنازل عنه.

كما يترتب على هذين المحتملين أثر مهم جداً يكثر وجوده اليوم، وهو عمل المكفول خارج وقت عمله عند كفيله لمصلحة نفسه، كالقيام بغسيل السيارات، أو العمل في نفس مجاله الذي يعمل فيه من الصباغة، والكهرباء والسباكة والديمورات، وما شابه ذلك. فإنه ووفقاً للمحتملين المذكورين يقرر عدم جواز ذلك له، لأنه لو كان الموجود إجارة فإنه أجير عند الكفيل، فلا يحق له العمل عند غيره، وأوضح منه لو كان المورد ضمان منفعة، كما لا يخفى.

والحاصل، لا يجوز الاستفادة من العميل خارج وقت عمله من دون إذن مكفوله، وفقاً للتخريجين الذين ذكرنا.

كفالة العمالة المحددة بمبلغ:

ومن العناوين القريبة من ذلك ما تعارف عمله من قيام شخص باستقدام عمالة بإسمه، واشتراط مبلغ محدد عليها، ويفسح المجال إليها للعمل في ما تشاء، والظاهر أنه لا يوجد إشكال شرعي في ذلك، لأنه يمكن تخريجها من باب الجعالة فيكون إعطاء الكفيل للمال من قبل المكفول جعالة منه لمن يتصدى لإحضاره.

كما يمكن تخريج ذلك على البيع للحق، فإن اسم الكفيل حق يمكن دفع شيء مقابله، فينتفع به، ويكون الدفع بنحو التقسيط، وليس دفعة واحدة.

كما يمكن تخريجه على الإجارة بناء على قابلية بعض الحقوق لذلك، فيكون ما يعطيه المكفول للكفيل عوضاً عن استئجاره لاسمه، والله سبحانه أعلم بحقائق الأمور.

من الروضة المعصومية المباركة.