29 مارس,2024

حول خطبة الإمام السجاد(ع):أيها الناس لقد أوتينا ستاً وفضلنا بسبع

اطبع المقالة اطبع المقالة

س:جاء في أحدى خطب الإمام السجاد(ع)بعد يوم عاشوراء:أيها الناس لقد أوتينا ستاً وفضلنا بسبع، أوتينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والحب في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار…..

فلماذا خص الإمام(ع)هذه الأمور دون غيرها مما قد أعطى الله لأهل البيت النبوي الرفيع، هل أن هذه الأمور بمجموعها تقود إلى مكارم الأخلاق، ومعالي الأفعال، أو أن هذه الخصائص هي التي تتناسب والوضع آنذاك، أو لهذه الأمور علاقة بما ذكر بعدها من فضائل لأهل البيت النبوي(ع)، وما هي هذه العلاقة؟…

ج:الظاهر أن هذه الخطبة تمثل أحد الأساليب والمناهج السياسية التي اتخذها الإمام زين العابدين(ع)للمعارضة للحكومة الأموية في ذلك الوقت، فتذكيره(ع)بهويته الشخصية فقط في هذه الخطبة، حكمة وتدبير يشيران لما ذكرناه، لأنه لم يكن له في مثل هذا المكان والزمان، أن يتطرق إلى شيء من القضايا الهامة، وإلا كان يمنع من الكلام والنطق، وأما الإعلان عن اسمه فهي قضية شخصية، وهو من أبسط الحقوق التي تمنح للفرد وإن كان في حالة الأسر.

لكن كلامه(ع)لم يكن في الحقيقة مجرد كلام تعريفي بشخصه الشريف، بل كان مليئاً بالتذكير والإيماء، بل الكناية التي هي أبلغ من التصريح، بنسبه الشريف، واتصاله بالإسلام، وبرسوله الكريم(ص).

وقد ذكر الإمام(ع)بكل المواقع الجغرافية، والمواقف الحاسمة والذكريات العظيمة في الإسلام، وربط نفسه بكل ذلك، فسرد حوادث تاريخ الإسلام، معبراً بذلك عن أنه يحمل هموم ذلك التاريخ كله على عاتقه، وأنه حامل هذا العبء، بكل ما فيه من قدسية، ومع ذلك فهو يقف أسيراً أمام أهل المجلس.

وقد فهم الناس مغزى هذا الكلام العميق، فلذلك ضجوا بالبكاء! فإن الحكام الأمويـين إنما حصلوا على مواقع السلطة من خلال ربط أنفسهم بالإسلام، فكسبوا لأنفسهم قدسية الخلافة.

وكان لجهل الناس الأثر الكبير في وصول الأمر إلى هذه الحالة، أن يروا ابن الإسلام أسيراً أمامهم.

ثم إن جهل أهل الشام بأهل البيت، مضافاً إلى حقد الحكام على أهل البيت عامة، وعلى الذين كانوا مع الحسين(ع)في كربلاء خاصة، كان يدعو إلى الاحتياط والحذر من أن ينقض يزيد على الأسرى في ما لو أحس بخطرهم فيبيدهم.

فكان ما قام به الإمام من تأطير خطبته بالإطار الشخصي مانعاً من إثارة غضبه وحقده، لكن لم يفت الإمام اقتناص الفرصة السانحة لكي يبث من خلال التعريف، بشخصه وهويته التنويه بشخصيته وبقضيته وبهمومه، ولو بالكناية التي كانت حقاً أبلغ من التصريح.

فلذلك لم يتعرض الإمام(ع)لذكر مساوئ الأمويـين، ولم يذكر شيئاً من فضائحهم، بالرغم من توقع يزيد نفسه لذلك، والله العالم بحقائق الأمور.