28 مارس,2024

أعمال الطب

اطبع المقالة اطبع المقالة

ينحصر عمل الطبيب في إطار دفع الضرر ورفع الأذى عن المرضى،ومن أجل ذلك فإنه يحل في الجملة كل عمل يتوقف عليه علاج المريض ورفع الضرر عنه ضمن مراتب الضرر التي يعتني العقلاء بدفعها عن أنفسهم،وصولاً إلى مرتبة دفع ما يوجب الهلاك والموت.
ولهذا يحل للطبيب القيام بمقتضيات العلاج حتى لو كان ذلك العمل حراماً في غير مقام العلاج.
ثم إنه لما كانت جميع فروع الطب مهمة،ورغم أن بعضها أقل إشكالاً من غيره،فإنه لا يجب على طالب الطب أن يلاحظ في إختياره لنوع تخصصه الفرع الذي هو أقل إشكالاً من غيره،بل يجوز له أن يختار التخصص في مثل الأمراض النسائية أو الأمراض الجلدية أو أمراض العقم والمسالك البولية،ونحوها مما يستلزم التعرض لرؤية العورة أكثر من غيره،وذلك بغض النظر عن مدى كون ذلك الإختصاص ضرورة لمجتمعه الذي سيعمل فيه.

الإجهاض:
س:هل يجوز للطبيب أن يقوم بإجهاض المرأة وقتل جنينها،سواء كان الجنين من مسلم أم كان من كافر؟…
ج:لا يجوز للطبيب إجهاض المرأة وقتل جنينها،بلا فرق بين كونه من مسلم أو كافر.
س:هل عدم جواز الإجهاض له حالات استثناء أو ليس له ذلك؟…
ج:يستثنى من عدم جواز الإجهاض حالتان وهما:
الأولى:إذا كانت حياة الأم متوقفة على إجهاضها،مهما كان عمر الجنين.
الثانية:إذا كان بقاء الجنين يؤدي إلى ضرر بالغ على صحة الأم،لا يصل إلى مرحلة توقف الحياة،أو كان بقائه يؤدي إلى وجود حرج شديد يشق عليها تحمله.
ثم إن هاتين الحالتين تختصان بمرحلة ما قبل ولوج الروح في الجنين.
هذا وقد تجعل حالة ثالثة،وهي إذا خافت الحامل على نفسها القتل محواً للعار.
س:هل يجوز الإجهاض للمرأة بعد ولوج الروح في الجنين؟…
ج:إذا ولجت الروح الجنين،فلا يجوز للطبيب إجهاضها،حتى لو طلب ذلك منه والدا الجنين،أو طلبه منه أحدهما.

التشريح:
س:هل يجوز تشريح جسد الميت؟…
ج:لا يجوز بداية بنحو الحكم الأولي تشريح جسد الميت المسلم،بل ذكر بعض الفقهاء،أنه لا يجوز تشريح جسد الميت المحترم كالذمي أو المعاهد أيضاً بنحو الإحتياط،إلا أن يكون ذلك جائزاً في شريعته،أو وجد إذن من وليه بعد وفاته،فالحكم بالجواز حينئذٍ غير بعيد.
نعم هناك حالات يجوز فيها التشريح،تعتبر من الحالات الإستثنائية التي تلجئ لها الضرورة،مثل توقف تعلم مهنة الطب بالمقدار الضروري على عملية التشريح،أو توقف دفع تهمة القتل عن المتهم على ذلك.
وحتى في مثل هذه الحالات توقف بعض الفقهاء في الفتوى بالجواز فقالوا بأنه إن أمكن أن يشرح جسد غير المسلم فيقدم،وفي مثل مورد القتل يحتاطون بترك التشريح.
ثم إن هذا الذي ذكرناه من المنع عن تشريح البدن،يختص كما قلنا بالمسلم بنحو الإتفاق،وعند العلماء في المعاهد.
نعم يجوز عند الجميع تشريح بدن الكافر لجميع أقسامه.
س:ما هو المدار والمناط في القول بجواز التشريح من عدمه؟…
ج:الظاهر أن الضابطة في القول بجواز التشريح،تعود لكون المورد من الضرورات التي تستدعي حصول ذلك العلم فعندها يقال بجواز التشريح.

الترقيع:
ونعني به وضع عضو من شخص أو قطعة من بدنه،في جسم شخص آخر.
س:هل يجوز قطع عضو من أعضاء شخص ميت مسلم،كعينه مثلاً،وإلحاقها ببدن شخص حي؟…
ج:لا يجوز قطع عضو من أعضاء الميت وإلحاقها ببدن شخص حي،ولو قام شخص بعمل ذلك وجبت عليه الدية.
نعم لو كان الشخص الذي قطع منه كافراً،فإنه يجوز ذلك.
س:قد يحصل أحياناً أن تـتوقف حياة شخص مسلم على قطع عضو من أعضاء الميت المسلم،لإلحاقها ببدنه،ففي مثل هذه الحالة هل يجوز القطع أو لا؟…
ج:في مثل مفروض السؤال يبنى على جواز القطع،لكن تثبت الدية على القاطع.
س:إذا كانت حياة عضو من أعضاء الحي متوقفة على وصله بعضو من الميت،فهل يجوز قطع ذلك العضو من الميت ووصله بالحي؟…
ج:لا يجوز قطع العضو من الميت ووصله بالحي.
س:هل يجوز للميت أن يوصي بقطع بعض أعضائه والتبرع بها إلى بعض المراكز الطبية،لكي يستفاد منها،بأن تجعل لبعض الأحياء الذين هم بحاجة لها،فهل تكون هذه الوصية نافذة،أولا؟…
ج:الظاهر هو الإلتـزام بنفوذ هذه الوصية،لكن بعض الفقهاء قال بأن نفوذها محل إشكال،ومقتضى الإحتياط عندهم عدم النفوذ.
س:كان جميع ما تقدم حول قطع الأعضاء من الميت،وترقيعها في بدن الحي،فهل يجوز قطع عضو من إنسان حي برضاه لوصله بإنسان حي آخر؟…
ج:في المقام تفصيل حيث أن للعضو المقطوع حالتين:
الأولى:أن يكون قطع العضو يستلزم ضرراً بليغاً على الشخص الذي قطع منه،كما لو قطعت يده،أو رجله،أو عينه،فعندها لا يجوز قطع شيء منه.
الثانية:أن لا يترتب ضرر بليغ على الشخص الذي يقطع منه العضو،فعندها يبنى على الجواز،مثل لو أخذت منه كلية،أو أخذت منه قطعة لحم،وما شابه.
س:بناء على القول بجواز التبرع بالأعضاء من الحي للحي بالتفصيل الذي سبق بيانه،هل يجوز للمتبرع أن يأخذ المال،مقابل ذلك العضو الذي قدمه؟…
ج:الظاهر هو جاز أخذ المتبرع للمال مقابل العضو الذي قدمه.

التبرع بالدم:
س:هل يجوز التبرع بالدم للمرضى المحتاجين إليه؟…
ج:لا إشكال في جواز التبرع بالدم للمرضى المحتاجين إليه.
س:هل يجوز لمن يتبرع بالدم لمرضى أن يأخذ مقابله عوضاً من المال؟…
ج:نعم يجوز للمتبرع بالدم أن يأخذ مقابله عوضاً من المال.

حكم الصلاة في العضو المرقع:
س:ما هو حكم الصلاة بالعضو الذي رقع به بدن الحي،إذا كان مأخوذاً من ميت أو من حي،لأنه قطعة مبانة من الحي،وقد جاء في باب النجاسات أن القطعة المبانة من الحي،حكمها حكم الميتة؟…
ج:إذا صدق على العضو الملحق أنه من أعضاء الإنسان الذي رقع به العضو،بحيث عد عرفاً من أعضائه،وسرت له الحياة،فلا إشكال في صحة الصلاة فيه،ولا يشمله حكم القطعة المبانة من جهة النجاسة.

التلقيح الصناعي:
وهو عبارة عن زرع بويضة امرأة ملقحة بحويمن رجل في رحم نفس المرأة،أو في رحم امرأة أخرى،أو في رحم اصطناعية.
س:شخص لا ينجب لعيب فيه،أو لعيب في زوجته،أو أنهما لا يعلمان ممن العيب،فهل يجوز لهما اللجوء للطبيب للكشف عليهما،وبالتالي معرفة ممن العيب ثم العلاج؟…
ج:ذكر بعض الفقهاء أنه إذا كان العلاج يستدعي كشف العورة فعنده لا يجوز لهما الكشف،إلا إذا كان عدم الإنجاب يعتبر أمراً حرجياً بالنسبة إليهما فعندها يجوز لهما الكشف،لمعرفة العيب ممن،ومن ثم القيام بعملية العلاج.
س:هل يجوز للرجل الإستمناء من أجل أن تجرى له مجموعة من الفحوصات لمعرفة السبب في عدم إنجابه؟…
ج:لا يجوز الإستمناء بوجه من الوجوه،ولا يعتبر المورد من الأمور المسوغة للإستمناء،نعم يمكن التغلب على هذا المورد من خلال اللجوء لزوجته،فيستفيد منها في عملية إنزال المادة المنوية.
س:هل يجوز تلقيح المرأة الأجنبية بماء رجل أجنبي عنها؟…
ج:المعروف بين الفقهاء هو الإلتـزام بعدم الجواز،إما بنحو الفتوى،أو بنحو الإحتياط،لكن ذكر بعض العلماء جواز ذلك.
ثم إن القول بالمنع والحرمة،لا يفرق فيه بين كون المرأة ذات زوج،أو لم تكن كذلك.
س:لو أن العملية المذكورة أجريت،فلقحت المرأة بماء رجل أجنبي عنها،غير زوجها،ثم حملت،فبمن يلحق الولد،هل يلحق بزوجها،أو يلحق بصاحب الماء؟…
ج:إذا حصل هذا الأمر،فعندها يلحق الولد بصاحب الماء،ولا يلحق بالزوج،لأنه يكون مثل وطئ الشبهة.
س:هل يجوز تلقيح المرأة بمني زوجها؟…
ج:يجوز تلقيح المرأة بماء زوجها،نعم ينبغي مراعاة مسألة المماثلة،من الذكورة والأنوثة،أثناء إجراء عملية التقليح،ومسألة النظر للعورة،ومسألة اللمس.
س:قد يحصل أحياناً أن يكون رحم المرأة غير مهيأ لتقبل البويضة في أول أمرها،فيلجأ لتقيحها بماء زوجها،ثم توضع البويضة في رحم إصطناعية،وبعد مدة من الزمن تزرع هذه البويضة في رحم المرأة،وقد تبقى البويضة في الرحم الصناعية،حتى تنمو وتتم مرحلة الولادة،فلو حصلت الولادة والحالة هذه فبمن يلحق الولد حينئذٍ؟…
ج:في مثل مفروض السؤال يكون الولد ملحقاً بأبيه الذي هو زوج المرأة لكونه صاحب الماء.
س:قد يحصل أحياناً أن تلقح بويضة المرأة بحويمن زوجها،ثم تزرع النطفة بعد ذلك في رحم امرأة مستأجرة لفرض رعاية الجنين وتربيته في بطنها،فيتم الجنين في بطنها حتى يكبر،وبعد ذلك تلده المرأة التي ربته في رحمها،وعندها بمن يلحق الولد،هل يلحق بصاحب الماء،وتكون أمه صاحبة البويضة،أو أن أمه هي التي حضنته في رحمها فترة الحمل؟…
ج:الصحيح أنه يلحق بصاحب الماء،فهو أبوه،أما أمه،فقد قال بعض العلماء أنه ملحق بصاحبة البويضة،وقال بعض العلماء أنه يلحق بالمرأة التي احتضنته في رحمها طوال فترة الحمل.

العلاج من الطبيب:
س:هل يشترط في مباشرة الطبيب العلاج للمريض حصول إذن من المريض للطبيب لكي يقوم بعلاجه،أو أن ذلك غير معتبر؟…
ج:لما كان العلاج من الطبيب للمريض تصرفاً من الطبيب في جسد المريض فلا يجوز للطبيب أن يتصدى لعلاج المريض من دون وجود إذن ورضا منه له.
س:إذا لم يأذن المريض للطبيب بالعلاج،وكان مرضه يعرضه للضرر،فهل يجوز للطبيب أن يباشر علاجه من دون إذن منه؟…
ج:إذا لم يتحقق الإذن منه للطبيب لا يجوز للطبيب أن يباشر في علاجه،حتى لو كان إمتناع المريض عن الإذن مدعاة لوقوعه في الضرر العادي.
س:إذا كان إمتناع المريض عن الإذن للطبيب في علاجه يؤدي به إلى الهلاك أو شبهه،فهل يجوز للطبيب أن يباشر علاجه من دون إذن منه؟…
ج:إذا كان إمتناع المريض يؤدي به إلى الهلاك أو شبهه،فإنه يجوز حينئذٍ للطبيب أن يتصدى لعلاجه حتى مع عدم رضاه،بل قد يجب عليه ذلك.

تقويم الإسنان والتجميل:
س:هل يجوز للإنسان العمل في تقويم الأسنان،وفي غيره من الفروع المترتبة عليه،وكذا العمل في مجال طب التجميل؟…
ج:الظاهر أنه لا يحرم العمل في جميع هذه الموارد مادام ذلك يدخل تحت عنوان رفع الضرر،فيجوز للإنسان فعله في نفسه،كما يجوز للطبيب تلبية رغبة الراغبين به من النساء والرجال.
نعم لابد هنا من الإلتفات إلى موضوع المماثلة في الذكورة والأنوثة ونحوها فيما يرتبط بمسائل النظر واللمس.
س:هل يجوز للعامل في مثل هذا العمل أخذ الأجرة على عمله؟…
ج:لا إشكال في جواز أخذه الأجرة على عمله الذي يقوم به.

الصيدلة:
س:هل يجوز العمل في مجال الصيدلة؟…
ج:لا إشكال في العمل في مجال الصيدلة،وتركيب الأدوية ما دامت العقاقير والأدوية تعطى للمريض من أجل أن يتداوى بها بناءاً على تشخيص الطبيب،أو بناءاً على رغبته هو،فيصح إعطاء أدوية منع الحمل والمهدئات.
س:إذا علم الصيدلي أن المشتري للدواء سوف يستخدم هذا الدواء الذي أخذه في غير موارده المحللة،كما لو اشترى منه دواء يسبب الإجهاض،أو بعض السموم،فهل يجوز له بيعه،أو لا؟…
ج:في مثل مفروض السؤال يشكل الحكم بالجواز،ولذا لا ينبغي ترك الإحتياط في مثل هذه الموارد بترك البيع.
بل قد يقال بالحرمة وذلك بالحكم الثانوي،ولذا يجب على الأطباء والصيادلة الإلتفات إلى العناوين الثانوية،ومراعاة موجباتها من الأحكام الشرعية.