28 مارس,2024

حكم الدم القليل في الصلاة

اطبع المقالة اطبع المقالة

من الشروط التي اعتبرها الفقهاء في صحة الصلاة، طهارة لباس المصلي وبدنه من النجاسة، واستثنوا من ذلك موارد تسهيلاً منه سبحانه وتعالى على المكلفين، عرفت بما يعفى عنه من النجاسات.

وليس المقصود من العفو عنها، الحكم بطهارتها وعدم نجاستها، وإنما يقصد من كونها معفواً عنها أن وجودها لا يمنع من صحة الصلاة.

ومن تلك الموارد، ما إذا كان الدم الموجود على لباس المصلي، أو على بدنه قليلاً، بحيث تكون مساحة انتشاره أقل من الدرهم، وقد أختلف في تحديد هذا المقدار، فأختار جماعة من الأعلام، تحديده بالسبابة. وأختار آخرون تحديد ذلك بالإبهام على الأحوط وجوباً.

شروط العفو:

ويشترط في عدم مانعية هذا المقدار من الدم عن صحة الصلاة أمور:

1-أن لا يكون الدم واحداً من الدماء الثلاثة، الحيض والاستحاضة والنفاس، وقد اختلف الأعلام في حكمها، فأحتاط بعضهم وجوباً في مانعيتها. بينما أفتى آخرون بمانعية الحيض، واحتاطوا وجوباً في مانعية الاستحاضة والنفاس.

2-أن لا يكون دم نجس العين، كالكلب والخنـزير، وهو قد أختلف الأعلام بين من يفتي وبين من يحتاط في المانعية.

3-أن لا يكون دم ميتة، سواء مات حتف أنفه، أم كان بسبب ذبحه على غير الطريقة الشرعية، وهو كسابقه في الخلاف بين أعلامنا.

4-أن لا يكون دم أحد السباع كالأسد، أو النمر، بل لا يكون دم حيوان لا يؤكل لحمه، وإن لم يكن سبعاً، وهو كسابقه أيضاً في الخلاف.

5-أن لا يكون هذا الدم مختلطاً بغيره من قيح أو دواء، أو ماء، فلو أختلط بشيء من ذلك لم يعف عنه.

فرعان:

الأول: يختص العفو وعدم المانعية بالدم، فلا يسري الحكم إلى غيره، فلو تنجس شيء بالدم القليل كاليد مثلاً، ثم لاقت بدن المصلي أو لباسه، لم يعف عن النجاسة.

الثاني: إذا حصل عند المكلف شك في الدم الموجود على بدنه، أو على لباسه، فهنا نوعان من الشك:

أحدهما: أن يكون الشك في المقدار: فيشك في مقدار الدم، وأنه قليل يعفى عنه، أو كثير فلا يعفى عنه، وقد اختلف الأعلام في هذا الفرض، فأختار بعضهم البناء على عدم العفو، بينما أختار آخرون الحكم بكونه معفواً عنه. وقد أضاف القائلون بالعفو صورة، وهي ما إذا كان المكلف يعلم قبل طروء حالة الشك والتردد أن الدم الموجود كثير، ثم شك في بقائه على الكثرة وتحوله للقلة، يحكم بكونه كثيراً لا يعفى عنه.

ثانيهما: أن يكون الشك في النوع: كما لو شكت المرأة في أن الدم الموجود على ثيابها، أنه دم حيض فلا يعفى عنه، أو أنه دم من يدها، فيعفى عنه، فتبني على أنه من الدم الذي يعفى عنه، ولا تحتاج فحصاً ولا اختباراً، ولو صلت بذلك الدم، ثم تبين لها بعد الصلاة أنه دم حيض، حكم بصحة صلاتها.